-

بحث حول التسامح

بحث حول التسامح
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

التسامح في الإسلام

دعت رسالة الإسلام إلى التسامح، وورد الحثّ عليه في العديد من آيات القرآن الكريم، وأحاديث الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ومن مظاهر التسامح برّ المسلم بغير المسلم، إن لم يؤذي المسلمين، كما أنّ الإسلام منح الذميين الحرية، وأمر المسلمين بعدم التعرّض لهم في عقيدتهم، فأمر الإسلام المسلمين بترك الذميين على دينهم، حيث قال الله تعالى: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)،[1] ومع ذلك فإنّ الإسلام أمر بخطابهم والتحدّث معهم بإحسان، حيث قال الله تعالى: (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)،[2] فامتثل المسلمون لأوامر الله تعالى، فكانوا يعاملون أهل الكتاب أحسن معاملةٍ، كما أنّهم كانوا يعطفون عليهم، ويحكمون عليهم بالعدل، ومما يؤيد ذلك إباحة الله -تعالى- طعامهم، وذبائحهم، للمسلمين، ودليل ذلك قول الله تعالى: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ)،[3] ومن مظاهر التسامح التي أقرّها الإسلام، الأمر بالدعوة إلى الله تعالى، برفقٍ ولينٍ ولطفٍ، والمناقشة بالإحسان، وذلك كان النهج الذي سار عليه النبي صلّى الله عليه وسلّم، حيث إنّه كان يدعو إلى توحيد الله تعالى، وإلى الإسلام، بالتبليغ فقط دون اللجوء إلى القوة، أو العنت، أو الإجبار، حيث إنّ الأساس الذي يقوم عليه الإسلام، الحجة والبرهان والدليل، وليس الإكراه والقوة، ومما يدلّ على ذلك ما حدث يوم فتح مكة المكرمة، عندما عفا الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- عن أهل مكة بعد أن آذوه، إلّا أنّ الإسلام أجاز ردّ السيئة بمثلها، ومعاقبة المسيء على ما فعله وأساء به للآخرين، حيث قال الله تعالى: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)،[4] ولكنّ الأفضل التسامح بين الناس، وعفوهم عن بعضهم البعض.[5]

تعريف التسامح وبيان مظاهره

يعرّف التسامح في اللغة بأنّه التساهل والحلم والعفو، وهو مصدرٌ من الفعل تسامح، ومن ذلك التسامح الديني الذي يطلق على احترام عقائد الآخرين، أمّا التسامح في الاصطلاح فهو القيام والبذل بما لا يجب على العبد تفضلاً منه، وذلك ما تميّزت به رسالة الإسلام، ومن ذلك اللين والسهولة واللطف، والكرم والعطاء، والجود، والعدل، ورفع الحرج، ومن الجدير بالذّكر أنّ التسامح تمثّل في العديد من تعاليم الإسلام، وفيما يأتي بيان بعضها:[6][7]

التسامح في العبادات

ومن مظاهر ذلك التيمم لمن أراد الصلاة، إن كان مريضاً مرضاً يمنعه من استعمال الماء، أو يؤدي إلى عدم الامتثال بالشفاء بسرعةٍ، وكذلك يشرع التيمم للمسافر السالك طريق الصحراء، أو الطرقات العامة، وكان متعذراً عليه استعمال الماء، سواءً إن كان السبب فقدان الماء، أو تعذّر استعماله، بسبب المشقة المتعلقة بالسفر، والتيمم في الحالات السابقة متعلّقٌ بالطهارة من الحدث الأصغر، أو الحدث الأكبر، حيث إنّ التيمم مشروعٌ في حالة السفر، أو المرض، أو تعذّر استعمال الماء، ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا)،[8] ومن مظاهر التسامح في العبادات، ترخيص الفطر في نهار رمضان للمسافر، وكذلك للمريض، كما أنّه يوجد العديد من المظاهر التي تدل على يسر الشريعة، وتسامحها في العبادات.

التسامح في المعاملات

شرع الله -تعالى- للأمة الإسلامية القصاص، والدية، والعفو، ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)،[9] فالتعامل بين الناس قائمٌ على العفو والمسامحة، وذلك مقابلٌ بالحسنات والأجور من الله تعالى، إلّا إن كان التعامل مع الناس قائمٌ على السيئة، فذلك يقابل بالسيئة، ومن مظاهر التسامح التي شرعها الإسلام في التعامل بين الناس، أنّ الطلاق قبل الدخول يترتب عليه دفع نصف المهر للزوجة، والنصف الآخر فهو للزوج، إلّا أنّ الإسلام رغّب الزوجة وحثّها على التنازل عن النصف الخاص بها، حيث قال الله تعالى: (وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)،[10] كما أنّ التعامل بين الناس يجب أن يكون قائماً على الأدب، حيث إنّ الإسلام نهى عن احتقار الناس، والتقليل من شأنهم، ونهى أيضاً عن الكبر، والتفاخر، والتعالي على الناس، كما أنّ الإسلام حثّ ورغّب على كظم الغيظ عن الناس، والعفو عنهم، حيث قال الله تعالى: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ).[11]

التسامح مع الأديان الأخرى

فتعامل المسلمين مع غيرهم قائمٌ على العديد من الضوابط التي تحكمه، ومن الضوابط الخاصة بالتعامل مع الدين الإسلامي فيما يخصّ العقيدة الإسلامية، عدم القبول من أيّ شخصٍ ينتمي إلى الإسلام، أو إلى دولة الإسلام، الانتقاص من قيمتها، أو التشكيك فيها، وذلك يشمل الذات الإلهية، والرسول صلّى الله عليه وسلّم، ودين الإسلام، والأحكام والأوامر التي نصّ عليها، كما أنّ هناك العديد من الضوابط المتعلقة بالتعامل مع الشريعة الإسلامية، فإنّ أهل الذمة ملزمون بالمعاملات المدنية المستمدة من الشريعة الإسلامية مع غيرهم من المسلمين، وكذلك الأمر ذاته بالنسبة للمعاملات الجنائية في الدولة، فالكل محكومٌ بالأحكام الجنائية الواردة في الإسلام؛ وذلك تحقيقاً للأمن والاستقرار في دولة الإسلام، أمّا الضوابط المتعلقة بالتعامل مع المسلمين، فلا يجوز مجاهرتهم بالمنكر القائمين به، فالتسامح والعفو لا يجوز أن يكون مؤثراً على دعوة الإسلام.

فيديو التسامح وأهميته

تعرف على التسامح وأهميته من خلال الفيديو:

المراجع

  1. ↑ سورة الكافرون، آية: 6.
  2. ↑ سورة العنكبوت، آية: 46.
  3. ↑ سورة المائدة، آية: 5.
  4. ↑ سورة الشورى، آية: 40.
  5. ↑ "التسامح في الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 5-10-2018. بتصرّف.
  6. ↑ "تعريف ومعنى تسامح"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 5-10-2018. بتصرّف.
  7. ↑ "التسامح مظاهره وآثاره"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 5-10-2018. بتصرّف.
  8. ↑ سورة النساء، آية: 43.
  9. ↑ سورة الشورى، آية: 40.
  10. ↑ سورة البقرة، آية: 237.
  11. ↑ سورة فصلت، آية: 34.