-

أسرار وفضائل سورة الضحى

أسرار وفضائل سورة الضحى
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

سورة الضحى

سورة الضحى من السور المكّية المفصّلة، تتألّف من إحدى عشرة آية، تقع في المصحف بالترتيب الثالث والتسعين، في الجزء الثلاثين، وتحديداً في الحزب الستين، في الربع السادس من الجزء، كان نزولها على الرسول -عليه الصلاة والسلام- بعد نزول سورة الفجر، بدأها الله -سبحانه- بالقَسَم، إذ قال: (وَالضُّحَى* وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى)،[1] وتحدّثت السورة عن عدّة مواضيع، إلا إن الموضوع الرئيس فيها بيان شخصية النبي صلى الله عليه وسلم، وما أيّده الله به من الفضائل والنعم العديدة في حياته الدنيا والآخرة.[2]

فضائل سورة الضحى

لم يثبت أي حديثٍ صحيحٍ أو حسنٍ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- يبيّن فضل سورة الضحى،[3] وتخصيص قراءة سورة الضحى عند فقدان أو ضياع شيء من البِدع المحدثة في الدين، فمن الأمور المستحدثة في الشريعة تخصيص قراءة آية أو سورة من القرآن الكريم في مكانٍ أو زمانٍ ما دون أي دليل، وفي ذلك قال أحد العلماء: "ومن البدع: التخصيص بلا دليل بقراءة آية، أو سورة في زمانٍ أو مكانٍ أو لحاجةٍ من الحاجات، وهكذا قصد التخصيص بلا دليل"، وتجدر الإشارة إلى أن كل ما يتعلّق بالدين قد تمّ بيانه وبلّغه النبي -عليه الصلاة والسلام- لأمته، قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)،[4] وبناءً على ما سبق فمن استحدث أي أمر في الشريعة لا يخرج من كونه متّهماً الشريعة الإسلامية بعدم الكمال، أو مستدركاً لها بما يجب ويستحبّ، وكلا الأمرين يُخرج المبتدع من سلوك الصراط المستقيم،[5] ونصّ بعض العلماء على عدم الحرج أو البأس من قراءة القرآن الكريم لردّ الضالة من باب التوسّل إلى الله وطلب قضاء الحوائج منه، فذلك من التوسل المشروع الذي يكون بالأعمال الصالحة.[6]

سبب نزول سورة الضحى

نزلت سورة الضحى بعد أن تأخّر الوحي عن النبي عليه الصلاة والسلام، وحزن لذلك حزناً شديداً، مما استدعى الكفّار إلى التأوّل على الرسول عليه الصلاة والسلام، وقالوا بأن الله أبغضه، فنزلت سورة الضحى تبيّن أن الله -سبحانه- لم يبغض رسوله، وكان الوحي قد تأخّر عن النبي بسبب جرو كان تحت سرير النبي، فامتنعت الملائكة عن دخول حجرته، وحيث أُخرج الجرو نزل الوحي إلى النبي وقرّ به، وبدأت السورة بالقسم بالليل والنهار، دلالة على عظم آيات الله سبحانه،[7] وورد أيضاً في سبب نزول سورة الضحى أن المشركين قالوا بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قد وُدّع، فأنزل الله قوله: (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى).[8][9]

مقاصد سورة الضحى

تضمّنت سورة الضحى العديد من المقاصد والدلالات، وفيما يأتي بيان البعض منها:

