-

مراحل نمو الشجرة

مراحل نمو الشجرة
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

نظرة عامة حول الأشجار

تُعرف الأشجار بأنها نبات مكون من جذع واحد قائم يحتوي على أنسجة خشبية، وفي معظم أنواع الأشجار يتفرع من هذا الجذع إلى ما يُعرف بفروع الشجرة،[1] وقد تكون الأشجار نباتات معرّاة البذور، أو كاسيات البذور (نباتات مزهرة)، أو سرخس، التي تنتمي جميعها إلى مجموعة النباتات الوعائية، مما يعني أنها تملك أنسجة وعائية مسؤولة عن ربط جميع أجزاء النبتة ببعضها، ونقل العناصر الغذائية المهمة إليها، وتسمى تلك الأنسجة النسيج الوعائي واللحاء.[2] على الرغم من اختلاف الأشجار عن بعضها البعض في الكثير من الأمور وانتمائها لعائلات مختلفة، إلا أن ما يميزها عن بقية النباتات هو أن جذعها معمّر أو قد يعيش لسنوات طويلة.[3]

مراحل نمو الشجرة

كغيرها من الكائنات الحية، تمتلك الأشجار دورة حياة تبدأ من البذرة مروراً بالعديد من المراحل حتى الموت، ولأن الأشجار نباتات متجددة، فإنها تبدأ دورة حياة جديدة إما اصطناعياً عن طريق الزراعة والتشتيل، أو طبيعياً عن طريق البذور، أما عن أطوار دورة حياة الشجرة فهي:[4]

البذرة

تبدأ دورة حياة الشجرة من البذرة التي جاءت من الأعضاء الأنثوية والذكرية المنتجة للثمار في الشجرة، إذ تختلف البذور من شجرة إلى أُخرى في شكلها، ولونها، وحجمها، ووزنها، كما أنها تختلف في أماكن تواجدها، فمثلاً قد تكون البذرة داخل قشرة خارجية كثمار الجوز وجوز البقان، أو في لب الفاكهة؛ كالكرز الأسود والتوت، وتنتقل من مكان لآخر عن طريق الرياح، والمياه، والحيوانات، والإنسان، وعند توافر المكان والبيئة المناسبة لنمو البذرة فإنها ستبدأ بذلك.[4]

التبرعم

تمتلك البذور في داخلها جنيناً يبدأ بالنمو في حال وُجدت في بيئة ملائمة للنمو، فيتوسّع، ويخترق غطاء البذرة معتمداً في ذلك على مخزون الغذاء الموجود فيها، وفي هذه المرحلة يبدأ نمو الجذور نحو الأسفل بحثاً عن الماء والعناصر الغذائية وتثبيتاً للبراعم، لتبدأ البراعم نموها نحو الأعلى بحثاً عن ضوء الشمس حتى تنمو الأوراق وتتطور لتصبح قادرة على تصنيع غذائها بنفسها عن طريق البناء الضوئي.[4]

النبتة

يستمر البرعم بالنمو وتبدأ الخصائص الخشبية للجذع بالتكوّن، وفي هذه المرحلة يبدأ الجذع الأخضر الطري بالتصلب كما أن لونه يبدأ بالتغير، ويُطوّر قشرة خارجية رقيقة تُدعى اللحاء، أما الأوراق فتستمر في النمو بحثاً عن الضوء، والجذور تتمدد وتتفرع نحو الأسفل متخذة شكلاً أشبه ما يكون بشجرة مقلوبة رأساً على عقب ذات رأس مفلطح، وتتواجد جذور أغلب النباتات في الجزء الأعلى من التربة مما يساعدها على الحصول على الماء والغذاء، كما يمكّنها ذلك في الوقت نفسه من الحصول على الكمية اللازمة من الأكسجين للبقاء على قيد الحياة، وفي هذه المرحلة تواجه النبتة عدداً من التحديات، فهي تتنافس مع بقية النباتات والأشجار الموجودة في نفس الحيز على الماء وضوء الشمس والغذاء المتوفر، كما أن انتقال النبتة إلى المرحلة التالية من دورة حياتها يعني أن تتجاوز تهديدات أُخرى؛ كالفيضانات، والجفاف، والجليد، والثلوج، وغيرها من الأخطار.[4]

