أسباب زيادة الرزق
الرزق
من أكبر الهموم التي تشغل بال العباد وتسيطر على تفكيرهم قضية الرزق، وانشغالهم في تحصيلها، ومن المعلوم أنّ الله -تعالى- لمّا خلق الخلق قسم بينهم أرزاقهم، فلم ينسَ أحداً منهم، حتى الجنين في بطن أمّه هيّأ له أسباب الرزق، فلا بدّ أن يحرص الإنسان على ألّا تطغى هذه القضية على حياته، فيسلك طرق جمع المال في الحلال والحرام، حتى تطغى الماديّات على حياته وأخلاقه ودينه، فينسى ما أمره الله به من الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة، فالواجب على المسلم أن يبذل جهده ويأخذ بالأسباب ثمّ يتوكّل على الله، فيظهر ضعفه له، وحاجته إليه، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لو أنَّكم توَكَّلُونَ على اللَّهِ تعَالى حقَّ توَكُّلِه لرَزقَكم كما يرزقُ الطَّيرَ تغدو خِماصًا وتروحُ بِطانًا).[1][2]
أسباب زيادة الرزق
من المعلوم أنّ السعة في الرزق من الأمور التي يسعى لتحصيلها كلّ إنسانٍ، ولا يصل إليها الإنسان إلّا بتوفيقٍ من الله تعالى، فالحصول على المال من زينة الحياة الدنيا، كما قال الله تعالى: (المالُ وَالبَنونَ زينَةُ الحَياةِ الدُّنيا)،[3] وجعل الله لزيادة الرزق واتساعه أسباباً يحصل باتباعها الأجر والثواب، بالإضافة إلى ما يحصل من سعة الرزق، وفيما يأتي بيان بعض الأسباب بشكلٍ مفصّلٍ:[4]
- التقوى؛ فهي باب كلّ خيرٍ، والمانع من الوقوع في كلّ محرّمٍ، وهي من الأسباب التي تفرّج الكروب، وتجلب الرزق، كما قال الله تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)،[5] والتقوى كما عرّفها عليّ بن أبي طالب أنّها: الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل، فمن كان نهجه في حياته التقوى فلا يخاف على رزقه.
- الاستغفار؛ فله فوائد جليلة، كما أنّه سهلٌ على اللسان، وجائز في كلّ زمانٍ، وقد أمر الله -تعالى- به، فقال: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا*يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا*وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا).[6]
- الدعاء؛ فهو الوسيلة التي يتواصل بها العبد مع ربّه، وبه يطلب العبد ما يشاء من تفريج كربٍ، أو شفاءٍ من مرضٍ، أو سعة رزقٍ، فما على المسلم إلّا أن يدعو ربّه متضرّعاً له، طالباً منه أن يُوسع له في رزقه.
- التسبيح؛ فيسبّح المسلم الله في كلّ زمانٍ، فيثقل ميزانه، ولعلّ الله بثقل ميزانه يرزقه.
- التّوكل على الله، فيعتقد المسلم في نفسه أنّ الله -تعالى- هو المعطي والمانع، وأن لا أحداً غيره يستطيع أن ينقص من رزق الآخر شيئاً، ولو فعل ما فعل، فيأتي بالأسباب ثمّ يتوكّل على الله، مع يقينه التام أنّ الله هو المعطي، والرازق، والمانع.
- صلاة الضحى؛ ففيها من الخير الكثير، حيث ورد في الحديث القدسي: (ابنَ آدمَ اركعْ لي أربعَ ركَعاتٍ من أولِ النهارِ أكفِك آخرَه).[7]
- الزواج؛ فقد توعّد الله -تعالى- للفقير بالغنى إن تزوّج.
- الولد؛ فهو من أسباب الرزق، وقد نهى الله -تعالى- عن الامتناع من الإنجاب بسبب الخوف من الرزق، فكلّ مولود يُولد ورزقه يأتي معه.
- صلة الرحم؛ فهي من أعظم أسباب السعة في الرزق، كما قال رسول الله: (مَن أحبَّ أن يبسُطَ لَه في رزقِه، ويُنسَأَ لَه في أثَرِه، فليَصِلْ رَحِمَهُ).[8]
- الصّدقة؛ فهي صورةٌ من صور تكافل المجتمع والتعاون فيما بينهم، سواءً كان الإنفاق قليلاً أو كثيراً، فالله -عزّ وجلّ- ينمّي المال بالإنفاق منه، ولا يعدّ الإنفاق نقصاناً للمال، بل نماءً له.
قواعد وضوابط الرزق
إنّ الإيمان بقضية الرزق جزءٌ هامٌ من الإيمان بالله تعالى، فالله الذي تكفّل بالرزق وضع له في كتابه ضوابط، وحدّد له معالم، فهو الذي يُوسع على العباد في الرزق، وهو الذي يقتر عليهم، لحكمةٍ لا يعلمها إلّا هو لما فيه صلاحهم، وفيما يأتي بيان بعض الضوابط بشكلٍ مفصّلٍ:[9]
- أرزاق العباد على الله تعالى؛ فقد قرّر الله هذه القاعدة في كتابه الكريم، فلا رازق ولا معطي إلّا هو، كما لا خالق إلّا هو، فقد خلق الخلق ورزقهم دون أن ينقص ذلك من ملكه شيء، ودون بذل مشقّة أو عناء في ذلك، فلو قام كلّ الخلق في لحظةٍ واحدةٍ وفي مكانٍ واحدٍ، فسأله كلّ واحد منهم مسألته فأعطاه، لم ينقص ذلك من ملكه شيء، فالإنسان يسعى ثمّ يتوكّل على الله حقّ التوكّل، والله يفيض عليه من عطائه ما لا حدّ له.
- الرزق عند الله فلا همّ؛ فقد قال الله تعالى: (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ)،[10] فلا حقّ لمن يقتل أولاده خوفاً من الوقوع في الفقر، فالذي خلقهم تكفّل برزقهم.
- كثرة الرزق لا تدلّ على محبّة الله تعالى؛ فقد يفيض الله من رزقه على أهل الضلال ما يغمرهم به، ويقتر على أهل الإيمان، فليس ذلك علامةً على محبّة الله لأهل الضلال وكرهه لأهل الإيمان، فالله يعطي الدنيا لمن يحبّ ومن لا يحبّ، ولا يعطي الإيمان إلّا من يحب.
- الله هو المتصرّف في أرزاق العباد؛ فيجعل من يشاء منهم غنيّاً، ويجعل من يشاء منهم فقيراً، وله في ذلك حكماً.
- الرزق يُبارك فيه بالطاعة، ويُمحق بالمعصية.
- الرزق الذي كتبه الله لكلّ عبدٍ من عباده سيأتيه لا محالة؛ فلو اجتمع كلّ أهل الأرض على أن ينقصوا من الرزق الذي كتبه الله لأحدٍ من عباده لن ينقصوا منه شيء، ورزقه آتيه لا محالةً.
المراجع
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 7402، صحيح.
- ↑ مراد باخريصة (13-9-2011)، "الرزق"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-9-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة الكهف، آية: 46.
- ↑ هشام المحجوبي ووديع الراضي (6-8-2017)، "أسباب السعة في الرزق"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-9-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة الطلاق، آية: 2-3.
- ↑ سورة نوح، آية: 10-12.
- ↑ رواه الألباني ، في إرواء الغليل، عن أبي الدرداء و أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 465، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 5986، صحيح.
- ↑ محمد عمارة (15-7-2008)، "قضية الرزق"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-9-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة الذاريات، آية: 22.