أحكام الأضحية
تعريف الأضحية ومشروعيتها
الأُضحية في الشرع: "هي ما يُذبَح من بهيمة الأنعام في أيام النحر تقرّباً إلى الله تعالى"، وقد ثبتت مشروعيتها في القرآن الكريم في قوله تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)،[1] وقد قال ابن عباس -رضي الله عنهما- في تفسير النحر: هو النُّسُك، والذبحُ يوم عيد الأضحى، ومن السنة النبوية ما رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم: (ضَحَّى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بكَبْشينِ أمْلَحَيْنِ أقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُما بيَدِهِ، وسَمَّى وكَبَّرَ، ووَضَعَ رِجْلَهُ علَى صِفَاحِهِمَا)،[2] ولا يخفى ما في الأضحية من التعبير عن شكر الله -سبحانه وتعالى- على نِعمِّه العظيمة، وما في ذلك من التوسعة على الفقراء والمساكين، والجيران والأهل، وإحياء واقتداء لسنَّة أبو الأنبياء إبراهيم -عليه السلام- الذي رأى في منامه أنه يذبح ولده إسماعيل، فصدَّق الرؤيا، ولما استعدَّ لذبحِه، فداه الله -سبحانه وتعالى- بذبحٍ عظيم.[3]
حُكم الأضحية
اختلف الفقهاء في حكم الأضحية على النحو الآتي:[4]
- القول الأول: إنها سنةً غير واجبةٍ على الموسر، فإذا تركها بغير عذر لا يأثم، ولا يلزمه القضاء، وقال به جمهور الفقهاء، وممن قال بهذا القول: أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه، وبلال، وأبي مسعود البدري، وسعيد بن المسيب، والإمام مالك، والإمام أحمد، وغيرهم.
- القول الثاني: إنها واجبة على الموسر، وقال النخعي: إنها واجبةً على الشخص الموسر إلا إذا كان حاجّاً، وقال محمد بن الحسن: إنها واجبةً على المقيم بالبلدان، والمشهور عن الإمام أبي حنيفة أنه يوجبها على المقيم في بلده، ويملك من المال بقدر نصاب الزكاة، وممن قال بذلك أبو حنيفة، وقال به بعض المالكية، وربيعة، والأوزاعي، والليث.
والأضحية سنة مؤكدة على الكفاية إذا تعدّد أهل البيت، فإذا ضحّى واحدٌ من أهل البيت كفى عن الجميع، ولا بدّ أن يكون المال المخصّص للأضحية زائدٌ عن الحاجة.
شروط الأضحية
يجب أن تتحقّق في الأضحية شروط ستة حتى تكون صحيحةً ومجزئةً عن صاحبها، وهذه الشروط هي:[5]
- أن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام: وهي: الإبل، والبقر، والغنم ضأنها ومعزها.
- أن تبلغ الأضحية السن المحددة في الشرع، وهي كما يأتي:
- أن تكون الأضحية خالية من العيوب: لأن هناك عيوب تجعلها غير مجزئة، وذلك لما ورد: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم سُئِل: ماذا يُتَّقَى من الضَّحايا؟ فأشار بيده، فقال: أربعًا: العَرْجاءُ البَيِّنُ ظَلْعُها، والعَوْراءُ البَيِّنُ عَوَرُها، والمرِيضةُ البَيِّنُ مَرَضُها، والعَجْفاءُ الَّتِي لا تُنْقِي)،[6] وبيان المقصود بهذه العيوب فيما يأتي:
- أن تكون الأضحية ملكاً للمضحي: أو مأذوناً له فيها من قِبَل الشرع، أو من قِبَل المالك، لأنه لا تصح التضحية بما لا يملك؛ كالمغصوب، أو المسروق، أو المأخوذ بدعوى باطلة، والسبب في ذلك أنه لا تنال طاعة الله بمعصيته، وتصحّ تضحية وليّ اليتيم والوكيل بشروط.
- أن لا يتعلّق بالأضحية حق للغير: فلا تصحّ التضحية بالمال المرهون مثلاً.
- أن تتم التضحية في الوقت المحدّد شرعاً: وهو من بعد صلاة عيد الأضحى إلى غروب شمس آخر يومٍ من أيام التشريق، وهو اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة، ومن ذبح قبل ذلك أو بعده، فلا تصحّ أضحيته؛ للأحاديث الواردة في تحديد وقت الأضحية.
