طريقة تقسيم الورث
الميراث والتّركة في الإسلام
إنّ التفقُّه في موضوع الميراث من الأمور المهمّة؛ فقد يكون المرء وريثاً يسعى إلى تحصيل ما يستحقه من مال مُورّثه، ويسعى إلى معرفة كم يبلغ نصيبه وكيف يتم تقسيم الإرث شرعاً، وقد فصَّل الإسلام في موضوع الميراث وكيفية تقسيمه أيّما تفصيل، وبيَّن للناس أصحاب الحقوق الثابتة من أصحاب الحقوق المتغيّرة بتغير عدد الوَرَثة ممّن لا يستحقون الورثة، وذلك وفق نظامٍ حسابيٍّ دقيقٍ، ولعلم الميراث في الإسلام قيمةٌ عميقة، فقد وزَّع المال على الوَرَثة بعدالةٍ مُنقطِعة النظير؛ بعد النظر إلى حال كلِّ وريثٍ ومدى استحقاقه للورثة أو عدم استحقاقه لها، وفي هذه المقالة سيتمّ بيان كيفية تقسيم الميراث الشرعيّ لمُستحقّيه، مع عرض بعض المسائل العملية لذلك.
الميراث والورثة تعريفٌ وبيان
يرجع أصل كلمة ميرَاث في اللُّغة إلى وَرِثَ، وجمعها مواريث، والميراث هو ما يتركه الميت خلفه من أثاثٍ وعقاراتٍ وأموال، ويُسمّى كلّ هذا تَرِكَة الْمَيتِ، وأورثَه يُورثه إيراثًا: أي جعله من ضمن وَرَثَته الأصليّين؛ بأن جعل له شيئاً من الميراث في الوصيّة، وورّثه دون غيره: أي لم يُعطِ أحداً من الميراث سواه ولم يدخل معه فيه أحد، وأورَثَه شيئاً: أي نقله إليه حتّى اكتسبه منه، فيُقال: أورثه خُلُقاً؛ أي نقل إليه خُلُقه الحَسَن، وأكسبه إيّاه.
ويُسمّى ما يتعلَّق بالتركة من حيث التقسيم والتوزيع الشرعيّ بعِلْم المواريث أو عِلْمُ الفَرَائِضِ، وهو: علمٌ يعرِف به ورَثة الميت ما يستحقُّون من ميراثه، ومن لا يستحقّ منهم شيئاً، وموانع الميراث، وكيفيَّة تقسيمه بين الورَثة، والوارث: إحدى صفات الله سبحانه وتعالى؛ فهو الذي يَرِثُ الخلائقَ ويرث الأرض وما عليها، وهو الباقي فيبقى بعد فناء جميع الخلق، والميراث كذلك يعني المُلك، قال تعالى: (... وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ...)؛[1] أي أنّهما ملكه.[2]
كيفيّة تقسيم الميراث
طريقة تقسيم الميراث نظريّاً
حتّى يعرف المسلم كيفيّة تقسيم الإرث؛ فإنّه ينبغي عليه أن يُلمَّ بالطريقة النظريّة لتقسيمه، وذلك بمعرفة من يستحق الإرث ومن لا يستحقه، والمقدار المحدد لكل واحدٍ من أصحاب الحقوق الثابتة -أصحاب الفروض- ومن يأخذ باقي التركة، وما هي الحالات التي يُحرَم فيها بعض الورثة وأسباب ذلك، وهذه النقاط طويلةٌ يصعب إيرادها وتفصيلها جميعها؛ لذلك سيتمُّ عرض أهمّ الأمور التي تتعلق بباب الميراث، وهي معرفة من هم الورثة والمقدار المُحدّد لكلٍّ منهم، وهم في ذلك يُقسَمون إلى أصحاب فروض، وعصبات، وذوي أرحام، وبيان ذلك فيما يأتي:[3]
- أصحاب الفروض: أصحاب الفروض عشرة فقط، وهم:
- العصبات: من ليس له فرضٌ مُقدّرٌ من أصول الميت يُسمّى عصبةً، كما أنّ أصحاب الفروض ربما ينتقل بعضهم إلى العصبة بوجود وارثٍ آخر، والتعصيب يعني الاشتراك في باقي التركة، فتأخذ البنات العصبة مع الأولاد ويكون للذّكر مثل حظ الأنثيين، وكذلك الحال في الإخوة والأخوات الأشقّاء والشقيقات، والإخوة والأخوات لأب، ويأخذ الأب عصبةً إن لم يكن للميت فرعٌ وارثٌ مذكر، والأصل في العصبة الترتيب؛ فيأخذها أقرب الناس إلى الميت، وهم على النحو الآتي: بنوة -أي الأبناء، أبوة (الآباء)، أخوة (الإخوة)، عمومة (الأعمام).
- ذوو الأرحام: مَن ليسوا بأصحاب فروض ولا عصبات، يرثون عند عدم وجود أصحاب الفروض والعصبات، وهم: أولاد البنات، وأولاد الأخوات، وبنات الإخوة، وبنو الإخوة من الأم، والعمّات، والعمّ من الأم، والأخوال، والخالات، وأب الأم، والجدة الرحمية.
