أشعار نزار قباني غزل
وجهك مثل مطلع القصيدة
يقول نزار قباني في قصيدته وجهك مثل مطلع القصيدة:[1]
وجهك مثل مطلع القصيده
يسحبني
يسحبني
كأنني شراع
ليلاً إلى شواطئ الإيقاع
يفتح لي أفقاً من العقيق
ولحظة الإبداع
وجهك وجهٌ مدهشٌ
ولوحةٌ مائيةٌ
ورحلةٌ من أبدع الرحلات
بين الآس والنعناع
وجهك
هذا الدفتر المفتوح ما أجمله
حين أراه ساعة الصباح
يحمل لي القهوة في بسمته
وحمرة التفاح
وجهك يستدرجني
لآخر الشعر الذي أعرفه
وآخر الكلام
وآخر الورد الدمشقي الذي أحبه
وآخر الحمام
وجهك يا سيدتي
بحرٌ من الرموز والأسئلة الجديده
فهل أعود سالما
والريح تستفزني
والموج يستفزني
والعشق يستفزني
ورحلتي بعيده
وجهك يا سيدتي
رسالةٌ رائعةٌ
قد كتبت
ولم تصل بعد إلى السماء
بالأحمر فقط
في كل مكان في الدفتر
إسمك مكتوب بالأحمر
حبك تلميذ شيطان
يتسلى بالقلم الأحمر
يرسم أسماكا من ذهب
ونساء من قصب السكر
وهنودا حمرا وقطارا
ويحرك آلاف العسكر
يرسم طاحونا وحصانا
يرسم طاووسا يتبختر
وامرأة يرسم عارية
ولها ثديان من المرمر
يرسم عصفورا من نار
مشتعل الريش ولا يحذر
وقوارب صيد وطيورا
وغروبا وردي المئزر
يرسم بالورد والياقوت
ويترك جرحا في الدفتر
حبك رسام مجنون
لا يرسم إلا بالأحمر
ويخربش فوق جدار الشمس
ولا يرتاح ولا يضجر
ويصور عنترة العبسي
ويصور عرش الإسكندر
ما كل قياصرة الدنيا
ما دمت معي فأنا القيصر[2]
أحبك جدا
أحبك جدا
واعرف ان الطريق الى المستحيل طويل
واعرف انك ست النساء
وليس لدي بديل
واعرف أن زمان الحبيب انتهى
ومات الكلام الجميل
لست النساء ماذا نقول
احبك جدا
احبك جدا وأعرف اني أعيش بمنفى
وأنت بمنفى وبيني وبينك
ريح وبرق وغيم ورعد وثلج ونار
واعرف أن الوصول اليك اليك انتحار
ويسعدني
أن امزق نفسي لأجلك أيتها الغالية
ولو ولو خيروني لكررت حبك للمرة الثانية
يا من غزلت قميصك من ورقات الشجر
أيا من حميتك بالصبر من قطرات المطر
أحبك جدا واعرف أني أسافر في بحر عينيك دون يقين
وأترك عقلي ورأيي وأركض أركض خلف جنوني
أيا امرأة تمسك القلب بين يديها
سألتك بالله لا تتركيني
لا تتركيني
فما أكون أنا اذا لم تكوني
أحبك
أحبك جدا وجدا وجدا وأرفض من نار حبك أن أستقيلا
وهل يستطيع المتيم بالحب أن يستقيلا
وما همني ان خرجت من الحب حيا
وما همني ان خرجت قتيلا[3]
أحبك أحبك وهذا توقيعي
هل عندك شكٌ أنك أحلى امرأةٍ في الدنيا
وأهم امرأةٍ في الدنيا
هل عندك شك أني حين عثرت عليك
ملكت مفاتيح الدنيا
هل عندك شك أني حين لمست يديك
تغير تكوين الدنيا
هل عندك شك أن دخولك في قلبي
هو أعظم يومٍ في التاريخ
وأجمل خبرٍ في الدنيا
هل عندك شكٌ في من أنت
يا من تحتل بعينيها أجزاء الوقت
يا امرأةً تكسر حين تمر جدار الصوت
لا أدري ماذا يحدث لي
فكأنك أنثاي الأولى
وكأني قبلك ما أحببت
وكأني ما مارست الحب ولا قبلت ولا قبلت
ميلادي أنت وقبلك لا أتذكر أني كنت
وغطائي أنت وقبل حنانك لا أتذكر أني عشت
وكأني أيتها الملكه
من بطنك كالعصفور خرجت
هل عندك شكٌ أنك جزءٌ من ذاتي
وبأني من عينيك سرقت النار
وقمت بأخطر ثوراتي
أيتها الوردة والياقوتة والريحانة
والسلطانة
والشعبية
والشرعية بين جميع الملكات
يا سمكاً يسبح في ماء حياتي
يا قمراً يطلع كل مساءٍ من نافذة الكلمات
يا أعظم فتحٍ بين جميع فتوحاتي
يا آخر وطنٍ أولد فيه
وأدفن فيه
وأنشر فيه كتاباتي
يا امرأة الدهشة يا امرأتي
لا أدري كيف رماني الموج على قدميك
لا ادري كيف مشيت إلي
وكيف مشيت إليك
يا من تتزاحم كل طيور البحر
لكي تستوطن في نهديك
كم كان كبيراً حظي حين عثرت عليك
يا امرأةً تدخل في تركيب الشعر
دافئةٌ أنت كرمل البحر
رائعةٌ أنت كليلة قدر
من يوم طرقت الباب علي ابتدأ العمر
كم صار جميلاً شعري
حين تثقف بين يديك
كم صرت غنياً وقوياً
لما أهداك الله إلي
هل عندك شك أنك قبسٌ من عيني
ويداك هما استمرارٌ ضوئيٌ ليدي
