-

الفرق بين الإسلام والإيمان

الفرق بين الإسلام والإيمان
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الإسلام

يُقصد بالإسلام الاستسلام والانقياد لله تعالى، وعدم الشرك به، وطاعته، وتجدر الإشارة إلى أنّ الإسلام يقوم على أسس وركائز تنبني عليها أحكامه وتشريعاته، وهي المُبيّنة في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (بنيَ الإسلامُ علَى خمسٍ شهادةِ أن لا إلَه إلَّا اللهُ وأنَّ محمدًا رسولُ اللهِ وإقامِ الصلاةِ وإيتاءِ الزَّكاةِ وصومِ رمضانَ وحجِّ البيتِ)،[1] ويجدر بالمسلم أن يقوم بها ويؤديها وويحرص عليها ويلتزم بها، وبذلك يتحقق الإسلام في قلبه، ويسير على نورٍ وهدى من ربه سبحانه، فالإسلام لا يتحقق إلا بالإيمان بأركانه التي وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية، وأولها الشهادتين التي تُحقّق للعبد العصمة في ماله ودمه وعرضه، وثانيها الصلوات الخمس التي تُؤدّى وفق ما ورد عن محمد عليه الصلاة والسلام، حيث قال: (صَلُّوا كما رأيتُموني أُصَلِّي)،[2] فكل صلاة لا بُدّ أن تُؤدّى كاملةً من غير نقص في الوقت المحدد لها، وثالث أركان الإسلام الزكاة التي تتحقق بها المصلحة لكلا الطرفين المتعلقين بها، الآخذ لها والمعطي على حدٍ سواءٍ، فالزكاة تطهّر نفس المعطي لها من الشح والبخل والتقتيير، وتطهّر نفس الآخذ لها من الحسد والعين، كما أنّ الزكاة تمثّل معنى التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، فلا تنحصر الأموال بأيدي الأغنياء فقط، ورابع أركان الإسلام الصيام الذي يمتحن به الله تعالى صبر المؤمن وتحمّله وخضوعه لأوامره سبحانه، نيلاً للأجر العظيم والثواب الجزيل من الله تعالى، وآخر أركان الإسلام الحج إلى بيت الله الحرام، فتزول به الفورقات بين الأفراد، كما تجدر الإشارة إلى وجود العديد من الأعمال التي تتبع أركان الإسلام الخمسة، منها: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتعاون على الخير والبر والتقوى، وصلة الأرحام، وبر الوالدين، والتخلّق بالأخلاق الكريمة الفاضلة التي حثّ عليها الإسلام.[3]

الإيمان

يُعرّف الإيمان بأنه الاعتقاد الجازم الذي لا شكّ فيه بأنّ الله تعالى ربّ كل شيء، وخالقه، ومالكه، والاعتقاد أيضاً بأن الله تعالى وحده المستحق للعبادة المنفرد بها عمّا سواه، وأنه سبحانه متّصف بصفات الكمال، ومنزّه عن صفات النقص والعيب، وفي بيان حقيقة الإيمان قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (أن تُؤمِنَ باللهِ، وملائكتِه، وكُتبِه، ورُسلِه، واليومِ الآخِرِ، وتُؤمِنَ بالقدَرِ خَيرِه وشَرِّه)،[4] والإيمان بالله تعالى يتحقق بتحقيق الوحدانية له في ثلاثة أمور، أولها توحيد الربوبية الذي يتمثل بالاعتقاد الجازم بأن الله تعالى رب كل شيء، ولا يوجد رب غيره، أي أنه تعالى متفرّد بالخلق والتدبير، حيث قال: (أَلا لَهُ الخَلقُ وَالأَمرُ تَبارَكَ اللَّـهُ رَبُّ العالَمينَ)،[5] وفي تفسير الآية السابقة قال العلماء: (يخبِرُ تعالى بأنه خَلق هذا العالَم؛ سماواته وأرضه، وما بين ذلك في ستة أيام، كما أخْبَرَ بذلك في غير ما آية من القرآن، والستة الأيام هي: الأحد، والاثنين، والثلاثاء، والأربعاء، والخميس، والجمعة، وفيه اجتمع الْخَلق كلُّه، وفيه خُلِق آدمُ عليه السلام)، وتجدر الإشارة إلى أنّ توحيد الربوبية من الأمور المعترف بها لدى الكافرين والمنافقين، إلا أنّهم يعبدون من دونه، ولذلك فلا يُقبل منهم إلا الإيمان والاعتراف بجميع أنواع التوحيد، والنوع الثاني من أنواع التوحيد توحيد الألوهية الذي يتمثّل بالإيمان بأنّ الله تعالى هو الإله الوحيد، وإفراده بالعبادة، مع الإخلاص في ذلك، والخوف والرجاء والخشية منه، مع التذلّل والخضوع والاستسلام له، وتوحيد الألوهية هو التوحيد الذي يميّز أهل الإيمان عن أهل الكفر والشرك، وذلك ما ورد عن ابن تيمية رحمه الله ، حيث قال: (وهذا التوحيد هو الفارق بين الموحِّدين والمشركين، وعليه يقعُ الثواب والجزاء)، والنوع الثاث من التوحيد توحيد الأسماء والصفات، أي أنّ الله تعالى متّصف بجميع صفات الكمال، ومنزّه عن جميع صفات النقص، كما يجب إثبات ما أثبته لنفسه أو أثبته الرسول عليه الصلاة والسلام دون تشبيه أو تعطيل أو تكييف، حيث قال الله سبحانه: (فَلا تَضرِبوا لِلَّـهِ الأَمثالَ).[6][7]

