ظهور الإسلام وانتشاره
الإسلام
يُعرّف الإسلام لغةً على أنه الانقياد، والخضوع، والإذعان، والاستسلام، والامتثال لما يأمر به الآمر، والانتهاء عما ينهى، والإيمان به سبحانه، وإخلاص العبادة له وتصديق خبره، أما اصطلاحاً فالإسلام هو الدين الذي بُعث به محمد صلى الله عليه وسلم، ومما يميّز تسمية هذ الدين العظيم أنه يدل على صفة لا على اسم شخص أو أمة معينة، فالبوذية على سبيل المثال مُشتقة من اسم مؤسسها، وهو بوذا، واليهودية نسبة إلى قبيلة وهي يهوذا، والنصرانية نسبة إلى النصارى، أما الإسلام فيدل على صفة معينة مشتقة من معنى الإسلام، وهو ما يدل على أن الإسلام لم يؤسّس من قبل أحد البشر، وليس خاصاً بأمة معينة، بل شرعه الله -تعالى- ليتحلى جميع البشر على اختلاف ألوانهم وأجناسهم بصفته، فكل من تحلى بصفة الإسلام منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها وإلى قيام ساعة فهو مسلم.[1]
ظهور الإسلام وانتشاره
ظهر الإسلام مع بعثة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، حيث نزل عليه الوحي لأول مرة في مكة المكرمة، وكان ذلك في يوم الإثنين من شهر رمضان بعد مُضيّ 40 عاماً من عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي في العام 13 ق.هـ، وهو ما يوافق سنة 609م، وقد بيّن سلمان الفارسي -رضي الله عنه- أن بين بعثة محمد -صلى الله عليه وسلم- وميلاد عيسى عليه السلام 600 عام.[2]
انتشار الإسلام في عهد النبي عليه الصلاة والسلام
مرّ انتشار الإسلام والدعوة إليه خلال عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمرحلتين أساسيّتين؛ وهما المرحلة المكية التي استمرت ثلاثة عشر عاماً، والمرحلة المكية التي استمرت لعشرة أعوام، وقد اشتملت كل مرحلة من المرحلتين على خصائص معينة من حيث الدعوة وانتشار الإسلام، ويمكن تفصيل المرحلتين فيما يأتي.[3]
المرحلة المكية
انطلقت دعوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الإسلام من مكة المكرمة، ومرت هذه الدعوة بمرحلتين، وهما:[3]
- الدعوة السرية: بدأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالدعوة إلى الإسلام في مكة سراً، ويرجع السبب في ذلك إلى أن مكة مركز دين العرب، وبها سدنة الكعبة، وخدمة الأصنام والآلهة المقدسة عند كل العرب، ومن الحكمة عدم الإعلان بدعوة الإسلام مباشرة فيها حتى لا يتفاجأ أهل مكة بالدعوة الجديدة ويثوروا عليها، فبدأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالدعوة في أهل بيته، وأصدقائه والمقربين منه، الذين يعرفهم جيداً ويعرفون صدقه وأمانته، وهم الذين عُرفوا في التاريخ بالسابقين الأولين، فكان من أوائل المسلمين في تلك المرحلة زوجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، ومولاه زيد بن حارثة، وابن عمه علي بن أبي طالب، وصديقه الحميم أبو بكر الصديق -رضي الله عنهم- جميعاً.
ثم نشط أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- في الدعوة إلى الإسلام مستغلاً قربه من قلوب جلسائه، فأسلم على يديه رجال من صفوة أهل مكة ومنهم: عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة بن عبيد الله -رضي الله عنهم- جميعاً، ثم أخذ الإسلام بالانتشار، فأسلم بلال بن رباح، وأبوعبيدة بن الجراح، وقرابة الأربعين رجلاً غيرهم، كما قال ابن إسحاق: (ثم دخل الناس في الإسلام أرسالا من الرجال والنساء حتى فشا ذكر الإسلام بمكة، وتحدث به)، وكان يجتمع بهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سراً، ليتلو عليهم ما يتنزل من القرآن الكريم، ويُفقّههم في الدين، وفي ذلك الوقت شُرعت الصلاة وكانت صلاتين في اليوم، واحدة في الغداة وأخرى بالعشي، وكان المسلمون يؤدّونها سراً في شعاب الجبال، وتكوّنت في تلك الفترة جماعة مؤمنة قائمة على الأخوة والتعاون في تبليغ الرسالة، واستمرت هذه المرحلة ثلاث سنوات كاملة، ثم أمر الله -تعالى- نبيه -عليه الصلاة والسلام- بالصدع بدعوة الإسلام علانية ومجابهة الكفار.
