-

إفشاء السلام في الإسلام

إفشاء السلام في الإسلام
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

تحية الإسلام

لقد اختير لفظ السلام من بين الألفاظ ليكون تحية الإسلام، وذلك لأن فيه الدعاء بالسلامة من الآفات في كل ما يتعلق بالدين والنفس، وفيه عهداً من المسلمين فيما بينهم على حفظ أعراضهم وأموالهم ودمائهم، وقد أمر الله عزّ وجل المسلمين بإفشاء السلام فيما بينهم، فقال: (فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّـهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)،[1]ففي الآية حثّ على رد السلام من المؤمن إذا دخل على أخيه المسلم، وإذا دخل على أهل بيته، وإذا دخل على بيت خالياً فيرد السلام على عباد الله الصالحين، وجاء الترغيب في التحية في العديد من النصوص؛ فإن الله -سبحانه وتعالى- اصطفى بها المسلمون وميزهم عن غيرهم في الدنيا والآخرة، فالسلام هو التحية التي يلقيها الملائكة على المؤمنين يوم القيامة، ومن ثمرات الحرص على إلقاء السلام، أنه سبب لسلامة الصدر من الحقد، وبه يحصل المسلم على الأجر الكبير من الله، وإغاظة لليهود، كما في قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (ما حَسَدتكمُ اليَهودُ علَى شيءٍ ، ما حَسَدتْكُم على السَّلامِ والتَّأمينِ)،[2]وهو من خير الأعمال التي بها يعلو شأن الأمة، وسبب لحصول البركة والرحمة ومغفرة الذنوب والخطايا، ودخول الجنة، وحذر رسول الله من عدم إفشاء السلام ووصف عدم القيام به بالبخل، فقال: (أعجَزُ النَّاسِ مَن عجَز في الدُّعاءِ ، وأبخلُ النَّاسِ من بخِلَ بالسَّلامِ).[3][4]

حكم ردّ السلام وصفته وآدابه وبعض أحكامه

شرع الله -عزّ وجّل- ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، ورتّب على فعلها الأجر والثواب، وجعلها من الحقوق بين المسلمين بعضهم على بعض، فلّما كان الناس يؤدّونها من باب أنّها عادةٌ من العادات التي اعتادوا عليها أصبحوا يؤدّونها من باب نيل الأجر والثواب من الله عليها، كما يجب الحرص على أدائها كما جاء الأمر بها من غير تبديلٍ ببعض الألفاظ الأخرى، سواءً كان هذا التبديل من باب الإعراض عنها، أو من باب الجهل بها، وأكمل هذه التحية قول: (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)، وأقلّها قول: (السلام عليكم)، وفيما يأتي بيان لفضل السلام وخصائصه:[5]

  • السلام من خير الأمور في الإسلام، فقد روى عبد الله بن عمر: (أن رجلاً سأل رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أيُّ الإسلامِ خيرٌ؟ قال: تُطعِمُ الطعامَ، وتقرأُ السلامَ، على من عرفتَ ومن لم تعرِفْ).[6]
  • زيادة المحبة والمودة بين المسلمين، ممّا يؤدي إلى السير على الطريق المُوصل إلى الجنة.
  • يحصل المسلم على عشر حسناتٍ على كلّ جملةٍ من السلام، وفي السلام ثلاث جملٍ، فيحصل المسلم على ثلاثون حسنةً.