الشتلة

تدخل النبتة في طور الشتلة عندما يُصبح قُطرها بين 2.54 و10.16سم على ارتفاع 137.16سم، وهذا هو ارتفاع النبتة القياسي الذي يُقاس عنده قُطر الشجرة، أو ما يسمى بالقُطر على ارتفاع الصدر (بالإنجليزية: diameter at breast height)، ولا تُعد الشتلة ناضجة بما يكفي لإنتاج الثمار، إلا أنها تمتاز بنموها السريع في هذا الطور، أما عن المخاطر التي تواجهها الأشجار في هذا الطور فهي مماثلة لتلك التي تواجهها في طور النبتة.[4]

النضج

تظل الشجرة في طور الشتلة طالما أنها لا تُنتج ثماراً، أو بذوراً، أو أزهاراً، ومتى ما بدأت هذه الشتلة بالإثمار، فهذا يعني انتقالها إلى مرحلة البلوغ لتصبح شجرة ناضجة، وقد يستغرق هذا الأمر لدى العديد من الأشجار عقداً أو عقدين من الزمان، إذ يستغرق الأمر لدى بعض الأشجار كالبلوط مثلاً مدة 40 عاماً، ولا يعني وصول الشجرة إلى هذا الطور توقفها عن النمو؛ بل تستمر بالنمو وإنتاج الثمار والبذور لمدة طويلة من الزمان تُقدّر لعقود أو حتى مئات من السنين، وتصل الشجرة في هذه المرحلة إلى ذروة عطائها من الإنتاج، وتبقى في هذا الطور حتى يبدأ إنتاجها بالانخفاض وتدخل في طور حياتها الأخير.[5]

التدهور

تصل الشجرة أخيراً إلى هذه المرحلة عندما تتمكن الضغوط الخارجية من هزيمتها، إذ تجعلها أكثر عُرضة للحشرات والأمراض، ومن أهم الأسباب الرئيسية المسبّبة لهذه الضغوط هي:[4]

  • زراعة الشجرة في أماكن غير ملائمة لها، ويتمثل ذلك في العديد من الأمثلة؛ أهمها:[6]
  • زراعة الأشجار في أماكن مزدحمة بأشجار أُخرى، مما يعني منافسة شديدة على مصادر الماء، والأكسجين، وضوء الشمس، وعلى الرغم من هيمنة بعض الأشجار في النهاية على الكثير من المصادر إلا أن المنافسة ستؤدي إلى إبطاء نموها، وفي النهاية قد تقع الشجرة تحت ضغط العوامل الخارجية.
  • الظروف القاسية التي تتعرض لها الأشجار بشكل دوري؛ كالفيضانات، والجفاف الشديد، والأوبئة، والحشرات.
  • عمليات البناء المختلفة التي قد تُسبب انضغاط التربة بواسطة آليات البناء، أو تدمير للجذور بسبب عمليات إزالة التربة، أو خنق الجذور نتيجة لتراكم المخلفات الناتجة عن عمليات البناء.
  • انضغاط التربة حول الجذور قد يحدث أيضاً بفعل البشر، فيمكن لأراجيح الأطفال أو مساكن حيواناتهم الأليفة التسبُب بذلك، كما أن التغيير في حالة التربة قد يحدث نتيجة تعديل الرقم الهيدروجيني للتربة (PH)، وذلك بغية إنشاء مسطحات خضراء مما قد يضع الأشجار الموجودة في المنطقة تحت ضغط يؤدي بالنهاية إلى تدهورها.
  • التغييرات الواقعة على طُرق صرف المياه بتعديل ميلان الأرض، والتي قد تؤدي إلى إبعاد المياه عن أماكن الأشجار، مما يُسبب انخفاض مستوى الرطوبة المتاحة للأشجار.
  • زراعة الأشجار في تربة قاعدية بالرغم من أنها تنمو بشكل أفضل في بيئة حمضية.
  • زراعة الأشجار التي تُفضل البيئات الحارة في بيئات باردة، أو الأشجار التي تنمو بشكل أفضل في تربة رطبة في تربة جافة.
  • زراعة الأشجار التي يتطلب نموها بشكل مثالي الحصول على أشعة الشمس بالكامل في ظل الأشجار الأُخرى.
  • زراعة الأشجار المعروف عنها نمو حجمها بشكل كبير في أماكن محصورة الحجم؛ كزرع شجرة البلوط وغيرها من الأشجار المعروفة بقِممها الكبيرة وجذورها الممتدة في التربة في حفرة زراعية تبلغ أبعادها 1.2م*1.2م الواقعة ضمن رصيف أو شارع، وعموماً فإن الأشجار التي تتم زراعتها في مثل هذه الظروف لن تُعمّر كثيراً.
  • زراعة الأشجار الحسّاسة لملوثات الهواء في مناطق ذات مستوى عالٍ من الملوثات.
  • زراعة الأشجار التي تحتاج إلى تربة جافة في أراضٍ منخفضة تكثُر فيها المستنقعات.
  • بناء الأرصفة والممرات والشوارع في المدن الحضارية، والتي قد تؤدي إلى تغييرات سلبية في البيئة التي تنمو بها بعض الأشجار المعمرة.

