لمن تعطى زكاة الفطر
زكاة الفطر
فرض الله -تعالى- على كلِّ مسلمٍ ومسلمةٍ بدخول شهر رمضان المبارك إضافةً إلى صيامه أداء صدقةٍ من الطعام، أو القوت، وزكاة الفطر في حقيقتها تطهيرٌ للصائم، وطهرةٌ له؛ لما جرى من أعمالٍ وأقوالٍ تُخالف حقيقة الصيام، فتأتي الصدقة ليكون الصيام تاماً عند الله تعالى، أمّا دليل ذلك ما ورد عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أنّه قال: (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ، طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ)،[١] لذلك يجب على كلّ مسلمٍ أن يبادر إلى أداء ما يجب عليه، وعلى من يعول من زكاة الفطر قبل خروج وقتها الذي شُرعت فيه، وإلّا كان آثماً عند الله تعالى، كما ينبغي على المسلم أن يحرص على إعطائها، لمن يجب أن تُعطى له زكاة الفطر، لتقع منه صحيحةٌ.[٢]
وقت وجوب زكاة الفطر
إنّ لزكاة الفطر وقتان، يجوز إخراجها فيهما: الوقت الأول هو وقت الوجوب، والثاني وقت الجواز، وفيما يأتي بيان ذلك تفصيلاً:[٣]
- وقت الوجوب: يرى كلٌّ من الثوري، وإسحاق، ومالك في إحدى رواياته، أنّ الوقت الذي تجب فيه زكاة الفطر يكون بغروب آخر يومٍ من أيّام شهر رمضان المبارك، بينما قال كلٌّ من أصحاب الرأي، والإمام مالك في روايةٍ أخرى له، والليث بن سعد، وأبو ثور، بأنّها تجب فجر يوم العيد، واحتجّوا بأنّ زكاة الفطر عبادةٌ متعلقةٌ بالعيد، فلا يجوز تقديمها على يوم العيد.
- وقت الجواز: بالنسبة للوقت الذي يجوز إخراج زكاة الفطر فيه؛ فهو أوسع من وقت وجوبها، حيث يجوز إخراجها قبل انتهاء شهر رمضان المبارك، بيومٍ أو يومين، وقال بعض العلماء: يجوز تقديمها أكثر من ذلك؛ كأن يُخرجها الصائم بعد انتصاف شهر رمضان المبارك، وفي قولٍ للشافعية بأنّه يجوز إخراجها منذ بدء شهر رمضان؛ أيّ عند دخول شهر رمضان مباشرةً، واستدلّ الشافعية على قولهم، بأنّ زكاة الفطر تجب بالصيام أو بالفطر، فإذا تحقّق أحدهما، جاز إخراجها مباشرةً، وفي قولٍ للحنفية بأنّها تجوز من أولّ الحول (العام)؛ لأنّها كزكاة المال، فيجوز تقديمها إلى بداية العام، كما يجوز تقديم زكاة المال، إلى بداية العام.
مصارف زكاة الفطر
اختلف الفقهاء فيمن تُعطى لهم زكاة الفطر، هل هم الأصناف الثمانية، الذين يستحقّون زكاة المال، والذين ذكرتهم الآية القرآنية التي أوردت أصناف ومصارف زكاة المال، أم أنّها لا تُعطى إلّا للفقراء والمساكين فقط، وفيما يأتي بيان ذلك:[٤]
- زكاة الفطر تُعطى للأصناف الثمانية الذين تُعطى لهم زكاة المال: وإلى ذلك القول ذهب الجمهور، وأضاف الشافعية إلى أنّه يُقدّم في ذلك من وُجد من الأصناف الثمانية.
- زكاة الفطر تُعطى للفقراء والمساكين فقط: ذهب فقهاء المالكية، والإمام أحمد بن حنبل في روايةٍ عنه، وشيخ الإسلام ابن تيمية، إلى أنّ زكاة الفطر لا تُعطى إلّا للفقراء والمساكين، وتختصّ بهم دون الأصناف الثمانية الذين تجب لهم زكاة المال.
