صفات الزوجة الصالحة في الإسلام
الزواج في الإسلام
نعمة الزواج من النعم العظيمة التي أنعم الله تعالى بها على عباده من بين مجموعةٍ من النعم التي في مقدّمتها الإسلام، ولمّا شرع الله الزواج جعله أساس بناء الكون وعمارته، وهو من الآيات التي تدلّ على حكمة الله، فقد قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)،[1] وتظهر نعمة الله في تشريعه للزواج من خلال الآيات الواردة في سياق الامتنان من الله على عباده بهذه النعمة، فهو سكنٌ ومودّةٌ، وبالتالي فهو يحقق السعادة التي يطلبها كلّ إنسان، وهو سبيلٌ إلى البنين والحفدة، الذين هم زينة الحياة الدنيا، وقد سار على هذا الهدي؛ الأنبياء والمرسلين، الذين هم للإنسان المسلم خير قدوةٍ وأسوةٍ، ومن ذلك ما قاله الله تعالى فيهم: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ۚ )،[2] وفي الزواج امتثالٌ لهدي الصحابة والصّالحين ولأمر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حين أمر معاشر الشباب بالزواج، وعلّل ذلك بأنّه أحصن للفروج، وأغضّ للأبصار، ووعد من امتثل بهذا الأمر إن كان فقيراً فإنّ الله سيغنيه، فضلاً عمّا يتحقّق به من كنزٍٍ عظيمٍ ومتاعٍ كريمٍ؛ وهو الزوجة الصالحة، فقد قال رسول الله: (الدُّنيا متاعٌ، وخيرُ متاعِ الدُّنيا المرأةُ الصَّالحةُ)،[3] فبالزواج يكتمل نصف إيمان الإنسان، ويلقى ربّه بعده على حالةٍ من الطهر والنقاء، فقد عفّ نفسه عن الوقوع في الحرام وأشبع غريزته، وبإنجابه للأبناء تزيد الأمّة عدداً وتكثر، وتكتفي بنفسها عن غيرها إذا قامت بتوجيه طاقات أبنائها فيما وجّهها إليه الشرع.[4]
صفات الزوجة الصالحة
لا بدّ عند القيام بتنفيذ ما أمر الله به من الزواج، أن يكون هذا التنفيذ وفق المعايير الشرعيّة التي ترضي الله، ومن هذه المعايير أن يختار الزوج الزوجة الصالحة التقيّة، لا تلك التي تدعي التقوى ولا تسير على طريقها ولا تتمثّلها حقّاً، ومن صفات الزوجة الصالحة ما يأتي بيانه بشكلٍ مفصّلٍ:[5]
- حبّ الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلّم؛ ويدفعها هذا الحب إلى الطاعة المطلقة لله ولرسوله، وكما قال ابن القيّم في هذه المحبّة: (فالمحبّة شجرةٌ في القلب، عروقها الذلّ للمحبوب، وساقها معرفته، وأغصانها خشيته، وورقها الحياء منه، وثمرتها طاعته، ومادتها التي تسقيه ذكره، فمتى خلا الحبُّ عن شيء من ذلك كان ناقصًا)، فإن استقرت محبة الله ومحبة رسوله في قلبها؛ حملها ذلك على فعل كلّ ما يحبّه الله ورسوله.
- مراقبة الله -عزّ وجلّ- لها؛ فإنّ استشعار مراقبة الله يحملها على فعل كلّ ما هو خير، فإن غفلت عن تلك المراقبة بدأت تقتحم حرمات الله وتعصيه.
- تجاهد نفسها وتغالب هواها؛ فهي دائماً في صراع مع نفسها وتغالب نفسها بطاعة الله والتقرب منه، وإن وقعت في التقصير سرعان ما تجدها تلوم نفسها وتحاول أن تجبر خطأها، أمّا من تترك نفسها تنصاع لهواها، فقد خسرت تلك النفس وضاعت ضياعاً كبيراً.
- عدم اتباع خطوات الشيطان؛ فتعلم مكائده ووساوسه وتحاول جاهدةً تجنب الوقوع فيها، فهو العدو الأكبر للإنسان ولا يمكن أن يأمره إلّا بمعصية الله، فتتبع ما قاله الله تعالى في كتابه: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ).[6]
- تعظيم شعائر الله؛ فيدفعها ذلك إلى الطاعة المطلقة لكلّ ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه، فلا تقع في المعصية.
حقوق الزوج على زوجته
تتضمّن الحياة الزوجيّة بين الزوجين حقوقاً وواجباتٍ، تضمن الانسجام بينهما وتزيد من الألفة والودّ والاحترام، فإن قام كلٌّ منهما بما عليه من الواجبات على التمام، كانت حياتهم منظّمةً، بعيدةً عن الشقاء، وتحقّقت لديهم سعادة الدنيا قبل سعادة الآخرة، وفيما يأتي بيان لأهم حقوق الزوج على الزوجة:[7]
- القِوامة؛ فقد قال الله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ)،[8] فهناك فوارق بين الرجل والمرأة، فهو الذي يرعاها ويصونها، كما أنّه هو الذي يدفع لها المهر وينفق عليها.
- تمكينه من نفسها حتّى يأخذ حقه من الجِماع والاستمتاع بها؛ فقد ورد الوعيد باللعن للزوجة التي تمنع زوجها مع حقّه في الجماع الشرعيّ، فالجِماع سببٌ في عفّته، وقطعه عن جميع أسباب الفتنة، وهو الذي يحقق السُكنى الزوجيّة والراحة النفسيّة، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إذا دعا الرجلُ امرأتَهُ إلى فراشِهِ فأَبَتْ، فبات غضبانَ عليها، لعنتها الملائكةُ حتى تُصبحَ).[9]
- ألّا تدخل إلى بيته من يأبى دخوله كائناً من كان، فلا تُدخل أحداً إلا بإذنه، أو من هو معروف أنّه يرضى دخوله، ولا تخرج من البيت أيضاً إلا بإذنه، إلّا إن كان هناك مسوّغٌ شرعيّ يجعلها مضطرّةً للخروج؛ لأنّ الأصل في الزوجة أن تقرّ في بيت زوجها.
- تأديب الزوجة في المواضع التي يرى فيها حاجةً للتأديب؛ ويكون ذلك بالطرق الشرعيّة التي أجازها الشرع دون ظلمٍ ولا زيادةٍ، وإنّما بقدر الحاجة؛ فيبدأ معها أولاً في بيان حكم الشرع في طاعته له، فيبيّن لها بالترغيب واللين والكلا، فإن انتهت كان ذلك المطلوب، وإلا فيهجرها في المضجع، فلا يجامعها حتّى يحصل المقصود، ثمّ يلجأ إلى الضرب إن لم تنتهِ، وقد ورد أنّ الضرب يكون بالسواك، فلا يحلّ الضرب المبرّح.
المراجع
- ↑ سورة الروم، آية: 21.
- ↑ سورة الرعد، آية: 38.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 1467، صحيح.
- ↑ سليمان الحوسني (27-6-2013)، "الزواج .. نعمة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-10-2018. بتصرّف.
- ↑ عصام الشريف (31-10-2017)، "من صفات المرأة الصالحة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-10-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة فاطر، آية: 6.
- ↑ "حق الزوج على الزوجة"، www.alukah.net، 29-11-2016، اطّلع عليه بتاريخ 3-10-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 34.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3237، صحيح.