بحث عن تدبر القرآن الكريم
مفهوم تدبُّر القرآن
يُشير مصطلح تدبُّر القرآن إلى التأمل في معاني آياته والتفكر بها، لتنفتح بصيرة القارئ ويزداد علمه وعمله ويقوى الإيمان في قلبه، وذلك بمعرفته كل ما يتعلق بالله -تعالى- والطرق الموصلة إلى رضاه، ليصل القارئ إلى درجة علم اليقين بأنّ القرآن الكريم هو كلام الله تعالى، بتوافق آياته وتصديقها لبعضها البعض، ويعلم الكافرين عاقبتهم وصفاتهم التي هم عليها فيكون نذيراً لهم.[1]
أهمية تدبر القرآن
لتدبر القرآن الكريم وفهمه أهمية كبيرة في حياة المسلم، تعود عليه بمعانٍ جديدة للآيات والسور القرآنية بربطها ببعضها، تبرز في نقاط عديدة، يُذكَر منها:[2]
- معرفة الله -تعالى- وأسماءه وأفعاله وصفاته وما يبغضه ويحبه.
- الامتثال لأمر الله سبحانه، والتحذير من عذابه، بدعوته إلى سبيل الرشاد.
- يدفع العبد نحو الخير و يزجره عن الشر.
- استخلاص العِبَر والمواعظ من الأمم السّابقة.
- يُحصّل المسلم السعادة والعلم النافع ويُثبّت قواعد الإيمان في قلبه.
- يعرف المسلم من خلاله طريق الجنة وصفات أهلها وأحوالهم وأعمالهم ومراتبهم، بالإضافة إلى طريق أهل النار.
قواعد تدبر كتاب الله
هناك قواعد عامة ينبغي على من يتدبر القرآن أن يراعيها؛ ليتمكن من تدبر القرآن بشكل صحيح، وهي كالآتي:[3]
- دراسة اللغة العربية بشكل جيّد أساس مهم لفهم القرآن.
- معرفة سيرة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وأخلاقه، فقد فسّر القرآن بأقواله، وأقام حدوده بأفعاله وأخلاقه؛ لأنها هي التي فسرت القرآن.
- الاهتمام ببيان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- للقرآن قولاً وفعلاً؛ فكيفية أداء بعض العبادات ومنها الحج والصلاة مثلاً، لم تُعرف إلا بعد بيان الرسول لذلك.
- التعرف على أسباب النزول؛ لأن دورها أساسي في فهم معاني الآيات على الوجه الصحيح.
- الإكثار من قراءة التفاسير والنظر فيها أمر مهم لفهم النص.
- عكوف القلب على آيات القرآن في الليل والنهار، وتدبر آياته، والتفكر في معانيه.
- الاهتمام بإثارة القرآن، ويكون ذلك بمدارسته وفهمه في كل حين.
تعليم الطلبة التدبر الصحيح
إرشادات لتعليم الطلبة
هناك إرشادات مهمة ينبغي لمعلم القرآن أن يتبعها لتنمية تدبره عند الطلبة، وليكون تدبره أكثر فاعلية عليه اتباع الآتي:[4]
- الاعتناء بأحكام الاستعاذة والبسملة ابتداءً، من أهم الأمور التي يبنغي أن يبدأ بها المدرس عند تعليم الطلبة عملية التدبر.
- تحليل الكلمات والجمل والآيات القرآنية، وذلك بزيادة الاهتمام بالرصيد اللغوي، وتعليم الطالب معاني المفردات القرآنية، وإرشاده إلى أهم المراجع في ذلك، مثل كتاب مفردات القرآن للراغب الأصفهاني، ويمكن الاستعانة بكتب التفسير المتنوعة مع مراعاة مستوى الطلبة المتعلمين.
- الاعتناء بربط عملية التدبر بأحكام التجويد؛ لأن التجويد من الأمور المهمة التي تعين على فهم النص القرآني، والتفاعل معه بشكل كبير، خاصة إذا خرجت الحروف من مخارجها، لذا ينبغي أن يهتم بتعليمه للناشئة، حتى يحترزوا من الوقوع في اللحن الجلي.
- الاهتمام بوعظ الطلبة وزجرهم عن الذنوب والمعاصي؛ لأن المعاصي من أهم الصوارف عن التفكر والتدبر في القرآن، وكذلك الانكباب على الدنيا وملذاتها، وأمراض القلوب من الحسد والغل والحقد سبب رئيسي في صرف الإنسان عنه.