عادةً ما تتمثّل أعراض التدهور في بطء نمو الشجرة وتطوّرها، فتبدأ هذه الأعراض بالظهور في الأجزاء العلوية من الشجرة ثم تبدأ بالزحف نحو الأسفل، باستثناء بعض الأنواع التي قد تبدأ الأعراض بالظهور في الأجزاء السفلية منها كالصنوبريات، ومن أهم الأعراض التي تظهر على الشجرة في هذه المرحلة:[7]

  • تلون الأوراق بلون أخضر باهت أو أصفر.
  • تأخر في ظهور النمو الربيعي.
  • احتراق أطراف أوراق الشجر.
  • انخفاض معدلات نمو الأغصان وجذع الشجرة.
  • سقوط الأوراق قبل الموعد المتوقع لذلك.
  • فقدان الأوراق لألوانها بوقت مبكر من الخريف.

التحلُل

قد تعيش الأشجار لآلاف السنين، ولكنها كغيرها من الكائنات الحية لا بد لدورة حياتها أن تنتهي يوماً ما، وقد يرغب مالكو الأشجار الميتة بالتخلص منها، إلا أن الأشجار في هذه الحالة تُعد ذات أهمية كبيرة للنظام البيئي في الغابات، كما أنها تُعد موئلاً مناسباً للعديد من الحيوانات، عدا عن كونها مصدراً غنياً بالعناصر الغذائية التي ستعود للتربة عند تحللها، ويمكن القول بشكل عام إن الإنسان يستطيع أن يؤخر وصول الشجرة إلى هذه المرحلة في وقت مبكر من عمرها، من خلال تفادي البيئات غير الملائمة للزراعة وتفادي الزراعة في المناطق المزدحمة بالأنواع الأُخرى.[5]

العوامل المؤثرة على نمو الشجرة

ضوء الشمس

تحتاج الأشجار إلى أشعة الشمس للقيام بعملية البناء الضوئي، والتي يتم من خلالها إنتاج سكر الجلوكوز الضروري لنمو الأشجار وللعمليات الحيوية داخلها، وتتنافس الأشجار الموجودة في منطقة واحدة على أشعة الشمس الواصلة إليها، إذ تعمل الأشجار الطويلة ذات الفروع الممتدة على حجب وتقليل الأشعة الواصلة للأشجار المظلّلة بها، الأمر الذي قد يؤدي إلى تقليل أو إيقاف نمو الأشجار المظللة، مما يؤدي في النهاية إلى موتها.[8]

الماء

تتلخص أهمية الماء للأشجار في كونه عنصراً مهماً لعمليات الأيض في النبات، بالإضافة إلى دوره الأساسي في نقل المعادن والمواد الغذائية إلى أجزاء الشجرة المختلفة، حيث يتم فقد نحو 95% من الماء الموجود داخل الأشجار خلال عملية التبخر من أجل تبريد أوراق الشجرة، أما ال5% المتبقية فيتم استخدامها في عمليتي البناء الضوئي والتنفس.[8]

أثناء عملية البناء الضوئي تتفتح مسامات الورقة ليتم من خلالها إدخال ثاني أكسيد الكربون وإخراج الأكسجين، ونتيجةً لكون هذه المسامات مفتوحة، فإن الماء المتبقي في الشجرة يتم فقده عادةً من خلالها في عملية تُدعى النتح، ولتعويض الماء المفقود، فإن الشجرة تبدأ بسحب الماء من التربة عبر الجذور إلى الأوراق، وفي حال كانت التربة غير رطبة بشكل كافٍ لتعويض نسبة الماء المفقودة، فإن الأشجار تُغلق الثغور في الأوراق، مما يعني توقّف عملية البناء الضوئي والنمو، الأمر الذي قد يؤدي إلى ذبول الأشجار وتساقط الأوراق قبل أوانها واصفرارها وموت فروع الشجرة، مما يجعلها أكثر عُرضة لهجوم الحشرات.[8]

