-

الحالة النفسية وتأثيرها على الجسم

الحالة النفسية وتأثيرها على الجسم
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

مفهوم الصحة النفسية

الصحة النفسيّة هي مَسألةٌ نِسبيّةٌ حالها حال الصحّة الجسديّة؛ فالأمراضُ الجسديّة تَظهر نتيجة زيادة الاختلال الحاصل بين وظائف الجسم المُختلفة، وكذلك الأمراض النفسية فهي ليس لها حَدٌ مُعيّنٌ يفصل بينها وبين الصحة النفسية وإنّما الحد الذي يُظهر المرض هو زيادة الاختلال الحاصل.

بِقدرِ تكيّف الفرد مع البيئة المُحيطة به تكون الصحّة النفسية لديه، وعلى هذا الأساس فإنّ الفرد الذي يَستطيعُ أن يتوافَقَ داخليّاً مع نفسه ويُحسن تكيّفه مع بيئته يَتمتّع بصحةٍ نفسيةٍ جيدةٍ؛ وذلك لأنّ المَرض النفسي عند الفرد ما هو إلّا صراعات نفسيّة داخليّة تَجعله غير متوافق مع نفسه ومع المُجتمع الذي يعيش فيه، فيظهر الاضطرابُ واضِحاً في حَياته الانفعاليّة، ويَبدو عليه الخوفُ الشديد، والشُّعور بالاضطِهاد من الآخرين.

إن مَن يتمتّع بالصحّة النفسية يَظهر عليه النّضج الانفعالي، والمَقدرة على ضبط انفعالاته، ويُعبّر عن رغباتهِ وميولهِ ومشاعرهِ بأسلوبٍ مُتّزنٍ يَخلو من الاندفاع والتهور، فما هو الضغط النفسي الذي يُصيب الفرد؟ وما هي الأمراض النفسيّة؟ وما أعراضها؟ وكيف يرتبط المرض الجسدي بالمرض النفسي؟ وما العلاقة بينهما؟[1]

تعريف الضغط النفسي

الضغط النفسي هو مَجموعةٌ من الأحداث والمَواقف والأفكار التي تدفع الشخص إلى الشعور بالتوتّر والقلق، وإحساس الفرد بأنّ الواجبات المطلوبة منه تفوق قُدراته وإمكانيّاته، فيخرُج بسبب ذلك من حالة الاستقرار والتوازن النفسي إلى حالةٍ من الاضطراب والذي يظهر عليه على شكلِ همٍّ وحُزنٍ وألم.[2]

تعريف الأمراض النفسية ومظاهرها

الأمراض النفسية هي مَجموعةٌ من الانحِرافات التي تظهر على الفرد، وجودها غير مرتبط باختلال بدني أو عضوي؛ بل يَعود سَببها عَدم تكيّف الفَرد مع الظروف المُحيطة به.

تَظهر العديدُ من الأعراض التي يمكن من خلالها معرفة الحالة النفسية لدى الفرد، ومن هذه الأعراض: التوتر النفسي، والقلق، والوساوس، والكآبة، والتحوّل الهستيري، والشعور بوهنِ العزيمة، والخوف من المستقبل، والتشتّت في الأفكار، والوَهن الجسمي، وعدم القُدرة على المُثابرة والإنتاج، أمّا علاقته مع الآخرين فإمّا أن تكون بأن يَتواصل مع من حوله بعُنفٍ شديدٍ، أو ينزوي بشكلٍ شديد.[1]

عندما تظهر الأمراض النفسية فإنّ ذلك يؤدّي لظهور الأمراضُ الجسديّة المُصاحبة لها، وبالتالي يشعر الشخص بالإجهاد النفسي، ويظنّ أنّ ما يُصيبه هي أمراضٌ غير حقيقة، أو أنّها مجرد أفكارٍ في ذهنه وخياله، ولا رابط بينها وبين الحالة النفسيّة.[1]

العلاقة بين الحالة النفسية والصحة الجسدية

يمكن بيان العلاقة بين الضغط النفسي لدى الفرد وحالته الصحيّة والجسدية بأنّها عكسيّةٌ؛ فكلّما زاد الضغط النفسي على الفرد انخفضت الصحّة العامة لديه، وتراجَعت وتدهورت، بينما انخفاض الضغط النفسي يَترتّب عليه الحصول على صحّةٍ جيّدة، ويَعود السبب في ذلك إلى التغيّرات الفسيولوجية في الجسم؛ فأيّ تأثيرٍ نفسي يكون أشبه بحدس إنذار يترتّب عليه ردود فعل في مُعظم أجزاء الجسم، وهذه التغيرات التي تطرأ على الجسم نتيجة الحالة النفسية التي يمر بها الشخص يُسمّيها البعض استجابات التهيؤ.

