نصائح في التربية
التربية وأهميّتها
يعدّ لفظ التربية مصدراً من الفعل ربّى، ويُقصد به التهذيب، والتعليم، والتنشئة، فإن قيل: تربيةٌ بدنيّةٌ؛ فهي تنشئةٌ تُعنى بالجسم، وتدريبه، وتقويته، وإن قيل: تربيةٌ وطنيّةٌ، فيُقصد بها دروسٌ تُعطى في حبّ الوطن، ومؤسساته، ووزارات التربية؛ هي وزارة التربية والتعليم في البلاد، وورد في معنى التربية أنّها: علمٌ وظيفته البحث في أسس التنمية البشرية، وعواملها، وأهدافها الكبرى،[1] وأمّا التربية الإيمانية؛ فيُقصد منها ربط الطفل منذ الصغر بأصول الإيمان بالله، وجميع الأمور الغيبية الأخرى، وتعليمه مبادئ الشريعة من عقيدةٍ، وأخلاقٍ، ومعاملةٍ، وهذا الجانب الذي يهمّ المربّين المؤمنين بالله تعالى، أن يُنشؤوا ابنهم على هذه المعاني منذ نعومة أظافره؛ حتى ينشأ إنساناً مرتبطاً بالدين أخلاقاً، ومعاملاتٍ، ويوضّح أهميّة التربية المبكّرة قول النبي -صلّى الله عليه وسلّم- موجّهاً المسلمين: (كلُّ مولودٍ يُولَدُ على الفطرةِ، فأبواه يُهَوِّدانِه، أو يُنَصِّرانِه، أو يُمَجِّسانِه، كمثلِ البَهِيمَةِ تُنْتِجُ البَهِيمَةَ، هل ترى فيها جَدْعَاءَ)،[2] وبهذا يوضّح النبي -صلّى الله عليه وسلّم- عِظم الدور، وحجم المسؤولية التي يجب أن يقوم بها الوالدان تجاه أبنائهما، بتوجيهه الصحيح في أوّل حياته.[3]
ومن مظاهر اهتمام الإسلام بتربية الأبناء تربيةً سليمةً أيضاً، أنّ هناك العديد من الأحاديث التي تذكر فضل ذلك، وتنبّه عليه، والله تعالى يقول في كتابه العزيز: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)،[4] ويذكر الصحابة عن النبي -عليه السلام- أنّه جعل كلّ إنساناً مؤتمناً في مكانه، وسيُسأل عنه يوم القيامة، وكان من ذلك أنّ المرأة راعية بيت زوجها، وستُسأل عن رعيّتها، وهم الأبناء، وبيت الزوج، وكذلك يُذكر قول النبي عليه السلام: (ما نحَل والدٌ والِداً من نُحلٍ أفضلَ من أدبٍ حسنٍ)،[5] والمقصود منه أنّ أفضل عطيّةٍ قد ينالها المرء في حياته؛ قدرته على تربية ابنه، وتأديبه كما يجب، ولقد اهتمّ علماء المسلمين بتربية الأبناء تماشياً مع مراد الله تعالى، ورسوله الكريم، فقد كتب الغزالي رحمه الله: (وكما أنّ البدن في الابتداء لا يُخلق كاملاً، وإنّما يكمل ويقوى بالنشوء، والتربية بالغذاء، وكذلك النفس تخلق ناقصةً، قابلةً للكمال، وإنّما تكمل بالتربية، وتهذيب الأخلاق، والتغذية بالعلم).[6]
نصائح في التربية
هناك نصائح عامّةُ يستطيع أن يأخذ بها المربّي، تُعينه في عملية التربية مع أبنائه، من ذلك ما يأتي:[7]
- الاستعانة بالله ليُعينهما في طريقهما؛ فالله تعالى هو المؤيّد والموفّق، وقد ذكر ذلك في كتابه الكريم فقال: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا).[8]
- صلاح الآباء؛ وهي ثاني الخطوات في طريق التربية، فهما القدوة الاولى لابنهما.
- العمل بالأسباب الصحيحة التي يُرجى أن تُوصل إلى النجاح في عملية التربية، ومن ذلك:
- الإحساس بالمسؤولية؛ فهذا يدفع للمزيد من العمل، وبذل الوقت والجهد من المربّي في سبيل ذلك.
