أنواع الوسواس
الوسواس
عادةً ما يتمّ استخدام مصطلح الوسواس بطريقةٍ خاطئةٍ لوصف التصرفات التي يقوم بها الأشخاص بحرصٍ كبيرٍ، كالرغبة في بقاء الأشياء نظيفةً إلى حدٍّ كبير أو مرتّبةً بطريقةٍ ما، ولكن عندما يبدأ الحديث عن اضطراب الوسواس القهري (بالإنجليزية: Obsessive-compulsive disorder) واختصاراً OCD، فإنّ الأمر يتجاوز هذا الوصف إلى كونه مشكلةً حقيقيةً تؤثّر في نوعية حياة المريض، وتضع أمامه الكثير من المُعيقات. وفي الحقيقة، يتطوّر هذا الاضطرب عند المريض مع الوقت، بحيث تظهر أعراضه بشكلٍ تدريجيٍ، وتتضمّن هذه الأعراض سيطرة هواجس، أو وساوس، أو مخاوف معينةٍ على المريض؛ بحيث يؤثر خوفه أو توتره المفرط تجاه بعض الأمور في تصرفاته، كما قد تظهر الأعراض عند البعض على شكل سلوك قهري، حيث يبدأ بتكرار بعض الأفعال مرّاتٍ عدّةٍ، أو يعتمد روتيناً أو نمطاً متكرراً ويشعر بالإلتزام تجاهه، وقد يعاني بعض المصابين من سيطرة الهواجس والسلوك القهري معاً.[1]
أنواع الوسواس
اعتماداً على طبيعة الأعراض التي يُعاني منها المصاب باضطراب الوسواس القهري، يمكن تقسيم هذا الاضطراب إلى عدّة أنواعٍ مختلفةٍ، ومن الأنواع الشائعة له نذكر ما يأتي:[2][3]
- وسواس التلوّث: يعاني المصاب بهذا النوع من القلق المُسيطر والخوف الشديد على نفسه أو على الأشخاص الذين يحبهم من التلوّث والتقاط الأمراض، ويظهر عليه ذلك من خلال القيام بغسل اليدين والجسم مراراً وتكراراً أو التنظيف المتكرر للأشياء، أو تجنّب بعض الأشياء، إذ يستحوذ عليه القلق من استخدام المراحيض العامّة، أو مصافحة الأشخاص، أو الإمساك بمقابض الأبواب، أو زيارة المستشفيات، أو تناول الطعام في الأماكن العامة، أو الإمساك بالعملات المعدنية، وغيرها.
- الاجترار الوسواسي: (بالإنجليزية: Obsessive Ruminations)؛ يعاني المصاب في هذه الحالة من التفكير المطوّل والعميق في أمر ما، وطرح الأسئلة والتطرّق للموضوع ذهنياً بطريقة غير مُنتجة وغير موجَّهة، بحيث لا يؤدّي به التفكير إلى الوصول إلى أيّة حلولٍ أو استنتاجاتٍ مُرضية، ويبدو المصاب مشغول البال والفكر دائماً، ومنفصلاً عن الواقع، وغالباً ما تتعلق هذه الأفكار والأسئلة التي تُطرح بمواضيع دينية، أو فلسفية، أو ميتافيزيقية، كالتفكير بالحياه بعد الموت، وأصل الكون، وغيرها.
- التدخّل أو الإقحام: (بالإنجليزية: Intrusive Thoughts)؛ يعاني المصاب في هذه الحالة سيطرة أفكارٍ سيئةٍ عليه بنحو متكرّر، بحيث تكون هذه الأفكار بغيضة، أو مقلقة، أو مرعبة، ممّا يؤثر في حياته اليوميّة، وعلاقاته مع الآخرين. حيث يخاف الشخص المصاب بهذا النوع من الوساوس من تطبيق ما يفكّر به، فهو يستاء من وجود هذه الأفكار القبيحة إلى حدٍّ كبيرٍ يجعله يبذل قصارى جهده لمنعها من الحدوث، ومن الأمثلة على هذا النوع من الوساوس والأفكار نذكر ما يأتي:
- التفحّص أو التفقّد القهري: وهو السلوك القهري الذي ينجم عن سيطرة أفكار الخوف من الموت، أو الضياع، أو الإصابة بالأذى على المريض، ممّا يجعله يتفقد الأشخاص الذين يحبهم بشكلٍ مبالغ فيه، أو يتفحّص الأشياء مراتٍ عديدةٍ؛ كالتأكد المستمر من إغلاق مفاتيح الموقد خوفاً من اندلاع حريق، أو التأكد من إغلاق الصنبور خوفاً من الغرق، والتأكد باستمرار من إغلاق الأبواب جيداً خوفاً من السرقة، وغيرها من التصرفات، بحيث يستغرق المصاب الكثير من الوقت في ذلك، مما يؤثر في حياته وأنشطته اليوميّة، وفي علاقاته المختلفة.