والسلام سنّةٌ مؤكّدةٌ، والردّ عليه فرض عينٍ إن قصد به شخصاً معيناً، وفرض كفايةٍ إن قصد به جماعةً من الناس، وإن كان الردّ منهم جميعهم كان ذلك أفضل، والواجب في الردّ أن يكون مثل السلام أو زيادةً عليه، ولا يجوز أن ينقص، لأنّ الله قال في كتابه: (وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا)،[7] والسنة في الجواب الجهر به حتى يُسمع من بدأ به؛ لأنّه إن لم يسمعه فكأنّما لم يردّ عليه، إلّا بوجود عذرٍ لعدم إسماعه إيّاه، ومن أحكام السلام وآدابه:[5]

  • إظهاره وإفشاؤه بين الناس، حتى يكون شعاراً بين المسلمين كافّةً، لا يخصّ فئةً معينةً دون أخرى.
  • من المشروع حمل السلام وتبليغه، فقد حمل رسول الله لعائشة السلام من جبريل عليه السلام.
  • الأفضل أن يبدأ بالسلام الصغير على الكبير، والماشي على الجالس، والراكب على الماشي، والقليل على الكثير.
  • إذا افترق الشخصان ثمّ التقيا، فمن السنة أن يعيدا السلام بينهما.
  • السلام تحيةٌ خاصةٌ للمسلمين دون غيرهم؛ فلا يرده على النصارى واليهود، لقول الرسول عليه السلام: (لا تبدَؤوا اليهودَ ولا النصارى بالسلامِ، فإذا لقِيتُم أحدَهم في طريقٍ فاضطَرُّوه إلى أضيَقِهِ)،[8] فإن دخل مجلساً يحضر فيه المسلمون وغيرهم فإنّه يردّ السلام يقصد به المسلمون فقط، وإن بدأ اليهود أو النصارى بالسلام، فيُردّ عليهم بقوله: وعليكم.
  • من الجائز السلام على النساء المحارم، أمّا غير المحارم منهنّ فيجوز إذا ائتمن عليهن وبهن من الفتنة، ويختلف ذلك باختلاف الموضع والحال والنساء، فالعجوز تختلف عن الشابة، وكذلك الموقف يختلف عن الآخر.

سنن ردّ السلام في الإسلام

من سنن السلام في الإسلام أن يستحبّ تكراره ثلاث مراتٍ، وذلك إن كان فيه حاجةً لذلك، كأن يشكّ في سماع المسلّم عليه فيكرّره، ثمّ إن لم يسمعه يعيده مرةً ثالثةً، وكأن يدخل إلى مجلسٍ فيه جمعٌ كثيرٌ فيردّه الأولى حتى يسمعه القريب منه، ثمّ يكرّر الثانية والثالثة حتى يستوعب في سلامه جميع من في المجلس، ومن السنة في السلام أن يُردّ على الصبيان؛ فقد مرّ رسول الله بصبيان فردّ عليهم السلام، وفي ذلك تعويدٌ لهم عليه وجعل السلام شعاراً بينهم، وفيه تنميةٌ لقيمة التواضع في نفوسهم، ويخفض المسلم صوته بالسلام إذا دخل على جماعةٍ وفيهم نائمين، فقد رُوي ذلك عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، في حديث المقداد بن عمرو رضي الله عنه، أنّه قال: (فكنا نحتلبُ فيشرب كلُّ إنسانٍ منا نصيبَه، ونرفع للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نصيبَه، قال: فيجيءُ من الليلِ فيُسلِّمُ تسليماً لا يوقِظُ نائماً، ويُسمِعُ اليَقِظانَ).[9][10]

المراجع

  1. ↑ سورة النور، آية: 61.
  2. ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 238، إسناده صحيح.
  3. ↑ رواه الألباني ، في صحيح الترغيب ، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2714، حسن صحيح.
  4. ↑ مهران عثمان، "إفشاء السلام"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 5-12-2018. بتصرّف.
  5. ^ أ ب علي الراجحي، "التحية وآدابها"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-12-2018. بتصرّف.
  6. ↑ رواه الألباني ، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 5194، صحيح.
  7. ↑ سورة آل عمران، آية: 86.
  8. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2167، صحيح.
  9. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن المقداد بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 2055، صحيح.
  10. ↑ عبدالله الفريح (19-12-2015)، "من سنن السلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-12-2018. بتصرّف.