أسباب عدم قبول الدعاء
الدعاء
إنّ كلمة دعاء هي مصدر الفعل دعا، وجمعها أدعية، والدعاء في اللغة الطّلب، وهو ما يطلبه العبد من ربه -سبحانه وتعالى- أو ما يرغب به إليه،[1] وعليه يمكن تعريف الدعاء في الشرع على أنّه ما يطلبه العبد من ربه -عز وجل- بما فيه الخير له في دنياه وآخرته، وقد حثّ الله -تعالى- على الدعاء، ومن الأدلة على ذلك ما جاء في قول الله -تبارك وتعالى- في القرآن الكريم: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)،[2] ومنه أيضاً قوله جلّ وعلا: (ادعوا رَبَّكُم تَضَرُّعًا وَخُفيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُعتَدينَ* وَلا تُفسِدوا فِي الأَرضِ بَعدَ إِصلاحِها وَادعوهُ خَوفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحمَتَ اللَّـهِ قَريبٌ مِنَ المُحسِنينَ)،[3] فقد جعل الله -تبارك وتعالى- الدعاء الوسيلة التي يتقرّب بها العبد إليه ليُيسّر له حوائج دنياه، وكذلك ليغفر له ذنوبه، ويُعتق رقبته من النار، ويقبل توبته.[4]
أسباب عدم قبول الدعاء
توجد جملةً من الأسباب التي تحول دون قبول الله -تعالى- دعاء عبده، ويأتي بيان أهمّ هذه الأسباب فيما يأتي:[5]
- ضعف الدعاء، ويُقصد بذلك إساءة الأدب مع الله -تعالى- أو الدعاء بإثمٍ أو أمرٍ مُحرّمٍ أو غير ذلك من أوجه الاعتداء، ومن الأمثلة على ذلك: الدعاء على النفس بالموت، أو الدعاء بأن يُخلّد الإنسان في الدنيا، أو ما شابه.
- ضعف نفس الداعي وقلبه، وذلك إمّا بإساءة الأدب مع الله -تعالى- كما هو الحال عندما يدعو المرء بصوتٍ عالٍ، أو الضعف في الإقبال وصدق التوجه إلى الله تعالى، كأن يدعو المرء لفظاً دون حضور قلبه، أو يدعو الله مُستغنياً عنه، أو تكلّف البكاء دون صدوره من القلب أو الشعور به.
- استعجال إجابة الله -تعالى- للدعاء أوالتوقّف عنه.
- أكل المرء للمال الحرام؛ إذ يعدّ هذا السبب من أكبر موانع إجابة الدعاء، وممّا يدل على ذلك ما جاء في معنى حديثٍ رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- بأنّ رجلاً كان مسافراً، والسفر من الأمور التي تُعين على إجابة الدعاء، ولكنّ الله -تعالى- لم يستجب له لأنّ مأكله حرام ومشربه حرام.
- تعليق الدعاء؛ كأن يقول الداعي اللهم ارحمني إن شئت، فالصواب هو الإلحاح في الدعاء مع اليقين بالإجابة.
- الوقوع في الأمور المُحرّمة؛ مثل البدعة، والوظائف المُحرّمة، وغير ذلك.
أسباب استجابة الدعاء
تتعدد الأسباب التي يجدر الأخذ بها طمعاً في استجابة الله -تعالى- للدعاء، ومن هذه الأسباب ما يأتي:[6][7]
- اختيار الأوقات والمواسم المباركة للدعاء؛ ومنها شهر رمضان المبارك، ويوم الجمعة، ويوم عرفة، وأدبار الصلوات المفروضة، والثلث الأخير من الليل، وعند الاستيقاظ في الليل، وعند نزول الغيث، وبين الأذان والإقامة.
- استقبال القبلة، فهذا من الأمور التي يُستحب الإتيان بها عند الدعاء.
- التوبة من الذنوب، والاستغفار، والإقلاع التام عن الذنوب على اختلافها.
- خفض الصوت في الدعاء.
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن الأدلة على ذلك ما جاء في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والَّذي نَفسي بيدِهِ لتأمُرُنَّ بالمعروفِ ولتَنهوُنَّ عنِ المنكرِ أو ليوشِكَنَّ اللَّهُ أن يبعثَ عليكُم عقابًا منهُ ثمَّ تَدعونَهُ فلا يَستجيبُ لَكُم).[8]
- اليقين بإجابة الله -تعالى- للدعاء.
