حب النفس
تعريف حبّ النفس
كانت من عادة العرب إذا اشتدّ تعلّقهم بأمر، وكثر سؤالهم عنه، وحاجتهم لفهمه، وضعوا له أسماءً كثيرة، تعظيماً لأمره واهتماماً به، ومن ذلك حظي الحبّ عندهم بالقريب من ستّين اسماً،[1] وبالعودة لمعجم مقايسس اللغة لابن فارس، فإنّ الحبّ والمحبّة تأتي من الجذر الثلاثي (حبب) الذي يحمل معنى اللزوم والثبات.[2] ومن أحد الأقوال في تعريف المحبّة أنّها من الصفاء.[3]
إنّ محبةّ الإنسان لنفسه فطرة جُبل عليها، ليحميها من المخاطر، ويؤدّي ما عليه من وظائف تعمّر بها الأرض،[4] وفي حين أنّ قضايا الحبّ أكثر ما تطرح ضمن إطار العلاقات مع الآخرين، إلا أنّ حُسن علاقة الإنسان بنفسه وحبّه لها بصورة متوازنة سينعكس بالضرورة على القدرة على العطاء لنفسه وللآخرين بسعادة وهناء، بعيداً عن صور اضطرابات النرجسية المرضية، والتعلّق المرضي بالآخرين، وأمراض الاكتئاب.[5]
فهم طبيعة النفس
حتّى نستطيع أن نعطي أنفسنا الحبّ الذي تستحقّ، ينبغي أن يكون تصوّرنا عنها واضحاً؛ فالسلوك الذي نتبّعه مع الأحداث والأشخاص في حياتنا - ومن ضمنهم نفسنا الشخصية- إنّما ينبع من تصوّراتنا وأفكارنا عنهم، والوصول للتوازن في التعامل مع النفس يستلزم وضوح الرؤيا التي نملكها عن الإنسان بشكل عام، والهدف من وجوده، وماهيّة طاقاته، وحدودها.[6] فمعرفة هذه الأمور ستساعدنا بالتأكيد على فهم أنفسنا والتعامل معها بواقعية، وبالتالي محبّتها بصورة أفضل.
كيفية حبّ النفس بإيجابية
إنّ هذه المهمّة لن تكون سهلة لمن أهملوا أنفسهم فترةً طويلة، ولكنّ التعب والإرهاق الذي سيبذلونه في هذه العملية، ستوفّر عليهم أضعافاً مضاعفة من الألم إن استمرّوا في إهمال أنفسهم إلى أجلٍ غير مسمّى.[7] وهذه العملية تكون كالآتي:[8]
- يجب إعادة الأمور لنصابها، والتخلّص من كلّ العوامل الخارجية السيّئة التي سمحنا لها بالسيطرة على أنفسنا بدلاً منا، وأحيانا دون قصد منهم، سواءً أكانت أشخاص (الأهل، الأزواج، الأصدقاء) أو شهوة معينة أو هوى (مستوى مادّي معين، سيارة، هاتف، ماركة معينة).
- قراءة أنفسنا والتعرف إليها، معرفة ماذا تريده بصدق، وما هو أكثر ما يقلقها.
- تقبّل النفس مهما كان فيها من سوء، وعدم كرهها بل محاولة فهمها واستيعابها بدون جلد للذات.
- تفريغ أي مشاعر سلبية من خبرات تعرضت لها النفس سابقاً، في الطفولة، أو من الزوج أو الزوجة، أو في الوظيفة، أو من الأصدقاء.
- تحلية النفس بما تحتاج حقاً، وبناؤها من جديد، لتكون قويّة وقادرة على تحقيق أهدافها بسعادة وتوازن.
المراجع
- ↑ ابن قيّم الجوزية (2003)، روضة المحبّين ونزهة المشتاقين (الطبعة الثالثة)، بيروت - لبنان: دار الكتب العلمية، صفحة 13. بتصرّف.
- ↑ أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي (1979)، معجم مقاييس اللغة، سوريا: دار الفكر، صفحة 26، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ ابن قيم الجوزية (2003)، روضة المحبين ونزهة المشتاقين (الطبعة الثالثة)، بيروت - لبنان: دار الكتب العلميّة، صفحة 15. بتصرّف.
- ↑ "حب النفس وأين يجب أن يكون موقعه من محبة الله ورسوله"، إسلام ويب، 2009-2-25، اطّلع عليه بتاريخ 2019-1-30. بتصرّف.
- ↑ "اضطراب الشخصية النرجسية"، mayoclinic، اطّلع عليه بتاريخ 2019-1-18. بتصرّف.
- ↑ محمد قطب (1993)، دراسات في النفس الإنسانية (الطبعة العاشرة)، القاهرة - مصر: دار الشروق، صفحة 13. بتصرّف.
- ↑ د.عبد الرحمن ذاكر الهاشميّ، كراسة فقه النفس، صفحة 4. بتصرّف.
- ↑ د.عبد الرحمن ذاكر الهاشميّ، كراسة فقه النفس، صفحة 3. بتصرّف.