أنواع المحاكم
مفهوم المَحكمة
تحصلُ الكثيرُ من الأحداث التي تتسبّبُ بظهور المشاكل والنزاعات بين الناس في المجتمع؛ الأمر الذي يؤدّي إلى التخاصم والعداء وسوء التفاهم، وقد تكون هذه المشاكل ما بين الأفراد في المُجتمع؛ كمشاكل الطّلاق وارتكاب جرائم القتل، والإرث مثلاً، أو قد تكونُ مشاكلَ ما بين الفردِ وجهةٍ رسميّة؛ كارتكاب مخالفة في عقود العمل أو مخالفة سير مثلاً، وقد يستطيعُ الأفرادُ حلّ المشاكل التي تحدثُ بينهم دون اللجوء لجهةٍ تحلُّها؛ لكنّه يصعُب في الكثير من الحالات حلّ المشكلة إلا عبر تحكيم جهةٍ رسميّة مخوّلةٍ؛ ولذلك وُجِدَتْ المَحاكم.
تُعرّف المحكمةُ بأنّها مكانٌ يجمعُ عدداً من الأفراد، ويرأسها قاضٍ، وتباشِرُ أعمالها في القضايا الجنائية والمدنيّة.[1] فما هي أنواع المحاكم؟ وما مفهومها؟ هذا ما سيناقشه المقال؛ حيثُ سيتّخذ المملكة الأردنية الهاشمية أنموذجاً.
أنواع المحاكم
المحاكمُ النِّظامية
وللمحاكم النِّظامية أقسامٌ عدّة، هي:
- محاكم الدّرجة الأولى: وتشملُ محاكم الصُّلح والبداية.
- محاكم الدّرجة الثّانية: وهي المحاكم الاستئنافيّة.
- محكمة الإدارة العليا.
- محكمة التّمييز.
المحاكمُ الخاصّة
- محاكم خاصّة، قُضاتها نظاميون، وتشمل: محكمة بداية الجمارك، ومحكمة الجنايات الكبرى، ومحكمة استئناف قضايا ضريبة الدخل، ومحاكم البلديات، ومحكمة صيانة أملاك الدولة، ومحكمة تسوية الأراضي والمياه.
- محاكمُ خاصّة جميعُ قُضاتها أو جزء منهم غيرُ نظاميين، وتشملُ: محكمة الشّرطة، ومحكمة أمن الدّولة، والمحاكم العسكرية، ومحكمة العُمّالية الخاصة.
المحاكم الدّينية
- المحاكمُ الشّرعية: وتقضي هذه المحاكم بأحكام الشّريعة الإسلامية وتُطبّقها، بالإضافة لقانون الأحوال الشخصية وأحكام قانون أصول المحاكمات الشرعيّة، وينحصرُ التّقاضي فيها على درجة أولى واستئناف فقط، ويعملُ على القضاء قُضاةٌ يُشرفُ عليهم قاضي القضاة بالإضافة لمدير الشرعيّة، وتقضي المحاكم الشّرعية وتختصّ في المواضيع التالية:
- مجالس الطوائف غير المسلمة أو ما تُسمّى بالمحاكم الكنسية: لا تتبع هذهِ المجالِسُ القضاء النّظاميّ في الدّولة، وتنظرُ في قضايا الأحوال الشّخصية المُتعلّقة بأبناء طائفتها، وفي الأردنّ على سبيل المثال، هُناك المحكمة الكنسيّة الخاصّة بكلّ من طائفة الروم الكاثوليك، وطائفة الرّوم الأرثدوكس، وطائفة الأرمن، والطائفة الإنجيلية الأسقفية العربية، وطائفة اللاتين.
- المواضيع المختصّة بالأوقاف الإسلامية.
- قضايا الأحوال الشّخصية لمن يدينون بديانة الإسلام؛ كالزّواج، والطّلاق، وقضايا الإرث، والنفقة، والوصاية، والحضانة.
- قضايا الديّة، وذلك إن كان الفريقان في هذه القضية من المسلمين، أو إن كان أحدهما مسلمٌ والآخر غير ذلك ورضيا كلاهما بقضائها.