- الدعوة الجهرية: كانت بداية الدعوة الجهرية إلى الإسلام بأمر من الله تعالى، حيث أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإنذار قريش كافة، في قوله تعالى: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)،[4] فتوجه النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى جبل الصفا، وأخذ ينادي بطون قريش قائلاً: (يا بني فِهْرٍ، يا بني عَدِيٍّ، لبطونِ قريشٍ، حتى اجتمعوا، فجَعَلَ الرجلُ إذا لم يَسْتَطِعْ أن يَخْرُجَ أَرَسَلَ رسولًا؛ ليَنْظُرَ ما هو، فجاءَ أبو لهبٍ وقريشٌ، فقال: أَرَأَيْتَكم لو أَخْبَرْتُكم أن خيلًا بالوادي تريدُ أن تُغِيرَ عليكم أَكُنْتُم مُصَدِّقِيَّ؟ قالوا: نعم، ما جَرَّبْنَا عليك إلا صدقًا، قال: فإني نذيرٌ لكم بينَ يَدَيْ عذابٍ شديدٍ، فقال أبو لهبٍ: تبًّا لك سائرَ اليومِ، أَلِهذا جَمَعْتَنَا! فنزَلَتْ: تبت يدا أبي لهب وتب، ما أغنى عنه ماله وما كسب).[5][6]
وبعد تدخل أبي لهب تفرّق الناس، واستمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالدعوة جهراً، فكان لأقاربه موقفين متباينين، الأول هو موقف عمه أبو طالب الذي عزم على مساندته، وتأييده في دعوته، وحمايته من أي اعتداء، ولكن العجيب في موقف أبي طالب أنه قدّم كل ما هو مطلوب من المسلم أن يقدّمه لنصرة الإسلام، ولكنه لم يُسلم، ومات على الشرك، والموقف الثاني هو موقف عمه أبو لهب الذي أعلن عداوته للإسلام منذ أول لحظة وأصر عليها إلى أن مات.[6]
المرحلة المدنية
كانت نية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بنشر الإسلام خارج مكة واضحة جلية منذ بداية الدعوة، حيث طلب من أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- الإقامة في بني غفار ودعوتهم إلى الإسلام، وطلب أيضاً من الطفيل بن عمرو الدوسي البقاء في قبيلته دوس التي كانت تقيم بين الطائف واليمن، والدعوة إلى الإسلام فيها، وبعد أن بذل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كل طاقته وجهده في الدعوة للإسلام في مكة، وبعد إصرار قريش على كفرها وباطلها، هاجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة، وأقام فيها دولة الإسلام، وبعدها فتح الله -تعالى- على المسلمين، ودخل الناس في دين الله أفواجاً.[7]
فانتشر الإسلام في أغلب مناطق الجزيرة العربية، وانتشر في نجد بعد معركة الخندق، وبعد فتح مكة أسلمت قريش في مكة، وثقيف في الطائف، وفي العام التاسع للهجرة بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- للدعوة في اليمن، فانتشر الإسلام فيها انتشاراً واسعاً، وأسلمت قبيلة همدان المعروفة بكثرة العدد، وفي أواخر حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- راسل الدول العظمى في ذلك الوقت، وهي الإمبراطورية الساسانية، والإمبراطورية البيزنطية ودعاهم للإسلام.[7]
المراجع
- ↑ "ما معنى كلمة الإسلام ؟."، 5-1-2002، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 20-1-2109. بتصرّف.
- ↑ "متى كانت بداية الإسلام؟"، 25-6-1999، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 20-1-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الهلال، صفحة 64-67. بتصرّف.
- ↑ سورة الشعراء، آية: 214.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 4770، صحيح.
- ^ أ ب أ.د. راغب السرجاني (2010/04/21)، "مرحلة الدعوة الجهرية في مكة"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 20-1-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب أكرم ضياء العمري (13/06/2003)، "انتشار الإسلام في العهد النبوي"، www.articles.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-1-2019. بتصرّف.