أقوال وحكم الحسن البصري
الحسن البصري
هو أبو سعيد الحسن بن يسار البصري، كان أبوه من أهل ميسان، وأمُّه (خيرة) مولاة أم سلمة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد وُلِد بالمدينة المنورة، وعاش في البصرة، وكان عمر بن الخطاب يدعو له: (اللهم فقهه في الدين وحببه إلى الناس)، نشأ في الحجاز بين الصحابة، ورأى عدداً منهم وعاش بينهم، وتعلم منهم، وروى عنهم، وحضر الجمعة مع عثمان بن عفان وهو يخطب، حفظ القرآن في العاشرة من عمره، وكانت أقواله درر الكلام لذلك نقدم اليوم أفضل ما قاله الإمام الحسن البصري.
حكم الحسن البصري
- خير البلاد ما حملك.
- بلغنا أن الباكي من خشية الله لا تقطر من دموعه قطره حتى تعتق رقبته من النار.
- طلب الجنة بلا عمل ذنب من الذنوب.
- ما رأيت يقيناً لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه إلا الموت.
- من خاف الله أخاف الله منه كل شيء، ومن خاف الناس أخافه الله من كل شيء.
- هانوا عليه فعصوه ولو عزّوا عليه لعصمهم.
- إذا لم يعدل المعلم بين الصبيان كتب من الظلمة.
- لكل أمة وثن، وصنم هذه الأمة الدرهم والدينار.
- بئس الرفيقان: الدينار والدرهم، لا ينفعانك حتى يفارقاك.
- اصحب الناس بأي خلق شئت يصحبوك.
- المصافحة تزيد في الود.
- ما نظرت ببصري ولا نطقت بلساني ولا بطشت بيدي ولا نهضت على قدمي حتى أنظر أعلى طاعة أو على معصية، فإن كانت طاعته تقدمت، وإن كانت معصية تأخرت.
- من ساء خلقه عذّب نفسه.
- ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيراً من الحلال مخافة الحرام.
- الزهد في الدنيا يريح القلب والبدن.
- لا يزال العبد بخير ما علم الذي يفسد عليه عمله.
- إنّ المؤمن في الدنيا غريب لا يجزع من ذلها ولا ينافس أهلها في عزها.
- الدنيا أحلام نوم أو كظل زائل وإن اللبيب بمثلها لا يخدع.
- ما ألزم عبد ذكر الموت إلا صغرت الدنيا عنده.
- من عرف الموت هانت عليه مصائب الدنيا.
أقوال الحسن البصري
القول الأول:
اعلم يا أمير المؤمنين أن الله أنزل الحدود ليزجر بها عن الخبائث والفواحش،
فكيف إذا أتاها من يليها، وأن الله أنزل القصاص حياة لعباده،
فكيف إذا قتلهم من يقتص لهم، واذكر يا أمير المؤمنين الموت وما بعده،
وقلة أشياعك عنده، وأنصارك عليه، فتزود له ولما بعده من الفزع الأكبر.
القول الثاني:
اعلم يا أمير المؤمنين، أن الله جعل الإمام العادل قوام كل مائل، وقصد كل جائر، وصلاح كل فاسد، وقوة كل ضعيف، ونصفت كل مظلوم، ومفزع كل ملهوف، والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالراعي الشفيق على إبله، الرفيق بها، الذي يرتاد لها أطيب المراعي، ويذودها عن مراتع الهلكة ، ويحميها من السباع، ويكنها من أدى الحر والقرّ، والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالأب الحاني على ولده، يسعى لهم صغاراً، ويعلمهم كباراً، ويكتسب لهم في حياته، ويدخر لهم بعد مماته.
القول الثالث:
الإمام العدل يا أمير المؤمنين كالأم الشفيقة البرة الرفيقة بولدها، حملته كرهاً، ووضعته كرهاً، وربته طفلاً تسهر بسهره ، وتسكن بسكونه، ترضعه تارة وتفطمه أخرى، وتفرح بعافيته، وتغتمّ بشكايته، والإمام العدل يا أمير المؤمنين وصي اليتامى، وخازن المساكين، يربي صغيرهم، ويمون كبيرهم، والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالقلب بين الجوارح، تصلح الجوارح بصلاحه، وتفسد بفساده.
القول الرابع:
الإمام العدل يا أمير المؤمنين هو القائم بين الله وبين عباده، يسمع كلام الله ويسمعهم، وينظر إلى الله ويريهم، وينقاد إلى الله ويقودهم، فلا تكن يا أمير المؤمنين فيما ملكك الله عز وجل كعبد ائتمنه سيده، واستحفظه ماله وعياله، فبدد المال وشرد العيال، فأفقر أهله وفرق ماله.
