مفهوم الأسرة في الإسلام
الأسرة في الإسلام
تعرّف الأسرة؛ بأنّها المجموعة التي يرتبط وجودها بالزواج المشروع، مع التزام كلّ طرفٍ من أطرافها بالحقوق والواجبات المتعلّقة به، ويتعلّق مفهوم الأسرة بما ينتج من الأولاد، وما يرتبط بالأسرة من الأقارب، أمّا الأسرة الممتدّة فهي الأسرة التي تشمل الجدّ الأكبر، وما له من الأولاد والزوجات والأحفاد وزوجات الأولاد، الذين يعيشون في ذات المكان، ويكون الجدّ الأكبر هو المتصرّف بأمور وشؤون الأسرة، والقائم على تحقيق الأمن والاستقرار فيها، وبناءً على ما سبق؛ فالأسرة تشمل كلا الزوجين والأقارب أيضاً، حيث قال الله تعالى: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ)،[1] ومصطلح الأسرة في الوقت الحاضر يُطلق على الأسرة الضيّقة التي تتكوّن من الزوج والزوجة والأولاد، ولكنّ الإسلام بيّن أنّ الأسرة هي التي تتكوّن من الزوجين والأولاد والأجداد والجدات وما تفرّع منهم، كما أنّ الإسلام بين الحقوق الواجبة لكلّ فردٍ من أفراد الأسرة، ووجّههم إلى الطريق الذي تتحقّق به المشاركة الأسريّة.[2]
أهميّة الأسرة
تمثّل الأسرة الأساس الأول الذي يقوم عليه المجتمع؛ فالمجتمع يتكوّن من مجموعةٍ من الأسر المرتبطة ببعضها البعض، وبقدر تماسك الأسر وترابط علاقتها تقاس قوّة المجتمع، والأساس في تماسك الأسرة تمسّكها في الدين الإسلاميّ، وللأسرة أهميّةٌ عظيمةٌ تظهر في العديد من الأمور، وفيما يأتي بيانٌ لبعضٍ منها:[3]
- تحقّق الأسرة الحاجة والغريزة الفطريّة والضرورة البشريّة الموافقة لطبيعة الحياة الإنسانيّة، ومثال ذلك العمل على إشباع الرغبة الفطريّة المتمثّلة في الميل الغريزيّ للنسل والأولاد والذريّة، وكذلك العمل على إشباع حاجة الرجل من المرأة، وحاجة المرأة من الرجل، وكذلك الحاجات الجسميّة والنفسيّة والعاطفيّة والروحيّة.
- السعي لتحقيق العديد من المعاني الاجتماعيّة التي لا يمكن تحقيقها إلّا بوجود الأسرة، مثل: حفظ الأنساب وعدم اختلاطها، وحماية المجتمع وصيانته من الآفات والأمراض والأوبئة النفسيّة والجسميّة، والوصول إلى التكافل والتعاون الاجتماعيّ.
- غرس وصيانة العديد من الأخلاق الكريمة والفضائل الحسنة في الأفراد والجماعات، بناءً على ما ورد في القرآن الكريم والسنّة النبويّة من الأسس الثابتة التي تقوم عليها الأسرة، ومن ذلك بيان أنّ أصل الخَلق واحدٌ؛ فالرجال والنساء جميعاً خَلق الله، خلقهم الله من طينٍ وكلّهم من آدم عليه السّلام، حيث قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً)،[4] كما بيّن القرآن الكريم أنّ الأساس الذي تقوم عليه الأسرة؛ هو المودة والرحمة والسكينة والطمأنينة، حيث قال الله عزّ وجلّ: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)،[5] وذلك ينعكس إيجاباً على تربية الأبناء، فيجعلهم ليّنيين لطيفين، متذلّلين وخاضعين لوالديهم، داعين لهم بالرحمة والمغفرة بسبب حسن تربيتهم لهم، ومن المبادئ التي تقوم عليها الأسرة المسلمة؛ العدالة والمساواة بين الأفراد في أخذهم لحقوقهم الواجبة لهم، وفي المقابل قيامهم بما عليهم من الواجبات، كما أنّ الأسرة تقوم على مبدأ التكافل والتعاون الاجتماعي بين أفرادها، وإنّ من مظاهر تحقيق ذلك؛ تشريع أحكام النفقات والميراث والوصايا.
حقوق أفراد الأسرة
الأصل في العلاقة بين أفراد الأسرة الواحدة قيامها على المحبة والمودة والسكينة والطمأنينة، إلّا أنّ الإسلام بيّن عدّة حقوق واجبة لكلّ طرفٍ من أطراف الأسرة، وفيما يأتي بيان البعض منها:[6]
- أوجب الإسلام للزوجة العديد من الحقوق المستقلّة، فأوجب على الزوج رعايتها، ومعاملتها بإحسان، حيث قال الله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)،[7] كما أنّ الإنفاق على الزوجة من واجبات الزوج، وإن كانت غنيّةً، ودليل ذلك قول الله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِم)،[8] كما أنّ الواجب على الزوج تعليم الزوجة تعاليم وأوامر الإسلام، وإلزامها بها، حيث قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)،[9] ويجب على الزوج أيضاً حفظ سرّ زوجته، ومعاملة أقاربها وأهلها بإحسانٍ.
- بيّنت الشريعة الإسلاميّة العديد من الحقوق الواجبة للزوج؛ فيجب على الزوجة طاعته بالمعروف؛ أي في غير المعاصي من الأقوال والأفعال، ورعاية منزله وعرضه وماله، حيث قال رسول صلّى الله عليه وسلّم: (والمرأةُ في بيتِ زَوجِها راعيةٌ وهي مَسؤولةٌ عن رعيَّتِها)،[10] كما لا يجوز من الزوجة الخروج من البيت دون إذن زوجها، أو إفشاء سرّه، أو عدم احترام أهله وأقربائه، وقد وردت الكثير من الأحاديث النبويّة الشريفة المبيّنة لحقوق كلٍّ من الزوجين، والحاثّة لكلّ واحدٍ منهما أن يحافظ على حقّ الآخر ويصونها.
- حثّ الإسلام الوالدين على القيام بحقوق الأبناء الواجبة عليهما؛ فيجب على الوالدين تسمية أولادهم بأفضل الأسماء وأحسنها، وأداء العقيقة عنهم، حيث قال الرسول عليه الصّلاة والسّلام: (الغلامُ مرتهنٌ بعقيقِته يُذبح عنه يومَ السابعِ، ويسمَّى، ويحلقُ رأسه)،[11] كما يجب على الوالدين معاملة أولادهم برفقٍ ولينٍ ولطفٍ، والحرص على العدل والمساواة بينهم، وخاصّةً بين الذكور والإناث، حيث روى البخاري في صحيحه عن النعمان بن بشير أنّ الرسول -عليه الصّلاة والسّلام- قال: (فاتَّقوا اللهَ واعدِلوا بينَ أولادِكُم)،[12] مع الحرص على تعليم الأبناء تعاليم الإسلام وآدابه، والإنفاق عليهم، وتلبية حاجاتهم.
المراجع
- ↑ سورة النحل، آية: 72.
- ↑ "تعريف الأسرة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-10-2018. بتصرّف.
- ↑ "أهمية الأسرة ومكانتها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-10-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 1.
- ↑ سورة الروم، آية: 21.
- ↑ "الأسرة في الإسلام (3)"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-10-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 19.
- ↑ سورة النساء، آية: 34.
- ↑ سورة التحريم، آية: 6.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2558، صحيح.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن سمرة بن جندب، الصفحة أو الرقم: 1522، حسن صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم: 2587، صحيح.