ثمار التقوى
التقوى
تُعرّف التقوى بأنها ما يجعل العبد من وقاية ومانع بينه وبين الوقوع فيما يخافه ويحذره، وتقوى الله تعالى تكون بالتقرّب إليه بطاعته، وتجنّب الوقوع في المعاصي والآثام، وللتقوى مكانة عظيمة عند الله تعالى، وممّا يدل على ذلك كثرة ذكرها في الآيات القرآنية، كما أنّ النبي صلى الله عليه وسلم حثّ عليها وأوصى بالتحلّي بها في العديد من الأحاديث النبوية الواردة عنه، ومن الأمور التي يجب على العبد الحرص على تقوى الله سبحانه فيها الأموال والأولاد، حيث إنّهما من أعظم الفتن التي قد يقع بها العبد، فالتقوى في الأموال تكون بكسبه وإنفاقه، فلا بُدّ أن يكون كسبه من الطرق المُباحة التي لا حُرمة فيها، كما أنّ إنفاقه يجب أن يكون في الأمور المباحة، والتقوى في الأولاد تكون بتنشئتهم على تعاليم الإسلام الصحيحة والعقيدة السليمة،[1] وورد أنّ ابن القيم قال في التقوى وحقيقتها: (حقيقتها: العملُ بطاعة الله؛ إيماناً واحتساباً، أمراً ونهياً، فيفعل ما أمَر الله به؛ إيماناً بالآمر، وتصديقاً بوعده، ويترك ما نهى الله عنه؛ إيماناً بالناهي، وخوفاً من وعيده)، وقال ابن رجب رحمه الله: (أصلُ التقوى أن يجعل العبدُ بينه وبين ما يخافه ويحذره وقايةً تقيه منه).[2]
ثمار التقوى
قال طارق بن حبيب في التقوى: (التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله، تخاف عقاب الله)، وقال الحسن البصري: (ما زالت التقوى بالمتقين، حتى تركوا كثيرًا من الحلال مخافة الوقوع في الحرام)، وتجدر الإشارة إلى أنّ الله تعالى ذكر التقوى في القرآن الكريم في أكثر من مئتين وخمسين موضعٍ منه، وما ذلك إلا دلالة على أهمية التقوى، وبياناً لمكانتها العظيمة، وكذلك للثمار العديدة المترتبة على الالتزام بها والحرص عليها، وفيما يأتي بيان بعض الثمار المترتبة على التقوى:[3]
- نيل العبد التقي لمعيّة الله تعالى، والنصر والحفظ والإعانة والمحبة والتوفيق منه، حيث قال الله تعالى: (وَاتَّقُوا اللَّـهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ).[4]
- نيل محبة الله، حيث إنّ الله تعالى يحب المتقين من عباده، فقد ورد في القرآن الكريم: (بَلَىٰ مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ وَاتَّقَىٰ فَإِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ).[5]
- مغفرة ذنوب العبد التقي، وتمييزه للحق من الباطل، حيث قال الله سبحانه: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن تَتَّقُوا اللَّـهَ يَجعَل لَكُم فُرقانًا وَيُكَفِّر عَنكُم سَيِّئَاتِكُم وَيَغفِر لَكُم).[6]
- تفريج الهموم والغموم التي تصيب العبد، ونيله للرزق العظيم من الله تعالى، حيث قال: (وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ).[7]
- التوفيق للعمل النافع المفيد، والتيسير له، حيث قال الله سبحانه: (وَاتَّقُوا اللَّـهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّـهُ وَاللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).[8]
- قبول الأعمال الصالحة، حيث إنّ الله تعالى يقبل الأعمال الصالحة من عباده المتقين، فقد قال: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّـهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)،[9] وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك: (وعند أهل السنة والجماعة يتقبل العمل ممّن اتقى الله فيه، فعمله خالصًا لله، موافقًا لأمر الله، فمن اتقاه في عمل تقبله منه، وإن كان عاصياً في غيره، ومن لم يتقه فيه لم يتقبله منه، وإن كان مطيعاً في غيره).
- نيل الولاية من الله تعالى، فالعبد ينال الولاية إن كان متقياً لله سبحانه، فالتقي لا يخاف ممّا يجري له من الأحداث في الأزمان، ولا يأسف أو يندم على ما مضى، فالله تعالى يعوّضه ويبدله خيراً مما مضى.
- تيسيير الأمور، فالعبد التقي ييسر الله تعالى له أمورها جميعها، ويسهّل عليه الأمور العسيرة الصعبة.
- الأمن والوقاية والصون من كيد الأعداء ومكرهم وشرورهم، حيث قال الله عز وجل: (وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّـهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ).[10]
- الفوز بالجنة في الحياة الآخرة، والنجاة من النار، حيث قال الله تعالى: (وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ).[11]
أمور تتعلّق التقوى
تتعلّق العديد من الأمور بالتقوى، بالوسائل المُوصِلة إليها، وبصفات العباد المتقين، وغيرها من المسائل والأمور، وفيما يأتي بيان جانبٍ منها:[12]
- يتميّز العباد المتقين بالعديد من الصفات، منها: الإيمان بأركان الإسلام والإيمان والعمل بها والحرص عليها، والحرص على الوفاء بالعهود والوعود، والصدق مع الله تعالى ومع الناس، وحب الخير والنفع للآخرين كحبه للنفس، وعدم إيذاء العباد، وتجنب إلحاق الضرر بهم، وتحقيق العدل في جميع الحالات في الغضب وفي الرضا، وكظم الغيظ والعفو والصفح عن الناس، والإحسان إليهم، والحرص على التوبة والإنابة إلى الله تعالى واستغفاره من الذنوب والمعاصي، وتعظيم شعائر الله تعالى، والصبر والتحمّل في جميع الأحوال والظروف، والأمر بالمعروف والحث عليه، والنهي عن المنكر والحث على الابتعاد عنه، وتجنّب الوقوع في الشهوات والشبهات وضلالات الشيطان.
- توجد العديد من الوسائل التي تعين العبد على تحقيق التقوى لله تعالى، منها: استشعار مراقبة الله تعالى، والخوف منه، والحرص على الإكثار من ذكره، والإقبال إليه بالدعاء والرجاء والإلحاح في ذلك، والالتزام بالإسلام بشكل كامل عقيدةً وشريعةً، والاقتداء الحسن بالدين وبما فيه من الأوامر والواجبات، والحرص على العلم والتعلّم، مع مصاحبة الأخيار من الناس، وتجنّب مجالسة شرور العباد والناس، والحرص على تلاوة آيات القرآن الكريم، مع التدبّر والتفكّر بما فيها من دلالات ومعانٍ، ومحاسبة النفس، والحرص على الخلوة بين العبد وربه سبحانه وتعالى.
المراجع
- ↑ "مفهوم التقوى"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-12-2018.
- ↑ "التقوى"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-12-2018. بتصرّف.
- ↑ "التقوى"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-12-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 194.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 76.
- ↑ سورة الأنفال، آية: 29.
- ↑ سورة الطلاق، آية: 2-3.
- ↑ سورة البقرة، آية: 282.
- ↑ سورة المائدة، آية: 27.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 120.
- ↑ سورة الزخرف، آية: 35.
- ↑ "التقوى وثمارها"، saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-12-2018. بتصرّف.