موضوع تعبيرعن الأم
الأم، كلمة صغيرة لكنها بحجم الكون كلّه، وهي الحضن الواسع الذي لا يضيق ولا يشيخ ولا يتخلى عن أبنائه أبدًا، فالأم أقرب ما يكون إلى الأبناء، وهي أولى الناس بحق الصحبة وأولاهم بالحب والعطاء والوفاء والتضحية، وهي أيضًا وصيَّة الرسول -عليه الصلاة والسلام- الذي أمر أن تكون الأم هي الأحق بالرعاية والعناية، ويتمثل هذا بقوله -عليه السلام- عندما سأله أحد الصحابة عمّن أحق الناس بحسن صحابته فأجابه: "أمك ثمَّ أمك ثمَّ أمك ثمَّ أبوك"، ولو قضى الإنسان كلّ عمره مضحيًا لأجل أمه فلن يوفيها ولو جزءًا صغيرًا من حقها.
قلب الأم هو أعظم معجزة في الحب، إذ إنَّها تستطيع بقلبها أن تشعر بأبنائها مهما كانت المسافات بينهم وبينها، كما أنَّ قلبها يتسع لهم جميعًا ويحبهم جميعًا ويدعو لهم بالخير كل لحظة دون أن تشعر بكللٍ أو ملل، كما أنها تغفر لأبنائها أخطاءهم مهما عملوا، فنعمة وجود الأم في حياة الأبناء لا يمكن لشخصٍ أن يعلم حجمها إلا من فقد أمه أو من تربى بلا أم، لهذا لا أحد يحمل هم الأبناء أكثر من أمهم، ولا أحد يُضحي بنفسه وراحته ويحترق لأجل أن يُضيء لهم الدرب إلا الأم، فما أعظمها من مخلوق، وما أروعها من إنسانة، وليس غريبًا أنَّ الله -سبحانه وتعالى- أنزل فيها آيات من القرآن الكريم توصي بها، كما أن الله جعل رضاه من رضاها، وجعل لها حقوقًا كثيرة وجعل عقوقها وعقوق الأب من الكبائر، فمن لم يكن به خيرٌ لأمه فلا خير فيه للناس أبدًا، فالأم هي القمر الطالع من عتمة العمر، وهي ميزان الروح الذي تعتدل فيه الأيام لتصبح أكثر رحابة، لأنها عطر الحياة وروحها.
دور الأم دورٌ عظيم لا يرتبط بموسمٍ ولا تثنيه الظروف، فهي المدرسة التي يتعلّم منها الأبناء كل شيء، وهي النبع الصافي الذي يرتوي منه الجميع دون أن يشتكي من النضوب، وهي وردة البيت وزينته ومنزلتها فيه كمنزلة الشمس في السماء، منها النور والضياء، وهي أساس الأمان والسكينة، ويقول الفيسلوف اليوناني سقراط: "لم أطمئن قط، إلا وأنا في حجر أمي"، فهنيئًا لمن كانت أمه راضيةً عنه، وهنيئًا لمن يُطيعها ويُقدّرها ويردّ لها جزءًا بسيطًا مما قدمت، بارك الله في عمر الأمهات، ورحم من رحلت منهنّ عن الدنيا وقد أدّت واجبها تجاه أبنائها على أكمل وجه.