أمّا أصناف زكاة المال الثمانية، الذين قال جمهور العلماء بجواز إعطاء زكاة الفطر لهم، فهم: الفقراء، والمساكين الذين لا يجدون ما يكفيهم، أو يجدون البعض ممّا يكفيهم، وكذلك يجب إخراجها لمن يعملون على جمع الزكاة، وإخراجها، وتوزيعها على مستحقيها، وللمؤلفة قلوبهم، الذين دخلوا الإسلام حديثاً، وللرقاب؛ وهم المكاتبون المسلمون، أو المعتقين للرقاب المسلمين، أو الأسرى من المسلمين، وللغارمين الذين تراكمت عليهم الديون، ولم يستطيعوا أداءها، وللمجاهدين في سبيل الله، المتطوّعين في ذلك، ولابن السبيل، الذي انقطعت به السّبل، ولم يستطع العودة إلى بلاده؛ لانعدام المال معه.[٥]
من تجب عليه زكاة الفطر
تجب زكاة الفطر على أصنافٍ معينةٍ، وفيما يأتي بيان الأصناف بشكلٍ مفصّلٍ:[٦]
- زكاة الفطر واجبةٌ على كلِّ مسلمٍ: سواءً أكان صغيراً أم كبيراً، غنياً أم فقيراً، حرّاً أم عبداً، ودليل ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنه، حيث قال: (فرَض رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زكاةَ الفِطرِ، صاعاً من تمرٍ، أو صاعاً من شعيرٍ، على العبدِ والحرِّ، والذكرِ والأنثى، والصغيرِ والكبيرِ، من المسلمينَ، وأمَر بها أن تؤدَّى قبلَ خروجِ الناسِ إلى الصلاةِ).[٧]
- يُخرج المسلم المكلّف زكاة الفطر عن نفسه، ولمن تجب عليه نفقتهم: كأولاده، وزوجته، وعبده، ونفقة الأقارب الواجبة عليه، والدليل الذي يبيّن أنّ زكاة فطر العبد واجبةٌ على سيده، ما رُوي عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّه قال: (ليس في العبدِ صدقةٌ إلَّا صدقةُ الفِطرِ).[٨]
- زكاة فطر الجنين: يستحبّ إخراج زكاة الفطر عن الجنين، بعد نفخ الروح فيه؛ أيّ بعد أربعة أشهرٍ من الحمل، وذلك ما كان من السلف الصالح، كما ثبت عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، وغيره من الصحابة رضوان الله عليهم.
مقدار زكاة الفطر
يجب إخراج زكاة الفطر بمقدار صاعٍ من غالب قوت أهل البلد، من البرّ، أو الشعير، أو التمر، أو الزبيب، أو الأقط، أو الأرز، أو الذرة، أو غير ذلك من الأقوات، ويقدّر الصاع بأربعة أمدادٍ، وبيّن ذلك الداودي بقوله؛ أنّ ذلك يقدّر أيضاً بأربع حفناتٍ، بكفيّ الرجل المعتدل، ودليل ذلك ما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري، أنّه قال: (كنا نُخرِجُ زكاةَ الفِطرِ، صاعاً من طعامٍ، أو صاعاً من شعيرٍ، أو صاعاً من تمرٍ، أو صاعاً من أقِطٍ، أو صاعاً من زبيبٍ).[٩][٦]
المراجع
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1609، حسن.
- ↑ "زكاة الفطر"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-11-2018.
- ↑ ابن قدامة المقدسي، "وقت وجوب زكاة الفطر"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 14-11-2018. بتصرّف.
- ↑ "مصار زكاة الفطر"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 14-11-2018. بتصرّف.
- ↑ "مصارف الزكاة والمراد بكل منها"، www.islamweb.net، 8-1-2003، اطّلع عليه بتاريخ 14-11-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب د. سالم جمال الهنداوي (29-8-2011)، "أحكام زكاة الفطر"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-11-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1503، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 982، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 1506، صحيح.