أحكام السهو في الصلاة
سجود السهو في الصلاة
يتعرض الكثير من المسلمين للنسيان، أو السهو عند أداء العبادات، فقد يسهو العبد في الوضوء، أو عند قراءته للقرآن الكريم، أو عند أدائه للصلاة، وعند إذ يتوجب عليه أن يسجد سجوداً خاصاً بالصلاة يسمى بسجود السهو، والذي يمكن تعريفه على أنه عبارة عن سجدتين يسجدهما المصلي، وذلك من أجل جبر الخلل الحاصل في صلاته، وفي هذا المقال سنعرفكم على أحكام السهو في الصلاة.
أحكام السهو في الصلاة
الزيادة
الزيادة في الصلاة بالقيام، والقعود، والركوع، والسجود بشكل متعمد يؤدي إلى بطلانها، أمّا إذا كان المصلي ناسياً، ولم يذكر الزيادة إلا بعد أن قام بها، فليس عليه إلا سجود السهو، وبذلك تعتبر صلاته صحيحة، وإذا تذكر الزيادة في أثنائها، فيتوجب عليه الرجوع عنها، وأداء سجود السهو، وبذلك تعد صلاته صحيحة، ومثال ذلك: إذا صلى شخص العصر خمس ركعات، ولم يتذكر الزيادة إلا في التشهد، يتوجب عليه أن يكمل التشهد، ثمّ يسلم، ويسجد سجود السهو، أما إذا تذكر الزيادة وهو في أثناء الركعة الخامسة، يتوجب عليه أن يجلس في الحال، ويتشهد، ويسلم، ثمّ يسجد للسهو ويسلم.
السلام قبل تمام الصلاة
يعتبر تسليم المصلي قبل إتمام الصلاة بشكل متعمد من الأمور التي تؤدي إلى بطلان الصلاة، أما إذا كان ناسياً ولم يذكر إلا بعد زمن طويل فيجب عليه أن يعيد الصلاة من جديد، أما إذا تذكر بعد زمن قليل كدقيقتين أو ثلاث فإنه يكمل صلاته، ويسلم، ثمّ يسجد سجود السهو، ويسلم، ومن ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه (عَن أبي هُرَيْرةَ قالَ : صلَّى بنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، إحدى صلاتَيِ العشيِّ - الظُّهرَ أوِ العصرَ - ، قالَ: فصلَّى بنا رَكْعتينِ ، ثمَّ سلَّمَ ، ثمَّ قامَ إلى خَشبةٍ في مقدَّمِ المسجِدِ ، فوضعَ يديهِ عليهِما إحداهما علَى الأُخرى ، يُعرَفُ في وجهِهِ الغضَبُ ، ثمَّ خرجَ سَرعانُ النَّاسِ وَهُم يقولونَ: قُصِرَتِ الصَّلاةُ ، قُصِرَتِ الصَّلاةُ ، وفي النَّاسِ أبو بَكْرٍ ، وعمرُ ، فَهاباهُ أن يُكَلِّماهُ ، فقامَ رجلٌ كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يسمِّيهِ ذا اليدينِ ، فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ ، أنَسيتَ أم قُصِرَتِ الصَّلاةُ ؟ قالَ: لم أنسَ ، ولم تُقصَرِ الصَّلاةُ ، قالَ: بَل ، نَسيتَ يا رسولَ اللَّهِ ، فأقبلَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ على القومِ ، فقالَ: أصدَقَ ذو اليدَينِ ، فأومَأوا أي نعَم ، فرجعَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إلى مقامِهِ ، فصلَّى الرَّكعتينِ الباقيَتينِ ، ثمَّ سلَّمَ ، ثمَّ كبَّرَ وسجدَ مثلَ سجودِهِ أو أطوَلَ ، ثمَّ رفعَ وَكَبَّرَ ، ثمَّ كبَّرَ وسجدَ مثلَ سجودِهِ ، أو أطوَلَ ، ثمَّ رفعَ وَكَبَّرَ ، قالَ: فقيلَ لِمُحمَّدٍ: سلَّمَ في السَّهوِ ؟ فقالَ: لَم أحفَظهُ عن أبي هُرَيْرةَ ، ولَكِن نُبِّئتُ أنَّ عِمرانَ بنَ حُصَيْنٍ ، قالَ: ثمَّ سلَّمَ) [سنن أبي داود].
