قصة حياة سيدنا محمد
بعثة الأنبياء والرُسل من الضرورات التي اقتضاها الله لتبليغ الناس الدين والهداية إليه، ولتقومَ الحُجّةُ عليهِم بهؤلاء الرُسُل الكرام عليهِم السلام، وقد أرسلَ الله رُسُلاً إلى كُلّ قومٍ من الأقوام فبلّغوا رسالات الله لهُم ولكن أتباع الرُسُل كانوا هُم القلّة على الدوام.
شاءَ اللهُ تباركَ وتعالى أن يجعلَ للبشريّة كُلّها نبيّاً ورسولاً خاتماً بحيث تُختتمُ بهِ الشرائع وتكونَ رسالتهُ هي آخر الرسالات، وهوَ سيّدنا مُحمّد عليهِ أفضلُ الصلاة وأتمُّ التسليم، ولنبيّنا الكريم عليهِ الصلاة والسلام قصّةٌ وسيرةٌ شريفةٌ عطرة نتعرّض لبعض نفحاتِها في هذا المقال.
مولدُ النبيّ عليهِ الصلاةُ والسلام
ولِد النبيّ المُصطفى عليهِ السلام على أرجح الأقوال في يوم الإثنين الموافق في الثاني عشر من شهر ربيع الأوّل لعام الفيل، وهذه الحادثة التي صدَّ اللهُ بها كيدَ أبرهةَ الأشرم وجيشه عن الكعبةِ المُشرّفة.
أمّا نسبُ النبيّ الكريم عليه الصلاةُ والسلام فهوَ أشرفُ النسب ومن خِيار الناس، فهوَ (مُحمّد بن عبد الله بن عبد المطلّب بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ بن كلاب بن مُرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فِهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مُضر بن نزار بن معد بن عدنان)، وهذهِ السلسلة الشريفة في نسبهِ عليهِ الصلاةُ والسلام قد أوردها الإمام البُخاريّ في صحيحه في كتاب مناقب الأنصار، وما فوق هذا النسب بعدَ عدنان فهوَ غير محفوظ كما أوردَ ذلكَ الإمام البغوي في شرحِ السُنّة.
بعثة النبيّ عليهِ الصلاةُ والسلام
كانَ مُحمّد عليهِ الصلاةُ والسلام من أكثر أهل مكّة صِدقاً في الحديث وأمانةً في شؤون قومه، حتّى لقّبوه بالصادق الأمين، وقد تزوّجَ بأوّل زوجاته وهيَ خديجة بنت خويلد رضيَ الله عنها وهي من أشرف نساء العرب، وكانَ عليهِ الصلاةُ والسلام يتردّد إلى جبل النور ويجلسُ في غار حراء؛ ليتعبّدُ في خلوته حتّى أتاهُ أمينُ الوحي وهوَ جبريل عليهِ السلام، فكانت بدايةُ الرسالة حينَ عرضَ عليهِ جبريل أوّل كلمات الله في سورة العلق وهيَ (اقرأ باسم ربّك الذي خلق)، وكانَ سنّهُ عليهِ الصلاةُ والسلام عندها أربعينَ سنة.
انطلقَ عليهِ الصلاةُ والسلام يدعو إلى الله في مكّة في الأقربينَ من قومه، فآمنَ بهِ نفرٌ قليل، وانتهجَ السرية في دعوته لمُدّة ثلاث سنوات، حتّى صدعَ بعدها بالدعوة الجهريّة فتعرّض للأذى هوَ وأصحابهُ الكِرام، والتعذيب، والتغريب، وأنواع الأذى النفسيّ والماديّ، شأنهُ شأنُ أولي العزم من الرُسُل، وكانت رحمةُ الله به أن جعلَ لهُ أنصاراً في يثرب حيث هاجرَ إليها، وأسس فيها مدينة التوحيد فكانت المدينة المنوّرة، وهي بداية قاعدة الدولة الإسلاميّة النبويّة.
نظّمَ النبيّ عليهِ الصلاةُ والسلام في المدينة المنورة شؤون الدولة، فجعلَ وثيقة اجتماعيّة تكفلُ الحُقوق لجميع أطياف المُجتمع من المُهاجرين والأنصار وحتّى اليهود، ونشأت عدّة غزوات ضدَ المُشركين من أهل مكّة ومن حولها من المُعتدين، وكانت سيرتهُ عليهِ الصلاةُ والسلام مليئةً بالأحداث والغزوات والدعوة إلى الله.