أعمال الرسول في شهر رمضان
شهر رمضان
شهر رمضان هو الشهر التاسع من الشهور الهجرية، وعدد أيامه ثلاثين يوماً، أو تسعة وعشرين يوماً، ويسبقه شهر شعبان، ويليه شهر شوال،[1] ومن الجدير بالذكر أن لشهر رمضان مكانة عظيمة عند المسلمين، فقد جعل الله -تعالى- في هذا الشهر المبارك فضائل عديدة ترفع درجات المؤمنين، وتزيد حسناتهم، حيث تُغلَق أبواب النيران، وتُفتح أبواب الجنان، وتُصفّد الشياطين، وتُفتح أبواب الرحمة والمغفرة، مصداقا لما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إذا كانَت أوَّلُ ليلةٍ من رمَضانَ صُفِّدتِ الشَّياطينُ ومَردةُ الجِنِّ وغلِّقت أبَوابُ النَّارِ فلم يُفتَحْ منها بابٌ وفُتِحت أبوابُ الجنَّةِ فلم يُغلَقْ منها بابٌ).[2][3]
ومن أعظم فضائل شهر رمضان المبارك نزول القرآن الكريم فيه، كما قال الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)،[4] وفيه ليلة خير من ألف شهر، وتجدر الإشارة إلى أن الصيام في شهر رمضان ركن من أركان الإسلام، وللصوم فضائل عظيمة منها: أنه وقاية من الشهوات، وسبب من أسباب التقوى، وسبب لسعادة القلب في الدنيا والآخرة، حيث يفرح الصائم عند إفطاره، وعند لقاء ربه، كما أن الله -تعالى- يباعد وجه الصائم عن النار سبعين سنة.[3]
أعمال الرسول في رمضان
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستقبل شهر رمضان المبارك بالفرح والسرور، ويُذكّر أصحابه -رضي الله عنهم- وأمّته من بعده بعِظم فضائل هذا الشهر، ويبيّن لهم كيفية اغتنام لياليه وأيامه بالطريقة الصحيحة، مصداقاً لما رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (إِنَّ هذا الشهرَ قدْ حضَرَكُمْ، وَفيهِ ليلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شهْرٍ، مَنْ حُرِمَها فَقَدْ حُرِمَ الخيرَ كُلَّهُ، ولَا يُحْرَمُ خيرَها إلَّا محرومٌ)،[5] وعلى الرغم من أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يحث أصحابه -رضي الله عنهم- على صوم التطوع، وكان يُكثر من الصوم في شعبان، إلا أنه نهى عن الصيام قبل رمضان بيوم أو يومين، ونهى عن صيام اليوم الذي يُشك فيه، فقد رُوي عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (لَا يَتَقَدَّمَنَّ أحَدُكُمْ رَمَضَانَ بصَوْمِ يَومٍ أوْ يَومَيْنِ، إلَّا أنْ يَكونَ رَجُلٌ كانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذلكَ اليَومَ)،[6][7] وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يجتهد في الأعمال في شهر رمضان، ويمكن بيان بعض أعماله في رمضان فيما يأتي:[8]
- الصيام: صام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رمضان تسع سنوات، فقد فُرض الصوم في شهر شعبان من العام الثاني للهجرة، وتوفي النبي -عليه الصلاة والسلام- في العام الحادي عشرة للهجرة، وكان من هديه -عليه الصلاة والسلام- تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، وقد رُوي عنه أنه قال: (لا يَزَالُ النَّاسُ بخَيْرٍ ما عَجَّلُوا الفِطْرَ)،[9] وكان يُفطر على عدد فردي من الرطب، فإن لم يجد فمن التمر، فإن لم يجد كان يكتفي بشرب الماء، أما السحور فكان يؤخره إلى ما قبل صلاة الفجر بوقت يسير، ويحث أمته على المواظبة عليه، حيث رُوي عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (تَسَحَّرُوا فإنَّ في السَّحُورِ بَرَكَةً).[10]
- الصدقات وقراءة القرآن الكريم: كان جود النبي -عليه الصلاة والسلام- وكرمه يتضاعف في رمضان، حيث كان يكثر من الإنفاق في سبيل الله، والصدقات، وتلاوة القرآن، والإحسان، مصداقاً لما رُوي عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنه قال: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضَانَ، فيُدَارِسُهُ القُرْآنَ).[11]
- قيام الليل: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يواظب على قيام الليل في رمضان، وقد روت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنه كان يصلي إحدى عشرة ركعة، وكان يطيل القراءة فيها.
