الفرق بين الحديث القدسي والنبوي
الحديث النبوي
يطلق الحديث في اللغة على ما يصدر من الناس من الأقوال والأخبار،[1] أمّا الحديث النبوي فهو ما نُقل وأُثر من أقوالٍ وأفعالٍ أو تقارير أو صفاتٍ خَلقيةٍ أو خُلقيةٍ عن النبي -عليه الصلاة والسلام-،[2] والتقرير المقصود به إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام- وموافقته وسكوته لما صدر أمامه أو بلغه من الأقوال والأفعال، ذلك أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يقرّ أو يوافق على أمرٍ ما غير مشروعٍ، والصفات الخَلقية التي يقصد بها لون بشرة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وطوله، وطريقة مشيه، وغير ذلك من الصفات الخَلقية، أمّا الصفات الخُلقية فمثالها الشجاعة التي كان النبي -عليه السلام- يتحلّى بها، وتواضعه، وعطفه، ولينه، وغير ذلك من الأخلاق الحميدة، وتجدر الإشارة إلى أنّ بعض العلماء ذهبوا إلى القول بأنّ الحديث يشمل أقوال وأفعال الصحابة والتابعين، وخصّص البعض لفظ الحديث بما ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام، وجعلوا لفظ الخبر شاملاً لما ورد عن النبي وغيره.[3]
الحديث القدسي
القدسي في اللغة اسمٌ منسوبٌ إلى القدس، ويدلّ على الطهارة والمباركة، فيُقال: قدسي؛ أي طاهرٌ ومباركٌ،[4] ومنه الحديث القدسي الذي يطلق على الحديث المنقول عن النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي أسنده إلى ربه عزّ وجلّ،[5] وقد يكون السبب الذي من أجله سميت الأحاديث بالقدسية يكمن في دلالات الأحاديث ومعانيها المرتبطة بتقديس وتنزيه وتمجيد الله -سبحانه- عن كلّ نقصٍ، وممّا يؤيد ذلك أيضاً ندرة الأحاديث القدسية التي تتحدث عن الأحكام التكليفية، وتتعدد الصيغ التي يرد بها الحديث القدسي، منها: قول الراوي: قال النبي -عليه الصلاة والسلام- فيما يرويه عن ربه، ومنها أيضاً: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: قال الله -تعالى-، وقد يرد بصيغة: قال الله -تعالى-، كما أنّ الحديث القدسي ليس بالضرورة أنّه ثابتٌ ثبوتاً لا علة فيه، فالحديث القدسي قد يكون صحيحاً أو حسناً أو ضعيفاً، فوصف الحديث بأنّه قدسي يعني أنّ الحديث منسوبٌ إلى الله تعالى، كما اختلف العلماء في كون الحديث القدسي كلام الله -تعالى- باللفظ والمعنى أم بالمعنى فقط، فذهب بعضهم إلى القول بأنه كلام الله باللفظ والمعنى أُوحي به إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام- بطريقةٍ من طرق الوحي من غير طريق جبريل عليه السلام، وقال آخرون بأنّ الحديث القدسي كلام الله بالمعنى فقط دون اللفظ.[6]
الفرق بين الحديث النبوي والحديث القدسي
يفرّق بين الحديث النبوي والحديث القدسي بعدّة أمورٍ، بيانها تفصيلاً فيما يأتي:
- تكمُن الغاية من الأحاديث القدسية التوجيه والإرشاد الرباني فيما يتعلّق بأمور العقيدة والتوحيد وكمال قدرة الله، وما ينبني على العقيدة من سلوكٍ وعملٍ، وليست الغاية منها بيان حكمٍ تكليفي أو معالجة حادثةٍ ما أو إجابة سؤال، أمّا الأحاديث الأخرى فيغلب عليها البيان والتفصيل لما صحّ وثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام.[7]
- ثبتت الأحاديث القدسية بأخبار الآحاد، وكذلك غالبية الأحاديث النبوية، إلّا أنّ منها المتواتر اللفظي والمعنوي.[7]
- يتضمن الحديث النبوي ما ثبت من قول أو فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، أمّا الحديث القدسي فيتعلّق بما أخبر به الرسول -عليه السلام- عن ربه -عزّ وجلّ-.[8]
الفرق بين الحديث القدسي والقرآن
توجد عدّة أمورٍ يمكن من خلالها التفريق بين الحديث القدسي والقرآن الكريم، بيانها فيما يأتي:[9]
- آيات القرآن الكريم أوحى بها الله -تعالى- إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام- باللفظ والمعنى، بواسطة أمين الوحي جبريل -عليه السلام-.