- الإلحاح وتكرار الدعاء ثلاث مرات.
- رد المظالم إلى أهلها.
- الإخلاص في دعاء الله -تعالى- وعدم دعاء غيره.
- استحضار القلب في الدعاء واليقين بأنّه سبحانه سيستجيب.
- بدء الدعاء بحمد الله -تعالى- وتمجيده، ثمّ الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ثمّ البدء في الدعاء.
- التذلل إلى الله -تعالى- والدعاء بخضوعٍ ورغبةٍ ورهبةٍ.
- استغلال أوقات الضيق؛ كالمرض، والسفر، ووقوع الظلم على الإنسان، فحريّ بالمسلم أن يستغل هذه الأوقات في الدعاء.
- رفع اليدين مع بسط الكفّيين.
- الدعاء بأسماء الله الحسنى.
ثمار الدعاء
قرن الله -تعالى- الدعاء بثمارٍ عظيمةٍ، وجعل له في الإسلام أهميةً كبيرةً، ومن ذلك نذكر ما يأتي:[9]
- جعل الله -تعالى- الدعاء باباً من أبواب الامتثال لأوامره، فهو طاعةٌ له سبحانه.
- عدّ الله -تعالى- الدعاء عبادةً يتقرّب بها المسلم إليه سبحانه.
- وعد الله -تعالى- الدعاة بانشراح الصدور، لأنّ به تتيسر أمورهم، وتُفرّج همومهم وكروبهم.
- يُعدّ الدعاء باباً من أبواب التوكل عليه سبحانه، فالداعي يُفوّض أمره لله ويركن إليه دون سواه، فالسر في الدعاء هو الاعتماد على الله -تعالى- دون غيره.
- ينال العبد بالدعاء الثمار التي يرجوها، فالدعاء بيقين يُحقّق الأمر الذي يرجوه المسلم ويتمنّاه.
- يردّ الدعاء بإذن الله -تعالى- المصائب والنوازل.
- يفتح الدعاء أمام الداعي لذة مناجاة الله تعالى، فينشغل بهذه اللذّة عن حاجته، ويطيب له الدعاء، ويتمنّى استمرار هذه النعمة.
- جعل الله -تعالى- الدعاء من صفات عباده المتّقين، ومن الأدلة على ذلك ما جاء في قوله سبحانه: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ).[10]
- يُعدّ الدعاء وسيلةً مهمّةً للنصر والثبات أمام الأعداء، ومن الأدلة القرآنية على ذلك قوله جلّ وعلا: (قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ).[11]
- يدلّ الدعاء على الاعتراف لله -تعالى- بالربوبية، والألوهية، والوحدانية، فبالدعاء يُحقّق الإنسان المفهوم الضمنيّ بأنّ الله -تعالى- سميعٌ بصيرٌ قادرٌ على كل شيء، ويستحق العبادة وحده دون غيره.
- ينتقم الله -تعالى- للمظلومين بدعائهم، فلا يُخيّب أمل من رجاه ومن استغاث به.
- يُقوّي الدعاء أواصر المحبة والترابط بين المسلمين، فالمسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب، وهذا دليل السلامة من النفاق.
- يدلّ الدعاء على سلامة الإنسان من العجز؛ فالدعاء مُيسّرٌ للجميع، وبه تُجنى الثمار، ومن تركه فهو عاجز.
- تعلو الهمة بالدعاء، وتكبر النفس وتتسامى.
- يدفع الله -تعالى- بالدعاء الغضب عن عباده.
المراجع
- ↑ "تعريف و معنى دعاء في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 4-5-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 186.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 55-56.
- ↑ "الدعاء معناه وأهميته وأسباب استجابته"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-5-2019. بتصرّف.
- ↑ "لماذا لا يستجيب الله لدعائنا ؟"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 4-5-2019. بتصرّف.
- ↑ "أسباب إجابة الدعاء"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-5-2019. بتصرّف.
- ↑ " إذا أردت أن تكون مستجاب الدعوة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-5-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم: 2169، حسن.
- ↑ "من ثمرات وفضائل الدعاء وكيفيته في السنة النبوية"، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-5-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الحشر، آية: 10.
- ↑ سورة البقرة، آية: 250.