أهمية الصلاة في حياة المسلم
الصلاة
جعل الله -تعالى- للصلاة قدراً عظيماً، ومنزلةً رفيعةً، وممّا يدلّ على ذلك فرض الله -تعالى- الصلاة على نبيه -صلّى الله عليه وسلّم- في السماء، يوم الإسراء والمعراج، وقد تواترت الأدلة على أهمية الصلاة في الكثير من آيات القرآن الكريم، وأحاديث الرسول صلّى الله عليه وسلّم، بالإضافة إلى أنّها عمود الدين المتين، والصلة بين العبد وربه، وركنٌ من أراكان الإسلام.[1]
أهميّة الصلاة في حياة المسلم
تُعدّ الصلاة من الشعائر التعبيدية ذات الأهمية الكبيرة في حياة المسلم، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (إنَّ العهدَ الَّذي بيْنَنا وبيْنَهم الصَّلاةُ فمَن ترَكها فقد كفَر)،[2] ولقوله أيضاً: (إنَّ أوَّلَ ما يُحاسَبُ بِهِ العبدُ يومَ القيامةِ من عملِهِ صلاتُهُ، فإن صلُحَتْ فقد أفلحَ وأنجحَ، وإن فسدَت فقد خابَ وخسرَ)،[3] كما أنّ الصلاة ثاني أركان الإسلام بعد الشهادتين، وعمود الدين، وتتضمّن الصلاة السجود لله تعالى، الذي يُظهر أعظم صور العبودية، من خلال وضع أشرف جزءٍ من جسم الإنسان، وهو رأسه على الأرض تعظيماً لربّه عزّ وجلّ، فيكون في وضعيةٍ أقرب ما يكون فيها العبد من ربه، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ أقربَ ما يكونُ العبدُ مِن ربِّه وهو ساجدٌ فأكثِروا الدُّعاءَ)،[4] بالإضافة إلى أنّ الصلاة تطهيرٌ لصفحة العبد من ذنوبه الماضية، وتجديدٌ للصلة بالله تعالى، وبدايةٌ جديدةٌ بصفحةٍ بيضاء خاليةً من الذنوب والمعاصي، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (الصَّلواتُ الخمسُ والجمُعةُ إلى الجمعةِ ورمضانُ إلى رمضانَ مُكفِّراتٌ ما بينَهنَّ إذا اجتنَبَ الْكبائرَ)،[5] وتتمثّل أهمية الصلاة بالنسبة للعبد المسلم في تطهير نفسه، وتزكيتها من خلال تذكيره خمس مرّاتٍ في كلّ يومٍ بمقابلة ربّه -عزّ وجلّ- يوم القيامة، والوقوف أمامه للحساب، فيحاسب نفسه على ما فعل من سوءٍ وما ترك من أعمال الخير، فيستحي من الله -تعالى- أن يقف أمامه في الصلاة التالية، وهو مقصرٌ في طاعتة أو مُقدمٌ على معصيته، ويترك ما يُغضب الله تعالى، ويلتزم بما يُرضيه، ثمّ يُعاهد الله -تعالى- على ذلك، وقد شبّه النبي -عليه الصلاة والسلام- الصلوات الخمس بالنهر الجاري الذي يتطهّر فيه العبد كلّ يوم خمس مراتٍ، وقال الله -تعالى- عن الصلاة: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ)،[6] بالإضافة إلى أنّ الصلاة تساعد الإنسان على استعادة نشاطه الذهني والبدني من وقتٍ إلى آخرٍ، وتعوّده على تنظيم وقته.[7]
فوائد الصلاة في الحياة الدنيا
أنزل الله -تعالى- في الشريعة الإسلامية ما يحقّق مصلحة العباد في الدنيا والآخرة، كما قال ابن القيم رحمه الله:(فإنّ الشريعة مبناها وأساسها على الحِكَم، ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدلٌ كلّها، ورحمةٌ كلّها، ومصالح كلّها، وحكمةٌ كلّها)، وقال العزّ بن عبد السلام رحمه الله: (التكاليف كلّها راجعة إلى مصالح العباد في دنياهم وأخراهم)، ومن هذه التكاليف الصلاة، فثمّة العديد من الفوائد المترتبة على الصلاة في الدنيا، ومنها:[8]