- القرآن الكريم معجزته خالدةٌ وباقيةٌ على مر الأزمان، ولم يستطع العرب الإتيان بشيءٍ مثله أو معارضته، والتحدي به لم ينتهِ.
- لا تُنسب آيات القرآن إلّا لله -تعالى-، أمّا الحديث القدسي فيُضاف إلى الله -تعالى- إنشاءً، كأن يُروى بقول: قال أو يقول الله تعالى، كما أنّه يُضاف إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام- وتكون نسبته إلى الله -تعالى- نسبة إخبارٍ لا إنشاءٍ، وتكون صيغة الإخبار بقول: قال الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- فيما يرويه عن ربه -عزّ وجلّ-.
- نُقل القرآن الكريم بالتواتر وحُفظ من التبديل والتحريف، وثبت بصورةٍ قاطعةٍ، قال الله تعالى: (إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ)،[10] وذلك بخلاف الأحاديث القدسية، إذ إنّها أخبار آحادٍ يُحكم عليها كما يُحكم على باقي الأحاديث النبوية، فيطرأ عليها القبول والردّ، فتكون إمّا صحيحةً أو حسنةً أو ضعيفةً، وإطلاق صفة القدسي على الحديث لا يعني أنّه مقطوعٌ بصحته.
- لا يجوز لمن أصابه حدثٌ ما مسّ القرآن الكريم، كما لا يجوز لمن أصابته الجنابة قراءته، بخلاف الأحاديث القدسية التي يجوز فيها المسّ والقراءة.
- يتعبّد العبد لله -تعالى- ويتقرب منه بتلاوة آيات القرآن الكريم، وينال عشر حسناتٍ بتلاوة كلّ حرف منه بخلاف الأحاديث القدسية.
- يُحكم على من جحد شيئاً من القرآن الكريم بالكفر؛ إذ إنّه ثبت قطعاً، بخلاف الأحاديث القدسية.
عدد الأحاديث القدسية
بيّن الإمام الهيثمي في شرحه للأربعين النووية أنّ عدد الأحاديث القدسية يبلغ مئة أو أكثر، إلّا أنّ البعض من العلماء قال بأنّها تتجازو ذلك، فقد ورد أنّ الأمام المناوي قال بأنّ الأحاديث القدسية بلغت مئتين واثنين وسبعين حديثاً، وقد صنفها مرتبةً على حروف المعجم في كتابٍ أطلق عليه: الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية، إلّا أنّه أوردها دون سندها.[7]
المراجع
- ↑ "تعريف و معنى الحديث في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 10-9-2019. بتصرّف.
- ↑ محمود الطحان (2010)، تيسير مصطلح الحديث (الطبعة الحادية عشر)، الرياض: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، صفحة 17، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ الشيخ طه محمد الساكت (16/3/2014)، "في معنى " الحديث " لغة واصطلاحا وما يتصل به"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-9-2019. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى القدسي في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 10-9-2019. بتصرّف.
- ↑ محمود الطحان (2010)، تيسير مصطلح الحديث (الطبعة الحادية عشر)، الرياض: مكتبة المعارف، صفحة 158، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ "مقدمة حول الأحاديث القدسية"، www.islamweb.net، 12/07/2004، اطّلع عليه بتاريخ 10-9-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت حسن أيوب (2004)، الحديث في علوم القرآن والحديث (الطبعة الثانية)، الإسكندرية: دار السلام، صفحة 176-177، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ "الفرق بين القرآن الكريم والحديث القدسي والحديث النبوي"، www.islamweb.net، 29-3-2006، اطّلع عليه بتاريخ 10-9-2019. بتصرّف.
- ↑ حسن أيوب (2004)، الحديث في علوم القرآن والحديث (الطبعة الثانية)، الإسكندرية: دار السلام، صفحة 175-176، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة الحجر، آية: 9.