  • الابتلاء من سنن الله لعباده وإن كانوا أصحاب درجةٍ رفيعةٍ عنده، فرغم أن محمداً نبي الله إلا إنه ابتلاه بفتور الوحي عنه فترةً من الزمن، قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (أشدُّ الناسِ بلاءً الأنبياءُ، ثم الأمثلُ فالأمثلُ، يُبتلى الناسُ على قدْرِ دينِهم، فمن ثَخُنَ دينُه اشْتدَّ بلاؤُه، و من ضعُف دينُه ضَعُف بلاؤه، و إنَّ الرجلَ لَيُصيبُه البلاءُ حتى يمشيَ في الناسِ ما عليه خطيئةٌ).[10][11]
  • بيّنت سورة الضحى أن الواجب على المسلم تعلّم أحكام دينه من القرآن الكريم والسنة النبوية، دون الاستقاء من غيرهما عند انقطاع الحكم منهما، والقدوة في ذلك النبي عليه الصلاة والسلام، إذ رغم انقطاع الوحي عنه إلا إنه لم يجتهد في تأليف سورة أو آية، رغم ما لاقاه من استهزاء واتّهام المشركين له، وفي سكوت النبي تعليماً وإخباراً أنه ما ينطق به وحياً من الله سبحانه، ولا ينطق بهواه.[11]
  • لفتت سورة الضحى النظر إلى أن الحياة الآخرة وما فيها من النعيم والخير الذي أعدّه الله -سبحانه- لعباده المؤمنين المتّقين خير من الدنيا وما فيها، كما بيّنت أن عطاء الله لا ينضب أو ينفد، سواءً في الدنيا أم الآخرة، والعطاء المذكور في سورة الضحى يُقصد به الوحي، أي إن الله لم يقطع الوحي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى أن أتمّ الدين وأكمله، وعلى المسلم أن يعلم أن أجلّ نعم الله عليه العلم الذي يصل بالعبد إلى أحسن وأبلغ الأخلاق والسلوكات.[11]
  • بيّنت السورة أن الحياة الآخرة أفضل للعبد من حياته الدنيا، وعواقب الأمور خيرٌ من بداياتها، وفي ذلك قال ابن السعدي رحمه الله: "كل حالةٍ مُتأخِّرة من أحوالك، فإن لها الفضل على الحالة السابقة"، كما قال ابن إسحاق رحمه الله: "الفرج في الدنيا، والثواب في الآخرة"، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "والاعتبار بكمال النهاية لا بما جرى في البداية، والأعمال بخواتيمها، والله تعالى خلَق الإنسان، وأخرجه من بطن أمّه لا يعلم شيئًا، ثم علَّمه فنقله من حال النقص إلى حال الكمال، فلا يجوز أن يُعتَبر قدْر الإنسان بما وقع منه قبل حال الكمال، بل الاعتبار بحال كماله"، ولذلك فقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- شديد الزهد في الحياة الدنيا وما فيها من الملذّات والشهوات، ومما يدلّ على ذلك أنه اختار الحياة الآخرة على الحياة الدنيا حين خُيّر بينهما.[12]
  • بيّنت السورة تمام منّة الله على نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم؛ إذ نشأ يتيماً فكفله ورعاه، وكان لدى جدّه عبد المطلب وعمه أبي طالب بمنزلة أبنائهم، ثم هداه الله إلى الخلوة في غار حراء إبعاداً له عن الضلالات المنتشرة في قومه، واستمرّ على تلك الحالة إلى أن أوحى الله -عز وجل- إليه، ثم بيّن الله -تعالى- لنبيّه تغيير حاله من الفقر إلى الغنى، وسدّ وحقّق حاجاته، وغاية النعيم في الدنيا يتمثّل في الهداية ثم في القناعة ثم في الزهد فيها.[12]

المراجع

  1. ↑ سورة الضحى، آية: 1-2.
  2. ↑ "التعريف بسورة الضحى"، www.e-quran.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2019. بتصرّف.
  3. ↑ "لا يثبت حديث في فضل سورة الضحى"، www.fatwa.islamweb.net، 2002-11-27، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2019. بتصرّف.
  4. ↑ سورة المائدة، آية: 3.
  5. ↑ محمد صالح المنجد (09-07-2009)، "حكم قراءة سورة الضحى عند فقدان الشيء"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2019. بتصرّف.
  6. ↑ "هل تقرأ سورة الضحى طلبا لرد الضالة؟"، www.islamweb.net، 2004-3-15، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2019. بتصرّف.
  7. ↑ صالح الفوزان، "سبب نزول سورة الضُّحَى"، www.alfawzan.af.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2019. بتصرّف.
  8. ↑ سورة الضحى، آية: 3.
  9. ↑ "سبب نزول سورة الضحى"، www.islamweb.net، 2004-11-25، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2019. بتصرّف.
  10. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 993، صحيح.
  11. ^ أ ب ت د. أحمد مصطفى نصير (6-5-2013)، "دلالات تربوية على سورة الضحى"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2019. بتصرّف.
  12. ^ أ ب سعيد بن محمد آل ثابت، "هدايات سورة الضحى"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-5-2019. بتصرّف.