مراحل تشكل العالم الإسلامي
العالم الإسلامي
عند حديثنا عن العالم الإسلامي فإننا نتحدّث عن أمّةٍ لا تنحصر في مكانٍ جغرافيٍّ واحد، كما أنّها ليست لجنس دون غيره، وتقاليد هذه الأمّة وأخلاقها وعاداتها لا بدّ من أن يكون الإسلام أساسها، الأمر الذي جعلها متميّزةً عن الأمم الأخرى. ويتوزّع المسلمون على خمس وخمسين دولة حول العالم. ففي قارّة أوروبا نجد البوسنة والهرسك، وتتوزّع باقي الدّول الإسلاميّة في إفريقيا وآسيا، إلّا أنّ أهمّ تجمع للمسلمين يوجد في العالم العربي فالإسلام هو الدّين الرّسمي للدّول العربيّة.[1]
مراحل تشكّل العالم الإسلامي
العهد النبوي
- ولاية اليمن: كانت اليمن أول منطقة عربيّة تدخل تحت راية الدّولة الإسلاميّة، وكان من ولاة اليمن: معاذ بن جبل، وعلي بن أبي طالب، وأبو موسى الأشعري رضي الله عنهم جميعاً.
- ولاية مكّة: بعد أن فتح الرسول صلّى الله عليه وسلم مكّة في العام الثامن للهجرة، أصبحت مكّة ولاية إسلاميّة، وقد بقي أبو بكر الصّديق فيها حتّى ينظّم أمور النّاس، ويعلمهم دينهم، ثمّ أصبح عتاب بن أسيد والياً عليها حتى وفاة النّبي صلّى الله عليه وسلم.
- ولاية الطّائف: في السّنة التّاسعة للهجرة جاءت ثقيف إلى النّبي عليه السّلام، وأعلنوا إسلامهم، فبعث إليهم النّبي عليه السّلام عثمان بن أبي العاص حتّى يكون والياً عليهم ويعلمهم أمور دينهم.
- ولاية البحرين: دخلت البحرين تحت راية الدّولة الإسلاميّة بعد فتح مكّة، حيث بعث النّبي رسالة لدعوة المنذر بن ساوى أمير البحرين إلى الإسلام، فأسلم أمير البحرين، وأصبحت بذلك البحرين تحت راية الإسلام، وبقي المنذر بن ساوى والياً على البحرين.
- ولاية عُمان: قبل دخول عُمان إلى الإسلام كان جيفر وعبد ابنيّ الجلندي يحكمانها، فأرسل النّبي لهما رسالة مع عمرو بن العاص لدعوتهما إلى الإسلام، فأسلم كلّ منهما، وتبعهما قومهما بالإسلام.
وقد انتشرت الدّعوة الإسلاميّة في باقي الدّول العربيّة حتّى شملت كامل الجزيرة العربية، فأصبحت ولأول مرّة الجزيرة العربيّة متّحدة دينيّاً تحت قيادة النّبي صلّى الله عليه وسلّم، وبذلك فإنّ عهد النّبوة قد امتدّ من السنة الهجريّة الأولى وحتّى السّنة الحادية عشر للهجرة.
عهد الخلفاء الراشدون
بدأ عهد الخلفاء الرّاشدون منذ أنّ أصبح أبو بكر الصّديق خليفةً للمسلمين بعد وفاة النّبي صّلى الله عليه وسلم، واستمرّ هذا العهد منذ عام 11 للهجرة وحتّى 40 للهجرة. أما ترتيب الخلفاء الراشدون فهو كالآتي:[2][4]
- أبو بكر الصّديق: تولّى الخلافة بعد وفاة النّبي عليه السّلام، وكان على أبو بكر الصّديق أن يواجه مجموعةً من التّحديات والّتي كان من أهمها حروب الردّة. وقبل وفاة أبو بكر الصّديق مرض مرضاً شديداً، وحتّى لا يختلف المسلمون من بعده اختار - رحمه الله - عمر بن الخطاب خليفةً للمسلمين من بعده.
- عمر بن الخطّاب: تولّى عمر بن الخطّاب خلافة المسلمين بعد وفاة أبو بكر الصّديق، وقد كان عهد عمر عهد ازدهار وتألّق، حيث واصل عمر بن الخطّاب الفتوحات الإسلاميّة الّتي كان قد بدأها أبو بكر، فقاتل الفرس، وفتح المدائن، والشّام، ومصر. وكان من أهمّ ما حدث في عهد أبي بكر تسلّمه لمفاتيح بيت المقدس في بداية السّنة السّادسة عشرة للهجرة. قُتل عمر بن الخطاب على يد رجلٍ يدعى أبو لؤلؤة من غلمان المغيرة بن شعبة، إذ طعنه بخنجرٍ مسموم طعنةً أدّت إلى وفاته رحمه الله، وقد دُفن إلى جانب النّبي عليه السّلام وأبو بكر الصّدّيق.
