علامات المنافقين
النفاق
يرجع السبب في تسمية المنافق بهذا الاسم، إلى أنّه يدخل في الإسلام، ثمّ يخرج منه من غير الوجه الذي دخل فيه، فهو يشبه حال اليربوع عندما ينافق؛ أيّ حين يدخل في نافقائه، أو أن يخرج من القصعاء، وهو جحرٌ آخرٌ، وقيل: إنّ السبب في تسمية المنافق بهذا الاسم، يرجع إلى أنّه يستر كفره، ويغيّبه، فهو كالذي يستتر بالنفق ليختبئ فيه، وقيل: لأنّ المنافق كاليربوع يُظهر غير الذي يُبطن، فهو يُظهر الإيمان، ويُبطن الكفر، وقال الفيروز آبادي: (ونافق في الدين: ستر كفره، وأظهر إيمانه، واليربوع: أخذ في نافقائه، كانتفق)، ومن الجدير بالذكر أنّ كلمة النفاق اسمٌ إسلاميٌ لم تعرفه العرب قبل الإسلام، ويُعرّف النفاق شرعاً بأنّه: إظهار الإسلام، وإبطان الكفر والشرك، والنفاق يُقسم إلى قسمين: النفاق الاعتقادي، والنفاق العملي، حيث يطلق على صنفٍ من المسلمين، ولكنّهم اتصفوا ببعض صفات المنافقين.[1]
علامات المنافقين
النفاق كالكفر، والشرك، والفسق، له درجاتٌ ومراتبٌ؛ منها ما هو مُخرجٌ من الإسلام، ومنها غير مُخرجٍ منه، وفيما يأتي توضيح ذلك بشكلٍ مفصّلٍ:
علامات النفاق الأكبر
يُعرّف النفاق الأكبر بأنّه إظهار الإيمان على الجوارح واللسان، وإبطان الكفر في القلب، ومن الجدير بالذكر أنّ النفاق الأكبر مخرجٌ من الملّة، موجبٌ للخلود في النار، بل يترتّب عليه من العذاب أشدّ ممّا يترتب على الكفر؛ إذ إنّ الكفر يُوجب الخلود في النار، بينما يوجب النفاق الأكبر الخلود في الدرك الأسفل من النار، وعلى الرغم من الوعيد المترتب على المنافق في الآخرة، إلّا أنّ أحكام المسلمين تُطبّق عليه في الدنيا، ويُعامل معاملة المسلمين طالما أظهر الإسلام، إذ إنّ الله تعالى لم يكلّف عباده بالكشف عمّا في القلوب، ولأنّ الأحكام في الدنيا تجري على الإيمان الظاهر، ولا يشترط التحقيق في الإيمان الباطن لتنفيذها، وقد ذكر الله تعالى المنافقين في الكثير من آيات القرآن الكريم، وحذّر المؤمنين منهم، وبيّن صفاتهم، ومنها:[2]
- تكذيب الرسول صلّى الله عليه وسلّم، أو تكذيب بعض ما جاء به.
- الفرح بانخفاض الإسلام، وهزيمة المسلمين، وكراهية انتصار دين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
- كُره النبي عليه الصلاة والسلام، أو كره بعض ما جاء به.
- عدم اعتقاد وجوب طاعة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فيما أمر.
- محبّة الكفار، ومظاهرتهم، ومناصرتهم على المؤمنين.
- السخرية من المؤمنين، والاستهزاء بهم؛ بسبب إيمانهم، وطاعتهم للرسول عليه السلام.
- إيذاء النبي عليه الصلاة والسلام، أو همزه، أو لمزه.
- عدم اعتقاد وجوب طاعة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فيما أمر.
- الإعراض عن التحاكم لشريعة الله تعالى، والتولّي عن حكم رسول الله.
- الكفر بالله تعالى، وعدم الإيمان به.
