-

شعر نزار القباني عن الحب

شعر نزار القباني عن الحب
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الحب ليس مقصوراً على زمان أو مكان معيّن بل هو شيء مرتبط بحياة الإنسان، فمها طال عمر الإنسان فهذه المشاعر لا تذبل أو تُنسى، تبقى موجودة تزيّن حياتنا وينبض بها القلب، ومن أكثر الشعراء الذين ارتبطت أسماؤهم بالحبّ هو نزار قباني، لهذا إليكم هنا أجمل ما قاله من أشعار عن الحبّ:

قصيدة حب بلا حدود

يا سيِّدتي

كنتِ أهمّ امرأةٍ في تاريخي

قبل رحيل العام

أنتِ الآنَ أهمُّ امرأةٍ

بعد ولادة هذا العامْ

أنتِ امرأةٌ لا أحسبها بالسّاعاتِ وبالأيَّام

أنتِ امرأةٌ

صُنعَت من فاكهة الشِّعرِ

ومن ذهب الأحلام

أنتِ امرأةٌ كانت تسكن جسدي

قبل ملايين الأعوام

يا سيِّدتي:

يا مغزولةً من قطنٍ وغمام

يا أمطاراً من ياقوتٍ

يا أنهاراً من نهوندٍ

يا غاباتِ رخام

يا من تسبح كالأسماكِ بماءِ القلبِ

وتسكنُ في العينينِ كسربِ حمامْ

لن يتغيّر شيء في عاطفتي

في إحساسي

في وجداني في إيماني

فأنا سوف أَظَلُّ على دين الإسلام

يا سيِّدتي

لا تَهتمّي في إيقاع الوقتِ، وأسماء السنوات

أنتِ امرأةً تبقى امرأةً في كلّ الأوقاتْ

سوف أحِبُّكِ

عد دخول القرن الواحد والعشرين

وعند دخول القرن الخامس والعشرين

وعند دخول القرن التاسع والعشرين

و سوفَ أحبُّكِ

حين تجفُّ مياهُ البَحْرِ

و تحترقُ الغابات

يا سيِّدتي:

أنتِ خلاصةُ كلِّ الشعرِ

ووردةُ كلِّ الحريات

يكفي أن أتهجّى اسمَكِ

حتّى أصبحَ مَلكَ الشعر

وفرعون الكلمات

يكفي أن تعشقني امرأةٌ مثلكِ

حتى أدخُلَ في كتب التاريخِ

و تُرفعَ من أجلي الرايات

يا سيِّدتي

لا تَضطربي مثلَ الطّائرِ في زَمَن الأعياد

لَن يتغيّرَ شيءٌ منّي

لن يتوقّفَ نهرُ الحبِّ عن الجريان

لن يتوقّف نَبضُ القلبِ عن الخفقان

لن يتوقّف خجَلُ الشعرِ عن الطيرانْ

حين يكون الحبُ كبيراً

و المحبوبة قمراً

لن يتحوّل هذا الحُبُّ

لحزمَة قَشٍّ تأكلها النيران

يا سيِّدتي:

ليس هنالكَ شيءٌ يملأ عَيني

لا الأضواءُ

ولا الزينات

ولا أجراس العيد

ولا شَجَرُ الميلاد

لا يعني لي الشارعُ شيئاً

لا تعني لي الحانةُ شيئاً

لا يعنيني أيّ كلامٍ

يكتبُ فوق بطاقاتِ الأعياد

يا سيِّدتي:

لا أتذكَّرُ إلّا صوتَكِ

حين تدقُّ نواقيس الأعياد

لاأتذكرُ إلّا عطرَكِ

حين أنام على ورق الأعشاب

لا أتذكّر إلّا وجهكِ

حين يهرهر فوق ثيابي الثلجُ

وأسمع طَقطَقة الأحطاب

ما يُفرِحُني يا سيِّدتي

أن أتكوَّمَ كالعصفور الخائفِ

بين بساتينِ الأهداب

ما يبهرني يا سيِّدتي

أن تهديني قلماً من أقلام الحبرِ

أعانقُهُ

و أنام سعيداً كالأولاد

يا سيِّدتي:

ما أسعدني في منفاي

أقطِّرُ ماء الشعرِ

وأشرب من خمر الرهبان

ما أقواني!