- عثمان بن عفّان: في عام 23 هجريّة بويع عثمان بن عفّان خليفةً للمسلمين وكانت بداية خلافته مليئةً بالفتوحات الإسلاميّة، ففي عهده فتحت إفريقيّة، وأُنشئ أسطولٌ بحري قوي لصد الخطر الرّومي، واتّسعت الدّولة الإسلاميّة في عهده اتساعاً كبيراً. ويشهد لعثمان بن عفان قيامه بجمع القرآن، إلّا أنّ عهده لم يخلو من الفتن والتي كانت نتيجتها أن قتل عثمان بن عفان في بيته على يد كنانة بن بشر عام 35 للهجرة.
- علي بن أبي طالب: بعد وفاة عثمان بن عفّان وافق علي بن أبي طالب رضي الله عنه على خلافة المسلمين، وذلك بعد أن أصرّ الصحابة عليه، إلّا أنّ الفتنة الّتي كانت في عهد عثمان لم تهدأ بل زادت في عهد علي بن أبي طالب، فدارت معارك كثيرة بين المسلمين بسببها، ومن هذه المعارك معركة الجمل، ومعركة صفّين. ولم يكن الخوارج ليهدؤوا حتّى يقتلوا علي بن أبي طالب فقاموا بالتّخطيط لقتله، وفي عام 40 للهجرة خرج علي بن أبي طالب لصلاة الفجر، فقام شبيب بن نجدة بضربه، إلّا أنّه لم يمت فقام ابن ملجم بضربه على رأسه بسيف مسموم حتّى توفي رضي الله عنه.
عهد الخلافة الأمويّة
بدأ عهد الخلافة الأمويّة منذ استلام معاوية بن أبي سفيان خلافة المسلمين (41 هجريّة - 132هجريّة)، وقد زاد توسع العالم الإسلامي في عهد الأمويين، فشمل الهند وإيران والصّين، وكذلك آسيا الوسطى من جهة الشّرق، أمّا من جهة الغرب فامتدت الدولة الإسلاميّة حتّى جنوب فرنسا، وإسبانيا، والبرتغال، وشمال إفريقيا، وقد كانت دمشق مركزاً للدّولة الأمويّة.
يقسم العهد الأموي إلى أربعة عصورٍ، وهي:
- العصر الأول: امتدّ هذا العصر من عام 41 هجريّة وحتى 64 هجرية، ويضم فترة خلافة معاوية بن أبي سفيان وابنه يزيد.
- العصر الثّاني: امتدّ هذا العصر من عام 64 هجريّة وحتّى 86 هجريّة، ويعتبر هذا العصرعصر نزاعات وفتن، ويضم فترة خلافة معاوية بن يزيد بن أبي سفيان، ومروان بن الحكم وابنه عبد الملك بن مروان.
- العصر الثّالث: امتدّ هذا العصر من عام 86 هجريّة وحتّى 125 هجريّة، ويضم فترة حكم كلّ من الوليد بن عبد الملك بن مروان، وسليمان بن عبد الملك، وعمر بن عبد العزيز بن مروان، ويزيد بن عبد الملك، وأخيراً هشام بن عبد الملك.
- العصر الرّابع: امتدّ هذا العصر من عام 125 هجريّة وحتى عام 132 هجريّة، وهي فترة سقوط الدّولة الأمويّة.[2][5]
عهد الخلافة العباسيّة
بعد انتهاء العهد الأموي نشأ عهد الخلافة العباسيّة وكانت بغداد مركزاً للدّولة العباسيّة. واستمرّت الخلافة العباسيّة من عام 132 هجريّة وحتّى 656 هجريّة، وقد توسّعت الدّولة الإسلاميّة أكثر في عهد العبّاسيين حتّى وصلت إلى غرب ووسط وشرق إفريقيا. ويقسم العهد العباسي إلى قسمين رئيسيين هما:[2][6]
- العصر الأول: بدأ هذا العصر منذ تولّي أبي العباس السّفاح عام 749م، وانتهى بمقتل المتوكّل عام 847م، ومن أهم خلفاء هذا العصر: أبو جعفر المنصور، هارون الرّشيد، الأمين، المعتصم بالله، وغيرهم.
- العصر الثّاني: في هذا العصر كانت الدّولة العباسيّة في حالة فوضى، ولذلك برزت مجموعة من الدّول في بغداد (مثل السّلاجقة والبويهيين)، أمّا خارج بغداد فظهرت دول المغرب العربي. ومن أهم خلفاء هذا العصر: المنتصر بالله، محمد القاهر، المتّقي بالله، والمستعصم بالله، وغيرهم من الخلفاء.
