أهمية المسجد
قيمة المساجد وفضلها
إنّ المساجد هي البيوت التي يعبد الله سبحانه وتعالى فيها ويوحّد، لذلك فهي أحبّ البقاع إليه جلّ جلاله، كما أنّ لها حُرمةً أينما كانت، فقد قال عليه الصلاة والسلام (ومَن دخل المسجدَ فهو آمنٌ)[1]، وصحيحٌ أنّ الدلائل تشير إلى أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم قصد في حديثه هذا البيت الحرام بعينه، إلّا أنّ ذلك لا ينفي الحُرمة عن باقي المساجد في جميع بقاع الأرض، ولا يجوز لمسلم أن يسخر من المساجد أو يلعنها، ومن فعل ذلك فقد عرّض نفسه لغضب الله تبارك وتعالى، ولأنّ قيمة المساجد عظيمة فقد ضمن الله سبحانه وتعالى لمن خرج من بيته إليها رزقه إن ظلّ على قيد الحياة، ودخول الجنة إن مات، بل إنّه إن توضأ وانطلق إلى المسجد كي يصلي صلاةً مكتوبة كان له من الأجر كأجر من ذهب لأداء عمرة، وقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من إيذاء المصلين في المساجد، وأمر أصحابه باجتناب ذلك، كما ورد في فضل الذهاب إلى المسجد أحاديث كثيرة منها قول الرسول صلى الله عليه وسلم (من غدا إلى المسجدِ أو راحَ، أعدَّ اللهُ لهُ في الجنةِ نُزُلًا كلّما غدا أو راحَ)[2].[3]
وتزداد قيمة المسجد وفضله في يوم الجمعة من كل أسبوع، فقد قال عليه الصلاة والسلام (من توضَّأ فأحسن الوضوءَ، ثمَّ أتَى الجمعةَ فاستمع وأنصت، غُفر له ما بينه وبين الجمعةِ، وزيادةُ ثلاثةِ أيَّامٍ)[4]، ثم إن للاجتماع على قراءة القرآن الكريم في المسجد أجر عظيم أيضاً، وهو يعدّ منزلاً وبيتاً للأتقياء، فيجدر بالمسلم أن ينزّهه عن النخامة وما شابهها، وعن السعي في تخريبها بأيّ شكلٍ من الأشكال، فهذا من أشنع أشكال الظلم، وممّا يميز المساجد ويعطيها قيمةً عاليةً أنها بيتٌ من بيوت الله سبحانه وتعالى، فهي ليست داخلة في ملك أحد، لأنّ من بنى مسجداً فقد أخذ مقابله من الأجر عند الله، وما دام قد أخذ المقابل فقد أصبح المسجد ملكاً لله وحده، وقد قال الله تعالى في المساجد (في بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ)[5]، ومعنى ذلك أنّها بيوتٌ أمر الله تعالى بتعاهدها، وحفظها من اللغو، وتطهيرها من الدنس، وكذلك من جميع الأقوال والأفعال التي لا تليق بها.[3]
أهمية المساجد في الإسلام
تؤدي المساجد دوراً عظيماً ومهمّاً في الإسلام، فهي تغيّر أحوال الإنسان من الشقاء إلى السعادة، ومن الضيق إلى الرخاء، كما أنّها تعالج القلوب فتجعلها رقيقة، وتجليها من الذنوب والآثام التي يقع بها الإنسان في كثير من الأحيان، وهي الأماكن التي تتنزل فيها الرحمات وترفّ الملائكة بأجنحتها عليها، وهي الأماكن التي تحصل فيها المنافسة في الخيرات، كما أنّ المساجد هي أفضل الأماكن التي تربي المسلم، ففيها تظهر معالم الأخوّة والمساواة؛ حيث يجتمع المسلمون جميعاً في مكان واحد، ويقفون في صفٍّ واحد ويُصلّون خلف إمامٍ واحد، منهم الغنيّ، والفقير، والقوي، والضعيف، والملك، والخادم، والعالم، والعامي، كلّهم يقفون سواءً أمام ربّ العالمين، لا يفضل أحدهم أحداً إلا بتقواه، وهذه التقوى محلّها القلب، ممّا يجعل الناس في ظلّ هذه الأجواء متكاتفين ومتضامنين دون أن يعتدي أحدهم على الآخر وفق نسبه، أو منصبه، أو وظيفته.[6]
