أهمية المسجد في حياة المسلم
المساجد
المساجد جمع مسجدٍ، ويمكن تعرّيف المسجد لغةً بأنّه المكان الذي يُسجد فيه، ويمكن القول أنّه المكان المخصّص لاجتماع المسلمين وأداء الصلاة فيه، وقد اشتُقّ اسم المكان المخصّص للعبادة من اسم فعلٍ من أفعال الصلاة، وهو السجود، وهذا يدلّ على أنّ السجود أعظم أفعال الصلاة، وأمّا تعرّيف المسجد اصطلاحاً: فهو كلّ مكانٍ يُسجد لله فيه، كما روى أبو ذرٍّ الغفاري رضي الله عنه، أنّ النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- قال:(وأينما أدركَتْك الصلاةُ فصَلِّ فهو مسجدٌ)،[1] بالإضافة إلى أنّ الله تعالى خصّص لنبيه -عليه الصّلاة والسلّام- وللأمّة الإسلاميّة ما لم يخصّصه لأحدٍ من قبل؛ حيث أباح للأنبياء الصلاة في مواضع مخصّصةٍ كالبِيع والكنائس، وأمّا الأمّة الإسلاميّة فقد جعلت الأرض كلّها مسجداً لها، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:(أُعطيتُ خمسًا لم يُعطَهنَّ أحدٌ قَبلي: نُصِرتُ بالرُّعبِ مَسيرةَ شهرٍ، وجُعِلَتْ لي الأرضُ مسجدًا وطَهورًا، فأيُّما رجلٍ من أُمَّتي أدرَكَتْه الصلاةُ فلْيُصلِّ، وأُحِلَّتْ لي المغانمُ ولم تَحِلَّ لأحدٍ قَبلي، وأُعطيتُ الشفاعةَ، وكان النبيُّ يُبعَثُ إلى قومِه خاصةً، وبُعِثتُ إلى الناسِ عامةً)،[2] ومن الجدير بالذكر أنّ الصلاة لا تجوز في قارعة الطريق، ولا في أعطان الإبل، ولا في المقابر، ولا في الأماكن التي فيها نجاسةٌ كالمجازر، والمزابل، والحمامات.[3]
أهميّة المسجد في حياة المسلم
ممّا يدلّ على عظم أهميّة المسجد في حياة المسلمين، أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- استهلّ بناء دولته عند وصوله إلى قباء ببناء المسجد، بالإضافة إلى ما حصل في المدينة حال وصوله حيث استقبله أهلها، وأخذوا يتسابقون ليأخذوا بخطام ناقته، وكلّ واحدٍ منهم يطمع بنزول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عنده، فأمرهم النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- بترك الناقة؛ لأنّها مأمورةٌ من الله تعالى، فلمّا بركت الناقة قام ببناء المسجد النبويّ فيه، هكذا علّم رسول الله الأمّة أنّ للمسجد أهميّةً عظيمةً، وأنّ أمر الأمّة الإسلاميّة يبدأ ببناء المسجد، وأنّه لا قيام لها إلا بتفعيل دور المسجد، ويتجلّى دور المسجد وأهميته في ما يأتي:[4]
- المسجد مكانٌ لاجتماع المسلمين، وسببٌ لتقوية الأواصر والروابط بينهم، حيث إنّ الحاكم يصلي بجانب المحكوم، والغفير بجوار الوزير، فتزول الطبقيّة وتذوب الفوارق بين المسلمين، بالإضافة إلى أنّ الصلاة في المسجد خمس مرّاتٍ في اليوم تقوّي علاقة المصلين ببعضهم البعض.
- المسجد مكانٌ للتعلّم كثيرٍ من أمور الحياة.
- المسجد سببٌ لتقوية إيمان المسلمين والحفاظ عليه، فهو المكان الذي يؤدّون فيه الصلاة، والعباداتٍ أخرى، ويكونون في تسليمٍ ورضوخٍ كاملٍ لله تعالى.