- الزوج: له حالتان لا ثالث لهما، هما ربع التركة إن كان لزوجته أبناء أو أبناء أبناء، ونصفها إن لم يكن لها أحدهم.
- الزوجة: سواءً تعدّدت الزوجات أو كانت الزوجة منفردةً؛ فنصيب الزّوجة الثُّمن بوجود الأبناء أو أبناء الأبناء، والرُّبع مع عدم وجودهم.
- الأب: له ثلاثة أحوال، هي السُّدس فقط بوجود الابن أو ابن الابن للمُتوفّى؛ شرط أن يكون ذلك الابن ذكراً، فإن لم يكن له فرعٌ وارثٌ مذكّر وكانت له بنات فيأخذ الأب السُّدس مع باقي التركة، ويُسمّى الباقي تعصيباً أو عصبةً، أمّا الحالة الثالثة فهي العصبة فقط إن لم يكن له فرعٌ وراثٌ مذكّرٌ أو مؤنَّث، فتأخذ الأمّ ثُلث التركة ويأخذ الأب الباقي تعصيباً.
- الأم: لها ثلاثة أحوال، هي: الثُّلث مع عدم وجود وارثٍ ولد أو ابن ابن، أو إن اشترك معها في تركة الميت اثنان من إخوته أو أخواته، وإن كان إخوة الميت أكثر من اثنين أو كان للميت ولدٌ فتأخذ السُّدس، أمّا الفرض الثالث فهو ثُلث الباقي بعد إخراج فرض أحد الزَّوجين، وهي ما يُسمّى بالمسألة العُمريّة.
- الجدّ: يأخذ الجدّ ما يأخذه الأب في الأحوال الثلاثة السابقة، إلا أنّ الأب يحجبه إن كان ذلك الجد هو أبوه، وله حالة رابعةٌ يشترك فيها مع الإخوة من الأب أو من الأبوين؛ حيث إنّ الأب يحجب أبناءه من الميراث، أمّا جدهم فلا يحجبهم لقربهم من الميت، فإن قلَّ نصيبه في ذلك عن الثُّلث أخذ الثُّلث، وأُعطِي الباقي للإخوة.
- الجدة: للجدّة فرضٌ واحدٌ فقط وهو السُّدس لا تزيد عنه بحال، وتُحجَب بالأمّ إن كانت ابنتها، وبالأب إن كان ابنها.
- الابنة: لها ثلاثة أحوال، هي العصبة مع إخوتها إن كان لها إخوة ذكور، فيأخذ الذكر مثل حظّ الأُنثيَين، وتأخذ النصف إذا انفردت فلم يكن لها إخوة أو أخوات، فإن كُنَّ أختَين أو ثلاثاً أو أكثروليس لهن أخٌ ذكر؛ فيشتركن بالثُلثين.
- بنت الابن: الحال في بنات الابن كحال البنات، إلا أنّهن يأخذن السُّدس تكملة الثُّلثين مع البنت إن لم يكن بينهنّ ذكر.
- الأخت الشقيقة أو لأب أو لأم: للأخت الشقيقة -الأخت لأبوين- نصف التركة إن لم يكن للميت فرعٌ وارث، فإن كنَّ اثنتين فأكثر فلهن الثُّلثان، فإن كان بينهنّ ذكر فيتشاركون التركة فيما بينهم؛ للذكر مثل حظ الأنثيين، ولها مع البنت الصلبيّة السدس تكملة الثلثين، وكذلك الحال في الأخوات لأب إذا انفردن فلم يكن بينهن وارثٌ مذكر.
- الأخ والأخت لأم: يأخذ الأخ لأم أو الأخت لأم سُدس التركة إذا انفرد، ويشتركان بالسُّدسين إذا كانا اثنين، فإن زادوا على ذلك اشتركوا في الثُّلث.
طريقة تقسيم الميراث عمليّاً
بناءً على التفصيل السابق في أصحاب الفروض والعصبات وذوي الأرحام يتمُّ تقسيم المسائل الإرثيّة، وفيما يأتي مثالان عمليّان على تقسيم المسائل الإرثيّة، وهي على النحو الآتي:
- مات رجلٌ عن زوجة وثلاثة أبناء وابنة واحدة، فما نصيب كلّ واحدٍ منهم؟[4]
- توفي رجل عن زوجة وابنة، وأخوين شقيقين وأختين شقيقتين، فما نصيب كلّ منهم؟[5]
المراجع
- ↑ سورة الحديد، آية: 10.
- ↑ "تعريف و معنى ميراث"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-10-2017. بتصرّف.
- ↑ أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الجماعيلي المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي، الشهير بابن قدامة المقدسي (1414هـ-1994م)، الكافي في فقه الإمام أحمد (الطبعة الأولى)، بيروت-لبنان: دار الكتب العلمية، صفحة: 295-301، جزء: 2. بتصرّف.
- ↑ "توفي عن زوجة وبنت وثلاثة أبناء"، www.fatwa.islamweb.net، 24-10-2017، اطّلع عليه بتاريخ 27-10-2017.
- ↑ "توفي عن بنت وزوجة وأخوين شقيقين وأختين شقيقتين وأخت لأم"، www.fatwa.islamweb.net، 18-10-2017، اطّلع عليه بتاريخ 27-10-2017.