مفهوم المركزية واللامركزية
الإدارة المركزية
مفهوم الإدارة المركزية
تتراوح أساليب التنظيم الإداريّ في الدول جميعها بين المركزيّة الإداريّة، واللامركزيّة الإداريّة، وتُعتبَر المركزيّة هي الأقدم بينهما،[1] ومن الجدير بالذكر أنّ الدول كانت قد تمكّنت من بَسط سيطرتها باستخدام المركزيّة الإداريّة على كلّ المناطق التابعة لها،[2] إلّا أنّ التطوُّر الحاصل أظهر الحاجة إلى التخلّي عنها، والانتقال إلى اللامركزيّة التي تهتمّ بتوزيع الوظائف الإداريّة،[1] وقبل أن نشرع بالحديث المُفصَّل، لا بُدّ لنا من تعريف المركزيّة الإداريّة، حيث تمّ تعريفها على أنّها: "حصر صلاحيّات القرار، وتجميعها في يد سلطة واحدة رئيسيّة، تنفرد بالبت في جميع الاختصاصات الداخلة في الوظيفة الإداريّة عن طريق ممثّليها"، كما تمّ تعريفها على أنّها: تجميع السُّلطات في يد هيئة مُعيَّنة، أو شخصٍ واحد.[2] وقد عرَّفها (عبدالوهّاب) على انّها "تجميع صلاحيّات اتّخاذ القرارات في إدارةٍ، أو شخصٍ واحد، أو عددٍ محدودٍ من المديرين"[3]
ومن هنا فإنّ المركزيّة تعني: أن تكون السُّلطة محصورة بيد المستوى الإداريّ الأعلى، بحيث يمكنه وحده اتّخاذ القرارات دون أيّ مشاركة من المستويات الأخرى.[4]
مزايا الإدارة المركزيّة
للمركزيّة مُميِّزات عديدة، ومن أبرزها النقاط الآتية:[3]
- السهولة في عمليّة الرقابة، وأدائها.
- صحّة القرارات التي يتمّ اتّخاذها؛ وذلك بسبب الاستغلال للخدمات الاستشاريّة المُتخصِّصة.
- عدم الازدواجيّة في القرارات.
- توحيد السياسات، والممارسات في ما بين الإدارات المتعدِّدة، بالإضافة إلى سهولة التنسيق بينها.
- الوصول إلى التشغيل الاقتصاديّ الأفضل للإمكانيّات المُتاحة.
- توفير النفقات.[5]
- إكساب الموظَّفين في الإدارة المركزيّة الخبرة، والكفاءة العالية في الإدارة.[5]
- تعزيز مبدأ تكافؤ الفُرص، وتحقيق المساواة.[6]
- تحديد المسؤوليّة بشكل دقيق، والمساعدة على الانضباط.[6]
مساوئ الإدارة المركزيّة
من الجدير بالذكر أنّ للإدارة المركزيّة العديد من العيوب، ومن أبرزها ما يأتي:[3]
- قد تؤدّي المركزيّة إلى نشوء الاتّكالية لدى الأعضاء الموجودين في المستويات الإداريّة الدُّنيا، ممّا يساعد على ضياع الأفكار، وتعطيل الابتكارات.
- يؤثِّر القرار الفاشل على المُنظَّمة بأكملها، أو قطاعٍ كبيرٍ منها.
- قد ينسى مُتَّخذ القرار في المستويات العُليا بعض العوامل المهمّة لدى المستويات الدُّنيا.
- تؤدّي المركزيّة إلى خفض الروح المعنويّة لدى الرؤساء في المستويات الأدنى.
- تحدُّ المركزيّة من تكوين مجموعة بديلة من مُتَّخذِي القرار في المُنظَّمة.
- تتسبَّب المركزيّة في وجود مشاكل ماليّة، وروتينيّة من شأنها تقليل فرص النجاح.[6]
- لا تُشجِّع المركزيّة على تحقيق الاستقلال الذاتيّ في الإدارة.[6]
- تدعو المركزيّة إلى السلبيّة، ولا تساعد على تحقيق المشاركة الإيجابيّة بين الإدارات.[6]
الإدارة اللامركزيّة
مفهوم الإدارة اللامركزية
ظهرت الإدارة المركزيّة بعد ممارسة الإدارة للعديد من الأنشطة المختلفة عن النشاطات الإداريّة المُعتادة، ممّا أثقل جهازها المركزيّ، فأدّى بطبيعة الحال إلى ظهور الإدارة اللامركزيّة؛ وذلك لابتكار قوانين جديدة تناسب المشروعات الجديدة، ممّا يعني التخفيف عن الإدارة المركزيّة، إلّا أنّها لا يمكن أن تكون بشكل مُطلَق؛ حيث لا بُدَّ لكلّ منظَّمة من أن تتحلّى بقدر من المركزيّة، واللامركزيّة في آنٍ معاً، وممّا يجدر ذكره في هذا المقام التعريفات التي وردت حول مفهوم الإدارة اللامركزيّة، وهي على النحو الآتي:[7]
- بيَّن (Kreitner) أنّها تعني: "تفويض كلِّ، أو بعض سُلطات الإدارة العليا إلى الوحدات والوظائف الأدنى في منظَّمات الأعمال".