- أن تكون جذعة من الضأن: وهو ما أتم نصف سنة، ولا تصح التضحية بما دون الجذع.
- أن تكون ثنية من الإبل، أو البقر، أو المعز: ولا تصح التضحية بما دون الثني، والثني من الإبل: ما أتمّت خمس سنوات، والثني من البقر: ما أتمّت سنتان، والثني من الغنم: ما أتمّت سنة.
- العور البين: وهو العور الذي تكون العين فيه مخسوفة، وبارزة كالزر، وبيضاء بياضاً يدل دلالةً بَيِّنةً على أنها عوراء.
- المرض البين: وهو المرض الذي تكون أعراضه واضحةً على البهيمة ومؤثّرةً عليها، بحيث يمنع شهيتها، ويمنعها عن المرعى، مما يؤثّر على لحمها وصحّته.
- العرج البين: وهو العرج الذي يمنع البهيمة من أن تمشي مع غيرها من البهائم السليمة.
- الهزال: أي أن تكون هزيلة هزال مزيل للمخ.
- عيوب أخرى: ويُلحَق بهذه العيوب ما كان مثلها أو أشد، فلا تجزىء الأضحية بالعمياء التي لا تبصر، ولا بالمبشومة، أي: التي أكلت فوق طاقتها حتى يزول عنها الخطر، ولا بالتي تعسّرت ولادتها حتى يزول عنها الخطر، ولا بالمصابة بما يميتها من اختناقٍ، أو سقوطٍ من مكانٍ مرتفعٍ ونحوه حتى يزول عنها الخطر، ولا بالزمنى، أي: العاجزة عن المشي لعاهةٍ، ولا المقطوعة إحدى اليدين أو الرجلين.
شروط المضحي
ينبغي على المسلم إذا أراد أن يضحي أن يلتزم بالأمور الآتية:[7]
- أن يبتغي وجه الله -سبحانه وتعالى- ويحقق الإخلاص له سبحانه، ولا بد من استقبال القبلة، والتسمية، والتكبير، وعليه أن يقسّم الأضحية، فيسنّ له أن يأكل من أضحيته، ويتصدّق منها بالمقدار الذي يريد، لقوله تعالى: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)،[8] لكن لا يجوز أن يعطي الجزار أجرته من لحم الأضحية، ولا يجوز للمضحّي بيع الأضحية، أو جزء من لحمها، أو جلدها.
- أن لا يحدّ السكّين أمام عين البهيمة.
- أن لا يذبح البهيمة أمام بهيمةٍ أخرى.
- أن لا يأخذ المضحّي سواء كان رجلٌ أو امرأةٌ، من شعر رأسه، وكامل بدنه، ولا من أظفاره أو بشرته شيئاً، وذلك من بداية دخول شهر ذي الحجة، إلى أن يضحّي، أما كونه يتطيّب، أو يتروّش، أو يأتي أهله، فلا بأس فكل ما يفعله حلال.[9]
- أن يذبح أضحيته بيده، فإنه يسنّ له ذلك، فإن كانت من البقر أو الغنم أضجعها على جنبها الأيسر، ووجّهها للقبلة، ووضع رجله على صفحة عنقها، ويقول عند الذبح: "بسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك ولك، اللهم هذا عني، أو اللهم تقبل مني، وعن أهل بيتي"، ولكن عليه أن يلتزم عند الذبح بالأمور الآتية:[10]
- أن لا يؤلم البهيمة قبل الذبح بكسر رقبتها أو قدمها.[10]
المراجع
- ↑ سورة الكوثر، آية: 2.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 5565، صحيح.
- ↑ عمر عبد الرحمن (15-10-2013)، "أحكام الأضحية في الشريعة الإسلامية (1)"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2019. بتصرّف.
- ↑ "معلومات عن الفتوى: أحكام الأضحية "، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2019. بتصرّف.
- ↑ "شروط الأضحية"، www.islamqa.info، 10-2-2003، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في تخريج مشكاة المصابيح، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم: 1410، صحيح.
- ↑ "أحكام الأضحية"، www.almunajjid.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الحج، آية: 28.
- ↑ "حكم أخذ الشعر أو الأظافر لمن يريد أن يضحي"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب عقيل الشمري، "ثمانون مسألة في أحكام الأضحية"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-4-2019. بتصرّف.