اجمل الشعر الجاهلي
الشعر الجاهلي
الشعر الجاهلي هو الشعر الذي كتبه العرب في العصر الجاهلي أي قبل الإسلام، وقد اشتُهر عدد كبير من الشعراء في هذا العصر يترأسهم شعراء المُعلّقات مثل: عنترة بن شدّاد، وطرفة بن العبد، والنابغة الذبياني، وزهير بن أبي سُلمى، وامرئ القيس، ووصلنا العديد من الدواوين سواء كانت لشعراء أو شاعرات، فوصلنا شعر بعضهم كاملاً، بينما لم نعرف سوى شذرات من شعر الآخرين، يتميّز الشّعر الجاهلي عن غيره بجزالة الألفاظ وقوتها، ومتانة التعبير، وتوثيق الحضارة الجاهلية من عادات وتقاليد، ووصف المعارك والحروب، ووصف النُّوق، كما حفظ شعرهم أسماء آبار مياههم، وأماكن تعايش القبائل.
أجمل الشعر الجاهلي
لم يقتصر الشّاعر الجاهلي على كتابة قصيدة واحدة، فكثير من الشّعراء عُرف بأكثر من قصيدة مميّزة له، والآتي أفضلها.
عنترة العبسي
عنترة بن شداد بن عمرو بن معاوية بن قراد العبسي هو أحد أشهر شعراء الجاهلية، اشتُهر بشعر الفروسية، وهو أشهر فرسان العرب وأشعرهم وشاعر المعلقات، والمعروف بشعره الجميل وغزله العفيف بعبلة، ومن أجمل قصائده نختار لكم:
يفخر عنترة العبسي بنفسه وقومه ويضمّن العديد من الحكم في القصيدة الآتية:[١]
لا يحْمِلُ الحِقْدَ مَنْ تَعْلُو بِهِ الرُّتَبُ
ومن يكنْ عبد قومٍ لا يخالفهمْ
قدْ كُنْتُ فِيما مَضَى أَرْعَى جِمَالَهُمُ
لله دَرُّ بَني عَبْسٍ لَقَدْ نَسَلُوا
لئنْ يعيبوا سوادي فهوَ لي نسبٌ
إِن كُنتَ تَعلَمُ يا نُعمانُ أَنَّ يَدي
اليَومَ تَعلَمُ يا نُعمانُ أَيَّ فَتىً
إِنَّ الأَفاعي وَإِن لانَت مَلامِسُها
فَتًى يَخُوضُ غِمَارَ الحرْبِ مُبْتَسِماً
إنْ سلَّ صارمهُ سالتَ مضاربهُ
والخَيْلُ تَشْهَدُ لي أَنِّي أُكَفْكِفُهَا
إذا التقيتُ الأعادي يومَ معركة ٍ
لي النفوسُ وللطّيرِاللحومُ ولل
لا أبعدَ الله عن عيني غطارفة ً
أسودُ غابٍ ولكنْ لا نيوبَ لهم
تعدو بهمْ أعوجيِّاتٌ مضَّمرةٌ
ما زلْتُ ألقى صُدُورَ الخَيْلِ منْدَفِقاً
فا لعميْ لو كانَ في أجفانهمْ نظروا
والنَّقْعُ يَوْمَ طِرَادِ الخَيْل يشْهَدُ لي
يصف عنترة الدنيا وما فيها من صروف ونوائب في القصيدة الآتية:[٢]
كَمْ يُبْعِدُ الدَّهْرُ مَنْ أَرْجُو أُقارِبُهُ
فيالهُ من زمانٍ كلَّما انصرفتْ
دَهْرٌ يرَى الغدْرَ من إحدَى طبَائِعهِ
جَرَّبْتُهُ وَأنا غِرٌّ فَهَذَّبَني
وَكيْفَ أخْشى منَ الأَيَّامِ نائِبة ً
كم ليلة ٍ سرتُ في البيداءِ منفرداً
سيفي أنيسي ورمحي كلَّما نهمتْ
وَكمْ غدِيرٍ مَزجْتُ الماءَ فيهِ دماً
يا طامعاً في هلاكي عدْ بلا طمعٍ
يصف عنترة شجاعته ويخاطب عبلة مذكّراً إياها بأمجاده وعروبته في القصيدة الآتية:[٣]
فخْرُ الرِّجالِ سلاسلٌ وَقيُودُ
وإذا غبارالخيل مدرواقة
يا دهرُ لا تبق عليَّ فقد دنا
فالقتْلُ لي من بعد عبْلة َ راحَة ٌ
يا عبْلَ! قدْ دنتِ المَنيّة ُ فاندُبي
يا عبلَ! إنْ تَبكي عليَّ فقد بكى
يا عبلَ! إنْ سَفكوا دمي فَفَعائلي
