-

مفهوم السؤال الفلسفي

مفهوم السؤال الفلسفي
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

مفهوم السؤال الفلسفي

يعد طرح الأسئلة بشكل عام من أهم أدوات العلم والمعرفة، والوصول إلى الحقيقة، وتبديد الجهل حولها، وكان للسؤال في اللغة العربية، عدة أغراض، ومنها: السؤال على الحقيقة، كأن تسأل عن شيء تجهل معناه، والسؤال لأغراض أخرى؛ كالسؤال التعجبي، والسؤال الإنكاري، ومن ضمن أنواع الأسئلة التي تفيد الحقيقة السؤال الفلسفي، وهو السؤال الذي يهدف إلى الوصول إلى المعرفة، والتي يكون دافعها الفضول والحيرة الناتجة عن الشعور بوجود مشكلة.

أهداف السؤال الفلسفي

يهدف السؤال الفلسفي إلى وصول السائل إلى حقيقة جدليّة تباينت حولها الآراء، واختلفت بشأنها المذاهب التفكيريّة، فهو ينحصر في زاوية حيرة العلماء لمسائل تتعلق بالوجود وأسبابه، وذلك بطرح أسئلة افتراضيّة وتخيلات من قبيل: ما أصل الوجود؟ ومن الذي أوجد الوجود؟، وما مصير العالم؟ وهل حقيقة يوجد بعث وحساب، وجنّة ونار، فهو نمط أسئلة جريء يهدف للوصول إلى الحقيقة، وإن تعذرت الأفهام عن الوصول إليها.

يتراوح السؤال الفلسفي بين المذهب العقلي والمذهب التجريبي في التفكير، فمن حق العقل كما يتصوّر مثيرو الأسئلة الفلسفيّة أن يتصور الأشياء، ويطرح الأسئلة بهدف الوصول إلى الحقيقة، ناسين أو متناسين محدوديّة العقل البشري، ومحدودية الحواس لحكمة يريدها الخالق عزّ وجل، والسؤال الفلسفي يلتقي مع الإلحاد في بعض الجوانب.

خصائص السؤال الفلسفي

يتسم السؤال الفلسفي بجملة من الخصائص والمميزات، ومنها: تناوله قضايا إشكاليّة تسهم في الرصيد الثقافي البشري، وصيغته دائماً استفهاميّة، ويقود في تفاصيله إلى البحث والمتابعة للقضايا الخلافيّة والإشكاليّات التي يتناولها، وله هدف معيّن في البحث، ويتضمن التسليم بمبادئ ومسلمات بعد عمليّة البحث، ويثير السؤال الفلسفي، ويحمل في طياته جملة من التساؤلات تتفرع عن الموضوع الواحد.

مذهب المسلمين تجاه الأسئلة

للمسلمين مذهب عظيم فيما يتعلق بالأسئلة، وهو أنَّ الأسئلة من أدوات العلم والمعرفة، واستخدمت العديد من آيات القرآن أسلوب ونهج طرح الأسئلة لغرض التعليم، وكذلك أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، تضمنت نماذج تعليميّة لطرح الأسئلة، فمن ذلك قوله تعالى: (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ *وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ* وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ* وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) [الغاشية: 17-20] فهذه الآية تفتح المجال للعقل للتفكير والتأمل لتصل بعد ذلك إلى جواب محدد يتعلق بقدرة الله سبحانه المطلقة التي لا تحدها حدود، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (أتدرون من المفلسُ؟) [صحيح] بهدف تشويق الصحابة وإثارة دافعيتهم وفضولهم لمعرفة الجواب، فهذا هو السؤال التعليمي.

قرن الإسلام بين حق المسلم في طرح ما يشاء من أسئلة وبين العقيدة الإيمانيّة، فلا تتعدى الأسئلة هذه الزاوية، وفي هذا رد على بعض الأسئلة الفلسفية التي تريد أن تعرف من خلق الكون، بل وتتمادى إلى وراء ذلك من تساؤلات لا نهاية لها، فبين صلى الله عليه وسلم أنّ المسلم إذا وصل إلى هذا النحو من الأسئلة فليقل: (آمنت بالله) وهو رد قاطع ويقيني عن تساؤلات الهوى والشيطان التي تهدف إلى إخراج المسلم من دائرة الإيمان وتشكيكه بها.