بحث عن سورة الشورى
سورة الشورى
هي واحدة من السور المكية في القرآن الكريم، وترتيبها في كتاب الله تعالى هو الثاني والأربعين، وتضمّ عدداً من الآيات يبلغ عددها ثلاثاً وخمسين آية كريمة.
تناقش سورة الشورى العديد من المواضيع الهامة، وهي لا تخرج عن النمط المكيّ لسور القرآن الكريم، فكما هو معروف فإنّ السور في كتاب الله مقسّمة إلى سور مكية وأخرى مدنية، وكلّ قسم من هذه السور يتناول مواضيع معيّنة تختلف عن تلك المواضيع التي يتناولها القسم الآخر، وروح هذه السورة هو الوحي السماوي والرسالة الكريمة.
بدأت هذه السورة العظيمة بتقرير حقيقة مفادها أنّ الوحي سواءً لرسول الله الأعظم صلى الله عليه وسلم أم لباقي الأنبياء والمرسلين الذين سبقوه في رسالاتهم ونبواتهم مصدره الله تعالى وحده وليس أحد سواه، وقد سارت بداية السورة في طريق تمجيد الله تعالى والثناء عليه، وبيان صفاته الجليلة العظيمة التي ليس كمثلها صفات، وبيان الغاية من أن يكون الكتاب الكريم باللغة العربية.
بعد عدّة آيات تسلب الألباب وتقشعر لها الأبدان، تبدأ السورة بتبيان حقيقة الدين ووحدته ابتداءً من النبي الأول وانتهاءً بمحمد -صلى الله عليه وسلم-، وبيّنت أن اختلاف الشرائع لا يعني أن الدين مختلف، ثم بدأت بالحديث عن الساعة، وعن أن الساعة حق آتية لا محالة. بعد ذلك انتقلت هذه السورة العظيمة للحديث عن صفات المؤمنين بالله تعالى وحده لا شريك له، مع مقارنتهم بمن استكبروا وضلوا، كما وتعقد سورة الشورى مقارنةً بينهم وبين المؤمنين في الآخرة. وفي نهاية السورة كان الختام بالحديث عن الوحي والرسالة مرة أخرى، لتتفق بداية السورة مع نهايتها.
وقد سُمّيت هذه السورة بهذا الاسم لورود كلمة الشورى فيها في الآية الكريمة: (والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون)، وقد جاءت هذه الآية في معرض الثناء على المؤمنين وتبيان صفاتهم الحسنة التي جعلت لهم مكانة عالية عند الله تعالى. وقد ارتبطت هذه السورة بهذا الاسم العظيم لتبيّن انتهاء عصر الاستبداد بالرأي والتسلط، والتجبر؛ فالأحكام العامة والتي تتعلّق بسائر المؤمنين يتشاورون بها جميعها حتى يصلوا إلى القرار الأفضل، والرأي الأصوب، وقد ترك القرآن المجال مفتوحاً لنا لنُحدّد نحن الآلية التي نطبّق بها هذا المفهوم وفقاً للمحدّدين الزماني والمكاني، وهذا يدلّ على عظمة هذا الدين الحنيف.
أسباب النزول
هناك أقوال في السبب وراء نزول سورة الشورى، أو على الأقل نزول بعض آياتها؛ فذهب البعض إلى ترجيح عدم ثبوت صحة أسباب نزول بعض الآيات، أو السورة كاملة، فيما ذهب آخرون إلى القول بأن هناك أسباباً وراء نزول عدد من الآيات كالآية الثالثة والعشرين والتي قالوا أنها نزلت عندما قال بعض المشركين إنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- يطلب أجراً لقاء دعوته هذه، والآية السابعة والعشرين والتي نزلت في أصحاب الصفة الذين تمنوا أن لهم أمولاً طائلة، والآية الحادية والخمسين والتي جاءت رداً على اليهود الذين قالوا للرسول لماذا لا ترى الله كما رآه موسى، فنزلت الآية نافية رؤية أي إنسان لله تعالى.