-

أداء صلاة عيد الفطر

أداء صلاة عيد الفطر
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

عيد الفطر

العيد لغةً: هو ما اعتادك، أي تردّد عليك مرةً بعد أُخرى، وهو اسم مصدر من الفعل عاد، ويُجمع على أعياد، وسُمّي العيد بذلك لأنه يعود ويتكرّر، وقيل: لأنه يعود بالفرح والسرور، وعيد الفطر: هو اليوم الأوّل من شهر شوال، وشُرع عيد الفطر في السنة الثانية من الهجرة،[1] ودلَّ القرآن الكريم، والسنة النبوية، والإجماع على أصل مشروعية صلاة العيد، فأمَّا القرآن، فقول الله سبحانه وتعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)،[2] ومن السنة قول ابن عباس رضي الله عنه: (شَهِدْتُ صَلَاةَ الفِطْرِ مع نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ)،[3] وقد أجمع المسلمون على مشروعية صلاة العيدين.[4]

صلاة عيد الفطر

حكم صلاة العيد

اختلف الفقهاء في حكم صلاة العيد، وبيان اختلافهم على النحو الآتي:

  • الحنفية: ذهب الفقهاء من الحنفية إلى أن صلاة العيد واجبةٌ كصلاة الجمعة؛ لقوله تعالى: (وَلِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ)،[5] وقيل: المراد من التكبير صلاة العيد، وصلاة العيد من شعائر الإسلام، فلو حكمنا بأنها سنّة فربما اجتمع الناس على تركها، فيفوت ما هو من شعائر الإسلام، فكانت واجبةً؛ صيانةً لما هو من شعائر الإسلام عن الفوات.[6]
  • المالكية والشافعية: ذهب الفقهاء من المالكية في المشهور عندهم والشافعية إلى أن صلاة العيد سنةٌ مؤكدةٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واظب على فعلها.[7][8]
  • الحنابلة: ذهب الحنابلة إلى أن صلاة العيد فرض كفاية؛ لقول الله تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)،[2] والمراد بالصلاة هي صلاة العيد في قول عكرمة وعطاء وقتادة، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- داوم على فعلها حتى مات، وكذلك الخلفاء الراشدين من بعده، وصلاة العيد من أعلام الدين الظاهرة فكانت واجبةً كالجهاد.[9]

أداء صلاة العيد

بيَّن العلماء كيفية أداء صلاة العيد، وما يتعلّق بها من مستحبّات، وبيان ذلك على النحو الآتي:[10]

  • الخروج للصلاة: يُستحبّ للمسلم أن يأكل شيئاً قبل الخروج إلى صلاة عيد الفطر، ويُسنّ كون الطعام حلو المذاق؛ وذلك لما رُوي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل بضع تمرات، ويُسنّ للمسلم أن يغتسل، ويتطيّب، ويلبس أحسن ثيابه، كما يُسنّ للمصلي أن يخرج لصلاة العيد ماشياً، وأن يأتي إلى المصلى من طريقٍ، ويعود من طريقٍ آخر، وذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنه يُندب للمصلّي أن يُكبّر جهراً في أثناء خروجه إلى المصلّى، وذهب الحنفية إلى عدم الجهر بالتكبير.
  • التكبير في المُصلّى: ذهب الشافعية في الأصحّ عندهم إلى أنه يُسنّ للناس الاستمرار في التكبير إلى أن يبدأ الإمام بصلاة العيد، وذهب المالكية إلى ذلك أيضاً على وجه الاستحسان، ووافقهم الحنابلة على ذلك.
  • الشروع في الصلاة: صلاة العيد ركعتان يبدأ فيها المصلّي بتكبيرة الإحرام، ثم يقرأ بعدها دعاء الاستفتاح، ثم يُكبّر المصلي تكبيراتٍ زوائد، وقد اختلف الفقهاء في عدد التكبيرات الزوائد، فذهب الشافعية إلى أنها سبع تكبيراتٍ في الركعة الأولى بين تكبيرة الإحرام والبدء بالقراءة، وتكون في الركعة الثانية خمس تكبيراتٍ بين تكبيرة القيام والبدء بالقراءة، وذهب المالكية والحنابلة إلى أنها ستّ تكبيراتٍ في الركعة الأولى بعد تكبيرة الإحرام، وخمس تكبيراتٍ في الركعة الثانية بعد تكبيرة القيام، وذهب الجمهور إلى استحباب رفع اليدين مع كل تكبيرةٍ، وخالف المالكية في ذلك، وقالوا بعدم استحباب رفع اليدين في التكبير، وذهب الحنفية والحنابلة إلى وجوب أداء صلاة العيد في جماعة.
  • الذكر بين التكبيرات: ذهب الشافعية والحنابلة إلى استحباب أن يُفصل بين التكبيرات الزوائد بالذِكر، وأفضله أن يقول: سبحان الله، والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أو يقول: الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله وبحمده بكرةً وأصيلاً، وذهب الحنفية إلى استحباب موالاة التكبير، وعدم الفصل بين التكبيرات بشيء.
  • القراءة: يُسنّ للمصلي أن يقرأ في الركعة الأولى بعد سورة الفاتحة سورة الأعلى، ويقرأ في الركعة الثانية بعد سورة الفاتحة سورة الغاشية، ولا يلتزمهما دائماً؛ حتى لا يترتّب على ذلك هجر بقيّة سور القرآن، واتّفق الفقهاء على مشروعية الجهر بالقراءة، وذهب الحنفية إلى وجوب الجهر بالقراءة في صلاة العيد.
  • الخطبة: فإذا فرغ الإمام من صلاة العيد سُنَّ له أن يخطب خطبتين كخطبتيّ الجمعة، ويستفتح الخطبة الأولى بتسع تكبيراتٍ متتابعات، ويستفتح الخطبة الثانية بسبع تكبيراتٍ متتابعات، وذهب المالكية إلى استحباب استفتاح الخطبة بالتكبير من غير تحديدٍ للعدد.
  • صلاة النافلة: ذهب الحنفية إلى أنه لا سنّة لصلاة العيد قبليَّةً كانت أو بعديَّة، ولا تُصلّى أي نافلةٍ قبلها وقبل الفراغ من الخطبة؛ لأن الوقت وقتُ كراهة، فلا يُصلّى فيه غير صلاة العيد، وأمَّا بعد الفراغ من الخطبة فلا بأس بالصلاة، وذهب الشافعية إلى عدم كراهية التنفّل قبل صلاة العيد وبعدها لما عدا الإمام، وسواء صُلِّيت في المسجد أو في المصلى، وفصَّل المالكية في ذلك فقالوا: يُكره التنفّل قبل صلاة العيد وبعدها إلى وقت الزوال، إن صُلِّيت في المُصلى، ولا يُكره إن أُدِّيت في المسجد، وقال الحنابلة: لا يتنفّل الإمام والمأموم قبل صلاة العيد ولا بعدها في المكان الذي أُدِّيت فيه الصلاة، وأمَّا في غير موضعها فلا بأس.

