-

تعامل النبي مع الأطفال

تعامل النبي مع الأطفال
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الأطفال في الإسلام

اهتمّ الإسلام بالأطفال في جميع مراحلهم الحياتيّة والعمريّة؛ فرعايتهم من الأمور الواجبة، كما أنّ حبّهم من العبادات التي تقرّب العبد من ربّه، ومن المظاهر التي بيّنت اهتمام الإسلام بالأطفال، حتى فيما يكون قبل ولادته؛ ومن ذلك الحرص على اختيار الزوجة الصالحة صاحبة الدين، دون النظر فقط إلى المال والنسب والجاه والحسب؛ فالأولاد سيرثون الأخلاق والسلوكيّات من والدتهم، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (تُنكَحُ المرأةُ لأربَعٍ: لمالِها ولحَسَبِها وجَمالِها ولدينها، فاظفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَداكَ)،[1] كما أنّ النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- حثّ أولياء الفتيات على اختيار الزوج الصالح صاحب الدين والأخلاق الرفيعة، كما أنّ على الوالدين أن يحرصوا على تربية أبنائهم على تعاليم الإسلام ومبادئه، وزرع الإيمان بالله تعالى، والعقيدة السليمة، وتعريف الطفل بالغاية والهدف من الوجود، والحرص على اقتدائه بالأشخاص أصحاب المثل العليا من الناس.[2]

تعامل النبيّ مع الأطفال

كان الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- خير قدوةٍ وأسوةٍ في كيفيّة التعامل مع الأطفال، حيث وصفه الله تعالى قائلاً: (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ)،[3] وممّا يدل على عِظم تربية الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه علّم أفضل الأجيال، ودليل ذلك قول الله تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)،[4] كما أنّ النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- كان مهتماً بالأطفال، وراعياً لهم، ومراعياً لحاجاتهم بحسب مراحلهم عمرهم، وكان يغمرهم بالعطف والحنان والحب، ويحثّهم على التحلّي بالأخلاق الفاضلة، متجاوزاً عن الكثير من أخطائهم وزلاتهم، مشاركاً إيّاهم في مجالسه مع كبار القوم من الحاضرين للخطب والجماعات، دون عزلهم وإقصائهم عن المجالس، وممّا يدلّ على ذلك ما كان من النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من تعامله مع الصحابيّ أنس بن مالك -رضي الله عنه- من الهجرة إلى المدينة المنوّرة إلى أنّ توفّي الرسول، حيث قال: (خَدَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ، فَمَا قَالَ لِي: أُفٍّ، وَلاَ: لِمَ صَنَعْتَ؟ وَلاَ: أَلاَ صَنَعْتَ؟ وَلاَ عَابَ عَلَيَّ شَيْئاً قَطُّ، وَأَنَا غُلاَمٌ، وَلَيْسَ أَمْرِي كَمَا يَشْتَهِي صَاحِبِي أَنْ أَكُونَ عَلَيه)، كما أنّ النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- كان يمازح الأطفال ويلاعبهم، حيث كان يمرّ دائماً بأبي عمير عندما كان يلاعب عصفوره، فكان الرسول يسأله عن العصفور، ويمازحه ويداعبه، ولمّا مات العصفور عزّاه وواساه به، كما روى الإمام مسلم في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أنّها قالت: (إنّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كان يُؤْتَى بالصِّبيانِ فيُبَرِّكُ عليهم ويُحَنِّكُهم)،[5] فالحديث يدلّ على أنّ النبيّ كان يدعو للأطفال بالبركة، ويحنّكهم؛ بأن يمضغ تمرةً ثمّ يضعها في فم الطفل، فأصبح التحنيك سنةً عن الرسول عليه الصّلاة والسّلام، كما أنّه كان يغيّر أسماءهم ذات المعاني القبيحة بأسماءٍ أخرى حسنةٍ وفاضلةٍ، ومن ذلك تبديله لاسم عاصية باسم جميلة، وأطلق على جدّ سعيد بن المسيب اسم سهل بعد أن كان اسمه حزن، كما كان يحثّ الأطفال ويرّغبهم بحفظ القرآن الكريم، وتعلّم أمور الشريعة، وكان يقدّر ما يتعلّمونه، وممّا يدلّ على ذلك اختياره للغلام عمرو بن سلمة الجرمي إماماً على قومه، وكان أصغرهم سناً، إلّا أنّه كان أكثرهم حفظاً وعلماً بكتاب الله، وكانت تصرّفات الرسول -عليه الصّلاة والسّلام- نموذجاً لغيره من الناس، فاقتدى الصحابة -رضي الله عنهم- به، ومثال ذلك ما كان من أبي بكر الصديق، حيث كان يحمل الحسن بن علي ويقول له: (بَأَبِي شَبِيهٌ بِالنَّبِيّ لَيْسَ شَبِيهاً بِعَلِيّ)، وكان الحسن يضحك، وكان لطريقة تعامل الرسول مع الأطفال الأثر الكبير والإيحابيّ في تحقيق الإيمان في القلوب، والقيام بالأعمال الصالحة، وتعلّم مختلف العلوم.[6]

