أسباب هجرة الرسول إلى المدينة
هجرة الرسول
أذن الله تعالى لرسوله محمّداً -صلّى الله عليه وسلّم- بالهجرة من مكّة المكرّمة إلى المدينة المنورّة، فذهب رسول الله وأخبر أبا بكر الصّديق في أمر الله تعالى له بالهجرة، فطلب أبو بكرٍ من رسول الله أن يذهب معه في هذه الرحلة، وأذن له رسول الله، واستعدّا للهجرة، وكانت الهجرة في ليلة الجمعة، السابع والعشرين من شهر صفر، في السنة الرابعة عشر بعد البعثة، وقد جهّز أبو بكر الراحلتين، واستأجر شاباً مشركاً يدعى عبد الله بن أريقط ليقوم برعاية الناقتين، وكان على درايةٍ بالطريق ومعالمها، ولذكائه وبراعته في ذلك.[1][2]
وكان الوحي جبريل -عليه السلام- قد أخبر رسول الله ألّا يبقى في بيته، بسبب تآمر قريشٍ وأتباعها على قتله بعد اجتماعهم مع رؤساء القبائل في دار الندوة، والبحث في أمر رسول الله، حيث إنّ قريش لم تكن تعلم بإذن الله تعالى لرسوله بالهجرة، وكان اتّفاقهم على أن يتمّ خروج شابٍّ قويٍّ من كلّ قبيلة، يحمل معه سيفاً، ويضربون الرسول ضربة رجلٍ واحدٍ، فقد طلب رسول الله من عليّ بن أبي طالب أن يبيت مكانه في فراشه تلك الليلة، ويرتدي بردته، وذلك لحكمةٍ عظيمةٍ، وهي ردّ الأمانات والحقوق الموجودة عند رسول الله إلى أصحابها بعد هجرته، في حين كان دور عائشة وأسماء ابنتي أبي بكر يتمثّل بتجهيز الطعام وإرساله للرسول وأبي بكر أثناء مكوثهم في الغار، وبعد ذلك انطلق رسول الله برفقة أبي بكر من الباب الخلفيّ؛ وأراد الرسول الخروج من مكّة قُبيل الفجر، وسلك طريقاً آخراٌ غير الطريق المعروف؛ لأنّ محطّ أنظار قريش سوف يكون تجاه الطريق الرئيسي المعروف، وذهبا باتجاه الغار.[3][4]
كان لهجرة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- من مكّة المكرّمة إلى المدينة المنورّة دورٌ كبيرٌ في إحداث تغيّراتٍ كثيرةٍ في تاريخ الأمة والدعوة الإسلاميّة، وتعدّ الهجرة النبويّة الشريفة الفاصل التاريخي بين العهدين: المكي والمدني، بسبب ما أحدثته من تغييرٍ جذريٍّ في أحوال المسلمين في ذلك الوقت، فنقلتهم نقلةً نوعيّةً من حيث العدد، والعدّة، والقوة، والحرية.[5]
أسباب هجرة الرسول إلى المدينة
هناك عدّة أسبابٍ أدّت إلى هجرة الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- من مكة إلى المدينة، وهي:[6]
- رفض القوم المتواجدون في مكّة دعوة الإسلام، على الرغم من حرص الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- على دعوتهم لدين الإسلام، بشتى الوسائل والطرق، وباستخدام أسلوب اللين والعطف معهم، إلّا أنّهم رفضوا، وقاوموا كلّ ذلك، وآذوا رسول الله، السبب الذي أدّى لبحث الرسول عن وجهةٍ أخرى تكون أكثر تقبّلاً لدعوته، وكانت هذه الوجهة هي المدينة المنورة.
- رغبة أهل المدينة في قبول دعوة رسول الله، وكان بداية ذلك في بيعة العقبة الأولى، عندما بايعت جماعة من الأنصار والخزرج رسول الله، وآمنوا به، ثمّ انطلقوا يدعون إلى الإسلام، حتى انتشرت الدعوة، وآمن الكثير من الناس، وقد أرسل رسول الله معهم في السنة التالية مصعب بن عمير وابن أمّ مكتوم، ليعلّمان من دخلوا في الإسلام القرآن الكريم، والأحكام والتعاليم الإسلامية، ويقومان أيضاً بدعوة الذين لم يُسلموا.
- اشتداد الأذى الذي حلّ برسول الله، فقد لاقى رسول الله محناً كثيرةً خلال دعوته، وحلّت به أنواعٌ مختلفةٌ من الإيذاء اللفظي، واتّهامه بالسحر، والجنون، والسخرية منه، والإيذاء الجسدي، بتعذيبه، وإلقاء القمامة على ظهره، ومحاولة قتله، كلّ ذلك من أجل القضاء على دعوته.