العناصر المغذية

تحتاج الأشجار إلى الغذاء الذي يتوافر فيه العناصر الغذائية الكبرى الستة بكميات كبيرة، وهذه العناصر هي: النيتروجين، والفوسفور، والبوتاسيوم، والكالسيوم، والمغنيسيوم، والكبريت، كما أنها تحتاج إلى عناصر غذائية صُغرى بكميات أقل كالحديد، والمنغنيز، والزنك، والبورون، والكلور، حيث تلعب هذه العناصر الغذائية أدواراً مهمة ورئيسية في العديد من العمليات الفسيولوجية في النبات، كالبناء الضوئي وعمليات النمو، وتثبيت النيتروجين، والتنفس، وامتصاص الماء من التربة وغيرها، وتستطيع الأشجار القيام بالعمليات السابقة بشكل جيد وكفاءة عالية عندما تتوافر العناصر الغذائية بكميات مناسبة لها، والتي عادةً ما تحصل على كفايتها منها من التربة، وتعتمد نسبة العناصر الغذائية الموجودة في التربة على الصخور التي شكلت هذه التربة، وعلى نسبة المواد العضوية المتحللة فيها، وعلى كمية العناصر المترسبة من الغلاف الجوي، أما بالنسبة لعنصر النيتروجين فيحصل النبات على كفايته منه من الأمطار.[8]

الهواء

تحتاج الأشجار إلى غاز ثاني أكسيد الكربون لعملية البناء الضوئي كما تحتاج أيضاً إلى الأكسجين لعملية التنفس ليلاً؛ إذ تحصل الأشجار على حاجتها من الأكسجين والماء عن طريق الجذور، وتتواجد حوالي 90% من جذور الأشجار على عمق 1 متر من التربة، أي أن الجذور المُغذية للنبات عادةً ما تتواجد ضمن أول 30.5سم من التربة السطحية حيث يتوافر الهواء والماء بكميات جيدة، ويعتمد مقدار تمدد الجذور في التربة على توافر الكمية مناسبة من الهواء والماء، فقد تتمدد الجذور أُفقياً بمقدار 2-3 مرات من عرض تاج الشجرة.[8]

هناك العديد من العوامل المؤثّرة في قدرة الجذور على امتصاص الأكسجين والماء من التربة، ومن أهمها الفطريات المفيدة كالفطريات الجذرية (بالإنجليزية: mycorrhizae)، والتي تستعمر جذور أغلب أنواع الأشجار، حيث تعمل هذه الفطريات على زيادة قُدرة الجذور على امتصاص الماء والمعادن، بالإضافة إلى دورها في حماية الجذور من العديد من الأمراض، وعلى الصعيد الآخر يعمل انضغاط التربة على تقييد نمو الجذور، كما أنه يُقلل من عدد وحجم الفراغات الموجودة في التربة، مما يعني قدراً أقل من الماء المخزن في داخلها، وتقييد انتقال الهواء عبر المسامات.[8]

التربة

تُعتبر التربة من العوامل المهمة في تحديد مستقبل ونمو الأشجار؛ فهناك العديد من الأمور المتعلقة بالتربة والتي تؤثر إما بالسلب أو الإيجاب على الشجرة، كحموضة التربة أو قلويتها، ومستوى الملوحة ودرجة التشبّع بالماء، وخصائص التربة السطحية وما تحتها، ونوع التربة ومكوناتها سواء أكانت تربة طينية، أو رملية، أو مختلطة، والعديد من الخصائص الأُخرى التي لها تأثير كبير على الأشجار.[4]

المراجع

  1. ↑ Graeme Pierce BerlynThomas, H. EverettLillian M. Weber, "Tree"، /www.britannica.com, Retrieved 25-10-2019. Edited.
  2. ↑ "What is a tree? ", www.sciencelearn.org.nz, Retrieved 23-11-2019. Edited.
  3. ↑ Michael Kuhns, "What is a Tree?"، forestry.usu.edu, Retrieved 25-10-2019. Edited.
  4. ^ أ ب ت ث ج ح خ "How Trees Grow", texastreeid.tamu.edu, Retrieved 25-10-2019. Edited.
  5. ^ أ ب "The Life Cycle Of A Tree", brockleytree.com, Retrieved 25-10-2019. Edited.
  6. ↑ John P. Slusher, "Tree Decline: What Is It?"، www.extension2.missouri.edu, Retrieved 27-10-2019. Edited.
  7. ↑ "Decline and Dieback of Trees and Shrubs", www.ipm.illinois.edu, Retrieved 27-10-2019. Edited.
  8. ^ أ ب ت ث ج ح Susan D.Kocher, Richard Harris, "tree growth and competition"، anrcatalog.ucanr.edu, Retrieved 25-10-2019. Edited.