هل عندك شكٌ
أن كلامك يخرج من شفتي
هل عندك شكٌ
أني فيك وأنك في
يا ناراً تجتاح كياني
يا ثمراً يملأ أغصاني
يا جسداً يقطع مثل السيف
ويضرب مثل البركان
يا نهداً يعبق مثل حقول التبغ
ويركض نحوي كحصان
قولي لي
كيف سأنقذ نفسي من أمواج الطوفان
قولي لي
ماذا أفعل فيك أنا في حالة إدمان
قولي لي ما الحل فأشواقي
وصلت لحدود الهذيان
يا ذات الأنف الإغريقي
وذات الشعر الإسباني
يا امرأةً لا تتكرر في آلاف الأزمان
يا امرأةً ترقص حافية القدمين بمدخل شرياني
من أين أتيت وكيف أتيت
وكيف عصفت بوجداني
يا إحدى نعم الله علي
وغيمة حبٍ وحنان
يا أغلى لؤلؤةٍ بيدي
آه كم ربي أعطاني[4]
القبلة الأولى
عامان مرا عليها يا مقبلتي
وعطرها لم يزل يجري على شفتي
كأنها الآن لم تذهب حلاوتها
ولا يزال شذاها ملء صومعتي
إذ كان شعرك في كفي زوبعة
وكأن ثغرك أحطابي وموقدتي
قولي أأفرغت في ثغري الجحيم وهل
من الهوى أن تكوني أنت محرقتي
لما تصالب ثغرانا بدافئة
لمحت في شفتيها طيف مقبرتي
تروي الحكايات أن الثغر معصية
حمراء إنك قد حببت معصيتي
ويزعم الناس أن الثغر ملعبها
فما لها التهمت عظمي وأوردتي
يا طيب قبلتك الأولى يرف بها
شذا جبالي وغاباتي وأوديتي
ويا نبيذية الثغر الصبي إذا
ذكرته غرقت بالماء حنجرتي
ماذا على شفتي السفلى تركت وهل
طبعتها في فمي الملهوب أم رئتي
لم يبق لي منك إلا خيط رائحة
يدعوك أن ترجعي للوكر سيدتي[5]
يجوز أن تكوني
يجوز أن تكوني
واحدةً من أجمل النساء
دافئةً
كالفحم في مواقد الشتاء
وحشيةً
كقطةٍ تموء في العراء
آمرةً ناهيةً
كالرب في السماء
يجوز أن تكوني
سمراء إفريقية العيون
عنيدةً
كالفرس الحرون
عنيفةً
كالنار كالزلزال كالجنون
يجوز أن تكوني
جميلةً ساحقة الجمال
مثيرةً للجلد للأعصاب للخيال
وتتقنين اللهو في مصائر الرجال
يجوز أن تضطجعي أمامي
عاريةً
كالسيف في الظلام
مليسةً كريشة النعام
نهدك مهرٌ أبيضٌ
يجري
بلا سرجٍ ولا لجام
يجوز أن تبقي هنا
عاماً وبعض عام
فلا يثير حسنك المدمر اهتمامي
كأنما
ليست هناك امرأةٌ أمامي
يجوز أن تكوني
سلطانة الزمان والعصور
وأن أكون أبلهاً معقد الشعور
يجوز أن تقولي
ما شئت عن جبني وعن غروري
وأنني وأنني
لا أستطيع الحب كالخصيان في القصور
يجوز أن تهددي
يجوز أن تعربدي
يجوز أن تثوري
لكن أنا
رغم دموع الشمع والحرير
وعقدة الحريم في ضميري
لا أقبل التزوير في شعوري
يجوز أن تكوني
شفافةً كأدمع الربابه
رقيقةً كنجمةٍ
عميقةً كغابه
لكنني أشعر بالكآبه
فالجنس في تصوري
حكاية انسجام
كالنحت كالتصوير كالكتابه
وجسمك النقي كالقشطة والرخام
لا يحسن الكتابه.[6]
وشاية
أأنت الذي يا حبيبي نقلت
لزرق العصافير أخبارنا
تدق مناقيرها الحمر شباكنا
وتغرق مضجعنا زقزقاتٍ
ومن أخبر النحل عن دارنا
فجاء يقاسمنا دارنا
يزركش بالنور جدراننا
ومن قص قصتنا للفراش
سيفضحنا يا حبيبي العبير
فقد عرف الطيب ميعادنا
ومن قص قصتنا للفراش
فراح يلاحق آثارنا
سيفضحنا يا حبيبي العبير
فقد عرف الطيب ميعادنا[7]
المراجع
- ↑ نزار قباني، "وجهك مثل مطلع القصيدة"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-3-22.
- ↑ نزار قباني، "بالأحمر فقط"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-3-22.
- ↑ نزار قباني، "أحبك جدا"، ns1.poetsgate.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-3-22.
- ↑ نزار قباني، "أحبك أحبك وهذا توقعي"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-3-22.
- ↑ علي هاشم (1988)، تسعون قصيدة غزل (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الفكر العربي، صفحة 219-220.
- ↑ نزار قباني، "يجوز أن تكوني"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-3-22.
- ↑ نزار قباني، "وشاية"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-3-22.