-

بحث حول السلم

بحث حول السلم
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

السِّلْم

خلق الله تعالى البشر على سطح الأرض من أجل إعمارها وعبادته كما يُحبّ ويَرضى، لذلك فإنّ الفطرة السّليمة التي جُبِل عليها البشر هي حبّ الخير، والسِّلْم، والاستقرار، ونبذ العنف، والكراهية، والحروب، لكن نتيجةَ طمع الإنسان وتغلغل الأحقاد في النّفوس البشريّة ظهرت المُؤامرات والحروب والصّراعات، ممّا أدّى إلى زعزعة السّلم في العالم.

تعريف السِّلْم

السّلم خلاف العنف، ويُعرف بأنّه التّجانس المُجتمعيّ والتّكافُؤ الاقتصاديّ والعدالة السياسيّة، وهو أيضاً اتّفاقٌ مُتعدّد بين الحكومات وغياب القتال والحروب، وقد يُعَبِّر عن حالةٍ من الاستقرار الداخليّ أو الهدوء في العلاقات الخارجيّة.[1]

السّلم عبر التّاريخ

شهد التّاريخ أمثلةً كثيرةً حول السّلم أهمّها ما يأتي:[2]

  • العالم الإغريقي والرومانيّ: كان العالم يتكوّن حينها من عدّة مدن، وكانت في حالةٍ دائمةٍ من الحروب، حتّى تمّ تأليف العصبة الأمفكتيونيّة والتي تحظر على أيّ مدينة إعلان العداء على الأُخرى أو نهبها، وكانت الألعاب الأولمبيّة تُعدّ إحدى وسائل حفظ السّلام والهدوء المُؤقّت، بالإضافة إلى فترة السّلام الرومانيّ التي امتدّت إلى مئتي عام اتّسعت خلالها حدود الدّولة الرومانيّة.
  • فترة العصور الوُسطى الأوروبية: بسبب انهيار الدّولة الرومانيّة أصبحت الكنيسة الدّاعم الأول للسّلام، وظهرت فترات تُسمّى بهُدنة الله وسلام الله التي حرّمت الكنيسة فيه القتال في أيّام مُعيّنة وأماكنَ مُعيّنةٍ.
  • الفترة المُمتدّة من القرن الخامس عشر إلى الثّامن عشر: تمّت مُحاولة تطبيق السّلام من خلال مبدأ موازنة القوى الذي يقوم على توزيع القوى الاقتصاديّة والعسكريّة بالتّساوي بين الدّول، بحيث لا تتفوّق دولةٌ على دولةٍ أُخرى في مواردها، ولا تتمكّن من إعلان الحرب عليها.
  • مرحلة القرن التّاسع عشر: أُنشئت جمعيّة نيويورك للسّلام، وعُقدت عدّة مُؤتمرات لمُناقشة موضوع حفظ السلّام في عدّة دول منها: بلجيكا وفرنسا وألمانيا، ونتيجةً لشعور ألفرد نوبل بالأسى نتيجةَ ما أحدثه اختراعه للدّيناميت من خراب ودمار في العالم، قام برصد مَبلغٍ ماليّ كجائزة لمن يُساهم في تحقيق السّلام في العالم.

السّلم في الإسلام

السّلم عنصرٌ أساسيّ في الإسلام، والدّليل على ذلك أنّ السّلام اسم من أسماء الله الحسنى: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ)،[3] كما أنّ لفظ السّلم ومُشتقّاته تكرّر في القرآن 133 مرّة، بينما تكرّر لفظ الحرب 6 مرّات.[4]

جعل الله البشر خُلفاءً في الأرض لعمارتها وبناءها، وجعل بينهم اختلافاً: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)،[5] فكان الاختلاف بينهم أمراً مُحتّماً، والعناصر التي ركّز عليه الإسلام منذ أربعة عشر قرناً لتنظيم هذا الاختلاف هي ذاتها التي تدعو إليها اليونيسكو في القرن الواحد والعشرين وهي:[6][4]

  • احترام الحياة بأنواعها انطلاقاً من مبدأ الاستخلاف في الأرض.
  • التّشاطر والعطاء لنبذ الخلافات ومنع الحروب، وقد رسّخ الإسلام هذا المبدأ من خلال صحيفة المدينة المنوّرة بين المُسلمين واليهود.
  • نبذ العُنف وحلّ الخلافات من خلال الحِكمة والموعظة الحَسَنة، وسدّ مداخل الأحقاد والنّزاعات في النّفوس البشريّة.
  • الإصغاء كوسيلة تفاهم.
  • المحبّة والتّعاون وتقديم العون من مُكمّلات الإيمان الذي يتفاضل به النّاس.
  • الإخاء المُتجدّد والتّكافل والتّآلف.

