-

أشعار نزار قباني قصيرة

أشعار نزار قباني قصيرة
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

أحلى خبر

من قصائد نزار في الحب:[1]

كتبت (أحبك) فوق جدار القمر

(أحبك جداً)

كما لا أحبك يوماً بشر

ألم تقرأيها؟

بخط يدي

فوق سور القمر

وفوق كراسي الحديقة..

فوق جذوع الشجر

وفوق السنابل

فوق الجداول

فوق الثمر..

وفوق الكواكب تمسح عنها

غبار السفر..

    حفرت (أحبك) فوق عقيق السحر

    حفرت حدود السماء

    حفرت القدر..

    ألم تبصريها؟

    على ورقات الزهر

    على الجسر، والنهر، والمنحدر

    على صدفات البحار

    على قطرات المطر

    ألم تلمحيها؟

    على كل غصنٍ

    وكل حصاةٍ، وكل حجر

      كتبت على دفتر الشمس

      أحلى خبر..

      (أحبك جداً)

      فليتك كنت قرأت الخبر

      أبي

      من قصائده عن الأب:[2]

      أماتَ أَبوك؟

      ضَلالٌ! أنا لا يموتُ أبي.

      ففي البيت منه

      روائحُ ربٍّ.. وذكرى نَبي

      هُنَا رُكْنُهُ.. تلكَ أشياؤهُ

      تَفَتَّقُ عن ألف غُصْنٍ صبي

      جريدتُه. تَبْغُهُ. مُتَّكَاهُ

      كأنَّ أبي – بَعْدُ – لم يّذْهَبِ

      وصحنُ الرمادِ.. وفنجانُهُ

      على حالهِ.. بعدُ لم يُشْرَبِ

      ونَظَّارتاهُ.. أيسلو الزُجاجُ

      عُيُوناً أشفَّ من المغرب؟

      بقاياهُ، في الحُجُرات الفِساحِ

      بقايا النُسُور على الملعبِ

      أجولُ الزوايا عليه، فحيثُ

      أمرُّ .. أمرُّ على مُعْشِبِ

      أشُدُّ يديه.. أميلُ عليهِ

      أُصلِّي على صدرهِ المُتْعَبِ

      أبي.. لم يَزلْ بيننا، والحديثُ

      حديثُ الكؤوسِ على المَشرَبِ

      يسامرنا.. فالدوالي الحُبالى

      تَوَالَدُ من ثغرهِ الطَيِّبِ..

      أبي خَبَراً كانَ من جَنَّةٍ

      ومعنى من الأرْحَبِ الأرْحَبِ..

      وعَيْنَا أبي.. ملجأٌ للنجومِ

      فهل يذكرُ الشَرْقُ عَيْنَيْ أبي؟

      بذاكرة الصيف من والدي

      كرومٌ، وذاكرةِ الكوكبِ..

        أبي يا أبي .. إنَّ تاريخَ طيبٍ

        وراءكَ يمشي، فلا تَعْتَبِ..

        على اسْمِكَ نمضي، فمن طّيِّبٍ

        شهيِّ المجاني، إلى أطيبِ

        حَمَلْتُكَ في صَحْو عَيْنَيَّ.. حتى

        تَهيَّأ للناس أنِّي أبي..

        أشيلُكَ حتى بنَبْرة صوتي

        فكيف ذَهَبْتَ.. ولا زلتَ بي؟

          إذا فُلَّةُ الدار أعطَتْ لدينا

          ففي البيت ألفُ فمٍ مُذْهَبِ

          فَتَحْنَا لتمُّوزَ أبوابَنا

          ففي الصيف لا بُدَّ يأتي أبي..

          نهر الأحزان

          من قصائده الحزينة:[3]