ظهرت العديد من الدّول المستقلّة في العهد العباسي والّتي كان لها حكمها الخاص بعيداً عن حكم العباسيين، ومن هذه الدّول:[6]
- الأدارسة في المغرب: يعود الأدارسة إلى إدريس أحد أحفاد الحسن بن علي رضي الله عنه، وقد أسس دولة الأدارسة في فاس بعد أن هرب إليها من المغرب.
- الطّولونيون: كانت الدّولة الطّولونيّة في مصر وسوريا، ومؤسسها هو أحمد بن طولون الّذي كان جنديّاً تركياً، انتقل إلى مصر بصفته نائباً للحاكم العباسي، إلّا أنّه فرض سلطته على مصر والشّام.
- الحمدانيون: الدّولة الحمدانيّة كانت في سوريا والجزيرة العربيّة، ويعود نسب الحمدانيين إلى تغلب، وهي قبيلة عربيّة في الجزيرة العربيّة، مؤسسها حمدان بن حمدون، ويتّبعون المذهب الشّيعي.
- الفاطميون: يتحدّث الفاطميّون عن أنّ نسبهم عائد إلى الإمام علي كرم الله وجهه، إلّا أنّ المؤرخين يعتقدون أنّ نسبهم يعود إلى عبيد الله المهدي، وهم من الشّيعة المتطرّفين.
- الإخشيديّون: ينحدر مؤسس الدّولة الإخشيديّة محمد بن طغج من أسرة تركيّة عسكريّة، وامتدّت فترة حكم الإخشيديين من عام 323 هجريّة وحتّى 358 هجريّة.
- المزيديّون: كانت الدّولة المزيديّة في العراق، ويعود أصل المزيديون إلى قبيلة معتزّة بمذهبها الشيعي، وهي قبيلة بني أسد، وقد امتدّت فترة حكمهم من عام 350 هجريّة وحتّى 545 للهجرة.
- العقيليّون: نشأت دولة العقيليون في العراق وشمال سوريا و الجزيرة العربيّة، ويعود أصلهم إلى عشائر عامر بن صعصعة، وامتدت فترة حكمهم من عام 308 هجريّة وحتّى عام 489 هجريّة.
- المرادسيّون: ظهرت دولة المرادسيون في شمال سوريا وحلب، ويعود أصلهم إلى قبيلة كلاب، وهم ينتمون إلى المذهب الشّيعي.
- المرابطون: مؤسس دولة المرابطين هو يحيى بن إبراهيم، وهي دولة تعود إلى قبيلة صنهاجيه، وكانت دولة المرابطين في شمال إفريقيا والأندلس.
- الموحّدون: كانت دولة الموحدّين الّتي أسسها محمد بن تومرت في شمال إفريقيا، وامتدت فترة حكمهم من عام 524 هجريّة وحتّى عام 667 هجريّة.
- الأيوبيّون: يعود نسب الأيوبيين إلى هذباني القبيلة التّركيّة ومؤسسها هو صلاح الدّين الأيوبي، الّذي أعاد المذهب السّني للشام ومصر، وانتصر على الصّليبيين في معركة حطين.
- المرينيّون والوطاسيّون: حكم المرينيّون والوطاسيون المغرب من عام 592 للهجرة وحتّى عام 956 هجريّة.
- الحفصيّون: يعود أصلهم إلى أبو حفص عمر، وهو من أسس الحركة الموحّديّة، وقد استمرّت فترة حكم الحفصيّون في تونس من عام 625 هجريّة وحتّى 982 للهجرة.
عهد المماليك
امتدّ حكم الدّولة المملوكيّة من عام 648 هجريّة وحتّى عام 922 للهجرة، وكانت الدّولة المملوكيّة تشمل كل من مصر والعراق والشّام، وفي نفس الوقت كان هنالك مجموعة دول إسلاميّة مستقلّة عن الدّولة المملوكية في كل من الهند والصّين وشمال إفريقيا والأندلس وكذلك آسيا الوسطى، وقد كانت القاهرة هي مركز الدّولة المملوكيّة. في عهد الدّولة المملوكيّة امتدّ الإسلام حتى وصل جنوب شرق آسيا وجنوب غرب إفريقيا وكامل القارّة الهنديّة، إلّا أنّ الأندلس قد خرجت عن العالم الإسلامي بشكلٍ نهائي.
