-

عمر بن الخطاب قبل الإسلام

عمر بن الخطاب قبل الإسلام
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

عمر بن الخطاب

هو صحابي جليل، ومن أعظم الشخصيات في تاريخ الإسلام، واسمه عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي، ومن الجدير بالذكر أن عمر -رضي الله عنه- كان ثاني الخلفاء الراشدين بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وقد ازدهرت الدولة الإسلامية في عهده، وبلغت من الكمال مالم تبلغه في أي عصر من العصور، واستطاع بحكمته، وحزمه، ورحمته، وعدله، وهيبته، أن يؤسّس أعظم امبراطورية عرفها التاريخ، ويقهر أعظم قوتين في ذلك الزمن وهم الروم والفرس.[1]

ومن أهم ما كان يميز عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- جرأته في الحق، وغيرته على الإسلام، وإيمانه العميق، بالإضافة إلى التجرد، والشفافية، وكمال العقل والحكمة، وحسن الرأي، حتى إن القرآن الكريم جاء موافقاً لرأيه في العديد من المواقف، ومنها قوله لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى)، فنزل قول الله تعالى: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى)،[2] وقوله للنبي عليه الصلاة والسلام: (إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر، فلو أمرتهن أن يحتجبن)، فنزل قول الله تعالى: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ).[3][1]

عمر بن الخطاب قبل الإسلام

وُلد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في مكة المكرمة، وترعرع في كنف قبيلته بني عدي، وعاش في طفولته حياة الفقر والعوز، وشدة الحياة، وقسوتها، فعمل في رعي الإبل، مما ترك أثراً كبيراً في شخصيته، فجعله أكثر مقاومة للصعاب، وأشد تحملاً للمسؤولية، وأبعد عن حب الراحة والترف، وقد رُوي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه وصف شدة عيشه في مرحلة الطفولة قائلاً: (لقد رأيتني وأخية لنا، وإنا لنرعى على أبوينا ناضحاً لهما، فنغدوا فتعطينا آمنا يَمِينَيها من الهبيد -وهو حب الحنظل يصنع بطريقة تجعله قابلاً للأكل- ثم تلقي علينا نقبة -وهي قطعة من الثوب- فإذا طلعت الشمس ألقيت النقبة على أختي، وخرجت أتبعها عرياناً ثم نرجع إليها وقد صنعت لنا لفيتة من ذلك الهبيد، فنعتاش فيها خصبة).[4]

وفي مرحلة الشباب عاش عمر -رضي الله عنه- بمكة كسائر فتيان قريش يدين بالوثنية، ويشرب الخمر كما يشربون، حيث إنّ شُرب الخمر كان متأصّل في قلوب العرب في ذلك الوقت، وكان عمر من أشربهم لها، فقد رُوي عنه أنه قال: (وإني كنت لأشرب الناس لها في الجاهلية)، وانتقل في هذه المرحلة من العمل برعي الإبل إلى التجارة، واستطاع أن يجمع ثروة ضخمة، فقد رُوي عنه أنه قال لعياش بن أبي ربيعة حينما أراد الرجوع إلى مكة بعد الهجرة: (والله إنك لتعلم أني من أكثر قريش مالا فلك نصف مالي ولا تذهب معهما)، يقصد أبا جهل والحارث بن هشام.[4]

ومن الجدير بالذكر أنه كان لعمر بن الخطاب مكانة عظيمة عند قريش في الجاهلية، فقد كان يتولى أمر السفارة، حيث كانت قريش تبعثه سفيراً للقبائل التي تحاربها، وذلك بسبب قوة شخصيته، ورجاحة عقله، ومكانة والده وجدّه الرفيعة في قريش، ولما جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بدعوة التوحيد كان عمر بن الخطاب من المقاومين لها، وكان يعذّب ويضطهد من أسلم من بني عدي، حتى أقرب الناس إليه نالوا نصيباً من هذا الاضطهاد، ومنهم أخته فاطمة بنت الخطاب، وزوجها سعيد بن زيد رضي الله عنهما، وقد رُوي أنه كان يُعذّب جارية بني المؤمل، وهم حي من بني عدي، حيث كان يضربها حتى يشعر بالملل، ثم يقول لها: (إني أعتذر إليك، إني لم أتركك إلا ملالة)، وبقيت على هذا الحال إلى أن اشتراها أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- وأعتقها.[4]