يُمكن ملاحظة ردود الفعل المُشار لها عندما يتعرّض الفرد لموقف يدفعه للحديث أمام جمع من الناس؛ حيثُ تطرأ عليه بعض التغيّرات مثل حركة الرموش، والعرق، وجفاف الحلق، وزيادة ضربات القلب، وصعوبة التنفّس؛ فكلّ هذه التغيرات نتجت عن الضغط النفسي الذي وُضع فيه الفرد. أُجريت دراسة على مجموعةٍ من الأشخاص كان الهدف منها بيان الحالة النفسيّة وأثرها على جهاز المناعة لدى الإنسان، فكانت النتيجة المذهلة أنّ جهاز المناعة يَنخفض تركيزه في الجسم عند التعرّض للضغط النفسي.

بيّنت إحدى الدراسات التي أُجريت في موضوع الاضطرابات النفسية والوقاية منها أنّ حوالي 450 مليون إنسان يُعاني من الاضطرابات النفسية على امتداد العالم، وأنّ ربع البشر سيُصابون بواحد أو أكثر من الاضطرابات النفسيّة في فترةٍ ما من حياتهم، وأنّ هذه الاضطرابات لا تُشكّل عِبئاً اقتصادياً واجتماعياً فحسب، بل هي تُشكّل خطراً على الصحةِ الجسديةِ، ولذلك وجب الوقاية من هذه الاضطرابات.[3][4]

أثر الحالة النفسية على الجسم

أثبتت الدّراسات الحديثة أنّ الضغط النفسي والغضب من العوامل المُدمّرة لصحة الإنسان، وإذا تفاقم الوضع قد يؤدّي إلى الإصابة بأمراضٍ خطيرةٍ، ورُغم المحاولات العديدة للمُحافظة على الصحّة مثل اتباع الحمية، أو ممارسة الألعاب الرياضية، وغيرها من وسائل وقائية وعلاجية، إلا أنّ الدراسات أثبتت أنّ العَوامل الاجتماعية، والرضا، والسعادة النفسية، ووضع هدفٍ في الحياة له أكبر الأثر في المُحافظة على الصحّةِ الجسدية، ولذلك كان رسول الله - عليه الصلاة والسلام- يُوصي أصحابه بعدم الغضب، وأنّ عليهم الرضا والقناعة فهي سَببٌ للسعادة والصحة.[5][6]

من الأمراض التي يُسببها الإجهاد والضغط النفسي:[5][6]

  • زيادة احتماليّة الإصابة بأحد أنواع الأورام السرطانية؛ ويعود السبب في ذلك إلى ضَعف جهاز المناعة لدى الفرد في حالة الانفعال النفسي.
  • التأثير على القلب؛ فالضغط النفسيي يُؤثّر عليه سلباً، وله ارتباط بإصابة الإنسان بالنوبات القلبية.
  • الإصابة بضيق الشرايين؛ وذلك من خلال دِراسةٍ أجريت على أشخاص قيست لهم مستويات هرمون الكورتيزول الذي يُنتجه الجسم (هرمون الإجهاد)عندما يتعرّض الإنسان إلى ضغوطاتٍ نفسية، ويؤدّي إطلاقه إلى تضييق الشرايين.
  • الإصابة بفقر الدم الناتج عن فقدان الشهية؛ بسبب الضّغط النفسي والتوتر.
  • الإصابة بأمراضٍ عديدة أخرى، مثل: أوجاع الظهر، والرقبة، والكتفين، والمعدة، والرأس، والصداع النصفي، وارتفاع الضغط، وتغيير لون الجلد بحيث يُصبح شاحباً.

المراجع

  1. ^ أ ب ت محمد جودت ناصر (2006م)، "الأمراض النفسية وأثرها على السلوك الوظيفي"، العلوم الإنسانية، العدد العاشر، صفحة 6 - 7. بتصرّف.
  2. ↑ عبد الرحمن بن سليمان الطريري (1994م)، الضغط النفسي (الطبعة الأولى)، صفحة 7-8 جزء 1. بتصرّف.
  3. ↑ منظمة الصحة العالمية (2005م)، الوقاية من الاضطرابات النفسية (الطبعة الأولى)، القاهرة: قسم الصحة النفسية، صفحة 15، جزء 1. بتصرّف.
  4. ↑ عبد الرحمن بن سليمان الطريري (1994م)، الضغط النفسي (الطبعة الأولى)، صفحة 83 - 85، جزء 1. بتصرّف.
  5. ^ أ ب محمد صالح السويلم (22 - 11 - 2014م)، "انعكاس تعب النفس على أوجاع الجسد"، حسام دباش، اطّلع عليه بتاريخ 21 - 6 - 2017م. بتصرّف.
  6. ^ أ ب عبد الدائم الكحيل، "الضغوط النفسية وأثرها على القلب والجسد"، موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، اطّلع عليه بتاريخ 21 - 6 - 2017م. بتصرّف.
  7. ↑ فيديو عن تشخيص الحالة النفسية.