- وجود حصة دراسية خاصة بالتدبر في الجدول الدراسي للطلبة، ويكون جانب من الحصة نظري وآخر تطبيقي.
- تعليم المعلم طلبته على شكر الله سبحانه على نعمة التدبر، وأن يعرفوا قدر هذه النعمة، وأن يسألوا الله الإعانة والتوفيق على العمل بالقرآن.
مراحل تعليم الطلبة
المراحل التي ينبغي للمعلم أن يتدرج فيها مع الطلبة أثناء تعليمهم علمية التدبر، هي:[4]
- مرحلة التهيئة القلبية: حيث يبدأ الطالب التعامل مع مفهوم تدبر القرآن ووعيه بالشكل الصحيح، ويُرغّب في ممارسة هذه العملية من خلال تكليفه مثلاً بإحصاء الآيات التي تحث المؤمن على تدبر القرآن، وبيان أثر التدبر على قلب المسلم وحياته، وترهيبه من ترك التدبر وسوء عاقبة ذلك، وسرد قصص قرآنية بشكل ميّسر وشيّق، وكذلك تكليفه القيام بتهذيب معاني بعض الآيات والقصص القرآني، ويُعوّده اتخاذ مصحف خاص عند القيام بعملية التدبر يُطلق عليه اسم مصحف التدبر.
- مرحلة الممارسة التطبيقية للتدبر: أهداف هذه المرحلة أن يربط الطالب بين سيرة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- والتدبر، واستحضار التطبيقات النبويّة التي وردت في السيرة على عملية التدبر، وممارسة عملية التدبر بشكل فعّال أثناء عملية القراءة، ومن أهم الوسائل التي تعين على تحقيق أهداف هذه المرحلة:
- مرحلة إتقان التدبر: أهداف هذه المرحلة هي فهم معاني القرآن، وتنمية القدرة على استنباط الأحكام الشرعية، والتعرف على علم الوقف والابتداء، وعند وصول الطالب إلى هذه المرحلة يكون قد قطع شوطاً مهماً في ممارسة عملية التدبر وتطبيقها أثناء المراحل السابقة، ويُستحسَن أن يختم المعلم مع الطالب بالمرور على تفسير كامل للقرآن الكريم.
- استخدام أسلوب ترديد الآيات، وقراءتها مرّةً بعد أخرى.
- الإكثار من ضرب الأمثال؛ لتوضيح أهمية التجويد في فهم القرآن وتدبره.
- تفسير الأسماء الحسنى الواردة في القرآن، وتوضيح دلالاتها وتطبيقاتها في حياة المسلم.
- تنزيل النصوص القرآنية على السيرة النبوية، والاطلاع على أسباب النزول.
- الحث على صلاة الليل ودورها في المحافظة على القرآن الكريم في قلب الطالب، ومساعدته على التدبر.
- ذكر قدوات عملية للطلبة من حياة السلف الصالح من الصحابة والتابعين في التدبر، والعيش مع النصوص القرآنية.
الفرق بين تدبر القرآن وتفسيره
فرّق أهل العلم بين مفهومَي تدبر القرآن وتفسيره؛ فتدبر القرآن والاتعاظ به والاعتبار بآياته مُطالب به كل مسلم حسب طاقته، وأمّا تفسير القرآن الكريم فلا يتأهل له إلا من استوفى شروطاً وعلوماً تؤهله للقيام به؛ من دراية في قواعد اللغة العربية، ومعرفة العام والخاص، والناسخ والمنسوخ، والمُحكَم والمُتشابه، والمطلق والمُقيّد، وقواعد تفسير النصوص القرآنية في الجملة، وغيرها من العلوم المرتبطة به.[5]
المراجع
- ↑ "فضل التفكّر والتدبّر وكيفية قيام العبد بذلك"، www.islamqa.info، 29-10-2016، اطّلع عليه بتاريخ 7-2-2019. بتصرّف.
- ↑ "تدبر القرآن.. لماذا وكيف؟"، www.alimam.ws، اطّلع عليه بتاريخ 7-2-2019. بتصرّف.
- ↑ محمود العشري (2013-12-23)، "قواعد في تدبر القرآن الكريم "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-1-19. بتصرّف.
- ^ أ ب أمير المدري ، "تلخيص كتاب تعليم تدبر القرآن "، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-1-21. بتصرّف.
- ↑ "الفرق بين تدبر القرآن وتفسيره "، www.fatwa.islamweb.net، 2001-7-26، اطّلع عليه بتاريخ 2019-1-21. بتصرّف.