أشعار حب لمحمود درويش
الحب
أحياناً لا تعطينا الحياة كل ما نحب، ولكن من يحبوننا يعطوننا حياة مليئة بالسعادة مليئة بالضحكات المفعمة بالتفاؤل، وكثيراً ما يجعل الحب الصعب هيناً على قلوبنا والممل ممتعاً في صفحات حياتنا والهدف البعيد قريب ولطالما كانت المشاعر التي تذهب لا تعود فمن يحب بصدق لا يتخلى.
لوحة على الأفق
محمود درويش إنّ صدور كتاب لشاعر مثل محمود درويش هو بحدّ ذاته مناسبة، وغالباً ما تستثمرها الصحافة الأدبية في مقاربات أفقية، بالإضافة إلى ما ألَّفه من كتب وصل عددها إلى ثمانية كتب، كما تُرجم شعره إلى عدَّة لغات أجنبية، ومن أجمل قصائد درويش في الحب والرومانسية القصيدة الآتية:[1]
رأيت جبينك الصيفيّ
مرفوعاً على الشفقِ
(و شعركِ ماعز) يرعى
حشيش الغيم في الأفقِ
تودّ العين لو طارت إليك
كما يطير النوم من سجني
يود القلب لو يحبو إليك
على حصى الحزنِ
يود الثغر لو يمتصّ
عن شفتيكِ
ملح البحر والزمنِ
يود يود لكني
وراء حديد شباكي
أودِّع وجهك الباكي
غريقاً فوق دمّ الشمس
مهدوراً على الأفق
فأحمل فوق جرح القلب جرحين
و لكني أحاول أن أضمدها أوسِّدها
ذراع تمرُّد الحزنِ
أغنية حب على الصليب
هو أحد الشعراء الفلسطينيين البارزين والمجدِّدين في الشعر العربي المعاصر، والذي ظهر هذا التطور جلياً في استخدامه للاستعارات، والرموز، فكانت أشعاره تعبر عن تجربة شعبه في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، ومن روائع محمود درويش في الحب هذه القصيدة التي صنفها على أنّها من النوع النثري.[2]
يغنيها الحبيب ولا أحد غير الحبيب
مدينة كل الجروح الصغيرة
يناجي جرحي تلك الأميرة
ألاتخمدين يدي
ونار تحتل بعدي
ألاتبعثين غزالاأليّ
وترتلي تنهدات صلاتك علي
وعن جبهتي تنفضين الدخان وعن رئتيّ
وبقايا النبيذ الاحمر من شهوتي
حنيني أليك اغتراب
وحبي اليك عقوق ابن يطال السحاب
ولقياك منفى
وجرحي ابى ان يشفى
أدقّ على كل باب
وافتح سرداب تلو سرداب
أنادي، وأسأل كيف
تصير النجوم تراب
والولادة كرشفة قهوة لحظة من غير عذاب
والفقير سيد قوم يها ب
والغني وحيد من غير احباب
أحبك كوني صليبي
وثورة بين ضلوعي وسيفاً مهيب
وكوني، كما شئت برج حمام
وعرس العذارى هناك يُقام
أذا ذوبتني يدلك
ملأت الصحارى غمام
وحرب غرامي اليك لاتنشد السلام
لحبك يا كلّ حبي، مذاق الزبيب
ياحلوة القد وشعر الاطفال لمراأك يشيب
وطعم الدم
وشهد الفم
على جبهتي قمر لا يغيب
وجواب لسؤال ابى ان يصيب
ونار وقيثارة في فمي
إذا متّ حبا فلا تدفنيني
هناك بين نهديكي خليني
يلفحني شبق الغرام ويحييني
وخلي ضريحي رموش الرياح
أو شهوة تلف فخديكي كسحب الوشاح
وقولي لهم هذا حبيبي وهذا هو المحرم المباح
لأزرع صوتك في كل طين
ياخضرة الزيتون ياعسل التين
وأشهر سيفك كل ساح
وادندن عشقك بمساء لايتلوه صباح
أحبك كوني صليبي
وما شئت كوني
مليكة مدينة من غير دروبي
وكالشمس ذوبي
بقلبي و لا ترحميني
ولاتدفنني
وظلي اذكريني
وظلي اذكريني
لا تنامي حبيبتي
كان محمود درويش في الفترة الممتدة من سنة 1973م إلى سنة 1982م يعيش في بيروت وعمل رئيسًا لتحرير مجلة شؤون فلسطينية، وأصبح مديرًا لمركز أبحاث منظمة التحرير الفلسطينية قبل أن يؤسس "مجلة الكرمل" سنة 1981، وبحلول سنة 1977م بيع من دواوينه العربية أكثر من مليون نسخة، لكن الحرب الأهلية اللبنانية كانت مندلعة بين سنة 1975م وسنة 1991م، ومن أجمل ما قال محمود درويش في الحب للمحبوبة القصيدة الآتية:[3]