مكان أداء صلاة العيد

تُقام صلاة العيد في كل مكانٍ طاهرٍ يصلح أن تؤدّى فيه صلاة العيد، سواء كان مسجداً، أو ساحةً في وسط المدينة، أو في الصحراء، إلا إنه يُسن الخروج إلى الصحراء في خارج المدينة؛ تأسِّياً بما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا بأس أن يُعيِّن الإمام غيره ليُصلّي في مسجد المدينة بالضعفاء الذين لا طاقة لهم بالخروج إلى الصحراء لأداء صلاة العيد، وقيَّد الشافعية الصلاة في الصحراء بشرط أن يكون مسجد المدينة ضيّقاً، وإن كان مسجد المدينة واسعاً لا يتزاحم الناس فيه؛ فالأفضل أداء صلاة العيد فيه؛ لأن المسجد أنظف وأشرف، وقد نقل صاحب المُهذَّب عن الشافعي قوله: إن كان المسجد واسعاً وصلّى الناس في الصحراء فلا بأس، وكُرهت إن صُلّي في المسجد الضيّق ولم يُخرج إلى الصحراء؛ لأنه إذا تُرك المسجد وصلَّى الناس في الصحراء لم يكن عليهم ضرر، وإذا تُركت الصلاة في الصحراء وصلَّى الناس في المسجد الضيّق تأذّى الناس بالزِّحام، وربما فات بعض الناس الصلاة.[10]

المراجع

  1. ↑ منصور البهوتي (1993)، دقائق أولي النهى لشرح المنتهى (الطبعة الأولى)، الرياض: عالم الكتب، صفحة 324، جزء 1. بتصرّف.
  2. ^ أ ب سورة الكوثر، آية: 2.
  3. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 884، صحيح.
  4. ↑ ابن قدامة (1968)، المغني، القاهرة: مكتبة القاهرة، صفحة 272، جزء 2. بتصرّف.
  5. ↑ سورة البقرة، آية: 185.
  6. ↑ أبو بكر الكاساني (1986)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 275، جزء 1. بتصرّف.
  7. ↑ محمد ابن عليش (1989)، منح الجليل شرح مختصر خليل، بيروت: دار الفكر، صفحة 458، جزء 1. بتصرّف.
  8. ↑ الخطيب الشربيني (1994)، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 587، جزء 1. بتصرّف.
  9. ↑ منصور البهوتي، كشاف القناع عن متن الإقناع، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 50، جزء 2. بتصرّف.
  10. ^ أ ب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (1992)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 245-248، جزء 27. بتصرّف.