-

أحكام الرضاع في المذاهب الأربعة

أحكام الرضاع في المذاهب الأربعة
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

أحكام الرضاع في المذاهب الأربعة

اتفقت المذاهب الفقهيّة الأربعة على وجوب إرضاع الطفل ما دام في حاجةٍ إليه في سنّ الرّضاع،[1] وذهب أهل الفقه أنّ حقّ الرضاع للطفل كحقّه في النفقة بعد سنّ الإرضاع؛ فوجب له،[2] والرضاع تتّصل به أحكامٌ ومسائل كثيرةٌ في المذاهب الأربعة، وفيما يأتي بيانها.

من يجب الإرضاع عليه

ذهب الشافعيّة والحنابلة إلى وجوب الاسترضاع على الأب، ولا يجب على الأمّ إلّا في حال لم يكن للأب مالٌ يستأجر به من ترضع لابنه، أو امتنع الطفل عن الرضاع من غيرها، أو لم يجد الأب من يرضع غيرها، واستندوا في ذلك على قوله تعالى: (وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى)،[3] بينما ذهب الحنفيّة إلى أنّه يجب على الأمّ ديانةً لا قضاءً، أمّا المالكيّة فذهبوا إلى وجوب الإرضاع على الأمّ بلا أجرةٍ إذا كانت من بيئةٍ تُرضع فيها الأمهات أبنائهنّ، وكانت على ذمّة زوجها، واستدلوا بقوله سبحانه: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ)،[4] أمّا التي لا يُرضع مثلها أو بانت من زوجها فلا رضاع واجبٌ عليها عند المالكيّة إلّا أن يكون قد تعذّر إرضاعه من غيرها، أمّا إن رغبت الأمّ في الإرضاع؛ فجمهور الفقهاء على أنّها تُجاب على ذلك وجوباً، لقوله تعالى: (لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا).[5][1]

الرضاع الموجب للتّحريم

الرضاع الموجب للتّحريم من المسائل التي تعدّدت آراء المذاهب الفقهيّة الأربعة فيها، وبيان ذلك على النحو الآتي:[6]

  • القول الأول: وهو مذهب الحنفيّة والمالكيّة، وخلاصته أنّ التحريم في الرضاع يثبت في قليله وكثيره، فيثبت عندهم التحريم ولو برضعةٍ واحدةٍ، واستندوا في قولهم هذا على الإطلاق الوارد في أمر الرضاع، في قوله سبحانه: (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ)،[7] وإلى قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ).[8]
  • القول الثاني: وهو مذهب الشافعيّة والحنابلة، ومجمل القول فيه أنّه لا يثبت التحريم بالرضاع إلّا بخمس رضعاتٍ، واستندوا على حديث عائشة -رضي الله عنها- حيث قالت: (كان فيما أُنزِل مِن القرآنِ عشرُ رضَعاتٍ معلوماتٍ يُحرِّمْنَ، ثمَّ نُسِخْنَ بخَمْسٍ معلوماتٍ)،[9] ولذا قال أهل العلم إنّ من أخذ بالقول الأول فقد احتاط لدينه واستبرأ لنفسه، ومن أخذ بالقول الثاني فقد أخذ بالرخصة.

آثار الرضاع

إذا ثبت الرضاع ترتّب عليه عند أهل الفقه حُكمان؛ هما:[10]

  • الأول: تحريم النكاح؛ والقاعدة في هذه المسألة أنّه يحرُم من الرِضاع ما يحرم من النسب؛ لقوله -تعالى- في معرض ذكر المحرّمات من النساء: (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ).[11]
  • الثاني: إباحة النّظر والخلوة؛ فهي أمّه من الرّضاع، وزوجها أبوه من الرضاع، وكذلك محارمها محارمه، وأولادها إخوته، وهكذا.

تجدر الإشارة إلى أنّ النفقة والتوارث وولاية النكاح، وغيرها من الأحكام الشرعيّة الخاصة بالنسب لا تثبت بالرِضاع، وإنّ آثار الرضاع السابقة الذِكر محلّ اتفاقٍ عند جمهور الفقهاء.[1]

المراجع

  1. ^ أ ب ت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتية (1404-1427)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 239-241، جزء 22. بتصرّف.
  2. ↑ محمد المنجد (8-4-2003)، "حكم الرضاعة الطبيعية وحكمتها"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 12-2-2019. بتصرّف.
  3. ↑ سورة الطلاق، آية: 6.
  4. ↑ سورة البقرة، آية: 233.
  5. ↑ سورة البقرة، آية: 233.
  6. ↑ لجنة الإفتاء (14-3-2010)، "عدد الرضعات الموجبة للتحريم"، www.aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 12-2-2019. بتصرّف.
  7. ↑ سورة النساء، آية: 23.
  8. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2645، صحيح.
  9. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1452، صحيح.
  10. ↑ محمد بن إبراهيم التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، بيت الأفكار الدولية، صفحة 261، جزء 4. بتصرّف.
  11. ↑ سورة النساء، آية: 23.