القول الخامس:
اعلم يا أمير المؤمنين أن لك منزلاً غير منزلك الذي أنت فيه، يطول فيه ثواؤك، ويفارقك أحباؤك، يسلمونك في قعره فريداً وحيداً فتزود له ما يصحبك، فالأسرار ظاهرة، والكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فالآن يا أمير المؤمنين وأنت في مهل قبل حلول الأجل، وانقطاع الأمل، لا تحكم يا أمير المؤمنين في عباد الله بحكم الجاهلين، ولا تسلك بهم سبيل الظالمين، ولا تسلط المستكبرين على المستضعفين، فإنّهم لا يرقبون في مؤمن إلّا ولا ذمة، فتبوء بأوزارك وأوزار مع أوزارك، وتحمل أثقالك وأثقالا مع أثقالك، ولا يغرنك الذين يتنعمون بما فيه بؤسك، ويأكلون الطيبات في دنياهم بإذهاب طيباتك في آخرتك، ولا تنظر إلى قدرتك اليوم، ولكن انظر إلى قدرتك غدا وأنت مأسور في حبائل الموت، وموقوف بين يدي الله في مجمع من الملائكة النبيين والمرسلين، وقد عنت الوجوه للحي القيوم، إني يا أمير المؤمنين، وإن لم أبلغ بعظتي ما بلغه أولو النهي من قبلي، فلم آلك شفقة ونصحا، فأنزل كتابي إليك كمداوي حبيبه يسقيه الأدوية الكريهة لما يرجو له في ذلك من العافية والصحة، والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.
خواطر الحسن البصري
يا ابن آدم إنك ناظر إلى عملك غدا يوزن خيره وشره فلا تحقرن من الخير شيئاً، وإن صغر فإنك إذا رأيته سرك مكانه، ولا تحقرن من الشر شيئاً فإنك إذا رأيته ساءك مكانه، فإياك ومحقرات الذنوب.
يا ابن آدم لا تغتر بقول من يقول: المرء مع من أحب، أنّه من أحب قوماً اتبع آثارهم، ولن تلحق بالأبرار حتى تتبع آثارهم، وتأخذ بهديهم، وتقتدي بسنتهم وتصبح وتمسي وأنت على منهجهم، حريصاً على أن تكون منهم، فتسلك سبيلهم، وتأخذ طريقهم وإن كنت مقصراً في العمل، فإنما ملاك الأمر أن تكون على استقامة، أما رأيت اليهود، والنصارى، وأهل الأهواء المردية يحبون أنبياءهم وليسوا معهم، لأنّهم خالفوهم في القول والعمل، وسلكوا غير طريقهم فصار موردهم النار، نعوذ بالله من ذلك.
قصيدة الليلة الأخيرة
قصيدة الليلة الأخيرة هي للشاعر بدر شاكر السياب ولد في محافظة البصرة في جنوب العراق، وهو شاعر عراقي يُعدّ واحداً من الشعراء المشهورين في الوطن العربي في القرن العشرين، كما يعتبر أحد مؤسسي الشعر الحر في الأدب العربي، وقصيدة الليلة الأخيرة كتبها الشاعر وهو في لندن قبل أن يذهب إلى درم لإكمال العلاج وذكر فيها الحسن البصري:
وفي الصباح يا مدينة الضباب
والشمس أمنيّة مصدور تدير رأسها الثقيل
من خلل السحاب
سيحمل المسافر العليل
ما ترك الداء له من جسمه المذاب
و يهجر الدخان و الحديد
و يهجر الأسفلت و الحجر
لعله يلمح في درام من نهر
يلمح وجه الله فيها وجهه الجديد
في عالم النقود و الخمور و السّهر
ربّ صباح بعد شهر بعد ما الطبيب
يراه من يعلم ماذا خبّأ القدر
سيحمل الحقيبة المليئه
بألف ألف رائع عجيب
بالحلي و الحجر
باللّعب الخبيئهْ
يفجأ غيلان بها يا طول ما انتظر
يا طول ما بكى و نام تملأ الدموع
برنّة الأجراس أو بصيحة الذئاب
عوالم الحلم له و تنشر القلوع
يجوب فيها سندباد عالم الخطر
هناك فارس النحاس يرقب العباب
و يشرع السهم ليرمي كل من عبر
إن يكتب الله لي العود إلى العراق
فسوف ألثم الثرى أعانق الشجر
أصيح بالبشر
يا أرج الجنّة يا إخوة يا رفاق
ألحسن البصري جاب أرض واق واق
ولندن الحديد و الصّخر
فما رأى أحسن عيشا منه في العراق
ما أطول الليل و أقسى مدية السّهر
صديئة تحزّ عينيّ إلى السّحر
و زوجتي لا تطفئ السراج قد يعود
في ظلمة الليل من السّفر
و تشعل النيران في موقدنا برود
هو المساء و هو يهوى الدفء و السّمر
و تنطفي مدفأتي فأضرم اللهيب
و أذكر العراق ليت القمر الحبيب
من أفق العراق يرتمي عليّ آه يا قمر
أما لثمت وجه غيلان ؟ أنا الغريب
يكفيه لو لثمت غيلان ؟ أن انتثر
منك ضياء عبر شبّاك الأب الكئيب
ومسّ منه الثّغر و الشّعر
أحسّ منه أنّ غيلان ( شذى و طيب
من كفّه الليّنة انتشر )
عابث شعري صاح آه جاء
أبي وعاد من مدينة الحجر
وشدّ بالرداء
ما أطول الليل وأقسى مدية السّهر
ومدية النوم بلا قمر.