مقومات التخطيط التربوي
التخطيط التربوي
يُعَدّ التخطيط التربوي نشاطاً إداريّاً يتمّ من خلاله تحديد الأهداف، والأنشطة التي يجب أداؤها؛ لتحقيق هذه الأهداف، وذلك ضمن الإمكانيّات المُتاحة، والوقت المُحدَّد، ويُعرَّف التخطيط التربويّ على أنّه: عمليّة مُنظَّمة يتمّ من خلالها تحقيق أهداف مُعيَّنة من خلال اختيار أفضل الحلول، والتخطيط التربوي: عمليّة توجيه لمسار التعليم في المستقبل، من خلال البحث، والدراسة، واتِّخاذ القرارات العقلانيّة؛ وذلك بهدف تمكين التعليم من الوصول إلى الأهداف الواجب تحقيقها في الوقت المطلوب، وباستخدام الوسائل الناجحة، والأكثر فاعليّة، حيث يُنظر إلى التخطيط على أنّه: الاستثمار، والاستخدام الأمثل للوقت، كما أنّ التخطيط التربوي يهتمّ بوَضع التقديرات الماليّة اللازمة؛ إذ إنّ التخطيط الناجح يُحقِّق استخداماً أفضل للموارد الماليّة، وبوسائل تتَّسِم بالكفاءة؛ لتحقيق الأهداف.[1]
مُقوِّمات نجاح التخطيط التربويّ
أُجرِيت العديد من التجارب على موضوع التخطيط، وتبيَّن أنّ هنالك العديد من الأمور الواجب توفُّرها؛ لضمان نجاح التخطيط التربويّ في جانب الإعداد، والتصميم، والتنفيذ، والمُتابعة، مع الأخذ بعين الاعتبار اختلاف مُتطلَّبات التخطيط حسب المراحل، وما يتضمّنه من عمليّات، وحجم هذه العمليّات، ومستواها، والمجال الزمانيّ، والمكانيّ لها، ويمكن تلخيص بعض مُقوِّمات نجاح التخطيط التربويّ بالآتي:[2]
- تجهيز خُطّة كاملة مُتجانِسة بناءً على كُلٍّ من المعايير الموضوعيّة، والمواصفات الواقعيّة، حيث تتمّ المساهمة فيها بشكل إيجابيّ من قِبَل الجهتَين: الرسميّة، والشعبيّة، ممّا يعني تنوُّع، وتضافر الجهود فيها؛ لإنتاج خُطّة واقعيّة قابلة للتنفيذ، وتحقيق الأهداف المطلوبة.[2]
- متابعة تنفيذ الخُطّة بشكل دوريّ، وتقييم ما تمّ إنجازه، وتحقيقه منها، وذلك بناءً على الفترة الزمنيّة المُحدَّدة في الخُطّة، والمسؤوليّات المُنوطة بوحدات التنفيذ، ومحاولة إزالة، وتجنُّب العوائق التي تعترضُ عمليّة التنفيذ.[2]
- توفُّر الأفراد المُؤهَّلين في مختلف المجالات، والذين يَعون أهمّية التخطيط، ولديهم معرفة بحيثيّات كُلِّ قطاع، وأعماله، ومَهامّه.[2]
- إيجاد هيئة مركزيّة نوعيّة صاحبة خبرات مُتميِّزة، حيث تهتمّ بالتخطيط، ومتابعة تنفيذ الخُطَط؛ إذ تأخذ هذه الهيئة البيانات الراجعة من عمليّة التنفيذ بشكل دقيق، ومُفصَّل، وتجري دراسات، وأبحاث مُتعمِّقة تجمع فيها البيانات، وتُرتِّبها، وتُصنِّفها، وتشارك هذه النتائج بين أجهزة التخطيط، وجهات التنظيم، فيتمّ الاستناد إليها؛ لاعتماد استمراريّة الخطّة، وزيادة فعاليّتها.[2]
- الاتِّصاف بالواقعيّة، حيث يتمّ التخطيط بالنظر إلى الواقع، ومعرفة إمكانيّاته، ومن ثمّ التخطيط للوضع الجديد بحيث تتناسب الخطّة مع الإمكانيّات المُتاحة، فلا تكون في حدود المستحيل، والأمنيات.[3]