- تعرّض المسلمين الذين آمنوا بدعوة الرسول للأذى، فقد لاقى المسلمون العذاب، والقسوة، والاضطهاد بعد قبولهم دعوة رسول الله، فكانت الحاجة للهجرة للذهاب بهم إلى مكانٍ يعبدون فيه ربّهم وهم آمنون، بعيدون عن العذاب والأذى.
- الحاجة لبناء دولةٍ إسلاميّةٍ، فقد أحسّ رسول الله بعظم الأمر الذي عليه تحقيقه ونشره، ورأى أنّ الدعوة للإسلام يجب أن تبلّغ في مأمنٍ، ومن خلال قواعدٍ، ونظامٍ يحمي انتشارها.
- الطبيعة التي تتطلّبها الدعوة، فمن طبيعة تبليغ الرسالة ونشر الدعوة الهجرة من مكانٍ لآخرٍ، وقد هاجر الأنبياء من قبل رسول الله لتبليغ كلّ دعوته، ونشرها.
نتائج الهجرة النّبويّة
حقّقت الهجرة النبوية عدداً من النتائج العظيمة، وهي:[6]
- بناء دولةٍ إسلاميةٍ مستقلّة، أفرادها ممن آمنوا بالله تعالى ورسوله، يعبدون الله تعالى في مجتمعٍ آمنٍ.
- تحقيق التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، فقد تحقّق مبدأ الأخوة الإسلامية بين المهاجرين والأنصار، وأصبحوا إخوةً يتقاسمون أموالهم، وبيوتهم، وحاجاتهم، من أجل ترسيخ مفهوم الأخوّة.
- انتهاء أذى كفار قريش وأتباعها الذي حلّ برسول الله، وأصحابه، ومن تبعه.
- توحيد المسلمين تحت راية لا إله إلّا الله.
- تلاشي الحقد والغلّ الذي كان في صدور الأقوام تجاه بعضها البعض.
العبر المستفادة من الهجرة النبوية
كانت حادثة الهجرة النبوية كانت بمثابة دروساً عظيمةً وعبراً أفادت المسلمين، ومنها:[7][8][9]
- ضرورة التّنبه إلى أهميّة تنشئة جيلٍ واعٍ قادرٍ على مواجهة الصعاب، وتحمّل المشاق.
- الثقة واليقين بأنّ الحقّ سيتنصر ولو بعد حينٍ، وأنّ الباطل سيُكشف ويُهزم.
- الإخلاص في الأعمال والأقوال لله تعالى، وتنبيه النفس دائماً للحرص على ذلك.
- معيّة الله تعالى للمؤمنين الصادقين، ورعايته لهم، وتأييدهم، ونصرهم، وتوفيقهم.
- عدم إهمال دور أي شخصٍ، خصوصاً المرأة المسلمة، فقد أبدت في حادثة الهجرة أدواراً عظيمةً.
- ضرورة الأخذ بالأسباب المحيطة، وحُسْن التخطيط.
- الاستمرار في العمل، وعدم التوقّف أو التقاعس.
- التوكّل على الله حُسْن التوكّل، والتحلّي بالصبر.
- الثبات والقوة خلال ما يجري من الأحداث.
- الثقة باختيار الله تعالى للمسلم، وأنّه خيرٌ له، ولو ظنّ المسلم أنّ ذلك شرٌّ له.
المراجع
- ↑ "الهجرة النبوية الشريفة"، www.alukah.net، 5-11-2014، اطّلع عليه بتاريخ 11-12-2018. بتصرّف.
- ↑ "الميقات الزمني لهجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم"، www.islamweb.net، 2-6-2004، اطّلع عليه بتاريخ 11-12-2018. بتصرّف.
- ↑ "الهجرة النبوية الشريفة"، www.islamweb.net، 18-11-2012، اطّلع عليه بتاريخ 11-12-2018. بتصرّف.
- ↑ "على طريق الهجرة النبوية"، www.islamweb.net، 31-8-2015، اطّلع عليه بتاريخ 11-12-2018. بتصرّف.
- ↑ أحمد محمد (15-11-2012)، "هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-12-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب أ.أحمد عبد الحليم (7-12-2010)، "أسباب ونتائج الهجرة النبوية"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-12-2018. بتصرّف.
- ↑ الشيخ عبد الله الجار الله (25-12-2010)، "الهجرة: دروس وعبر"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-12-2018. بتصرّف.
- ↑ أحمد محمد (15-11-2012)، "هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-12-2018. بتصرّف.
- ↑ محمد الحمد، "من دروس الهجرة النبوية"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-12-2018. بتصرّف.