- تحقيق السعادة والراحة النفسية: إذ إنّ الالتزام بالصلاة وإقامتها بالطريقة التي أمر بها الله -تعالى- يؤدي إلى صلاح العبد، ويُورثه التقوى في القلب، وفي الحقيقة إنّ الأتقياء الصالحون هم أسعد الناس، وأعدلهم مزاجاً، وأحسنهم أخلاقاً، فقد قال الله تعالى: (مَن عَمِلَ صالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ ما كانوا يَعمَلونَ)،[9] وتجدر الإشارة إلى ضرورة إقامة الصلاة حقّ الإقامة من خلال القيام بأركانها، وواجباتها وسننها، حتى تتحقّق التقوى، والبعد عن الفحشاء والمنكر، بالإضافة إلى أنّ في المحافظة على الصلاة تحقيقٌ للغاية السامية التي خلق الله -تعالى- الخلق من أجلها، ألا وهي عبادته، فالصلاة تُشعر العبد أنّه مرتبطٌ بخالقه أين ما حلّ وارتحل.
- الاستعانة بالصلاة في التغلّب على أحزان الدنيا وهمومها: إذ إنّه يوجد في الدنيا العديد ممّا يُنغّص على الإنسان ويكدّر عيشه، وليخرج الإنسان من حزنه وهمّه لا بُدّ من الصلاة التي تكون الشكوى فيها لله وحده، وأفضل أوقات بثّ الشكوى خلال السجود؛ لأنّ العبد في السجود يكون أقرب ما يُمكن من ربّه جل وعلا، ولذلك أمر لله -تعالى- عباده في القرآن الكريم بالاستعانة بالصبر والصلاة على مصائب الدنيا، حيث قال: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ)،[10] فالصلاة من أعظم أسباب الثبات، وقد كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إذا أحزنه أمر فزع إلى الصلاة، وكان السلف الصالح خير قدوةٍ، حيث رُوي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنّه لمّا وصله نعي أخيه قُتم كان في راحلته مسافراً، فاسترجع، ثمّ أناخ الراحلة، وصلّى ركعتين أطال فيهما الجلوس، ثمّ قام يمشي إلى راحلته، وهو يقول: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ).[10]
- المنافع الجسدية: وتتحقّق هذه المنافع من خلال الوضوء الذي يُعدّ شرطاً لصحة الصلاة، ويتم من خلال الوضوء تنظيف الجسم وتطهيره من الأوساخ والنجاسات، بالإضافة إلى أنّ الصلاة تنشّط البدن، وتطرد الكسل والخمول، وذلك من خلال المشي إلى المساجد، والإكثار من صلاة النافلة.
- المنافع الاجتماعية: وتتحقّق هذه الفائدة من خلال التقاء المسلمين في المسجد في كلّ صلاة، وتعارفهم، والوقف في الصف جنباً إلى جنب من دون تفريفٍ بين غني، أو فقير، أو صغير، أو كبير، ممّا يؤدي إلى تقارب القلوب، وانتشار روح المحبة والأخوة.
المراجع
- ↑ "تعظيم قدر الصلاة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-9-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن بريدة بن الحصيب الأسلمي، الصفحة أو الرقم: 1454، أخرجه في صحيحه.
- ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1/247، إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1928، أخرجه في صحيحه.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 233، صحيح.
- ↑ سورة العنكبوت، آية: 45.
- ↑ "أهمية الصلاة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-9-2018. بتصرّف.
- ↑ "ما فوائد الصلاة في الحياة الدنيا ؟"، slamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 13-9-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة النحل، آية: 97.
- ^ أ ب سورة البقرة، آية: 45.