حين أكونُ صديقاً

للحريّةِ والإنسان

يا سيِّدتي:

كم أتمنّى لو أحببتُكِ في عصر التَنْويرِ

وفي عصر التصويرِ

وفي عصرِ الرُوَّاد

كم أتمنّى لو قابلتُكِ يوماً

في فلورنسَا

أو قرطبةٍ

أو في الكوفَةِ

أو في حَلَبً

أو في بيتٍ من حاراتِ الشام

يا سيِّدتي:

كم أتمنّى لو سافرنا

نحو بلادٍ يحكمها الغيتار

حيث الحبُّ بلا أسوار

و الكلمات بلا أسوار

و الأحلامُ بلا أسوار

يا سيِّدتي

لا تَنشَغِلي بالمستقبلِ، يا سيّدتي

سوف يظلُّ حنيني أقوى ممّا كانَ

وأعنفَ ممّا كان

أنتِ امرأةٌ لا تتكرَّرُ في تاريخ الوَردِ

وفي تاريخِ الشعْرِ

وفي ذاكرةَ الزنبق والرّيحان

يا سيِّدةَ العالَمِ:

لا يشغِلُني إلا حبُّكِ في آتي الأيّام

أنتِ امرأتي الأولى

أمّي الأولى

رحمي الأوّلُ

شَغَفي الأوّل

شَبَقي الأوَّلُ

طوق نجاتي في زَمَن الطوفان

يا سيِّدتي:

يا سيِّدة الشِعْرِ الأُولى

هاتي يَدَكِ اليُمْنَى كي أتخبَّأ فيها

هاتي يَدَكِ اليُسْرَى

كي أستوطنَ فيها

قُولي أيَّ عبارة حُبٍّ

حين تبتدئ الأعيادْ

قصيدة من قال لا أحبّك

من قال لا أحبّك

أحبّك من قال أنّي لا أحبّك

حبيبتي من قال إنّك حبيبتي

إنّك بعضٌ من أحرفي

بعضٌ من كلماتي بعضٌ من حبري

بعضٌ من امتداداتي

فافهميني وافهمي أنّي من صلب الشعراء ولدت

افهميني وافهمي أنّي من مزاج الجنون جئت

فأنتِ لي كما كلّ النّساء

من قال إنّي لا أحبّك؟

فأنا لكلّ حبّ النساء أرغب

من قال إنّك المرأة التي أريد؟

فأنتِ كأيّ قصيدةٍ أكتب

إنّك بعضٌ من امتداد الغروب

إنّك بعضٌ من امتداد القمر

إنّك في قصائدي بعض من ألواح القدر

ألف أنثى، ألف أنثى

داخل قصائدي، وألف حبٍّ

ألف عشق داخل دمي

ألف امرأةٍ لها أنتمي

فافهميني وافهمي

أنّك لست حبّاً أوّل وأخير

وأنّك لست في قلبي عشقاً أثير

إنّك حبيبتي كما كلّ لوحاتي

وكما كلّ محطّاتي

كألف ألف قصيدة أكتب

كتاب الحب

ما دمت يا عصفورتي الخضراء

حبيبتي

إذن فإنّ الله في السماء

تسألني حبيبتي

ما الفرق ما بيني وما بين السما؟

الفرق ما بينكما

أنّك إن ضحكت يا حبيبتي

أنسى السما

الحبّ يا حبيبتي

قصيدة جميلة مكتوبة على القمر

الحبّ مرسوم على جميع أوراق الشجر

الحبّ منقوش على

ريش العصافير، وحبّات المطر

لكن أي ّامرأةٍ في بلدي

إذا أحبّت رجلاً

ترمى بخمسين حجر

حين أنا سقطت في الحبّ

تغيّرت

تغيّرت مملكة الربّ

صار الدّجى ينام في معطفي

وتشرق الشمس من الغرب

يا ربّ قلبي لم يعد كافياً

لأنّ من أحبّها تعادل الدّنيا

فضع بصدري واحداً غيره

يكون في مساحة الدّنيا

ما زلت تسألني عن عيد ميلادي

سجّل لديك إذن ما أنت تجهله

تاريخ حبّك لي تاريخ ميلادي

لو خرج المارد من قمقمه

وقال لي: لبّيك

دقيقة واحدة لديك

تختار فيها كل ما تريده

من قطع الياقوت والزمرّد

لاخترت عينيك بلا تردّد

ذات العينين السوداوين

ذات العينين الصاحيتين الممطرتين

لا أطلب أبداً من ربّي

إلّا شيئين

أن يحفظ هاتين العينين

ويزيد بأيّامي يومين

كي أكتب شعراً

في هاتين اللؤلؤتين

لو كنت يا صديقتي

بمستوى جنوني

رميت ما عليك من جواهر

وبعت ما لديك من أساور

ونمت في عيوني

أشكوك للسماء

أشكوك للسماء

كيف استطعت، كيف، أن تختصري

جميع ما في الكون من نساء

لأنّ كلام القواميس مات

لأنّ كلام المكاتيب مات

لأنّ كلام الروايات مات

أريد اكتشاف طريقة عشق

أحبّك فيها بلا كلمات

أنا عنك ما أخبرتهم لكنّهم

لمحوك تغتسلين في أحداقي

أنا عنك ما كلّمتهم لكنّهم

قرأوك في حبري وفي أوراقي

للحبّ رائحة وليس بوسعها

أن لا تفوح مزارع الدرّاق

أكره أن أحبّ مثل الناس

أكره أن أكتب مثل الناس

أودّ لو كان فمي كنيسة

وأحرفي أجراس

ذوّبت في غرامك الأقلام

من أزرق وأحمر وأخضر

حتّى انتهى الكلام

علّقت حبّي لك في أساور الحمام

ولم أكن أعرف يا حبيبتي

أنّ الهوى يطير كالحمام

عدّي على أصابع اليدين ، ما يأتي

فأوّلا: حبيبتي أنت

وثانياً: حبيبتي أنت

وثالثاً: حبيبتي أنت

ورابعاً وخامساً

وسادساً وسابعاً

وثامناً وتاسعاً

وعاشراً: حبيبتي أنت

حبّك يا عميقة العينين

تطرّف

تصوّف

عبادة

حبّك مثل الموت والولادة

صعب بأن يعاد مرّتين

عشرين ألف امرأة أحببت

عشرين ألف امرأةً جرّبت

وعندما التقيت فيك يا حبيبتي

شعرت أنّي الآن قد بدأت

لقد حجزت غرفة لاثنين في بيت القمر

نقضي بها نهاية الأسبوع يا حبيبتي

فنادق العالم لا تعجبني

الفندق الّذي أحبّ أن أسكنه هو القمر

لكنّهم هنالك يا حبيبتي

لا يقبلون زائراً يأتي بغير امرأة

فهل تجيئين معي

يا قمري إلى القمر

لن تهربي منّي فإنّي رجل مقدّر عليك

لن تخلصي مني فإنّ الله قد أرسلني إليك

فمرّة أطلع من أرنبتي أذنيك

ومرة أطلع من أساور الفيروز في يديك

وحين يأتي الصيف يا حبيبتي

أسبح كالأسماك في بحرتي عينيك

لو كنت تذكرين كلّ كلمةٍ

لفظتها في فترة العامين

لو أفتح الرّسائل الألف الّتي

كتبت في عامين كاملين

كنّا بآفاق الهوى

طرنا حمامتين

وأصبح الخاتم في

إصبعك الأيسر خاتمين

لماذا .. لماذا منذ صرت حبيبتي

يضيء مدادي والدفاتر تعشب

تغيّرت الأشياء منذ عشقتني

وأصبحت كالأطفال بالشّمس ألعب

ولست نبيّاً مرسلاً غير أنّني

أصير نبيّاً عندما عنك أكتب

محفورة أنت على وجه يديّ

كأسطرٍ كوفيّة

على جدار مسجد

محفورة في خشب الكرسيّ يا حبيبتي