حكم الإجهاض من الزنا
حكم الإجهاض من الزنا
تركزت جهود علماء الأمّة الإسلاميّة وفقهاءها في دراسة حكم الإجهاض على الأجنة التي تنتج من الزواج الشرعيّ الصحيح، بغضّ النظر عن الأجنة التي تنتج بسبب الزنا باعتبار أنّ حكم الإجهاض في كلا الحالتين واحد؛ بلّ إن حُرمة الإجهاض في الأحوال العادية تتأكّد في الزنا؛ لأنّ قواعد الشريعة الإسلاميّة أكدّت على سدّ الأبواب المؤدية إلى الفتنة والفساد، ولا شكّ بأنّ السماح بإجهاض الأجنة حال الزنا يكون سبباً من أسباب تشجيع الرذيلة والفساد في المجتمع، وبالتالي تكون العلّة في تحريمه أشدّ وأقوى من علّة تحريم إجهاض الجنين في حالة الزواج الشرعيّ، كما تتجلى علّة تحريم إجهاض الجنين في حالة الزنا بأنّ الجنين لا ذنب له في تحمّل ما اقترفه غيره؛ فيكون في إزهاق روحه ظلمٌ له، قال الله -تعالى-: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ)،[1] ومن الأدلّة على تحريم إجهاض الجنين قصة الغامدية التي زنت فأتت النبي -عليه السلام- حتى يُقيم عليها الحد، وكانت حاملاً، فردّها النبي حتى تضع حملها، ثمّ ردّها مرةً ثانيةً لتُرضع مولودها وتفطمه، ثمّ أقام عليها الحدّ بعد ذلك، وفي تلك القصة دليلٌ على حُرمة الاعتداء على الجنين في الإسلام في جميع الأحوال، وما ذكره بعض العلماء من جواز إجهاض الجنين في الأربعين يوماً الأولى من عمره فهذا يتعلق بالحمل من الزواج الشرعيّ الصحيح، وفي حالة السفاح فلا يُؤخذ بتلك الرخصة؛ لأنّ الرُخص لا تُناط بالمعاصي في الشريعة الإسلاميّة؛ حتى لا تكون عوناً عليها، ومثالٌ على ذلك رخصة الإفطار في السفر؛ حيث إنّها رخصةٌ عامةٌ في السفر، باستثناء من كان سفره في معصيةٍ؛ فلا يُرخّص له الإفطار؛ حتى لا تكون تلك الرخصة سبباً في التوسعة عليه.[2]
حكم إجهاض حمل الاغتصاب
إذا كان الجنين قد أتى رُغماً عن الأم بسبب الاغتصاب والإكراه؛ فقد ذهب علماء الأمّة الإسلاميّة إلى جواز إجهاضه إذا ترتّب على وجود الجنين مضرةٌ محققةٌ لصحة الأم، أو خشيت من العار والخزيّ في المجتمع بسبب وجوده؛ فحينئذٍ يجوز لها إجهاضه بشرط أن يكون ذلك قبل بلوغه الأربعة أشهر، أمّا بعد تلك المدة فلا يجوز مُطلقاً للمرأة إجهاض جنينها عند عامة أهل العلم؛ لأنّ إجهاضه حينئذٍ يُعتبر قتلاً لنفسٍ نُفخت فيها الروح.[3]
كفارة إجهاض الجنين بسبب الزنا
يتوجّب على المرأة إن أجهضت جنينها من الزنا أن تدفع ديته إذا بلغ أربعين يوماً عند بعض أهل العلم، أو إن استبان في خلقته شكل الآدمي عند علماء آخرين، وديّة الجنين في تلك الحالة غُرّة عبدٍ أو أَمَة، وتُعادل عُشر ديّة الأُم، ومقدارها خمسةٌ من الإبل، أو مقدارها، أمّا الكفارة في تلك الحالة فقد اختلف فيها علماء الأمّة؛ فمنهم من ذهب إلى عدم وجوبها في تلك الحالة، ومنهم من ذهب بأنّها مندوبةٌ وليست بواجبةٍ، وأمّا الكفارة عند من قال بوجوبها فهي عتق رقبةٍ، فإنّ لم يجد فصيام شهرين متتابعين.[4]
المراجع
- ↑ سورة الإسراء، آية: 15.
- ↑ "الإجهاض الناتج عن علاقة زنا"، www.islamqa.info، 2001-4-12، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-13. بتصرّف.
- ↑ خالد عبد المنعم الرفاعي (2013-1-4)، "حكم إجهاض ولد الزنا "، www.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-13. بتصرّف.
- ↑ "ما هي كفارة إجهاض جنين من الزنا عمره ستون يوما"، www.islamweb.net، 2009-10-18، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-13. بتصرّف.