علامات حب الله
حب الله
لا يتصوّر الإنسان هذه الحياة الدّنيا دون وجود الحبّ فيها، فالحبّ هو أسمى المشاعر، وهو الحالة التي تسمو بالنّفس وتحثّها على المزيد من الإرادة والعطاء، وتجعلها تحبّ الحياة وتُقبل عليها، وللحبّ أنواعٌ أعظمها وأسماها حبّ العبد لربّه تبارك وتعالى، فهذا الحبّ هو مشاعر وأحاسيس يحملها العبد المسلم تِجاه خالقه سبحانه، وتنبع من هذه المشاعر إرادةً قويةً تجعل المسلم يترك فراشه ويتحمّل الماء البارد للقاء الله -تعالى- في صلاة الفجر، والعالم الإسلامي اليوم في حاجةٍ ماسّةٍ لإبراز معالم الحب السامية التي أرساها النبي -صلى الله عليه وسلم- في نفوس الصحابة الكرام، وهو النبي الذي بعثه الله -تعالى- رحمةً للعالمين، فجاء بالبديل الحضاريّ الملائم لحياة جميع البشر، وقاد العالم بمنهج الحب.[1]
علامات حبّ الله تعالى
يُعد الحب من صفات الله -تعالى- الفعلية، والصفات الفعلية هي التي تتعلّق بأفعال الله -تعالى- وتدخل في مشيئته، بمعنى أنَّه إن شاء فعلها وإن شاء لم يفعلها، وحب الله لا يشبه حب المخلوق، وإنَّما هو حب يليق بجلال الله تعالى، فالله ليس كمثله شيء في ذاته وصفاته، وقد ثبت حب الله -تعالى- في القرآن الكريم والسنة النبوية، ومن العلامات الدالة على حب الله -تعالى- لعباده:[2]
- أن يضع الله -تعالى- لعبده القَبول في الأرض، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِذَا أحَبَّ اللَّهُ العَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فأحْبِبْهُ، فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فيُنَادِي جِبْرِيلُ في أهْلِ السَّمَاءِ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرْضِ).[3]
- أن يُقرّبه الله -تعالى- منه ويُحبّب إليه فعل الخير، ويبعده عن ارتكاب المعاصي والذنوب، فالله -تعالى- يُعطي الدنيا إلى من يحب ومن لا يحب، أمَّا الدين فلا يُعطيه إلا لمن يحب، فعلى من وجد في قلبه القرب من الله -تعالى- أن يشغل لسانه بذكره، وقلبه بمناجاته، وجوارحه بطاعته، فيغدو قلبه موصولاً بالله، ولا يشغله إلا الفوز برضا الله والنجاة من عذابه.
- أن يبتليه الله -تعالى- تنقيةً له من السيئات، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ عِظَمَ الجزاءِ مع عِظَمِ البلاءِ، وإنَّ اللهَ تعالى إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم، فمن رضيَ فله الرِّضَى، ومن سخِط فله السُّخطُ).[4]
- أن يحرص على النوافل، فمن قام بالفرائض من صلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ وحجٍ وأتبعها بالحرص على النوافل أيّده الله -تعالى- بتسديد الخطى وإجابة الدعاء.
- أن يستعمله الله -تعالى- بطاعته، فإذا أراد الله بعبده خيراً هداه إلى عمل الخيرات في الحياة الدنيا، ثمَّ قبضه عليها.