عندما يسقط القمر
كالمرايا المحطمة
يكبر الظلُّ بيننا
والأساطير تحتضر
لا تنامي حبيبتي
جرحنا صار أوسمه
صار ورداً على قمر
خلف شباكنا نهارْ
وذراع من الرضا
عندما للفني وطار
خلتُ أني فراشةٌ
في قناديل جلَّنارْ
وشفاهٌ من الندى
حاورَتْني بلا حوارْ
لا تنامي حبيبتي
خلف شباكنا نهارْ
سقط الوردُ من يدي
لا عبير ولا خَدَرْ
لا تنامي حبيبتي
العصافير تنتحرْ
ورموشي سنابلٌ
تشرب الليلَ والقدرْ
صوتُك الحُلْوُ قبلةٌ
وجناحٌ على وترْ
غُصْنُ زيتونةٍ بكى
في المنافي على حجرْ
باحثاً عن أصولهِ
وعن الشمس والمطرْ
لاتنامي حبيبتي
العصافير تنتحرْ
عندما يسقط القمر
كالمرايا المحطمة
يشرب الظلُّ عارَنا
ونُداري فرارَنا
عندما يسقط القمر
يصبح الحب ملحمة
لا تنامي حبيبتي
جرحنا صار أو سمه
ويدانا على الدجى
عندليبٌ على وترْ
ريتا أحبيني
بعد وفاة الشاعر محمود درويش أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الحداد ثلاثة أيام في كافة الأراضي الفلسطينية حزنًا على وفاة الشاعر الفلسطيني، واصفًا درويش "عاشق فلسطين" و"رائد المشروع الثقافي الحديث، والقائد الوطني اللامع والمعطاء" ومن قصائد الحب لمحمود درويش في محبوبته ريتا اليهودية:[4]
في كلّ أمسية نخّبيء في أثينا
قمرا وأغنية و نؤوي ياسينا
قالت لنا الشرفات
لا منديله يأتي
ولا أشواقه تأتي
ولا الطرقات تحترف الحنينا
نامي هنا البوليس منتشر
هنا البوليس كالزيتون منتشر
طليقا في أثينا
في الحلم ينضم الخيال إليم
تبتعدين عني
وتخاصمين الأرض
تشتعلين كالشفق المغنّي
ويداي في الأغلال
سنتوري بعيد مثل جسمك
في مواويل المغنّ
ريتا أحبّيني و موتي في أثينا
مثل عطر الياسمين
لتموت أشواق السجين
الحبّ ممنوع
هنا الشرطيّ والقدر العتيق
تتكسر الأصنام إن أعلنت حبك
للعيون السود
قطاع الطريق
يتربصون بكل عاشقة
أثينا يا أثينا أين مولاتي
على السكّين ترقص
جسمها أرض قديمة
ولحزنها وجهان
وجه يابس يرتدّ للماضي
ووجه غاص في ليل الجريمة
والحب ممنوع
هنا الشرطيّ واليونان عاشقة يتيمة
في الحلم، ينضمّ الخيال إليك
يرتدّ المغني
عن كل نافذة و يرتفع الأصيل
عن جسمك المحروق بالأغلال
والشهوات والزمن البخيل
نامي على حلمي مذاقك لاذع
عيناك ضائعتان في صمتي
و جسمك حافل بالصيف و الموت الجميل
في آخر الدنيا أضمّك
حين تبتعدين ملء المستحيل
ريتا أحبّيني و موتي في أثينا
مثل عطر الياسمين
لتموت أشواق السجين
منفاي فلاّحون معتقلون في لغة الكآبة
منفاي سجّانون منفيون في صوتي
وفي نغم الربابة
منفاي أعياد محنّطة و شمس في الكتابة
منفاي عاشقة تعلق ثوب عاشقها
على ذيل السحابة
منفاي كل خرائط الدنيا
وخاتمة الكآبه
في الحلم شفّاف ذراعك
تحته شمس عتيقة
لا لون للموتى و لكني أراهم
مثل أشجار الحديقة
يتنازعون عليك
ضميهم بأذرعة الأساطير التي وضعت حقيقة
لأبرّر المنفى وأسند جبهتي
وأتابع البحث الطويل
عن سرّ أجدادي وأول جثة
كسرت حدود المستحيل
في الحلم شفّاف ذراعك
تحته شمس عتيقة
ونسيت نفسي في خطى الإيقاع
ثلثي قابع في السجن
والثلثان في عشب الحديقة
ريتا أحبّيني وموتي في أثينا
مثل عطر الياسمين
لتموت أشواق السجين
الحزن صار هوية اليونان
واليونان تبحث عن طفولتها
ولا تجد الطفولة
تنهار أعمدة الهياكل
أجمل الفرسان ينتحرون.