عند حديثنا عن المماليك لا بدّ لنا من أن نذكر أنّهم في الأصل هم جنود من الرّقيق استقدمهم الأيوبيّون للمشاركة في حروبهم. ويقسّم المماليك إلى قسمين:
- المماليك البحريّة: هم خليط من الأكراد والمغول جاؤوا من جنوب روسيا، وكانوا يقيمون في مساكن خاصّةً بهم على ضفاف نهر النّيل، وقد اعتمدوا نظام الحكم الوراثي. ومن أهمّ سلاطين المماليك: عز الدّين أيبك، وسيف الدّين قطز.
- المماليك البرجيّة: سمّي المماليك البرجيّة بهذا الاسم؛ لأنّهم كانوا يعيشون في أبراج القلعة وهم من الشركس، وكان نظام الحكم لديهم يعتمد على الأقدميّة، ومن أهمّ سلاطينهم: سيف الدّين قايتباي، والأشرف قانصوه الغوري.[2][6]
العهد العثماني
يعود أصل العثمانيين إلى الأناضول في آسيا الصّغرى، وهم من قبيلة القاي وقد كان زعيمهم أرطغرل الّذي انضمّ إلى علاء الدين السّلجوقي سلطان قونيه في صراعه ضدّ أوكتاي بن جنكيز خان. كانت بداية الدّولة العثمانيّة في تركيّا وكان مركزها القسطنطينيّة (إسطنبول)، وقد امتدّ حكمهم حتّى عام 1924م. وكان حكم الدولة العثمانيّة في آسيا الصغرى، واستمرّت في التوسّع إلى أن شملت أجزاء كبيرة من أوروبا، وأدخلت الدّول العربيّة تحت سيطرتها وحكمها وذلك بعد أن قضت على الدّولة المملوكيّة. وقد اعتمدت خلافة الدّولة العثمانيّة نظام الحكم الوراثي للأبناء، ومن أهم سلاطين الدّولة العثمانيّة:[6][2][7]
- عثمان بن أرطغرل: هو مؤسس الدّولة العثمانية، وقد توسّعت الدّولة العثمانية في عهده، وهو الذي قام بإصدار عملة للدولة باسمه، واستمرّ حكمه من عام 1300م وحتّى 1326م، ووصلت فتوحاته خلالها إلى بحر مرمرة والبحر الأسود.
- مراد الأول: في عهده أُدخلت البلقان تحت راية الدّولة العثمانيّة، وامتدّت فترة حكمه من عام 1360م حتّى 1388م.
- محمد الفاتح: استمرّت فترة حكمه 11 عاماً فُتحت خلالها القسطنطينيّة.
- سليم الاوّل: بلغت الدّولة أوجها في عهده، حيث أصبحت كل من مصر، وبلاد الشّام، وتبريز، والعراق، وكذلك أرمينيا تحت راية الدّولة العثمانيّة.
- سليمان الأول: عُرف أنّه بطل الفتوحات في منطقة شمال إفريقيا، وقد أصبحت بغداد وبودابست في عهده تابعتين للدّولة العثمانيّة.
العالم الإسلامي حاليّا
بعد انتهاء حُكم الدّولة العثمانيّة أصبحت غالبيّة دول العالم الإسلامي تحت الاحتلال الأوروبي (والذي عُرف بالاستعمار)، وبدأت نضالها للتّحرر والاستقلال، وحاليّاً يوجد 56 دولة إسلاميّة تابعة لمنظّمة المؤتمر الإسلامي، كما أنّ هناك دولاً تعتبر دولاً إسلاميّة إلّا أنّها ليست تابعة لمنظّمة المؤتمر الإسلامي مثل: إريتيريا، والبوسنة، والهرسك، كما توجد مجموعه كبيرة من المسلمين في كل من الصّين والهند.[2]
المراجع
- ↑ محمد عوض أبو هزيمة، "حاضر العالم الإسلامي وقضاياه السياسية المعاصرة"، books.google.jo، اطّلع عليه بتاريخ 28-12-2017. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ "العالم الإسلامي: التاريخ في الجغرافيا"، www.aljazeera.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-12-2017. بتصرّف.
- ↑ عبد الشافي محمد عبد الطيف (14-1-2015)، "الولايات الإسلامية في العهد النبوي"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-12-2017. بتصرّف.
- ↑ "مختصر قصة الخلفاء الراشدين"، islamstory.com، 21-7-2008، اطّلع عليه بتاريخ 28-12-2017. بتصرّف.
- ↑ "مختصر قصة الدولة الأموية"، islamstory.com، 19-4-2010، اطّلع عليه بتاريخ 28-12-2017. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث "تداول السلطة في الوطن العربي منذ ظهور الإسلام إلى الدولة الإسلامية"، www.aljazeera.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-12-2017. بتصرّف.
- ↑ "نبذة تعريفية عن الدولة العثمانية"، ksag.com، اطّلع عليه بتاريخ 30-12-2017. بتصرّف.