المجالس ذات الاختصاصات القضائية
- المجلِسُ العالي لتفسير الدُّستور: يتكوّن هذا المجلِسُ من رئيس الأعيان وهو رئيس المجلس، وثمانية أعضاءٍ يُعيّنهم مجلس الأعيان بالاقتراع، بالإضافة لخمسة قضاةٍ من محكمة التّمييز لكونها أعلى هيئة قضائية في الدّولة، ويُختارون بحسب الأقدمية، وفي حالة لم يُستوفِ عدد القضاة من محكمة التمييز يتمّ الانتقال لرؤساء المحاكم التي تليها، وبحسب الأقدمية أيضاً، ويملكُ هذا المجلسُ حقّ تفسير أحكام الدّستور، وتصدرُ عنه القرارات بأغلبية ستة أصوات، ويُباشر المجلس مسؤولياته وصلاحياته في حال تلقّى طلباً من الجهات التالية:
- المجلسُ العالي لمحاكمة الوزراء: يُوكَل للمجلسِ العالي لتفسير الدّستور مهمّة أخرى بالإضافة لتفسير أحكام الدّستور، وهي مهمّة محاكمة الوزراء إن تمّ توجيه تهم إليهم من قِبَل مجلس النّواب، وحين يُمارس هذه المهمّة يُسمّى حينها: المجلس العالي لمحاكمة الوزراء؛ إذ إنّ لمجلسِ النّواب الحقّ في اتّهام وزراء الدّولة بارتكاب أيّ جرمٍ من الجرائم المتعلّقة بتأدية مسؤولياتهم ووظائفهم بأغلبية الثلثين من أعضاء المجلس.
- الديوان الخاص بتفسير القوانين: يُوكل للدّيوان تفسير عدم وضوح أيّ تشريع أو قانون في حالة عدم تعرّض المحاكم له بأحكامها؛ لأنّ المحاكم هي الجهات المسؤولة عن تفسير القوانين عبرَ تطبيق أحكامها وقوانينها على القضايا والمسائل المعروضة عليها، ومن الجدير بالذّكر أنّ رئيس الوزراء هو وحده من يمتلك الحقّ في طلب هذا التفسير. يتكوّن الديوان من رئيس له هو رئيس محكمة التمييز، وعضوين اثنين من قضاة محكمة التّمييز، بالإضافة لعضوٍ آخر من موظفي الوزارة الكبار (ذات العلاقة بالتّفسير المطلوب) يوكله الوزير المعنيّ، وعضو آخر هو أحد كبار موظفي الإدارة يقوم مجلس الوزراء بتعيينه.
- مجلس الوزراء.
- مجلسُ النّواب بقرار الأغلبية المطلقة من أعضائه.
- مجلس الأعيان بقرار الأغلبية المطلقة من أعضائه.
الدوائر والأجهزة القضائية
- النيابة العامّة: يقومُ ممثلو النّيابة العامة بعدة مهام بحسب اختصاصاتهم، كإقامة الدعاوى الجزائية ومُباشرة عملها ومتابعتها، وذلك بحسب قوانين معينة، ومن الجدير بالذّكر أنّ جميع موظفي وأعضاء هذه النيابة في حلقة البداية وحلقة الاستئناف يتبعون للنائب العام الذي يجبُ تنفيذُ أوامره وقراراته، بالإضافة لأوامر وزير العدل في ما يخصّ شؤونهم الإدارية وإقامة الدّعاوى.
- الكاتب العدل: يُعدّ الكاتب العدلُ موظّفاً عمومياً توكل إليه مسؤولية تحرير وتوثيق وتصديق مختلف أنواع الوكالات؛ كالوكالات العامة والخاصّة، والكفالات؛ ككفالة موظفي الدولة، والكفالة العدليّة، بالإضافة إلى التّرجمات وغيرها من الوثائق والتّعاقدات الرسمية وغيرها؛ لأجلِ استخدامها خارج أو داخل الدولة.
- المحامي المدنيّ العام: يوكلُ للمحامي المدنيّ العام ومساعديه باعتبارهم قضاةً نظاميّون يتمّ تعيينُهم أو انتدابهم من قِبل المجلس القضائي بتمثيل الحكومة في مختلف الدّعاوى الحقوقية التي تختصّ بخزينة الدّولة، سواءً أكانت الحكومة ذاتها من أقامتها، أو أُقيمت عليها، ويرتبط هذا المحامي ومساعدوه بوزير العدل، كما أنّ عليه تقديم تقارير شهرية لوزير المالية ووزير العدل عن القضايا وكيفية سيرها، بالإضافة إلى تقارير سنوية لوزير العدل في نهاية شهر تشرين الثاني؛ ليقوم الوزير بدوره برفعه لمجلس الوزراء.