نَبَذَ الإسلام العنف والتطرّف، ولم يدعُ للّجوء إلى قتالٍ إلا في حالات خاصّة، كما فرَّق بين الجِهاد والإرهاب الذي يمزِج بينهما الإعلام اليوم؛ فالإرهاب هو الاعتداء على النّفس والأموال والأعراض بغير وجه حقّ، أما الجهاد فيكون بحقٍّ وضمن ضوابطَ وقوانين؛ حيث إنّه يجب إعلام الطّرف الآخر قبل مواجهته، وعدم قتاله على حين غِرّة، كما أنّه لا يجوز الاعتداء على النّساء والأطفال والشّيوخ والمُتعبِّدين، بالإضافة إلى ضرورة احترام كرامة الإنسان ومنع التّمثيل في القتلى، والحفاظ على المَزروعات والأشجار وعدم تعذيب الأسرى.[4]

ولكن دائماً ما يتواجد الذين يسيرون على غير السَويّة فتحدث الكثير من المشاكِل، ممّا ينفي صفة السِّلْم في المجتمع، وهؤلاء تنطبق عليهم القوانين والأنظمة الرّادعة التي من شأنها أن تردعهم عن أعمالهم التي تُهدّد استقرار المُجتمع، وتحمي أفراده من التعرّض للظّلم والخطر.

مُنظّمات السّلام حول العالم

لأهميّة السِّلْم في العالم وبين جميع الأجناس أصبحت هناك الكثير من المُنظّمات التي تدعو إلى تحقيق السّلام العالميّ بين النّاس ونبذ العنف والحرب مثل:

  • هيئة الأمم المُتّحدة : مُنظّمة دوليّة أُنشأت عام 1945 وتضمّ 193 دولةً، وظيفتها صون السّلام والأمن الدوليّين، وتعزيز التّنمية المُستدامة، بالإضافة إلى حماية حقوق الإنسان وتقديم المُساعدات الإنسانية للدّول المنكوبة.[7]
  • جامعة السلّام: أُنشئت عام 1980 لتوفير مُؤسّسة للتّعليم العالي لأهداف السّلام، وترسيخ معاني التّعاون والتّفاهم والتّعايش بين البشر، وإزالة الموانع التي تَحول دون تحقيق السّلام، وإتاحة تدريس مُختلف البرامج التعليميّة المَعنيّة بالسّلم مثل: القانون الدوليّ، والأمن الإنسانيّ، إثر الصّراعات المُسلّحة على الأطفال والصّراعات وتدهور البيئة.[8]
  • المُنظّمة العالميّة للسّلام: مُنظّمةٌ غير ربحيّة تهدف للحفاظ على الحياة الإنسانيّة داخل الكوكب وخارجه، تسير على خُطى الأمم المُتّحدة، وتعملان معاً بمُساعدة الدّول الأعضاء على اقتراح وتقرير مَصير الشّعوب.[9]

نتائج انتشار السِّلْم في المجتمع

من نتائج السّلم العائدة على المجتمع ما يأتي:[10]

  • جعل الحياة البشريّة أكثر استقراراً ومُتعةً ورفاهيّةً.
  • تحقيق الأمن الإنسانيّ والتّأكيد على أنّ الإنسان أهمّ من الأرض.
  • الحدّ من الهِجرات السُكانيّة الهائلة.
  • تقليل انتشار الأمراض المُعدية.

المراجع

  1. ↑ charles webel , johan galtung (2007), Handbook of Peace and Conflict Studies, Page 7. Edited.
  2. ↑ مجموعة من العلماء والباحثين (1419 - 1999)، الموسوعة العربية العالمية ، صفحة 30، جزء 13. بتصرّف.
  3. ↑ سورة سورة الحشر، آية: 23.
  4. ^ أ ب ت مصطفى السباعي (1998)، نظام السلم والحرب في الإسلام (الطبعة الثانية )، صفحة 4.
  5. ↑ سورة الحجرات، آية: 13.
  6. ↑ د. أبو القاسم قور، "مقدمة في دراسات السلام والنزاعات "، Sudan University of Science and Technology. بتصرّف
  7. ↑ "تعريف بالمنظمة"، منظمة الأمم المتحدة . بتصرّف.
  8. ↑ تقرير الأمين العام (2001)، العقد الدولي لثقافة السلام واللاعنف من أجل أطفال العالم، صفحة 16.
  9. ↑ "Letter of Peace", The World Organization for Peace . Edited.
  10. ↑ Diaku Dianzenza Kunsikila، "Peace: Who Needs it And How is it Possible in The Society"، Central Africa Conflict Prevention Association (CACOPA).