- الاعتكاف وترقّب ليلية القدر: فقد رُوي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يعتكف العشرة الأواخر من شهر رمضان، وكان يفعل ذلك في كل عام إلى أن توفاه الله تعالى، وكان من أسباب اعتكافه -عليه الصلاة والسلام- طلب ليلة القدر، التي يُعد العمل فيها خيراً من ألف شهر.
- صلاة التراويح: ثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلّى صلاة التراويح، فقد روت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنَّ النبي -عليه الصلاة والسلام- خرج ذات يوم في جوف الليل، فصلّى في المسجد، وصلّى عدد من الرِجال بصلاته، فلما أصبح الناس تحدّثوا، فاجتمع أكثر منهم، فصلّوا مع النبي، وفي الصباح تحدث الناس، وكثر أهل المسجد في الليلة الثالثة، فخرج النبي -عليه الصلاة والسلام- وصلّوا بصلاته، وفي الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس وتشهّد، ثم قال: (أمَّا بَعْدُ، فإنَّه لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكانُكُمْ، لَكِنِّي خَشِيتُ أنْ تُفْرَضَ علَيْكُم، فَتَعْجِزُوا عَنْها)،[12] وفي عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- صلى المسلمون صلاة التراويح في جماعة واحدة، وحافظوا على ذلك إلى زماننا الحاضر.[13]
أفضل الأعمال في رمضان
هناك الكثير من الأعمال التي يمكن للعبد التقرب بها إلى الله -تعالى- في رمضان، وفيما يأتي بيان أفضل هذه الأعمال:[14]
- الصوم: حيث إن الصوم من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله تعالى، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى: (يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ كلُّ عمَلِ ابنِ آدمَ له إلا الصيامَ فهو لِي وأنا أجزِي بِهِ)، ومن الجدير بالذكر أن الأجر العظيم لا يتحقق بالامتناع عن الطعام والشراب فقط، بل لابُد من صوم العينين، والأذنين، وكافة الجوارح عن الحرام.
- قيام الليل: فقد أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن عظم فضل قيام الليل في رمضان، حيث قال: (مَن قامَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ مِن ذنبِهِ).[15]
- الصدقة: ومن صور الصدقة في رمضان إطعام الطعام، وتفطير الصائمين.
- قراءة القرآن الكريم: إذ إن شهر رمضان شهر القرآن، فقد كان جبريل -عليه السلام- يُدارس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القرآن في رمضان، وكان السلف الصالح مثالاً يُقتدى به في هذا الباب، حيث رُوي أن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- كان يختم القرآن الكريم في كل ليلة، وكان الزهري يترك مجالس العلم ويُقبل على تلاوة القرآن الكريم في رمضان، وكان الأسود يختم القرآن الكريم في كل ليلتين.
المراجع
- ↑ "تعريف و معنى رمضان في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 19-2-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1339، صحيح.
- ^ أ ب الشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني (23-7-2013)، "شهر رمضان: فضائله وخصائصه"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-2-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 185.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2247، حسن.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1914، صحيح.
- ↑ جمال المراكبي (24-6-2014)، "حال النبي -صلى الله عليه وسلم- في رمضان"، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-2-2019. بتصرّف.
- ↑ "رمضان في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-"، www.islamweb.net، 2013/07/22، اطّلع عليه بتاريخ 19-2-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 1957، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1923، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 3220، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 924، صحيح.
- ↑ "هدي النبي في رمضان"، www.fatwa.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-2-2019. بتصرّف.
- ↑ عبد الله الصالح، "خير الأعمال في رمضان"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-2-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2205، صحيح.