- دائرة التّنفيذ: تُرفع أمام هذه الدّائرة جميع القضايا التّنفيذية؛ إذ إنّ من مسؤوليات الدائرة تنفيذ الالتزامات التي تَرِد في سندات التنفيذ المرفوعة إليها.
- التبليغات القضائية (المحضرين): وهم الأشخاص الذين يقومون بتبليع مختلف الأوراق القضائية التي تصدرها المحكمة للأشخاص المعنيين بطريقةٍ رسميّة، باختلافِ مسميّات ومراتب هؤلاء الأشخاص؛ سواء أكانوا شهوداً أم خصوماً أم خبراء أم غيرهم، وفقَ أحكام القانون.
- المكتب الفني (محكمة التمييز): يوكلُ لهذا المكتب تجهيز الدّراسات والأبحاث والتقارير الإحصائية في ما يتعلّق بسير عمل المحاكم وأسباب تكدّس القضايا، بالإضافة لاقتراح الحلول الأنسب لها، كما يقومُ بتزويد القضاة بالمواد التشريعية اللازمة لسير القضاء، وبالقرارات الصادرة عن محكمتي العدل العليا والتمييز فور صدورها.
معايير العدالة الدّولية
هُناك العديد من المعايير الدّولية التي يجبُ اتّباعها في المُحاكمات لتحقيق العدالة، ومنها:[3]
الشفافية
يجبُ على جميع المُحاكمات أن تكونَ علنيّة لتحقيق الشّفافية، ما لم يكن هُناك ظروفٌ استثنائية لعقدها، كعقدِ جلساتٍ سريّة لضمان حماية الشّهود مثلاً.
البُنية
في مرحلة المُحاكمة الأولى، يضعُ المُدّعي العام ما لديه من أدلّة للتأكيد على التّهم الموجهة للمُتّهم في قرار الاتِّهام، وحينها يُمكن لقضاة الدّرجة الأولى أن يستدعوا الشّهود الذين طلب المتضررون المشاركون إحضارهم والسّماح لهم بتقديم أدلتهم، وبعدها يُحدد الِّدفاعُ سير العملية؛ إذ ليس من الواجب على الدِّفاع أن يُقدّم أسبابه، ويحقّ له استدعاء أيّ من الشّهود أو تقديم أدلّة وبراهين خاصّة به، كما من حقّ الدِّفاع والمُدعّي العام أن يطعنوا في الأدلة المُقدمة من الطرف الآخر، ومن الجائز للمتضررين الطعن في الأدلّة كذلك، كما يجوز للقضاة من الدّرجة الأولى أن يستدعوا شهوداً إضافيين إن كان لذلك حاجةٌ يفيد سير القضية.
تقديم الأدلة
تكونُ الأدلّة المُقدّمة للمحكمة على أشكالٍ عديدة؛ كالتقارير والبيانات والشّهادات والصّور وأشرطة الفيديو وغيرها، كما يجبُ على الشّاهد الماثِل أمام المحكمة تأدية اليمين بقوله للحق، وقد يُعرّض نفسه للملاحقة القضائية إن لم يقل الحق.
الحُكم
حين تُنتهي إجراءات القضاء، يقوم القضاة بمراجعة القضيّة والفصل في براءة المُتّهم أو إدانته، كما يقومون بإصدار الحكم بأكثرية القضاة، ويُعلن هذا الحُكم بجلسةٍ علنيّة.
تحديد العقوبة
تُعقدُ جلسةٌ لتحديد عُقوبة المُتّهم إذا تمّت إدانته بالجريمة.
المراجع
- ↑ "court"، www.en.oxforddictionaries.com، اطّلع عليه بتاريخ 18-8-2017. بتصرّف
- ↑ "النظام القضائي الاردني"، المجلس القضائي الأردني، اطّلع عليه بتاريخ 29-7-2017. بتصرّف
- ↑ "المحاكمة"، المحكمة الخاصة بلبنان، اطّلع عليه بتاريخ 29-7-2017. بتصرّف