لهفى عليك اذا بقيتى سبية
ولقد لقيتُ الفُرْسَ يا ابْنَة َ مالكِ
وتموجُ موجَ البحرِ إلّا أنَّها
جاروا فَحَكَّمْنا الصَّوارمَ بيْننا
يا عبلَ! كم منْ جَحْفلٍ فرَّقْتُهُ
فسطا عليَّ الدَّهرُ سطوة َ غادرٍ
امرؤ القيس
امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكندي، شاعر جاهلي، قال الشعر وهو غلام، كتب في العديد من الأغراض الشعرية، ومن أجمل قصائده نختار لكم:
يقول امرؤ القيس في قصيدته:[٤]
جزعتُ ولم أجزع من البين مجزعاً
وَأصْبَحْتُ وَدَّعْتُ الصِّبا غَيْرَ أنّني
فَمِنْهُنَّ: قَوْلي للنَّدَامى تَرَفَّقُوا
وَمنهُنَّ: رَكْضُ الخَيْلِ تَرْجُمُ بِالقَنا
وَمنْهُنَّ: نَصُّ العِيسِ واللّيلُ شامِلٌ
خَوَارِجُ مِنْ بَرِّيّة ٍ نَحْوَ قَرْيَة ٍ
وَمِنْهُنَّ: سوْقي الخَوْدَ قَد بَلّها النَّدى
تعز عليها ريبتي ويسوؤها
بَعَثْتُ إلَيْها، وَالنُّجُومُ طَوَالعٌ
فجاءت قطوف المشي هيابة َ السّرى
يُزَجِّينَها مَشْيَ النَّزِيفِ وَقدْ جَرَى
تَقُولُ وَقَدْ جَرَّدْتُها مِنْ ثِيابِها
وجدكَ لو شيءٌ أتانا رسوله
فَبِتْنا تَصُدّ الوَحْشُ عَنّا كَأنّنا
تجافى عن المأثور بيني وبينها
إذا أخذتها هزة ُ الروع أمسكت
يصف المتنبي المطر والسحاب في القصيدة الآتية:[٥]
ديمة ٌ هطلاءُ فيها وطفٌ
تخرجُ الودّ إذا ما أشجذت
وَتَرَى الضَّبَّ خَفِيفاً مَاهِراً
وَتَرَى الشَّجْرَاءَ في رَيِّقِهِ
سَاعَة ً ثُمّ انْتَحَاهَا وَابِلٌ
رَاحَ تَمْرِيهِ الصَّبَا ثمّ انتَحَى
ثَجّ حَتى ضَاقَ عَنْ آذِيّهِ
قد غدا يحملني في أنفه
من قصائد امرئ القيس في الوصف:[٦]
أعِنّي عَلَى بَرْقٍ أراهُ وَمِيضِ
ويهدأ تاراتٍ وتارة ً
وَتَخْرُجُ مِنْهُ لامِعَاتٌ كَأنّهَا
قَعَدْتُ لَهُ وَصُحُبَتي بَينَ ضَارجٍ
أصَابَ قَطَاتَينِ فَسالَ لِوَاهُمَا
بِلادٌ عَرِيضَة ٌ وأرْضٌ أرِيضَة ٌ
فأضحى يسحّ الماء عن كل فيقة
فأُسْقي بهِ أُخْتي ضَعِيفَة َ إذْ نَأتْ
وَمَرْقَبَة ٍ كالزُّجّ أشرَفْتُ فَوْقَهَا
فظَلْتُ وَظَلّ الجَوْنُ عندي بلِبدِهِ
فلما أجنّ الشمسَ عني غيارُها
أُخَفّضُهُ بالنَّقْرِ لمّا عَلَوْتُهُ
وَقد أغتَدِي وَالطيّرُ في وُكُنَاتِهَا
لَهُ قُصْرَيَا غَيرٍ وَسَاقَا نَعَامَة ٍ
يجم على الساقين بعد كلالة
ذعرتُ بها سرباً نقياً جلودهُ
وَوَالَى ثَلاثاً واثْنَتَينِ وَأرْبَعاً
فآب إياباً غير نكد مواكلٍ
وَسِنٌّ كَسُنَّيْقٍ سَنَاءً وَسُنَّماً
أرى المرءَ ذا الاذواد يُصبح محرضاً
كأن الفتى لم يغنَ في الناس ساعة
السموأل
السموأل بن غريض بن عادياء الأزدي، شاعر جاهلي من سكان خيبر في شمالي المدينة، كان يتنقل بينها وبين حصن له سماه الأبلق، أشهر شعره لاميته وهي من أفضل الشعر، وفي علماء الأدب من ينسبها لعبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي، ومن أجمل قصائده نختار لكم:
يخاطب السموأل محبوبته ويطلب منها تقليل اللوم في القصيدة الآتية:[٧]