          عيناكِ كنهري أحـزانِ

          نهري موسيقى.. حملاني

          لوراءِ، وراءِ الأزمـانِ

          نهرَي موسيقى قد ضاعا

          سيّدتي.. ثمَّ أضاعـاني

          الدمعُ الأسودُ فوقهما

          يتساقطُ أنغامَ بيـانِ

          عيناكِ وتبغي وكحولي

          والقدحُ العاشرُ أعماني

          وأنا في المقعدِ محتـرقٌ

          نيراني تأكـلُ نيـراني

          أأقول أحبّكِ يا قمري؟

          آهٍ لـو كانَ بإمكـاني

          فأنا لا أملكُ في الدنيـا

          إلا عينيـكِ وأحـزاني

          سفني في المرفأ باكيـةٌ

          تتمزّقُ فوقَ الخلجـانِ

          ومصيري الأصفرُ حطّمني

          حطّـمَ في صدري إيماني

          أأسافرُ دونكِ ليلكـتي؟

          يا ظـلَّ الله بأجفـاني

          يا صيفي الأخضرَ ياشمسي

          يا أجمـلَ.. أجمـلَ ألواني

          هل أرحلُ عنكِ وقصّتنا

          أحلى من عودةِ نيسانِ؟

          أحلى من زهرةِ غاردينيا

          في عُتمةِ شعـرٍ إسبـاني

          يا حبّي الأوحدَ.. لا تبكي

          فدموعُكِ تحفرُ وجـداني

          إني لا أملكُ في الدنيـا

          إلا عينيـكِ ..و أحزاني

          أأقـولُ أحبكِ يا قمـري؟

          آهٍ لـو كـان بإمكـاني

          فأنـا إنسـانٌ مفقـودٌ

          لا أعرفُ في الأرضِ مكاني

          ضيّعـني دربي.. ضيّعَـني

          إسمي.. ضيَّعَـني عنـواني

          تاريخـي! ما ليَ تاريـخٌ

          إنـي نسيـانُ النسيـانِ

          إنـي مرسـاةٌ لا ترسـو

          جـرحٌ بملامـحِ إنسـانِ

          ماذا أعطيـكِ؟ أجيبيـني

          قلقـي؟ إلحادي؟ غثيـاني

          ماذا أعطيـكِ سـوى قدرٍ

          يرقـصُ في كفِّ الشيطانِ

          أنا ألـفُ أحبّكِ.. فابتعدي

          عنّي.. عن نـاري ودُخاني

          فأنا لا أمـلكُ في الدنيـا

          إلا عينيـكِ... وأحـزاني

          اغضب

          يقول على لسان المرأة:[4]

          اغضبْ كما تشاءُ..

          واجرحْ أحاسيسي كما تشاءُ

          حطّم أواني الزّهرِ والمرايا

          هدّدْ بحبِّ امرأةٍ سوايا..

          فكلُّ ما تفعلهُ سواءُ..

          كلُّ ما تقولهُ سواءُ..

          فأنتَ كالأطفالِ يا حبيبي

          نحبّهمْ.. مهما لنا أساؤوا..

          اغضبْ!

          فأنتَ رائعٌ حقاً متى تثورُ

          اغضب!

          فلولا الموجُ ما تكوَّنت بحورُ..

          كنْ عاصفاً.. كُنْ ممطراً..

          فإنَّ قلبي دائماً غفورُ

          اغضب!

          فلنْ أجيبَ بالتحدّي

          فأنتَ طفلٌ عابثٌ..

          يملؤهُ الغرورُ..

          وكيفَ من صغارها..

          تنتقمُ الطيورُ؟

          إذهبْ..

          إذا يوماً مللتَ منّي..

          واتهمِ الأقدارَ واتّهمني..

          أما أنا فإني..

          سأكتفي بدمعي وحزني..

          فالصمتُ كبرياءُ

          والحزنُ كبرياءُ

          إذهبْ..

          إذا أتعبكَ البقاءُ..

          فالأرضُ فيها العطرُ والنساءُ..

          والأعين الخضراء والسوداء

          وعندما تريد أن تراني

          وعندما تحتاجُ كالطفلِ إلى حناني..

          فعُدْ إلى قلبي متى تشاءُ..

          فأنتَ في حياتيَ الهواءُ..

          وأنتَ.. عندي الأرضُ والسماءُ..

          إغضبْ كما تشاءُ

          واذهبْ كما تشاءُ

          واذهبْ.. متى تشاءُ

          لا بدَّ أن تعودَ ذاتَ يومٍ

          وقد عرفتَ ما هوَ الوفاءُ...

          من يوميات رجل مجنون

          من قصائده في الحب:[5]

          1

          1

          إذا ما صرخت:

          "أحبك جداً"

          "أحبك جداً"

          فلا تسكتيني.

          إذا ما أضعت اتزاني

          وطوقت خصرك فوق الرصيف،

          فلا تنهريني..

          إذا ما نزفت كديكٍ جريحٍ على ساعديك

          فلا تسعفيني..

          إذا ما خرجت على كل عرفٍ ، وكل نظامٍ

          فلا تقمعيني..

          أنا الآن في لحظات الجنون العظيم

          وسوف تضيعين فرصة عمرك

          إن أنت لم تستغلي جنوني.

          2

          2

          إذا ما تدفقت كالبحر فوق رمالك..

          لا توقفيني..

          إذا ما طلبت اللجوء إلى كحل عينيك يوماً،

          فلا تطرديني..