والعشّاق يفترقون
في أوج الأنوثة والرجوله
دعني وحزني أيّها الشرطيّ
منتصف الطريق محطّتي
وحبيبتي أحلى قتيلة
ماذا تقول
تريد جثذتها
لماذا
كي تقدمها لمائدة الخليفة
من قال إنك سيدي
من قال إن الحبّ ممنوع
وإن الآلهه
في البرلمان
وإن رقصتنا العنيفة
خطر على ساعات راحتك القلية
الحزن صار هوية اليونان
واليونان تبحث عن طفولتها
ولا تجد الطفولة
حتى الكآبه صادرتها شرطة اليونان
حتى دمعة العين الكحيلة
في الحلم تتّسع العيون السود
ترتجف السلاسل
يستقبل الليل
تنطلق القصيدة
بخيالها الأرضيّ
يدفعها الخيال إلى الأمام إلى الأمام
بعنف أجنحة العقيدة
وأراك تبتعدين عني
آه تقتربين مني
نحو آلهة جديدة
ويداي في الأغلال لكني
أداعب دائما أوتار سنتوري البعيدة
و أثير جسمك
تولد اليونان
تنتشر الأغاني
يسترجع الزيتون خضرته
يمر البرق في وطني علانية
ويكتشف الطفوله عاشقان
ريتا أحبّيني وموتي في أثينا
مثل عطر الياسمين
لتموت أحزان السجين
حنين إلى الضوء
محمود درويش شغل منصب رئيس رابطة الكتاب والصحفيين الفلسطينيين وحرر "مجلة الكرمل"، كانت إقامته في باريس قبل عودته إلى وطنه حيث إنّه دخل إلى فلسطين بتصريح لزيارة أمه، وفي فترة وجوده هناك قدم بعض أعضاء "الكنيست الإسرائيلي" العرب واليهود اقتراحًا بالسماح له بالبقاء وقد سمح له بذلك، ويقول محمود درويش في الحب:[5]
ماذا يثير الناسَ لو سرنا على ضوء النهارْ
وحملتُ عنكِ حقيبة اليد والمظلهْ
وأخذت ثغرك عند زاوية الجدار
وقطفت قبله
عيناك
أحلم أن أرى عينيك يوماً تنعسانْ
فأرى هدوء البحر عند شروق شفتاك
أحلم أن أرى شفتيك حين تقبِّلان
فأرى اشتعال الشمس في ميلاد عرس
ماذا يغيظ الليل لو أوقدتِ عندي شمعتين
ورأيت وجهكِ حين يغسله الشعاعْ
ورأيت نهر العاج يحرسه رخام الزورقين
فأعود طفلاً للرضاع
من بئر مأساتي أنادي مقلتيكِ
كي تحملا خمر الضياء إلى عروقي
ماذا يثير الناس لو ألقيت رأسي في يديك
وطويت خصرك في الطريق
المراجع
- ↑ محمود درويش (2005)، الأعمال الأولى1 (الطبعة الأولى)، صفحة 142-143.
- ↑ محمود درويش، "أغنية حب على الصليب"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-23.
- ↑ محمود درويش، "لا تنامي حبيبتي"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-23.
- ↑ محمود درويش "ريتا أحبيني"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-23.
- ↑ محمود درويش، "حنين إلى الضوء"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-23.