-

الفرق بين صلاة الفرد وصلاة الجماعة

الفرق بين صلاة الفرد وصلاة الجماعة
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الصلاة

هي الركن الأعظم الذي فرضه الله -تعالى- بعد الشهادتين، وهي جماعٌ للخير كلّه، حيث يبقى الدين ما بقيت الصلاة، وينقص الدين ويغيب إن غابت، وتصلح الأرض بكثرة المقيمين لها، وتخرب بقلّتهم، فهي الجامعة لأمور الإسلام، فقد قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (رأسُ الأمرِ الإسلامُ، وعمودُهُ الصلاةُ)،[1] وقد خصّ الله -تعالى- الأمة الإسلامية وفضّلها، بأن فرض عليها خمس صلواتٍ في السماوات العلى ليلة المعراج، حيث ذكر في كتابه فرضيّتها وأهميتها، ثم بيّن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في سنّته كيفيتها، وعلّم العباد كلّ قولٍ وفعلٍ فيها، فقال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (صلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي)،[2] ونُقلت هذه الكيفية من جيلٍ لجيلٍ، فلم يهملوا منها قولاً أو فعلاً، فمن أراد الخير الكبير، والأجر العظيم، والصلاح والبركة، والرفعة في الدنيا والآخرة، فعليه بالصلاة، والمحافظة على أدائها.[3]

صلاة الجماعة

لقد شرع الله -تعالى- أن تؤدّى الصلاة جماعة في المساجد في حقّ الرجال، وذلك إظهاراً للدين، وتمييزاً للمؤمنين عن المنافقين، وتنشيطاً لكلّ عباد الله الصالحين، وتعليماً وتفهيماً للجاهلين، وجعل الله -تعالى- في المشي إليها كلّ الأجر والحسنات، والرفعة في الدرجات، ومحواً للآثام والخطايا،[4] حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (مَن غَدا إلى المَسجدِ وراح، أَعدَّ اللهُ لَه نُزُلَه مِنَ الجنَّةِ، كلَّما غَدا أو راحَ)،[5] ولقد حرص الصحابة والصالحون على أداء صلاة الجماعة، وداوموا عليها في مساجدهم، وأسوتهم في ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، الذي كان يحرص على أدائها حتى في أصعب الأوقات وأشدّها حرجاً، وحتى في مرضه، فقد كان يحاول ويغتسل لكلّ صلاةٍ، لعلّه يتمكّن من أدائها جماعةً مع المسلمين، ولمّا جاءه رجلٌ أعمى، قال: (يا رسولَ اللهِ، إنّه ليس لي قائدٌ يقودُني إلى المسجدِ، فسأل رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أن يُرخِّصَ له فيُصلِّي في بيتِهِ، فرخَّصَ له، فلمّا ولَّى دعاه، فقال: هل تسمعُ النداءَ بالصلاةِ؟ فقال: نعم، قال فأَجِبْ).[6][7]

حكم صلاة الجماعة

اختلف العلماء في حكم صلاة الجماعة وذهبوا في ذلك إلى عدّة آراءٍ، وبيانها فيما يأتي:[8]

  • منهم من قال إنّ الصلاة في جماعةٍ شرطٌ من شروط صحة الصلاة، وأنّ من صلّى لوحده دون عذرٍ لذلك، فقد بطلت صلاته.
  • منهم من قال إنّ الصلاة في جماعةٍ واجبةٍ، ويجب السعي إليها.
  • منهم من قال إنّها فرض كفايةٍ، بحيث إذا قام بها البعض؛ سقط الإثم عن البعض الآخر، وأصبح حكمها في حقّهم سنةً.
  • منهم من قال إنّها سنّةٌ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

الفرق بين صلاة الفرد وصلاة الجماعة

إنّ من عظم أهمية الصلاة في الإسلام أنّ الشريعة فاضلت بين أدائها بشكلٍ فرديٍ، وبين أدائها في جماعةٍ، فجعلت أداءها في جماعةٍ أفضل بكثيرٍ من أدائها بشكلٍ منفردٍ، ورتّبت على ذلك الأجر والفضل العظيم، وفيما يأتي تفصيلٌ لأهمية صلاة الجماعة، وفضلها على صلاة الفرد:[9]