إسلام عمر بن الخطاب

أسلم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بعد الهجرة الأولى إلى الحبشة، التي كانت في شهر رجب من العام الخامس من بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد وردت العديد من الروايات حول إسلامه، ومنها أن إسلامه كان بعد أن لحق برسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المسجد، فسمعه يقرأ سورة الحاقة، فتعجب مما سمع وقال بنفسه؛ والله إن هذا لهو الشعر الذي تحدّثت عنه قريش، وإذ برسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ قول الله تعالى: (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ ۚ قَلِيلًا مَّا تُؤْمِنُونَ * وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ)،[5] فوقع الإسلام في قلب عمر بن الخطاب رضي الله عنه.[6]

وقيل أن إسلامه كان بعد ما حدث في دار أخته فاطمة بنت الخطاب رضي الله عنها، حيث روى أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن عمر بن الخطاب خرج في أحد الأيام متوشّحاً سيفه، يريد أن يقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقيه نعيم بن عبد الله النحام وكان قد أسلم سراً، فأراد أن يصرفه عن رسول الله، فقال له: (أفلا أدلك على العجب يا عمر؟ إن ختنك وأختك قد صبوا وتركا دينك الذي أنت عليه)، فتوجه عمر إلى دار أخته فاطمة وزوجها سعيد بن زيد رضي الله عنهما، وكان عندهما خباب بن الأرت يعلمهما القرآن، فلما سمعوا حسّ عمر اختبأ خباب، فدخل عليهما عمر، فقال لهما: (ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم؟ وكانوا يقرأون طه فقالا: ما عدا حديثًا تحدثناه بيننا، قال: فلعلكما قد صبوتما، فقال له ختنة: أرأيت يا عمر إن كان الحق في غير دينك؟)، عندها أقبل عمر على ختنه وأخذ يضربه ضرباً شديداً، فأسرعت أخته إليه ودفعته عن زوجها، فضرب وجهها، فدمى وجهها.[6]

فقالت له أخته فاطمة: (يا عمر إن كان الحق في غير دينك، أتشهد أن لا إله إلا الله وتشهد أن محمدًا رسول الله؟)، فقال عمر: (أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرأه)، فقالت أخته: (إنك رجس، ولا يمسه إلا المطهرون، قم فاغتسل أو توضأ)، ففعل ذلك، ثم أخذ القرآن الكريم وأخذ يقرأ من سورة طه، فقرأ من قول الله تعالى: (طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ)،[7] إلى قولِه:(إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي)،[8] فقال عُمَرُ: (دلوني على محمد)، فسمعه الخباب وخرج إليه فقال: (أبشر يا عمر، فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الخميس: اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بعمرو بن هشام)، فانطلق به خباب بن الأرت -رضي الله عنه- إلى دار الأرقم حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعلن عمر بن الخطاب إسلامه أمام رسول الله، وكان إسلامه نصراً للإسلام والمسلمين.[6]

المراجع

  1. ^ أ ب سمير حلبي، "عهد الفاروق.. دولة العدل والفتوحات (في ذكرى توليه الخلافة: 22 من جمادى الآخرة 13 هـ)"، www.archive.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-2-2019. بتصرّف.
  2. ↑ سورة البقرة، آية: 125.
  3. ↑ سورة الأحزاب، آية: 53.
  4. ^ أ ب ت "حياة عمر بن الخطاب في الجاهلية"، 17-1-2016، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 1-2-2019. بتصرّف.
  5. ↑ سورة الحاقة، آية: 40-43.
  6. ^ أ ب ت "اسلام عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-"، 17-1-2016، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 1-2-2019. بتصرّف.
  7. ↑ سورة طه، آية: 1،2.
  8. ↑ سورة طه، آية: 14.