- أشار (William) إلى أنّها تعني: "المرونة في التبعيّة الإدارية، بحيث لا ترتبط الإدارات، أو الأقسام في إدارة المُنظمَّة، إذ تتدرَّج هَرَميّاً في إدارة المُنظَّمة ببعضها، بحيث تكفل تأدية الوظيفة الإداريّة للمُنظَّمة على وجهٍ لا يتعارض مع بعضه، وعلى وجهٍ لا يُحدِثُ تبايُناً، وتعارُضاً في أهداف المُنظَّمة".
- عرَّفها (ماكغين، وويلش) بأنّها تعني: "نقل السلطة من مستوىً أعلى إلى مستوىً أدنى".[6]
- عرَّفها (خاشقجي) على أنّها: "إسناد سُلطة اتّخاذ القرارات، وإصدار الأوامر، والتعليمات إلى بعض المرؤوسين في المستويات الإداريّة الأدنى داخل التنظيم الإداريّ".[8]
ومن هنا يمكن تعريف اللامركزيّة الإداريّة على أنّها: أحد أساليب التنظيم الإداري الذي يهتمّ بإشراك عدد كبير من المرؤوسين في عمليّة التنظيم الإداريّ، وذلك من خلال نقل سلطة اتّخاذ القرارات إلى المستويات الإداريّة الدُّنيا.[8]
مزايا اللامركزيّة
تتعدَّد مزايا اللامركزيّة في العديد من النقاط التي من أهمّها:[3]
- تساعد اللامركزيّة على تحقيق التوازن بين المستويات، والسُّلطات.
- تؤثِّر القرارات الضعيفة في قسم واحد، وليس في المنظَّمة كلّها.
- تساعد على تدريب الرؤساء في المستويات الدُّنيا.
- تُسرِّع من عمليّة حلّ المشكلات، واتّخاذ القرارات.
- تساعد على تفرُّغ المدراء للقرارات المهمّة، وعدم انشغالهم بما هو فرعيٌّ منها.
- تساهم في بروز الأفكار، والابتكارات؛ نتيجة حماس الأعضاء في المستويات الإداريّة المُتعدِّدة، ورغبتهم في حلّ المشكلات التي تجابههم، وترفع الروح المعنويّة لديهم؛ نتيجة مشاركتهم الإيجابيّة.
- تتَّصف بالمرونة، وتُشجِّع التنافس الإيجابيّ، والانتعاش الفكريّ، كما تساهم في نموّ الشخصيّة، وتحقيق الديمقراطيّة.[6]
- تساهم في التقدّم، والقضاء على الروتين، وتنمّي الجهود الذاتيّة.[6]
عيوب اللامركزيّة
على الرغم من الميّزات العديدة للامركزيّة، إلّا أنّ لديها العديد من العيوب أيضاً، والتي نوردُ أبرزها على النحو الآتي:[3]
- عدم الانسجام في القرارات التي يتمّ اتّخاذها.
- البُطء في نقل المعلومات؛ وذلك بسبب الصعوبة في التواصل الأفقي، والرأسيّ؛ نظراً لاستقلال الإدارات عن بعضها.
- ضعف الصلات مع الإدارة العُليا، ممّا يؤدّي إلى صعوبة الرقابة.
- الخطورة المُتمثِّلة بالنظرة الجزئيّة، وعدم الاهتمام بالعوامل المؤثِّرة الأخرى.
- زيادة التكاليف، والازدواجيّة في الخدمات المُقدَّمة.
- ضعف الأداء الذي قد يؤدّي إليه تكاسُل بعض الموظَّفين، وعدم أدائهم لمهامّهم، كما أنّها قد تؤدّي إلى الانعزاليّة عن المجتمع المحيط.[6]
المراجع
- ^ أ ب ياسين ربوح (2016/2017)، محاضرات في إدارة الجماعات المحلية في الجزائر، ورقلة: جامعة قاصدي مرباح، صفحة 1.
- ^ أ ب حمدي خدیجة، وبلحاج ھجیرة (2016/2017)، التنظيم الإداري في الجزائر، معسكر: جامعة مصطفى اسطنبولي، صفحة 14-15. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج خالد بن فيحان المنديل (2004م)، المركزيّة واللامركزيّة في اتّخاذ القرار وعلاقتها بالأداء الوظيفي، الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، صفحة 22، 19، 18-17، 14، 11. بتصرّف.
- ↑ أ.د. محمد محمد جاهين، مقدّمة في الإدارة العامّة، السعودية: جامعة أم القرى، صفحة 61.
- ^ أ ب أ.د. رافع خضر صالح شبر (31-5-2011)، "المركزية واللامركزية الإدارية في الدولة الموحدة"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 20-11-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ رشيد خالد راشد منصور (2004م)، المركزية واللامركزية في الإدارة التربوية في فلسطين من وجهة نظر مديري ومديرات المدارس الحكوميّة في محافظات شمال الضفّة الفلسطينيّة، نابلس- فلسطين: جامعة النجاح الوطنيّة، صفحة 57-60. بتصرّف.
- ↑ فهد عيد ناصر بن فهد (2010م)، تطبيق اللامركزيّة وأثرها على مستوى أداء العاملين، عمّان- الأردن: جامعة الشرق الأوسط، صفحة 11، 14-15. بتصرّف.
- ^ أ ب م.د. يوسف يعقوب شحاذة (2014م)، واقع الإدارة اللامركزيّة لعمداء جامعة بغداد من وجهة نظر معاونيهم ورؤساء الأقسام العلميّة، العراق: جامعة بغداد، صفحة 362-363. بتصرّف.