  • صلاة الجماعة تفضل صلاة الفرد في الأجر والثواب عند الله تعالى، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (صلاةُ الرجلِ في الجماعةِ تُضَعَّفُ على صلاتِه في بيتِه، وفي سُوقِه، خمساً وعشرين ضِعفاً، وذلك أنّه: إذا توضَّأَ فأحسَنَ الوُضوءَ، ثم خرَج إلى المسجدِ، لا يُخرِجُه إلا الصلاةُ، لم يَخطُ خُطوَةً، إلا رُفِعَتْ له بها درجةٌ، وحُطَّ عنه بها خَطيئَةٌ، فإذا صلَّى، لم تَزَلْ الملائكةُ تصلي عليه، ما دام في مُصَلَّاه: اللهم صلِّ عليه، اللهم ارحَمْه، ولا يَزالُ أحدُكم في صلاةٍ ما انتَظَر الصلاةَ)،[10] ممّا يدلّ على تضعيف الثواب للمصلّي في جماعةٍ بهذه الدرجات، والأوصاف المذكورة.
  • إنّ الحرص على أداء الصلاة في جماعةٍ، والمشي لها يؤدي لتكفير الذنوب والخطايا، ورفع الدرجات عند الله تعالى، قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (من تطهرَ في بيتِه ثم مشى إلى بيتٍ من بيوتِ اللهِ، ليقضي فريضةً من فرائضِ اللهِ، كانت خطوَتاهُ إحداهما تحطُّ خطيئةً، والأخرى ترفعُ درجةً).[11]
  • أعدّ الله تعالى الدرجات العليا من الجنّة لمن يحرص على صلاة الجماعة، ويواظب على الذهاب للمساجد، وشهود الجماعات، قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (مَن غَدا إلى المَسجدِ وراح، أَعدَّ اللهُ لَه نُزُلَه مِنَ الجنَّةِ، كلَّما غَدا أو راحَ)،[12] يقول الإمام ابن رجب -رحمه الله- معلّقاً على الحديث: (إنّ من خرج إلى المسجد للصلاة فإنّه زائرٌ لله تعالى، والله يعدّ له نزلاً من المسجد، كلّما انطلق إلى المسجد، سواءً كان في أول النّهار أو في آخره).
  • يؤمّن الله -تعالى- لمن يحرص على الجماعة، وتحديداً من يدرك التكبيرة الأولى من عمل المنافق في الدنيا، ومن عقابه في الآخرة، فإنّ المنافقين إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى، وحال الحريص على الجماعة هو خلافهم.
  • تعظيم الله -تعالى- لفضل الجماعة، والتبكير لها، والمحافظة على الصف الأول، والذي يخسره من يؤدّي صلاته بشكلٍ منفردٍ، قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (لو يعلمُ الناسُ ما في النداءِ والصفِّ الأولِ، ثمّ لم يجدُوا إلا أن يستهِمّوا عليه، لاسْتهَمّوا عليه، ولو يعلمون ما في التهْجيرِ لاسْتبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العَتَمَةِ والصبحِ، لأتوْهما ولو حبْواً).[13]
  • تعمل صلاة الجماعة على تواصل وتعارف الناس لبعضهم البعض، وزيادة العلاقات فيما بينهم، ممّا ينتج عنه التواد بين المسلمين.
  • في صلاة الجماعة إظهارٌ لشعيرةٍ من أعظم شعائر الإسلام، وهي الصلاة، فلو صلّى النّاس كلّهم في بيوتهم، ما عُرفت الصلاة، ولا انتشرت.
  • تحقّق صلاة الجماعة العزّة للمسلمين، والإغاظة للكفار والمنافقين، وذلك من خلال مشهد دخول جموع المصلين للمساجد، ثمّ خروجهم جميعاً.
  • تُعلّم صلاة الجماعة الجهلاء، وترشدهم لتعلّم أحكام الصلاة، وأدائها بالشكل الصحيح.
  • تُعوّد صلاة الجماعة الأمة الإسلامية على الاجتماع وعدم التفرقة، وتجعلهم يستشعرون الوقوف في صف الجهاد، والاستعداد لذلك، وعدم التقدّم أو التأخّر عنه.
  • تضبط صلاة الجماعة نفس المسلم، وتربّيه على المحافظة على الأوقات، وذلك من خلال متابعته لوقت الأذان، ومتابعته كذلك للإمام أثناء الصلاة.
  • تعمل صلاة الجماعة على تحطيم الفوارق الاجتماعية، وتُشعر المسلمين بالمساواة فيما بينهم، فالكلّ مجتمعٌ في المسجد، وواقفٌ في صفوف المصلين، دون تفريقٍ بين غنيٍ و فقيرٍ، أو حاكمٍ ومحكومٍ، أو صغيرٍ وكبيرٍ.
  • تزيد صلاة الجماعة من نشاط المسلم، فعندما يشاهد أهل العبادة ويجتمع معهم، فإنّ ذلك سيؤدي إلى تحفيزه في الطاعة.
  • تُقوّي صلاة الجماعة من الروابط الاجتماعية بين المسلمين، فعند اجتماعهم بشكلٍ دائمٍ في المسجد، فإنّهم يتعرّفون إلى بعضهم، ويحرصون على تفقّد أحوالهم، فيعينون الفقير، ويزورون المريض، وينصحون العاصي، ويتواصون فيما بينهم بالحقّ، وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

المراجع

  1. ↑ رواه ابن القيم، في الصلاة وحكم تاركها، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 34، صحيح.
  2. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن مالك بن الحويرث، الصفحة أو الرقم: 893، صحيح.
  3. ↑ علي بن عبد الرحمن الحزيفي (20-11-2013)، "الصلاة"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-10-2018. بتصرّف.
  4. ↑ الشيخ عبد الله بن صالح القصيِّر (9-11-2016)، "الحض على صلاة الجماعة وبيان شيء من ثوابها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-10-2018. بتصرّف.
  5. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 662، صحيح.
  6. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 653، صحيح.
  7. ↑ "الحرص على صلاة الجماعة"، www.islamweb.net، 28-4-2011، اطّلع عليه بتاريخ 14-10-2018. بتصرّف.
  8. ↑ "حكم صلاة الجماعة"، binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 14-10-2018. بتصرّف.
  9. ↑ أحمد عرفة (15-7-2013)، "فضل صلاة الجماعة"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-11-2018. بتصرّف.
  10. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 647، صحيح.
  11. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 666، صحيح.
  12. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 662، صحيح.
  13. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 615، صحيح.