علامات النفاق الأصغر
النفاق الأصغر؛ هو النفاق العملي، ويُعرّف بأنّه: اختلاف السرّ، والعلانية في الأعمال دون الاعتقادات، ويكون بعمل شيءٍ من أعمال المنافقين، وثمّة الكثير من الصفات التي تدلّ على النفاق العملي، وقد ذكر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بعض صفات المنافقين في قوله: (آيةُ المنافقِ ثلاثٌ: إذا حدَّثَ كذبَ، وإذا وعدَ أخلفَ، وإذا ائتُمن خان)،[3] وقوله أيضاً: (أربعٌ من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خَصْلةٌ منهن كانت فيه خَصْلَةٌ من النفاقِ حتى يدعَها: إذا اؤتُمِنَ خانَ، وإذا حدَّثَ كذبَ، وإذا عاهدَ غَدرَ، وإذا خاصمَ فجرَ)،[4] وفيما يأتي بيان كلّ صفةٍ من صفات المنافقين:[5]
- الكذب: يُعتبر الكذب من الصفات المتأصلة في المنافقين، فهم لا يعرفون للصدق طريق، وقد شهد الله تعالى بذلك، حيث قال: (وَاللَّـهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ)،[6] ولذلك ينبغي للمسلم أن يجتنب الكذب، ويتحرّى الصدق حتى لا يتّصف بصفات المنافقين.
- التهاون في أداء الصلاة: حيث إنّ المنافقين لا يخافون من تضييع الصلاة، ويستثقلون أداءها، وفي حال قاموا لأدائها يقومون وهم كسالى، مصداقاً لقول الله تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّـهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّـهَ إِلَّا قَلِيلًا).[7]
- إخلاف العهد: إنّ الوفاء من صفات المؤمنين التي لا يستطيع المنافق الالتزام بها، فلا يحفظ الوعد، ولا يعرف الوفاء، حيث قال الله تعالى فيهم: (وَمِنهُم مَن عاهَدَ اللَّـهَ لَئِن آتانا مِن فَضلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكونَنَّ مِنَ الصّالِحينَ*فَلَمّا آتاهُم مِن فَضلِهِ بَخِلوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُم مُعرِضونَ*فَأَعقَبَهُم نِفاقًا في قُلوبِهِم إِلى يَومِ يَلقَونَهُ بِما أَخلَفُوا اللَّـهَ ما وَعَدوهُ وَبِما كانوا يَكذِبونَ).[8]
- خيانة الأمانة: فمن صفات المؤمنين أداء الأمانة امتثالاً لأمر الله تعالى، حيث قال في كتابه الكريم: (إِنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا)،[9] وأمّا المنافقين، فلا يحفظون الأمانة، بل يخونون من ائتمنهم.
- الفجور عند الخصومة: فمن صفات المنافقين الميل عن الحقّ، واتباع الباطل في حال الخصومة، فعندما يختلفون مع أحدٍ ما يتهمونه بالباطل، ويكذبون عليه، ويتّهمونه بما ليس فيه، بل قد يشتمونه، ويجحدون فضله، كما في قول الله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّـهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ)،[10] وكما رُوي في الصحيحين عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أنه قال: (أبغَضُ الرِّجالِ إلى اللهِ الألَدُّ الخَصِمُ)،[11] والألد الخصم؛ هو المُولع بالخصومة، والمعوّج عن الحقّ.
- الغدر: إنّ الغدر صفةٌ متجذرةٌ في المنافقين، فكثيراً ما ينقضون العهود، ويغدرون بمن عاهدهم، وتجدر الإشارة إلى أنّ الوفاء بالعهد من صفات المؤمنين، فالغدر محرمٌ سواءً كان المعاهد مسلماً، أم كافراً، مصداقاً لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (من قتل نفساً معاهداً لم يَرَحْ رائحةَ الجنةِ، وإنَّ رِيحَها ليُوجدُ من مسيرةِ أربعين عاماً).[12]
المراجع
- ↑ "أنواع النفاق"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-10-2018. بتصرّف.
- ↑ "أنواع النفاق"، dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-10-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 59، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:34 ، صحيح.
- ↑ "تحذير المؤمنين من صفات المنافقين "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-10-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة المنافقون، آية: 1.
- ↑ سورة النساء، آية: 142.
- ↑ سورة التوبة، آية: 75-77.
- ↑ سورة النساء، آية: 58.
- ↑ سورة البقرة، آية: 204.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:4523، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 6914، صحيح.