تربية الأطفال

ذكر العلماء ووضّحوا كثيراً من الأمور الواجب على المربين تنشأة الأطفال عليها، وتربيتهم وفقها، وفيما يأتي بيانٌ لبعضٍ منها:[7]

  • الحرص على الأمور العباديّة، وتربية الأطفال عليها، ومن ذلك: التوحيد، والصلاة، والصيام، وذلك ما سار عليه السلف الصالح في تربية أبنائهم، حيث قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (حافظوا على أبنائكم في الصلاة، ثمّ تعودوا الخير، فإن الخير بالعادة)، ويمكن تشجيع الأطفال على العبادات بتقديم الهدايا والمكافأت لهم، حيث روت أم المؤمنين عائشة أنّهم كانوا يأخذون الأطفال لقيام شهر رمضان، ويقدّمون لم الأطعمة الشهيّة.
  • الحرص على القدوة الصالحة والحسنة للأطفال، وذكر ابن الجوزي في ذلك؛ أنّه كان يتأثّر ببكاء شيوخه أكثر من تأثّره بعلمهم، كما ورد أنّ عتبة بن أبي سفيان قال لمعلّم ابنه: (ليكن أول إصلاحك لولدي إصلاحك لنفسك، فإنّ عيونهم معقودة بك، فالحسن عندهم ما صنعت، والقبيح عندهم ما تركت).
  • تعليم الأبناء على البر والخير والمعروف؛ وذلك حرصاً على أمانتهم، فكان السلف الصالح يقدّمون كلّ ما يستطيعون تقديمه من أجل تعليم أبنائهم، فمعاوية بن أبي سفيان أرسل ابنه إلى عالِمٍ؛ ليعلّمه أنساب قريش، وأنساب الناس، وعلم النجوم، كما أنّ السلف كانت لديهم جرأةٌ كبيرةٌ في طرح الأفكار ومشاركتها والحديث حولها، حيث كانوا يحضرون مجالس كبار القوم، فمن الخطأ حرمان الأطفال من الجلوس في مجالس أهل العلم والخبرة، فكان ابن شهاب الزهري يشجّع ويرغّب الأطفال في ذلك، وكان يقول لهم: (لا تحتقروا أنفسكم لحداثة أسنانكم، فإن عمر بن الخطاب كان إذا نزل به الأمر المعضل دعا الفتيان فاستشارهم يتبع حدة عقولهم).
  • الاعتناء بمواهب الأطفال وقدراتهم والحرص على تنميتها، فالشيخ أبو القاسم البلخيّ علّم ابن الجوزي بعض الكلمات ثمّ أصعده إلى المنبر، فألقاها، وكان عمره حينها ثلاث عشرة سنةً.

المراجع

  1. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5090، صحيح.
  2. ↑ "رعاية الإسلام للأطفال"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-10-2018. بتصرّف.
  3. ↑ سورة القلم، آية: 4.
  4. ↑ سورة آل عمران، آية: 110.
  5. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 286، صحيح.
  6. ↑ "الرسول المربي والأطفال"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-10-2018. بتصرّف.
  7. ↑ محمد السقا عيد، معالم في تربية الأطفال، صفحة 6-9. بتصرّف.