- إعطاء كلّ مرحلةٍ للأبناء حقّها من الرعاية، والتوجيه، والنصح؛ والأبناء عموماً يمرّون في ثلاث مراحل أساسية في حياتهم، بيانها فيما يأتي:
- التقارب بين الوالدين، خصوصاً أمام الأبناء، ذلك أنّ الانسجام والعلاقة الحسنة بين الوالدين لها أثرٌ كبيرٌ في حُسن خلق الأبناء، وانتمائهم لعائلتهم، وكثرة الخلاف وبيانه أمام الأبناء؛ يُعينهم على التمرّد والعصيان، ولا يُوصلهم إلى حُسن الأدب والخُلق.
- إظهار الآباء الحبّ لأبنائهم دون مبالغةٍ، فيجب أن يظهر الحبّ للأبناء لكن دون مبالغةٍ في ذلك؛ لما في ذلك من أثرٍ سيءٍ عكسيٍّ يظهر على الأبناء، ومنه إظهار اللامبالاة تجاه والديهم، أو ضعف الهيبة منهما تجاه ابنهما.
- حثّهم على مخالطة الجيران، وأهل الخُلق باعتدالٍ، وإبعادهم عن العزلة، فإنّ الخُلطة والالتقاء بالناس من طبع الإنسان، فعلى الآباء أن يعزّزوا ذلك في أبنائهم، وبمراقبةٍ خفيّةٍ حتى لا يخرجوا عن الغاية من هذه الخُلطة.
- الاختيار الصحيح للشريك.
- المحافظة على الذكر الوارد عن النبي -عليه السلام- عند المعاشرة الزوجية.
- تقديم العقيقة للمولود لوجه الله تعالى.
- مرحلة الطفولة دون التمييز؛ وهي حتى دون الخامسة، أو السادسة، أو السابعة، وهي طفولةٌ دون تمييزٍ، أو فهمٍ حقيقيٍّ.
- مرحلة الطفولة مع التمييز؛ وهي مرحلة ما قبل البلوغ، وضابط وقتها أن يعرف الطفل الخطاب، ويُتقن ردّ الجواب.
- مرحلة البلوغ؛ وهي مرحلة التكليف وحمل المسؤولية، وعلاماتها نزول المني عند الذكر، والحيض عند الإناث، وهذه المرحلة حساسةٌ جداً، تحتاج إلى تغيير الوسائل وتنويعها للابن والابنة، ومن ذلك: تكثيف العبادات التي تُقيم القلب، وتطهّره؛ كالقيام، وقراءة القرآن، والتذكير بالعمل الصالح وفضله، واليوم الآخر وقُربه، ولا يكون ذلك إلّا بالحوار، والإقناع، والأسلوب الحسن مع بيان العلّة من الحديث، والاقتراب، والمصادقة بين الابن ووالده أو والدته، حتى تكون العلاقة مبنيةٌ على التقدير والاحترام.
نصائح النبي والسلف الصالح
كان ممّا ورد عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه أذّن في أُذن المولود حديثاً، حتى يكون التوحيد أوّل ما يطرق مسامعه في حياته، ولقد علّم النبي -صلّى الله عليه وسلّم- غُلاماً كيفية تناول الطعام بشكلٍ لبقٍ صحيحٍ، فقال: (يا غلامُ، سمِّ اللهَ، وكُلْ بيمينِكَ، وكلْ ممَّا يلِيكَ)،[9] وفي التربية البدنية ورد عن عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- قوله: (علِّموا أولادكم السباحةَ والرمي، ومروهم فليثبوا على الخيل وثباً)، وكان الحسين بن عليّ -رضي الله عنهما- يعلّم ولده ويلقّنه أن يقول: (آمَنْتُ بِاللَّهِ، وَكَفَرْتُ بِالطَّاغُوتِ)، وورد في تهذيب الكمال: (كانوا يكرهون أن يعلموا الغلام القرآن حتى يعقل)، وفي روايةٍ، قال: (وكانوا يستحبّون أن يكون للغلام صبوةٍ)؛ أي ميلٌ للهوى.[10]
المراجع
- ↑ "معنى كلمة التربية"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-11-5. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1385، صحيح.
- ↑ "أهمية التربية الايمانية للأبناء"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-11-5. بتصرّف.
- ↑ سورة التحريم، آية: 6.
- ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن عمرو بن العاص، الصفحة أو الرقم: 3/115، إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما.
- ↑ "أهمية تربية الأولاد في الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-11-5. بتصرّف.
- ↑ "معالم في تربية الأبناء"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-11-5. بتصرّف.
- ↑ سورة الفرقان، آية: 74.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن أبي سلمة، الصفحة أو الرقم: 5376، صحيح.
- ↑ "طرائق وآداب تربية الأولاد على مبادئ الإسلام"، www.fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-11-5. بتصرّف.