الفرق بين الإسلام والإيمان

الإسلام والإيمان مرتبتان من مراتب الدين، فأول مرتبة فيه الإسلام، ثمّ الإيمان أعلى منه درجة، ثمّ يأتي الإحسان بأعلى درجات الدين، وذلك ما رود في الحديث الذي سأل فيه جبريل عليه السلام النبي عليه الصلاة والسلام عن مراتب الدين، وذكر كلاً من الإسلام والإيمان والإحسان، ثمّ ختم الرسول عليه السلام الحديث قائلاً: (ذاكَ جِبريلُ أتاكم يُعلِّمُكم دِينَكم)،[8] وممّا يُؤيّد ذلك ما ورد من أن الأعراب ذهبوا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام أول ما أسلموا، وادّعوا لأنفسهم مرتبة لم يصلوها، فنزل قول الله تعالى: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَـكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّـهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)،[9] فأول ما أعلن الأعراب إسلامهم لم يكن الإيمان متحققاً في قلوبهم، وإن كان في قلوبهم إيمان إلا أنه ضعيف غير مكتمل أو متحقق بشكل كامل، إلا أنّهم مسلمون وليسوا كفاراً أو منافقين أو مشركين، وإن تم ذكر الإسلام والإيمان معاً فكل واحد منهما يدل على معنى مختلف عن المعنى الذي يدل عليه الآخر، فالإسلام هو الانقياد الظاهري، أما الإيمان فهو الانقياد الباطني، ولكن إن ذُكر الإسلام وحده أو الإيمان وحده، فالآخر يدخل بالذي ذُكر، فإذا ذكر الإسلام وحده فالإيمان يُعتبر داخلاً به، وإذا ذكر الإيمان وحده فالإسلام داخل به، فالإيمان عند أهل السنة والجماعة عمل بالأركان وتصديق بالجنان وقول باللسان، وهو مشتمل للإسلام، والإسلام إذا ذكر وحده يُعدّ قولاً باللسان وعملاً بالأركان وتصديقاً بالجنان.[10]

المراجع

  1. ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2609، صحيح.
  2. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن مالك بن الحويرث، الصفحة أو الرقم: 6008، صحيح.
  3. ↑ "معنى الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-12-2018. بتصرّف.
  4. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 8، صحيح.
  5. ↑ سورة الأعراف، آية: 54.
  6. ↑ سورة النحل، آية: 74.
  7. ↑ "الإيمان بالله تعالى"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-12-2018. بتصرّف.
  8. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 168، أخرجه في صحيحه.
  9. ↑ سورة الحجرات، آية: 14.
  10. ↑ "ما هو الإيمان وما الفرق بينه وبين الإسلام؟"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-12-2018. بتصرّف.