- المسجد مركزٌ لقيادة الأمّة، كما كان الأمر في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقد كان يدير سياسة الأمّة الإسلاميّة من المسجد، ويرسل الجيوش منه، ويتمّ فيه استقبال الوفود، وكان مقرّ الحكم الذي تتمّ فيه المعاهدات وقرارات الحرب والقضاء، وكذلك كان الأمر في عهد الخلفاء الراشدين من بعده، وأبطال الأمّة وقادتها الذين نهضوا بالإسلام، وقد توعّد الله تعالى من منع الناس من تفعيل دور المسجد في حياتهم، فقال: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ۚ أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)[5]
- كان المسجد في عهد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مكاناً لإعلان أفراح المسلمين، ومركزاً لاستقبال الفقراء، وعابري السبيل، ومكاناً لتربية الأطفال.
أفضل المساجد في الإسلام
إنّ مكانة المساجد في الإسلام عظيمةٌ جداً؛ فهي البيوت التي أذن الله تعالى أن تُرفع ويُذكر فيها اسمه، وهي أفضل بقاع الأرض، ومن الجدير بالذكر أنّ فضل المساجد يتفاوت باقترابها من السنّة أو ابتعادها، وبقِدمها وسعتها، ولكنّ الله تعالى خصّ ثلاثة مساجدٍ، ففضلها على غيرها من المساجد، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ولا تُشَدُّ الرحالُ إلَّا إلى ثلاثةِ مساجدَ: مسجدِ الحرامِ، ومسجِدي، ومسجدِ الأقصى)،[6] وفي ما يأتي ذكر تلك المساجد:[7]
- المسجد الحرام: ومن الأمور التي تدلّ على عظم فضل المسجد الحرام؛ أنّ الله تعالى أمر نبيّه إبراهيم -عليه السّلام- ببنائه، ثمّ أمره بالأذان في الناس للحج؛ حتى يأتيه الناس من كلّ مكانٍ، وجعل زيارته في الحجّ ركناً من أركان الإسلام، ومن حجّه مخلصاً، ولم يرفث أو يفسق، عاد كمن ولدته أمه، وهو قبلة المسلمين، بالإضافة إلى أنّ الرسول -عليه الصّلاة والسّلام- ولد في مكّة المكرّمة، ونزل عليه الوحي فيها أيضاً، وممّا يدل على رفعة مكانته؛ أنّ الصلاة فيه بمئة ألف صلاةٍ، وقد ذكره الله تعالى في القرآن الكريم، حيث قال:(إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ* فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ ۖ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ۗ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)،[8]
- المسجد النبويّ: وقد بناه الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في المدينة المنوّرة، في المكان الذي بركت فيه ناقته، وكان ذلك المكان لغلاميّن يتيمين، فأراد أن يجعلاه هبةً لله ورسوله، إلا أنّ النبيّ أبى إلا أن يشتري الأرض منهما، فدفع لهما ثمنها عشرة دنانيرٍ من مال أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه، ويُعتبر المسجد النبويّ ثاني المساجد من حيث الفضل بعد المسجد الحرام، حيث إنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال:(صلاةٌ في مسجدي هذا أفضَلُ مِن ألفِ صلاةٍ فيما سواه إلَّا المسجِدَ الحرامَ).[9]
- المسجد الأقصى: وهو بيت المقدس، والقبلة الأولى للمسلمين، وقبلة الأنبياء من قبل، وممّا يدلّ على فضله؛ أنّ الصلاة فيه بخمسمائة صلاةٍ.
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 520، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله ، الصفحة أو الرقم: 335 ، صحيح.
- ↑ سعيد بن وهف القحطاني، المساجد، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 5-7، جزء 2.
- ↑ "المسجد ودوره في حياة الأمة"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-6-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 114.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 1864 ، صحيح.
- ↑ "المساجد الثلاث"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-6-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 96-97.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن الزبير، الصفحة أو الرقم: 1620، أخرجه في صحيحه.