النقص
- نقص الأركان: إن أنقص المصلي من صلاته ركن تكبيرة الإحرام، فإن صلاته باطلة سواء تركها عمداً، أو سهواً، وذلك لأن الصلاة لم تنعقد، أما إذا كانت غير تكبيرة الإحرام فإن تركها عمداً بطلت الصلاة، أما إذا تركها سهواً ووصل إلى موضع من الركعة الثانية، لغيت الركعة التي ترك منها، وقامت الركعة التي تليها مقامها، وإن لم يصل إلى موضعه من الركعة الثانية، يتوجب عليه أن يعود إلى الركن المتروك، فيأتي به، وبما بعده، وفي كلتا الحالتين يجب عليه أن يسجد للسهو بعد أن يسلم، ومثال ذلك: إن نسي شخص أن يسجد السجدة الثانية من الركعة الأولى، فتذكر ذلك وهو جالس بين السجدتين في الركعة الثانية، فتلغى الركعة الأولى، وتقوم الثانية مقامها، فيعتبرها الركعة الأولى، ويكمل عليها صلاته، ويسلم ثم يسجد سجود السهو، ثمّ يسلم، أما أن نسي شخص السجدة الثانية والجلوس قبلها من الركعة الأولى، فتذكر ذلك بعد أن قام من الركوع في الركعة الثانية، فإنه يعود ويجلس ويسجد، ثمّ يكمل صلاته، ويسلم، ثم يسجد للسهو، ويسلم.
- نقص الواجبات: إن ترك المصلي لواجب من واجبات الصلاة بشكل متعمد يعتبر من مبطلات الصلاة، أما إذا كان ناسياً، وتذكر ذلك قبل أن يقوم من محله من الصلاة، فيستطيع أن يؤديه، ولا شيء عليه، أما إذا تذكره بعد أن يفارق محله وقبل أن يصل إلى الركن الذي يليه، يرجع فيؤديه، ثمّ يكمل صلاته، ويسلم، ويسجد سجود السهو، ثمّ يسلم، وفي حال تذكره بعد أن وصل إلى الركن الذي يليه، سقط فلا يرجع إليه، ويستمر في صلاته، ويسجد سجود السهو قبل أن يسلم.
الشك
الشك هو التردد بين أمرين أيهما وقع، والشك لا يلتفت إليه في العبادات إلا في ثلاث حالات؛ وهي: إن كان مجرد وهم لا حقيقة له كالوساوس، وإذا كثر مع الشخص بحيث لا يفعل عبادة إلا حصل له فيها شك، وإذا كان بعد الفراغ من العبادات فلا يلتفت إليه ما لم يتيقن الأمر فيعمل بمقتضى يقينه، أما الشك في غير هذه المواضع فهو معتبر، وفي هذه الحالة على المصلي أن يترجح أحد الأمرين، فيعمل بما ترجح عنده، فيتم عليه صلاته، ويسلم، ثم يسجد للسهو، ويسلم.
قال النبي صلي الله عليه وسلم: (إذا شك أحدُكم في صلاتِه ، فليتحرَّ الصوابَ فليُتِمَّ عليه، ثم ليُسلِّمْ، ثم يَسجُدْ سجدتين) [رواه البخاري]، أما الحالة الثانية وهي ألا يترجح عند المصلي أحد الأمرين، فيعمل باليقين وهو الأقل فيتم عليه صلاته، ويسجد للسهو، ثمّ يسلم، ومن ذلك النبي صلي الله عليه وسلم: (إذا شَكَّ أحدُكُم في صلاتِهِ فلم يَدرِ كَم صلَّى؟ ثلاثًا أمْ أربعًا؟ فليطرَحِ الشَّكَّ وليبنِ على ما استيقنَ. ثمَّ يسجُدُ سجدتينِ قبلَ أن يسلِّمَ. فإن كانَ صلَّى خَمسًا، شفَعنَ لَه صلاتَه. وإن كانَ صلَّى إتمامًا لأربعٍ، كانتَا تَرغيمًا للشَّيطانِ) [رواه مسلم].
سجـود السهـو على المأموم
إن سها الإمام في صلاة الجماعة، يتوجب على المأموم أن يتابعه في السجود، سواء سجد الإمام قبل السلام، أم بعده، إلا إذا كان المأموم قد فاته بعض الصلاة، فإنه لا يتبعه في السجود، فلا يمكنه أن يسلم مع الإمام، وبالتالي عليه أن يقضي ما فاته من الصلاة، ويسلم، ثمّ يسجد سجود السهو، ثمّ يسلم.