أعاذلتي ألا لاَ تعذليني
دَعيني وارشُدي إن كنتُ أغوى
أعاذلَ قدْ أطلتِ اللّومَ حتّى
وصفراءِ المعاصمِ قدْ دعتني
وزِقٍّ قد جَرَرْتُ إلى النَّدامَى
وحتى لو يكونُ فَتى أُناسٍ
ألا يا بَيْتُ بالعلياءِ بَيْتُ
ألا يا بَيْتُ أهْلُكَ أوعَدوني
إذا ما فاتني لحمُ غريضُ
من قصائده في الحكمة:[٨]
إِذا المَرءُ لَم يُدنَس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ
وَإِن هُوَ لَم يَحمِل عَلى النَفسِ ضَيمَها
تُعَيِّرُنا أَنّا قَليلٌ عَديدُنا
وَما قَلَّ مَن كانَت بَقاياهُ مِثلَنا
وَما ضَرَّنا أَنّا قَليلٌ وَجارُنا
لَنا جَبَلٌ يَحتَلُّهُ مَن نُجيرُهُ
رَسا أَصلُهُ تَحتَ الثَرى وَسَما بِهِ
هُوَ الأَبلَقُ الفَردُ الَّذي شاعَ ذِكرُهُ
وَإِنّا لَقَومٌ لا نَرى القَتلَ سُبَّةً
يُقَرِّبُ حُبُّ المَوتِ آجالَنا لَنا
وَما ماتَ مِنّا سَيِّدٌ حَتفَ أَنفِهِ
تَسيلُ عَلى حَدِّ الظُباتِ نُفوسُنا
صَفَونا فَلَم نَكدُر وَأَخلَصَ سِرَّنا
عَلَونا إِلى خَيرِ الظُهورِ وَحَطَّنا
فَنَحنُ كَماءِ المُزنِ ما في نِصابِنا
وَنُنكِرُ إِن شِئنا عَلى الناسِ قَولَهُم
إِذا سَيِّدٌ مِنّا خَلا قامَ سَيِّدٌ
وَما أُخمِدَت نارٌ لَنا دونَ طارِقٍ
وَأَيّامُنا مَشهورَةٌ في عَدُوِّنا
وَأَسيافُنا في كُلِّ شَرقٍ وَمَغرِبٍ
مُعَوَّدَةٌ أَلّا تُسَلَّ نِصالُها
سَلي إِن جَهِلتِ الناسَ عَنّا وَعَنهُمُ
فَإِنَّ بَني الرَيّانِ قَطبٌ لِقَومِهِم
وله في الحكمة القصيدة الآتية:[٩]
إنّ امرَأً أمِنَ الحوادثَ جاهِلٌ ير
منْ بعدِ عاديَّ الدهورِ ومآربٍ
مرتْ عليهمْ آفة ُ فكأنّها
ياليتَ شعري حينَ أندبُ هالكاَ
أيقلنَ لا تبعدْ فربّ كريهة ٍ
ومغيرة ٍ شعواءَ يخشى درؤها
ولَرُبّ مُشعَلَة ٍ يَشُبُّ وَقُودُهَا
وكَتِيبَة ٍ أدْنَيْتُهَا لِكَتِيبَة ٍ
وإذا عمدتُ لصخرة ٍ أسهلتها
لا تَبعَدَنّ فكُلُّ حيّ هالِكٌ
إنّ امرأً أمِنَ الحوادثَ جاهلاً
ولقدْ أخذتُ الحقَّ غيرَ مخاصمٍ
ولقدْ ضربتُ بفضلِ مالي حقهُ
المراجع
- ↑ "لا يحْمِلُ الحِقْدَ مَنْ تَعْلُو بِهِ الرُّتَبُ"، adab، اطّلع عليه بتاريخ 2-4-2019.
- ↑ "كم يبعد الدهر من أرجو أقاربه"، aldiwan، اطّلع عليه بتاريخ 2-4-2019.
- ↑ "فَخرُ الرِجالِ سَلاسِلٌ وَقُيودُ .. عنترة بن شداد"، poetsgate، اطّلع عليه بتاريخ 2-4-2019.
- ↑ "جزعتُ ولم أجزع من البين مجزعاً"، adab، اطّلع عليه بتاريخ 2-4-2019.
- ↑ امرئ القيس - امرؤ القيس بن حُجر بن الحارث الكندي، كتاب ديوان امرئ القيس، صفحة 78.
- ↑ "أعِنّي عَلَى بَرْقٍ أراهُ وَمِيضِ"، adab، اطّلع عليه بتاريخ 2-4-2019.
- ↑ "أعاذلتي ألا لا تعذليني"، aldiwan، اطّلع عليه بتاريخ 2-4-2019.
- ↑ "إِذا المَرءُ لَم يُدنَس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ .. السموأل"، poetsgate، اطّلع عليه بتاريخ 2-4-2019.
- ↑ "إنّ امرَأً أمِنَ الحوادثَ جاهِلٌ"، adab، اطّلع عليه بتاريخ 2-4-2019.