العالم قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم
بعثة النبي عليه الصلاة والسلام
تغير وجه العالم كثيراً بعد بعثة النبي عليه الصلاة والسلام، وقد شمل هذا التغيير جميع جوانب حياة الناس العقدية، والفكرية، والاجتماعية، والتجارية، ولقد امتن الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز على العرب بأنّ بعث فيهم رسولاً منهم يعلمون نسبه الشريف، ويدركون خلقه الكريم، حيث جاءهم ليخرجهم من ظلمات الجهل والضلال إلى نور الهداية والتوحيد في ظلّ شريعةٍ كاملة شاملة تحقق لهم إن استقاموا عليها السعادة في الدنيا والآخرة، وتزيل عنهم أسباب الخوف والحرمان التي كانوا يعيشونها تحت ظلال الجاهلية العمياء.
أحوال العالم قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام
السلطة الحاكمة
كانت الجزيرة العربية قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام موطناً لقبائل عربية شتى، كانت متفرقة لا يجمعها شيءٌ من القواسم المشتركة سوى قاسم اللغة العربية، ودين الشرك وعبادة الأصنام، وقد كانت تلك القبائل تحارب بعضها البعض لأتفه الأسباب، وتستمر الصراعات والمعارك بينها سنين طويلة مثل حرب البسوس، وحرب داحس والغبراء التي استمرت لمدّة أربعين سنة تقريباً، ولم يكن لقبائل العرب في وسط الجزيرة وشرقها وغربها جيش أو قائد تجتمع عليه، بل كان يحكم كل قبيلة سيدها وزعيمها.
أما العرب في بلاد اليمن جنوب الجزيرة العربية فقد اختلف حالهم، فقد كان يحكمهم ملك يسمّى تبع، كما عرفوا التطوّر والتقدم حينما شيّدوا سد مأرب العظيم، وكذلك الحال مع العرب في شمال الجزيرة العربية الذين عرفوا أشكالاً من التطور والتقدم مثل عرب الغساسنة الذين سكنوا الشام، وكانوا موالين للروم وخاضعين لهم، بينما كان العرب في العراق يسمّون المناذرة وكانوا خاضعين لسلطة كسرى، وقد كانت الإمبراطورية الرومانية والإمبراطورية الفارسية تتقاسمان النفوذ في مناطق العالم آنذاك.
عقيدة الناس
بالنسبة لعقيدة الناس قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام فقد كانت قائمة على الشرك والضلالات إلا بقية قليلة جداً كانوا على دين التوحيد، فقد غلبت عبادة الأصنام المصنوعة من الحجارة على معتقد الناس.
الناحية الأخلاقية
أما من الناحية الأخلاقية فلم يكن لدى سكان العالم قبل البعثة النبوية أية ضوابطٍ أخلاقية، حيث ساد الانحلال وطغت الإباحية على سلوك الناس فلم يكونوا ينكرون منكراً، أو يرعون فضيلة ومعروفاً، ومن مظاهر الانحراف في الأخلاق اتخاذ الباغيات بيوتاً للزنا يضعن عليها أعلاماً وراياتٍ يعرفن بها، وعلى الرغم من ذلك فقد عرفت الناس شيئاً قليلاً من الأخلاق التي جاءت الشريعة لتكملها وتضيف عليها مثل الكرم، والنخوة العربية، والعادات المتعارف عليها بين الناس مثل المحافظة على حياة الرسل الذين يوفدون من قبيلةٍ إلى أخرى، وإكرام الضيف كما روي في سيرة حاتم الطائي.