وتكمن أهمية المساجد أيضاً في كونها هيئاتٍ إسلاميّةً عظيمة، تتفوّق على جميع الهيئات التي تُقام في العالم ويدّعي مؤسسوها أنها أفضل مؤسسة لإصلاح البشرية جمعاء، فالحقيقة أنه لا يمكن إصلاح أيّ مجتمع دون تربية إيمانية تصبغ الإنسان بصبغة الله سبحانه وتعالى، فهي أفضل صبغة، وهذه التربية تكمن في أكبر مؤسسةٍ وأعظمها وهي المساجد، فلا يمكن للمجتمع أن يصلح دون تفعيل دورها بشكلٍ جيّد، ولأجل ذلك فقد أسّس الرسول صلى الله عليه وسلم المسجد فور وصوله إلى المدينة؛ حيث بدأ دور المساجد في تربية المجتمع المسلم منذ ذلك الوقت، ومع مرور الزمن أصبحت المساجد تجمع شمل الأمة الإسلامية كلّها، وتوحّد قلوب المسلمين على المحبة والاحترام، وتمنحهم الطمأنينة، والسكينة، وتُثبّت في نفوسهم عظمة الإسلام وحضارته الصافية، كما أنّ المساجد مصدر إشعاع ونور للعالم أجمع، فمنها تخرّج العديد من العلماء والأعلام الذين حملوا راية الإسلام، وقد كانت مكاناً للعلماء يجلسون فيها ليعلّموا العلم للمتلقين، حتى كان لها دور عظيم في النهضة الإسلامية الواسعة.[6]
آداب زيارة المساجد
ذكر العلماء آداباً عديدة لزيارة المساجد، وهذه الآداب مستمدة من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وهي كثيرة، نذكر جانباً منها فيما يأتي:[7]
- لبس اللباس الحسن، واستعمال السواك عند الذهاب إلى المسجد.
- ترك زيارة المسجد لمن أكل شيئاً ذا رائحة كريهة كالبصل والثوم ونحوهما.
- استحباب الذهاب إلى المسجد مشياً على الأقدام.
- التبكير في الذهاب إلى المسجد.
- استشعار الخشوع والسكينة أثناء المشي نحو المسجد.
- متابعة المؤذن فيما يقوله أثناء الأذان.
- الإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى تسبيحاً، وتحميداً، وتهليلاً، وتكبيراً أثناء الجلوس في المسجد.
- صلاة ركعتين تحية المسجد عند الوصول إليه.
- عدم الخروج من المسجد بعد الأذان إلّا للضرورة.
- ترك البيع والشراء والبحث عن الضالّة في المسجد.
- قراءة الأذكار الواردة عند دخول المسجد والخروج منه، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم (إذا دخل أحدُكم المسجدَ فلْيُسلِّمْ على النبيِّ، ولْيقلْ: اللهمَّ افْتحْ لي أبوابَ رحمتِك، وإذا خرج فلْيُسلِّمْ على النبيِّ ولْيقلْ: اللهمَّ إني أسألُك من فضلِك)[8].
المراجع
- ↑ رواه الألباني، في فقه السيرة، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 377، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 669، صحيح.
- ^ أ ب عماد حمدي محمد مبروك (2017-12-6)، "قيمة المسجد"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-24. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 857، صحيح.
- ↑ سورة النور، آية: 36.
- ^ أ ب د. شاكر فرُّخ الندوي (2015-2-16)، "أهمية المساجد ودورها في الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-24. بتصرّف.
- ↑ د. أمين بن عبدالله الشقاوي (2016-10-23)، "من آداب المساجد"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-24. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبو حميد أو أبو أسيد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 516، صحيح.