          إذا ما انكسرت فتافيت ضوءٍ على قدميك،

          فلا تسحقيني..

          إذا ما ارتكبت جريمة حبٍ..

          وضيع لون البرونز المعتق في كتفيك .. يقيني

          أنا الآن في لحظات الجنون الكبير

          وسوف تضيعين فرصة عمرك،

          إن أنت لم تستغلي جنوني.

          4

          4

          إذا ما كتبت على ورق الورد،

          أني أحبك...

          أرجوك أن تقرأيني..

          إذا ما رقدت كطفلٍ، بغابات شعرك،

          لا توقظيني.

          إذا ما بعثت بألف رسالة حبٍ

          إليك...

          فلا تحرقيها .. ولا تحرقيني..

          5

          5

          إذا ما رأوك معي، في مقاهي المدينة يوماً،

          فلا تنكريني..

          فكل نساء المدينة يعرفن ضعفي أمام الجمال..

          ويعرفن ما مصدر الشعر والياسمين..

          فكيف التخفي؟

          وأنت مصورةٌ في مياه عيوني.

          أنا الآن في لحظات الجنون المضيء

          وسوف تضيعين فرصة عمرك،

          إن أنت لم تستغلي جنوني.

          6

          6

          إذا ما النبيذ الفرنسي ،

          فك دبابيس شعرك دون اعتذار

          فحاصرني القمح من كل جانب

          وحاصرني الليل من كل جانب

          وحاصرني البحر من كل جانب

          وأصبحت آكل مثل المجانين عشب البراري..

          وما عدت أعرف أين يميني..

          وما عدت أعرف أين يساري؟

          7

          7

          إذا ما النبيذ الفرنسي،

          ألغى الفروق القديمة بين بقائي وبين انتحاري

          فأرجوك ، باسم جميع المجاذيب ، أن تفهميني

          وأرجوك، حين يقول النبيذ كلاماً عن الحب.

          فوق التوقع .. أن تعذريني.

          أنا الآن في لحظات الجنون البهي

          وسوف تضيعين فرصة عمرك

          إن أنت لم تستغلي جنوني..

          8

          8

          إذا ما النبيذ الفرنسي،

          ألغى الوجوه ،

          وألغى الخطوط،

          وألغى الزوايا.

          ولم يبق بين النساء سواك.

          ولم يبق بين الرجال سوايا.

          وما عدت أعرف أين تكون يداك ..

          وأين تكون يدايا..

          وما عدت أعرف كيف أفرق بين النبيذ،

          وبين دمايا..

          وما عدت أعرف كيف أميز بين كلام يديك

          وبين كلام المرايا..

          إذا ما تناثرت في آخر الليل مثل الشظايا

          وحاصرني العشق من كل جانب

          وحاصرني الكحل من كل جانب

          وضيعت إسمي.

          وعنوان بيتي..

          وضيعت أسماء كل المراكب

          فأرجوك ، بعد التناثر ، أن تجمعيني.

          وأرجوك ، بعد انكساري ، أن تلصقيني

          وأرجوك ، بعد مماتي ، أن تبعثيني

          أنا الآن في لحظات الجنون الكبير

          وسوف تضيعين فرصة عمرك

          إن أنت لم تستغلي جنوني.

          9

          9

          إذا ما النبيذ الفرنسي،

          ألغى اللغات جميعاً.

          وحول كل الثقافات صفرا..

          وكل الحضارات صفرا

          وحول ثغرك بستان وردٍ

          وحول ثغري خمسين ثغرا..

          فباسم السكارى جميعاً

          وباسم الحيارى جميعاً

          وباسم الذين يعانون من لعنة الحب ،

          أرجوك لا تلعنيني..

          وباسم الذين يعانون من ذبحة القلب،

          أرجوك لا تذبحيني..

          أنا الآن في لحظات الجنون العظيم

          وسوف تضيعين فرصة عمرك،

          إن أنت لم تستغلي جنوني..

          المراجع

          1. ↑ "أحلى خبر"، aldiwan، اطّلع عليه بتاريخ 23-3-2019.
          2. ↑ "أبي"، adab، اطّلع عليه بتاريخ 23-3-2019.
          3. ↑ "نهر الأحزان .. نزار قباني"، poetsgate، اطّلع عليه بتاريخ 23-3-2019.
          4. ↑ نزار قباني، كتاب أعمال الشاعر نزار قباني بين قوسي قزح، صفحة 84.
          5. ↑ "من يوميات رجل مجنون"، aldiwan، اطّلع عليه بتاريخ 23-3-2019.