ومن علامات حب الله للمؤمنين أن يوفّقهم إلى الرفق واللين، فمن الناس من تراه رفيقاً في تعامله مع الناس، ولا شكّ أنَّ هذا من حب الله -تعالى- له، وبالتالي فإنَّ من يتعمّد إهانة زوجته وإذلالها قد خالف خلق الرجال مثلاً، وقد تكون من علامات عدم حب الله تعالى، ومن محبة الله للعبد حمايته من الفتن، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللَّهَ تعالَى ليَحمي عبدَه المؤمنَ منَ الدُّنيا، وهوَ يحبُّهُ، كما تَحمونَ مريضَكمُ الطَّعامَ والشَّرابَ تخافونَ عليهِ)،[5] ولا يعني هذا أنَّ من أحبَّه الله أفقره، وإنَّما يعصمه من التعلّق بالدنيا ويصرفه عن الركون إليها والانشغال بها.[6]
الأسباب الجالبة لمحبة الله
إنَّ قراءة القرآن الكريم بتدبّرٍ مع محاولة فهم معانيه من الأسباب الموجبة لمحبة الله، فعلى من يقرأ كلام الله -تعالى- أن يستشعر خلال قراءته أنَّ الله بجلاله يحدّثه، وإذا أراد أن يُحدِّث الله -تعالى- يلجأ إلى الدعاء، وينال المؤمن نصيبه من محبة الله -تعالى- على قدر ما يذكره، فإذا أحبَّ الإنسان شيئاً أكثر من ذكره وآثر محابّه على محابّ نفسه، وتظهر هذه التضحية إذا تعارض ما تحبّه مع ما يحبّه الله تعالى، ولا شك أنَّ في هذه التضحية مجاهدة للنفس ولرغباتها أمام طاعة الله تعالى، وقد حثَّ الإسلام على التأمّل في أسماء الله -تعالى- وصفاته للوصول إلى مقام حب الله والقرب منه؛ لأنَّ العلم بالأسماء والصفات يؤدّي إلى إدراك كمال الله وإحسانه إلى خلقه، فإحسان الله لا ينقطع والنفوس مجبولةٌ على حب من أحسن إليها، وعلى العبد أن يُقبل على الله -تعالى- من باب التذلّل والانكسار، فعندما تَذلّل أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- لله -تعالى- في يوم بدرٍ انتصروا، وإذا أحبَّ الإنسان خالقه اطمأنّت نفسه وأنزل الله على قلبه السكينة، ولا شكّ أن مطلب السكينة والسعادة يطلبه كلّ مخلوقٍ على وجه الأرض.[7]
شروط الحب في الله
إنَّ الحب في الله عاطفةٌ قلبيةٌ تتواجد عند من توافرت فيه الأسباب، ويستحب لمن أحبَّ شخصاً في الله أن يُعلمه بحبه،[8] ولهذا الحب شروطٌ تصفو بها الأُخوّة عن نزعات الشيطان، وبمراعاتها تكون القربة منه تعالى، وبالمداومة عليها ينال المتحابّون الدرجات العلا، ومنها:[9]
- التأييد والمناصرة ومحبة الخير لبعضهم البعض.
- أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر مع أداء النصيحة لهم، وإعانتهم في الثبات على الحق.
- القيام بكل ما يدعوا إلى زيادة المودّة والأُلفة بينهم.
- التبسّط في الحديث والتبسّم في وجههم مع لين الجانب، والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يؤدّي إلى الفرقة، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "ولو كان كل ما اختلف مسلمان في شيء تهاجرا، لم يبق بين المسلمين عصمةٌ ولا أخوة".
- تحذيرهم من الظلم والعدوان.
- دعاء كلّ منهما للآخر في ظهر الغيب في الحياة وبعد الممات، فالدعاء في الغيب يوثّق المحبة، وقد بشَّر النبي -صلى الله عليه وسلم- بإجابته.
- حفظ السر، وتلمّس الأعذار، وعدم الإيذاء بأي نوع من أنواع الأذى كالغيبة أو الاستهزاء.
- تقديم الهدايا النافعة، كتبادل الكتب، فقد قَبِل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الهدية وكان يُثيب عليها.
المراجع
- ↑ سمير يونس (8-4-2013)، "الرسول يربي أصحابه على الحب"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 24-4-2019. بتصرّف.
- ↑ نجلاء جبروني (8-1-2017)، "علامات حب الله للعبد"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-4-20199. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3209، صحيح.
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2292، حسن.
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن محمود بن لبيد، الصفحة أو الرقم: 1787، صحيح.
- ↑ د. محمد النعيم، "علامات محبة الله للعبد"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-4-2019. بتصرّف.
- ↑ محمد النابلسي، "الخطبة : 0649 - محبة الله - الشدة النفسية"، www.nabulsi.com، اطّلع عليه بتاريخ 24-4-2019. بتصرّف.
- ↑ "الحب في الله..فضله.. ضوابطه..وثمرته"، www.islamweb.net، 23-8-2004، اطّلع عليه بتاريخ 28-4-2019. بتصرّف.
- ↑ يوسف البدري (21-2-2015)، "الحب في الله علاماته وفضله وشروطه"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-4-2019. بتصرّف.