- الاتِّصاف بالشموليّة، حيث إنّ عمليّة التخطيط التربويّ عمليّة تشمل مختلف الأنشطة، ويُعرَّف الشمول على أنّه: مقدرة الخطّة على التوجيه، والتحكُّم في الموارد المُتاحة؛ بهدف الوصول الى النموّ المُتوازن، من خلال عمليّة التنسيق، والتكامُل بين كلٍّ من السياسات، والقرارات التخطيطيّة.[3]
- الاتّصاف بالمرونة، حيث قد تتغيّر الظروف المُحيطة، ممّا يعني أنّه لا بُدّ للخطّة من أن تكون قادرة على التكيُّف مع هذه التغيُّرات، وأن تكون قابلة للتعديل، والحذف، والتغيير؛ وذلك لمواجهة هذه الظروف.[3]
- الاتِّصاف بالاستمراريّة، ويقصَد بالاستمراريّة: أن تتكامل، وتتسلسل عمليّات التخطيط التربوي، ولا تنقطع، حيث لا بُدّ من أن يبقى القائمون على وظيفة التخطيط ضمن عمليّة اتِّصال، وتفاعُل مُستمِرّ في مراحل التخطيط، ومستوياته جميعها. [3]
- الاتِّصاف بالالتزام، حيث تلتزم بتنفيذ الخطّة الوحدات الاقتصاديّة، والأفراد بمستوياتهم جميعها. [3]
- الاتِّصاف بالتنسيق، حيث يتمّ التنسيق بين الأهداف المَرجُوّ تحقيقها من خطّة، ووسائل، واستراتيجيّات تلزم التنفيذ، وأن تتكامل الخطّة بأجزائها جميعها كوحدة واحدة مُتوافِقة تُحقِّق الفاعليّة بين أجزائها.[3]
مراحل التخطيط التربويّ
يعتمد التخطيط على مراحل، وعمليّات تتفاعل، وتتكامل فيما بينها؛ تِبعاً لأسلوب، ومنهج مُنظَّمٍ، وعلميّ، يعتمد على التفكير في التنمية المُراد تحقيقها في واقع المجتمع، وذلك من خلال التربية، وفاعليّتها،[4] حيث يعتمد التخطيط التربويّ على العديد من المراحل، ومنها:[1]
- دراسة الوضع الحالي: حيث يتمُّ تقييم الوضع الحالي، ودراسة نقاط القوّة، والضعف، وتقييم الموارد البشريّة، والمادّية المُتاحة، وحَصر، ووضع القوانين، والأنظمة الخاصّة بالعمل، كما يتمّ أيضاً جمع البيانات اللازمة التي تُمكِّن من إجراء عمليّة التخطيط، وإجراء الدراسات الوصفيّة.
- تحديد الأهداف: يتمّ وضع الأهداف التي يجب تحقيقها من خلال ممارسة النشاط، حيث تُعبِّر هذه الأهداف عن الطموحات، والأهداف الاجتماعيّة التي يسعى المجتمع إلى تحقيقها، بالإضافة إلى كَون هذه الأهداف مُعبِّرة عن المشاكل، والمُعوِّقات.
- إعداد الخطّة: يتمّ تفسير، وتوضيح الأهداف كبرنامج عمل مُفصَّل، حيث يتمّ تحديد المدّة الزمنيّة للمراحل، والخطّة، ويتمّ حَصر ما يلزم من الاحتياجات؛ للمقدرة على تنفيذ الخطّة، كالأفراد، والوسائل، والمَعدّات، بالإضافة إلى دراسة البدائل، وتوقُّع النتائج.
- تنفيذ الخطّة: يتمّ تنفيذ الخطّة التي تمّ وضعها بعد الحصول على الموافقة من الهيئات المَعنيّة، والمسؤولين في المُؤسَّسات التعليميّة، وتوفير المُوازنات المطلوبة.