- الاكتناز القهري: (بالإنجليزية: Compulsive hoarding)؛ حيث يقوم الفرد بالاحتفاظ بالأشياء المهترئة أو عديمة الفائدة، بحيث يصعب عليه اتخاذ قرار بالتخلّص منها أو وضعها في القمامة، أو أن يقوم الشخص بتجميع الأشياء بالرغم من عدم توفر مساحات كافية لها.
- وسواس الترتيب: يعاني المصاب من الحاجة لبقاء كل شيءٍ منتظمٍ بشكلٍ متناغم، أو مرتّب بنمط معين، ممّا يؤدي إلى استنزاف وقت المصاب في ترتيب الأشياء، واستنزاف قدراته النفسية والجسدية، ويمكن أن يتجنّب المصاب بوسواس الترتيب استقبال الناس في المنزل خوفاً من تخريب ترتيب الأشياء، ممّا ينعكس بشكلٍ سلبيٍ على العلاقات الإجتماعية للمصاب.
- وساوس العلاقات: بحيث تسيطر عليه الشكوك دائماً حول علاقته مع الغير، أو مع الشريك، بحيث يحلل تصرفات الغير بشكلٍ مستمرّ ومبالغٍ فيه، ويشكّ دائماً في صدق العلاقة وإخلاص الشريك، ممّا يضع العلاقة تحت الضغط، ويؤدي إلى انتهائها غالباً.
- وساوس جنسيّة: يشعر المريض بمخاوف وشكوك متعلقة بميوله الجنسية، الأمر الذي يدفعه إلى تجنّب بعض الأشخاص أو الفئات، أو تجنّب الاحتكاك بهم.
- التفكير السحري: وفي هذه الحالة يعتقد المصاب ببعض الأفكار الخرافية أو السحرية كالخوف شديد من ظهور أفكاره السيئة على أرض الواقع وحدوثها بمجرّد التفكير بها، أو الاعتقاد بارتباط لون أو رقم أو أيام معينة بالحظ الجيد أو السيء، أو بأنّ شخصاً يمكن أن يجلب الأذى للآخرين من خلال أفكاره.
- أفكار العنف: إذ يعاني المصاب من مخاوف مسيطرة عليه من القيام بأعمل العنف ضد الآخرين، أو الأشخاص الذين يحبهم.
عوامل تزيد خطر الإصابة بالوسواس
تجدر الإشارة إلى أنّ هناك عدّة نظريات تقترح وجود عوامل مختلفة يمكن أن تسهم في زيادة خطر الإصابة بالوسواس القهري، ويمكن أن نذكر بعضاً من هذه العوامل على النحو الآتي:[4]
- اختلالات المناعة الذاتية النفسية والعصبية المصاحبة لعدوى البكتيريا الكروية السبحية في الأطفال (بالإنجليزية: Paediatric Autoimmune Neuropsychiatric Disorders associated with Streptococcal Infection)، أو اختصاراً PANDAS: وتفسّر هذه النظرية إصابة الأطفال بالوسواس القهري بعد التعرّض لعدوى بكتيريا الكروية السبحيّة العقديّة.
- عوامل جينيّة: حيث أظهرت الدراسات أنّ وجود هذا الاضطراب لدى أحد أفراد العائلة يزيد من خطر الإصابة به، كما وُجد أنّ هذا الاضطرات ينتشر بين أفراد الأسرة الواحدة، ولكن لم يتم إلى الآن تحديد جين محدد مسؤول عن هذا الاضراب، ولذلك فإنّ العوامل الجينية قد لا تكون السبب الوحيد الذي يفسّر انتشار هذا الإضراب في الأسر، وإنّما قد يكون هذا السلوك مكتسباً ومتعلماً بشكلٍ أكبر من كونه موروثاً.
- الاضطراب الكيميائي في الجسم: ويتمحور هذا الافتراض حول دور اضطراب نسبة هرمون السيروتونين في الإصابة باضراب الوسواس القهري، إذ يُعدّ هذا الهرمون مسؤولاً عن إرسال الرسائل بين خلايا الدماغ والمشاركة في التفكير وتنظيم العمليات في الجسم، كالنوم، والذاكرة، والقلق.
- التوتّر: إذ يُعدّ التعرض لصدمة أو لبعض أحداث الحياة المؤلمة أحد العوامل البيئيّة المقترحة لكونها قد تزيد من خطر الإصابة بالوسواس القهري لدى الأشخاص المعرضين للإصابة بهذا الإضطراب.
- الاكتئاب: قد يكون الاكتئاب في بعض الحالات سبباً في الإصابة بالوسواس القهري، ولكن يميل بعض الخبراء إلى النظريّة التي تُفيد بأنّ الإكتئاب يعدّ أحد الاضطرابات التي تحدث نتيجة الإصابة بالوسواس القهري.
المراجع
- ↑ Smitha Bhandari (19-2-2018), "How Do I Know if I Have OCD?"، www.webmd.com, Retrieved 23-11-2018. Edited.
- ↑ "Types of Obsessive Compulsive Disorder (OCD)", www.cadabams.org, Retrieved 23-11-2018. Edited.
- ↑ "Types of OCD", www.ocduk.org, Retrieved 23-11-2018. Edited.
- ↑ "www.ocduk.org", What causes OCD, Retrieved 23-11-2018. Edited.