- المتابعة: تكمن أهمّية عمليّة متابعة تنفيذ الخطّة في التأكُّد من مدى تحقيق الأهداف التي تمّ وضعها، ومعرفة المُعوِّقات، والمشكلات التي تحول دون التنفيذ، وتحديد نقاط الضعف التي تمّ اكتشافها أثناء التنفيذ، وفي هذه المرحلة يتمّ إجراء بعض التعديلات على الخطّة، والأهداف بما يتناسب مع مُعوِّقات التنفيذ.
- التقويم: في هذه المرحلة يتمّ تحديد ما لم يتمّ تحقيقه، بالإضافة إلى إعداد التقارير التي يتمّ تجهيزها لدى التنفيذ؛ حيث يُنظَر الى هذه التقارير كبداية للخطّة القادمة.
أُسُس التخطيط التربويّ
يساعد التخطيط التربويّ على جعل النظام التربويّ أكثر كفاءة، وفاعليّة في الاستجابة لما يحتاجه المُتعلِّمون، بالإضافة الى زيادة المُعدَّلات التنمويّة،[4] حيث إنّ للتخطيط التربويّ الجيّد العديد من الأُسُس الواجب توفُّرها، ومنها:[1]
- الواقعيّة: حيث يُراعي التخطيط الواقع الملموس، والإمكانات المُتاحة، ولا يكون مُجرَّد أحلام غير قابلة للتحقيق، إذ لا بُدّ أن يُنتجَ التخطيط خطّة تساعد على تحقيق الأهداف المُمكِنة ضمن الوقت، والموارد المُتاحة.
- ترتيب الأولويّات: لا بُدّ في التخطيط من التركيز على الأولويّات في العمل، حيث يتمّ البدء بالمشاريع العاجلة، ثمّ الأقلّ منها أهمّية.
- الشمول والتكامُل: يُعَدّ التخطيط التربويّ عمليّة مُتكامِلة، ومُتداخِلة مع القطاعات الأخرى، فعند التخطيط لقطاع مُعيَّن، لا بُدّ من النظر إلى علاقاته مع القطاعات الأخرى.
- الاستمراريّة: إنّ عمليّة التخطيط عمليّة مُتواصِلة المراحل، والحلقات، حيث يُراعى في التخطيط أن يكون مُستجيباً للتغيُّرات، والتقدُّم الذي يحدث في المجتمع بشكل دائم.
- الوضوح والدقّة: تتميّز الخطّة الجيّدة بكونها دقيقة، وواضحة لا غبار عليها؛ وذلك ليسهلَ تحقيقها، حيث إنّ الخطّة المُتشعِّبة، وغير الواضحة تواجه صعوبات، وعقبات في عمليّة تحقيقها.
- توفُّر البدائل: قد تواجه الخطّة عند تنفيذها أموراً مُفاجِئة، وغير مُتوقَّعة، حيث لا بُدّ من توفُّر البديل، وجاهزيّته، علماً بأنّ البدائل قد تكون إمّا خطّة بديلة، أو وسيلة، وطريقة بديلة، أو إمكانات بديلة.
- المرونة: التخطيط المَرِن يستجيب للتغيُّرات، والمواقف التي تحدث أثناء التخطيط، ويسمح بالتعديلات؛ لمواجهة هذه المواقف، والتغيُّرات؛ حيث إنّه من المُمكن ظهور حالات جديدة قد تتطلَّب تعديل الخطّة، أو إجراء بعض التغييرات عليها.
- التوقُّع: تهتمّ عمليّة التخطيط بوَضع خطّة للمستقبل؛ إذ لا بُدّ على الجهة المسؤولة عن وضع الخطّة من أن تكون لديها المقدرة على التنبُّؤ في المستقبل، وتوقُّع ما يمكن أن يحدث فيه من أحداث.
المراجع
- ^ أ ب ت "التخطيط التربوي"، مذكرات الوظائف الإشرافية، صفحة 1،2،3،4.
- ^ أ ب ت ث ج "متطلبات نجاح التخطيط التربوي"، Univirsity of Babylon.
- ^ أ ب ت ث ج ح "التخطيط التربوي"، جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، صفحة 68-69.
- ^ أ ب د.أحمد الريح يوسف أحمد ، التخطيط التربوي في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، صفحة 16-17.